fbpx

مع من نتضامن؟ مع وليد فياض أم مع ضحايا نظامه في طرابلس؟ 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أن يجهر الوزير بمزاجه غير السياسي في ليلة الموت الطرابلسي، فهذا ما يضاعف الحاجة لعدم الانزلاق إلى التعاطف مع الرجل المستهدف بدفعة عابرة. في تلك الليلة أي مشهد يفترض ألا يبدد غضبنا على النظام الذي قبل وليد فياض أن يكون جزءاً منه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فجأة، أطاحت صورة دفع وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، صور مأساة إغراق مركب الهاربين من الجحيم اللبناني في بحر طرابلس! الـ”سوشيل ميديا” مقبرة المآسي فعلاً، على نحو ما هي مرآتها. وأنا كنت لأتعاطف مع الوزير في لحظة تعرضه لـ”دفعة” الثائر لولا خوفي من أن يطيح تعاطفي هول مأساة الطرابلسيين، وخوفي كان في مكانه، لا سيما أن حلول مشهد مكان غيره أمر لطالما خبرناه طوال السنوات الثلاث الفائتة. والسلطة من على طرفي المشهدين استثمرت في ذاكرتنا السمكية وجعلت ترسل لنا المشهد تلو المشهد في مسعى لمحو آثار ارتكاباتها، وها هي اليوم بصدد محو مشهد جريمتها في مرفأ بيروت عبر هدم الأثر الأخير لهذه الجريمة وأقصد هنا الاهراءات.

وليد فياض ظاهرة تستحق التوقف عندها. شاب متهتك فعلاً، وقد صار وزيراً. علي أن أتردد كثيراً قبل وصفه بـ”المتهتك” خصوصاً أننا جميعاً متهتكون، لكنها صفة يمكن التخفيف من دلالاتها السلبية إذا ما وضعت إلى جانب صفات أخرى يمكن استحضارها إذا ذكرنا أسماء غيره من الوزراء والرؤساء! “المتهتك” ليس ذماً سياسياً بالرجل، وما طوفان الرجل اليومي على حانات بيروت، وعدم تفاديه كاميرات النشطاء، سوى امتداد لمزاج ولد مدلل، شعر بحاجته لاستئناف غنج والديه له، في الوزارة وفي الشارع. لكن كل هذا يبقى أقل “سياسية” من مشاهد غيره من الوزراء في لحظات تغولهم علينا، وهنا بإمكان المرء أن يتعاطف معه في لحظة دفعه. أما مقارنة صورته بصورة زميله وزير الاقتصاد في أحد الأسواق محاطاً بمسلحين مدججين ببنادق رهيبة، فهي لمصلحة الوليد، مدلل أهله، الذي اقترف صوراً تستدرج ذهولاً، لكنها لا تستدرج خوفاً منه.

لكن وليد فياض امتداد لـ”سلالة” باسيلية من وزراء الطاقة، وهذا الأمر هو في صلب النقاش حول أسباب دفعه في ليلة غرق مركب الموت الطرابلسي، وكنا لنقول إنه حر في أن يظهر مخموراً لولا أن المأساة التي تسببت بها حكومته وسلطته كانت قد وقعت، وأنه كان عليه أن يبقى في منزله في تلك الليلة، أو أن يتفادى استعراض جماله أمام اللبنانيين! 

وهو أيضاً قرر الخروج علينا في تلك الليلة بعدما أطفأ كل معامل الكهرباء، وأعلن أن العتمة هي قدرنا. ووليد فياض في هذه اللحظة ليس الولد المدلل الذي أهداه أهله للأمة اللبنانية في ليلة ليلاء. هو في هذه الليلة الوزير الذي اختاره لنا جبران باسيل ليضاعف عتمتنا. كان على الوليد أن يدرك ذلك ليتفادى “الدفشة”، أو لنتفادى الحيرة بها. هو ليس هو، صاحب الجسم المستهدف بـ”دفشة” الناشط الكسرواني، انما هو ذلك الامتداد من الوزراء الذين اختارهم جبران باسيل لتثبيت عتمتنا. ومثلما علينا أن نتجنب الحكم سياسياً على تهتكه، علينا ألا نعفيه من مسؤولية اندراجه في السلالة الباسيلية من وزراء الطاقة.

أما أن يجهر الوزير بمزاجه غير السياسي في ليلة الموت الطرابلسي، فهذا ما يضاعف الحاجة لعدم الانزلاق إلى التعاطف مع الرجل المستهدف بدفعة عابرة. في تلك الليلة أي مشهد يفترض ألا يبدد غضبنا على النظام الذي قبل وليد فياض أن يكون جزءاً منه. لقد قتل النظام أكثر من 15 فقيراً هارباً من العتمة التي أوكلت إدارتها لوليد فياض. عليه أن يخجل من نفسه في تلك الليلة، وعلى أهله الذين أشبعوه غنجاً ودلالاً أن “يضبوه” في البيت في تلك الليلة.

أما نحن، فيجب ألا نشيح بوجهنا عن مأساة مرفأ طرابلس التي تنطوي على تكثيف لمشهد مرفأ بيروت، ويجب أن نؤجل خلافنا على قصة وليد فياض، لا بل على قصصه الكثيرة في ليالي لبنان الحالكة، وألا نفعل ما فعله رئيس حكومتنا عندما قرر أن يريح رأسه من هذه المآسي المتناسلة في جمهوريته، فنقل يخته الفاخر من مرافئنا البائسة إلى مرفأ مدينة نيس الفرنسية. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!