fbpx

 أتعرف كيف تداوي قلبك المكسور؟… ابكِ! 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

نمر بأزمات كثيرة، لكن ما زال القلب المكسور هو ما يهزمنا. وما زال البكاء هو الحل. أو ربما غمرة هذا الشخص الذي نبكي عليه. لكن الحل الثاني مستحيل، فلنبكِ!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أفكر أحياناً كيف أنّ عبد الحليم في أغنية “أهواك” كان يفهم تماماً ماذا يحصل بينه وبين حبيبته الـ”توكسيك”. كيف أنّ قلبه المكسور سيسعد حتى بعذابها. كيف هزمه قلبه المكسور وتركه يشتاق إلى أسوأ أيّامه. إنّه القلب المكسور الذي أصبح لغة عالمية واحدة. الشيء الذي سيهزمنا أكثر من الأزمة الاقتصادية وأكثر من الوضع السياسي. إنّه الموجود في كل الأغاني مهما كانت لغتها أو زمانها. إنّه الذي هزم عبد الحليم في الخمسينات والذي يهزم صديقي “علي” في كلّ مرة يتعرف بها إلى فتاة “توكسيك” جديدة. أصبح القلب المكسور جزءاً من روتيننا الأسبوعي أنا والأصدقاء. كأنّ لكل شخص منّا نصيبه من هذا الانكسار. وأصبح الروتين جزءاً منّا، فنواسي صديقنا المكسور لأنّه يذكرنا بما كنّا نشعر به الأسبوع الذي مضى، وحين نتركه وحده، يواسيه عبدالحليم من الخمسينات، ونعيد السيناريو أسبوعاً تلو الآخر. 

هذا كلّه يقع تحت خانة “النضج”. أتذكر أنّني في المراهقة كنت أظن أنّني حين أكبر، لن أبكي على الحب أو سينكسر قلبي. سأكون قد أصبحت ناضجة، وهذه الأمور لا تهمّني، لأنّها بكل بساطة تمثل مشكلة صغيرة أمام مشكلات كبرى كالعمل والسيارة والبقاء على قيد الحياة. أعلم اليوم أنّ القلب المكسور ما زال يصفعني بالقوة نفسها التي صفعني بها في المراهقة. إنّه النضج حقاً. ففي الأيام التي أشعر بها أنّ كل شيء على ما يرام، أبحث عمّا يكسر قلبي لأشعر بشيء. أنسى أنّني أحياناً، وحتى لو كنت جاهزة ليُكسر قلبي، سأُفاجأ بصفعة المراهقة. ومع هذا لا أبكي كي لا أُهزم حقاً. فقد أخذت كل مشاعر المراهقة وتركت البكاء هناك، فهو دليل العودة للطفولة، وأنا حقاً لا أملك الوقت له. لكن، أصبحت أخجل من التعبير. فحتى لو رأيت “حب حياتي” في السهرة تقبّل فتاة أخرى، أخجل أن أخبر صديقي أنّني أريد الذهاب إلى الحمام للبكاء لأنّ المشهد بالفعل صدمني، فأنا ظننت أنّ هناك أملاً لنكون معاً. في كل حال، أنا في حفلة، سعيدة وأرقص مع أصدقائي، لا مكان للقلب المكسور هنا. ربما سأتذكره بعد أيّام حين أجلس وحدي في الغرفة التي غالباً ما أهرب منها. 

في كلّ مرة تبكي زميلتي في العمل بسبب قلبها المكسور، أخبرها أنّ هذا الشاب الـ”توكسيك” الذي تحبه بدأ يأخذ من وقتها، والوقت أثمن من أن نبكي على شاب تافه. لكن، انا مخطئة بحق هذه الفتاة فعلاً، فإن لم تبكي ماذا يمكنها أن تفعل؟ أن تكمل دوام عملها وتنجح وتكبت كل هذه المشاعر، حتى يصبح القلب المكسور مجرد شيء تتناساه ليصعد لاحقاً إلى الواجهة حينما تشاهد “حب حياتها” يقبل فتاة أخرى في الحفلة؟ لا أعلم ما هي الحلول لهذا الأمر المزعج المخيف. لكن أشعر بزميلتي هذه. دائماً أنظر إليها على أنّها شخص قوي الشخصية، تمكنت من أن تصل إلى رتبة عالية في عملها. هي تبدو شخصاً منطقياً وتعمل في وظيفة قائمة على المنطق. لكنّها تبكي من أجل هذا الشاب. إنّه القلب المكسور. هزمها وهزم هذه الصورة التي كونتها عنها كشخص منطقي. إنّه أمر حزين كيف يتغير الأشخاص حينما ينكسر قلبهم، كيف تتغير هذه الصورة التي نأخذها عنهم. 

في كل مرة يأتي صديق أو صديقة للبكاء بسبب قلب مكسور، أول ما أفعله هو دعوتهم إلى إعادة الثقة بأنفسهم. لا أدري ما العلاقة بين الأمرين. لكن دائماً النصيحة هي أن أذكرهم بكل المصاعب التي تجاوزوها كي يصبحوا أشخاصاً ناجحين. أو مثلاً أذكرهم كم أنّهم جميلون أو كم أنّهم أفضل من هذا الشخص الذي يبكون عليه. نحن بحاجة لهذه الأمور في أوقات الانهيار، علينا أن نتذكر المنطق من القصة كلها. الأمور الثابتة هنا، تلك التي لا تتغير، مثل من أنت وما الأمور التي تقوم بها. أمور ثابتة فعلاً. كموهبة عبد الحليم، وصوته الجميل، كيف تغلب على كل شيء ليكون أسطورة عظيمة. لكن ماذا يفعل من لا يملك هذه الأمور الثابتة، من لا يملك أصدقاء عليه أن يبقى من أجل أن يواسيهم حقاً؟

في كلّ مرة تبكي زميلتي في العمل بسبب قلبها المكسور، أخبرها أنّ هذا الشاب الـ”توكسيك” الذي تحبه بدأ يأخذ من وقتها، والوقت أثمن من أن نبكي على شاب تافه. لكن، انا مخطئة بحق هذه الفتاة فعلاً، فإن لم تبكي ماذا يمكنها أن تفعل؟

إنّها أمور خطرت كثيراً على بالي. أعلم اليوم أنني لا أريد الذهاب إلى أي حفلة ستكسر قلبي. فأنا متعبة حقاً من قلبي المكسور. لست مهزومة على الأقل، لكن متعبة. لم أبكِ في الحفلة، ولم أبكِ بعدها. أرغب بالبكاء حقاً. لكن ربما هذا ليس الانكسار الكبير. أعلم أنّني لا أريد أن أكسر قلبي مرة أخرى حتى أشعر بشيء. أحياناً الأمور الثابتة أجمل من تلك التي تبكينا في السهرات. أعلم أنّني لا أريد أن أشتاق إلى أحد أو أن أشعر بكل تلك السخافات التي شعر بها عبد الحليم. أريد فعلاً أن أكون بسلام، أواسي من كسر قلبه وأذكره بالأمور الثابتة التي لا تزول مع الانهيار. 

يمر لبنان بأزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه، إلى أمور بشعة أخرى. ومع هذا، ما زال الحب هو أكثر ما يحزن أصدقائي. أكثر ما يحزنني أنا أيضاً. إنّه القلب المكسور الذي يهزمنا في كل مرة نحاول فيها أن نبقى على قيد الحياة.

 لقد حملنا الكثير من المشكلات، لا أعلم ممن أو كيف، لا أعلم كيف يمكننا أن نتألم إلى هذا الحدّ حتى اليوم. كيف يمكننا أن نفكر بالبكاء وسط السهرة أو خلال دوام العمل؟ كيف ما زلنا نحب، وما زلنا نتعلق وما زلنا نحاول مع أشخاص لا يريدون المحاولة؟ كيف ما زلت أعطي أي شيء فرصة؟ وكيف ما زلت أملك الكثير من الرومانسية حتى مع أشخاص لا يريدونها. نمر بأزمات كثيرة، لكن ما زال القلب المكسور هو ما يهزمنا. وما زال البكاء هو الحل. أو ربما غمرة هذا الشخص الذي نبكي عليه. لكن الحل الثاني مستحيل، فلنبكِ! 

إقرأوا أيضاً: