fbpx

بعد انحسار تمويل “داعش” في العراق: عودة إلى سلوك العصابات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم ينته تنظيم “داعش” في العراق. مازال يحصل على التمويل ومازال يمارس تحركاته في المناطق النائية

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا تعني التأكيدات العراقية والأميركية بشأن تراجع هجمات تنظيم “داعش”، وبكونه “يمرُّ بأضعف مراحله” باعتباره لا يستطيع الإمساك بأي أرض يصلها أكثر من 5 دقائق”، شيئاً في حال النظر إلى مخابئ التنظيم في المناطق النائية وأطراف المدن المحررة في بلاد الرافدين، حيث يمارس التنظيم نشاطات تجارية متفرقة يحرص على استمرارها، كونها تمثل له شريان المواصلة وتدفعه إلى مزيدٍ من الإرهاب.

تتركز مصادر تمويل بقايا تنظيم “داعش” في العراق، على تهريب الدواب والوقود من سوريا وإليها، فيما تفيد مصادر أمنية عراقية بأن التنظيم لا يتورع عن المتاجرة بالمخدرات، في حين يعتمد في بعض المناطق العراقية الحدودية على الابتزاز والحصول على الإتاوات بالقوة من المزارعين والفلاحين ومربي الثروة الحيوانية.

في مناطق أخرى وتحديداً في محافظتي صلاح الدين وديالى فهو يعتمد على اختطاف الموظفين والتجار وبعض المزارعين والمطالبة بفدية مقابل الإفراج عنهم. وتصل الفدية التي يطلبها التنظيم من ذوي المختطفين أحياناً إلى 70 ألف دولار، كما حدث أخيراً مع عمر شاوي محمود، وهو مزارع من أهالي ديالى.

قال ابن عم محمود لـ”درج” إن “عمر من المزارعين في قرية قريبة من سد العظيم، شرق المحافظة، وقد اختطف مطلع العام الجاري، وأفرج عنه التنظيم بعدما حصل على فدية قدرها 55 ألف دولار”.

أضاف أن “عناصر التنظيم الذين يختطفون المدنيين، محليون، أي أنهم عراقيون وليسوا أجانب، وهم يتخذون من البساتين النائية في المحافظة مخابئ لهم، ويعتمدون بشكلٍ شبه كلي على عمليات الاختطاف والابتزاز لتمويل نشاطاتهم”، مؤكداً أن “التنظيم يشنُّ هجمات على القرى غير المحمية من القوات العراقية في سبيل ترويعها وتذكيرها بأن التنظيم لا يزال موجوداً”.

شهد العراق خلال الأشهر الماضية، نحو 10 اعتداءات نفذها عناصر التنظيم، في قرى وبلدات عراقية في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين ونينوى شمال البلاد، راح ضحيتها عدد من أفراد الأمن والمواطنين، وقد أظهرت الإصدارات المرئية للتنظيم والصور الخاصة بعملياته التي ينشرها على تطبيق “تلغرام”، الأسلحة القديمة التي يستخدمها، ما يؤكد تراجع إمكاناته المادية.

اعتبر المسؤول الأمني السابق في مدينة ديالى، الحدودية مع إيران، وضّاح المُر، أن “التنظيم لا تصله أي حوالات مالية من الخارج، كما أنه لا يملك القوة للسيطرة على آبار النفط، أو الاستيلاء على معسكرات الجيش والمصارف، كما في السابق، لذلك فهو يسعى إلى القيام بهجمة واحدة شهرياً، وأحياناً هجمة كل شهرين، هدفها إرباك الوضع الأمني، لا أكثر، وبذلك فهو عاد إلى سلوك العصابات”.

يوضح المُر لـ”درج”، أن “معظم عناصر التنظيم الذين لا يزالون يمارسون نشاطاتهم الإرهابية في المحافظات المحررة من سيطرتهم السابقة، تعرفهم السلطات الأمنية في البلاد، بالتالي فهم لا يستطيعون العودة إلى مجتمعهم، لذلك يواصلون الانتساب إلى التنظيم، وهم منقطعون بشكلٍ كامل عن العالم، لذلك يسعون إلى البقاء على قيد الحياة من خلال ممارسة نشاطات تجارية لا تُعتبر كبيرة، لكنها توفر لهم الأسلحة البسيطة والطعام”.

إقرأوا أيضاً:

بالنظر إلى خريطة تحرك “داعش” خلال الأشهر الأربعة الماضية، يظهر أنه ينتشر في القرى البعيدة من مراكز المدن العراقية، كما أنه يعزز حضوره في شريط المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، التي لا تشهد انتشاراً أمنياً سواء من قوات الجيش أو البيشمركة، لكنه يحرص خلال هجماته على قتل مدنيين وأفراد من الأمن بأساليب مروعة، لكن الإمكانات الضعيفة لدى التنظيم تظهر بصورة واضحة من خلال الإصدارات والإعلانات التي يبثها على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكنه في الأنبار، يعتمد على التهريب، برغم أن القوات العراقية تؤكد باستمرار أنها تسيطر على الحدود مع الجانب السوري، وهو ما يُثير حفيظة أكرم عبيد الحياني، أحد وجهاء العشائر في الأنبار، الذي يؤكد لـ”درج” أن “التنظيم يُتاجر بالمواد الغذائية والزيوت والصابون مع تجار في سوريا”.

يلفت الحياني إلى أن “عناصر داعش موجودون في كهوف في صحاري الأنبار، وهم قليلو الحركة، لكنهم مستمرون بالتجارة التي توفر لهم الطعام والمزيد من الأسلحة والعجلات (السيارات) للتنقل”، مبدياً استغرابه من “بيانات الحكومة العراقية التي تؤكد خلو الصحراء من عناصر التنظيم، وهو ما يخالف الحقيقة”.

لا يُعرف على وجه التحديد، حجم المبالغ والأرصدة المالية التي يملكها قادة التنظيم في العراق، كما لم يوافق مسؤولون في وزارة الدفاع العراقية على إطلاع “درج” على تجارة “داعش” بالتهريب مع سوريا، لكن ضابطاً من قوات حرس الحدود، طلب عدم الكشف عن هويته، قال إن “لدى التنظيم عدداً من التجار العراقيين الذين يتاجرون بأسهم مالية من قادة التنظيم”، مؤكداً أن “داعش لا يتاجر بنفسه بل عبر وكلاء”.

وفي العاشر من كانون الأول/ ديسمبر 2017، أعلن العراق انتهاء الحرب ضد “داعش”، وسيطرة قواته بشكل كامل على الحدود مع سوريا، بعد نحو ثلاث سنوات من المعارك، دفع المدنيون ضريبتها، أكثر من ربع مليون قتيل وجريح وآلاف المغيّبين، إلى الدمار الهائل وخسائر مالية بلغت 88 مليار دولار أميركي. 

إقرأوا أيضاً: