fbpx

بعد “كورونا” العراق يواجه وباءً جديداً يحصد الأرواح:
ما مدى خطر “الحمى النزفية”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

المواشي الحاملة للحشرة توضع في” دائرة الخطر إذ لا تظهر عليها الإصابة أو المرض فالفايروس يعتبر الحيوان مضيفاً وسطياً، ومن خلاله ينتقل إلى الإنسان ليصيبه ويحاول قتله”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فيما سجلت المحافظات العراقية أدنى مستوى للإصابات بفايروس “كورونا”، مع انعدام واضح للوفيات، ظهر الى الواجهة وباء جديد بدأ ينشر الرعب بين العراقيين، بعدما كانت لهم ذكريات سيئة مع هذا الوباء الذي ضرب العراق في المرة الأولى عام 1979. وها هي الحمى النزفية تضرب مجدداً مدن العراق الجنوبية، وفي مقدّمتها محافظة ذي قار، وبلغ عدد الإصابات حتى نهاية نيسان/ أبريل 2022، 14 إصابة بينها 3 وفيات فيما سجل العام الماضي 2021، 16 إصابة بينها 7 وفيات، برغم أن الظروف الجوية في نيسان يفترض أنها غير ملائمة لمعاودة نشاط المرض.

ينتقل فايروس الحمى النزفية عبر حشرة “القراد” بعد إصابة المواشي، لينتقل بعد ذلك من طريق اللحم والسوائل إلى البشر. كما يمكن ان ينتقل الفايروس عبد اللمس، بحسب مختصين إذا لم يتم تدارك المصابين ومعالجتهم ومكافحة المواشي بتعقيمها وتطهير حظائرها.

مدير المستشفى البيطري في ذي قار الدكتور عماد ذياب يرى أن ظهور الحشرة وتفاعل الفايروس بشكل كبير في ظل الظروف المناخية الحالية، نتيجة المتغيرات الجوية التي تعيشها المحافظة وكأنها حالة من التصحر مع قلة الأمطار في فصل الشتاء وهذا يعد عاملاً رئيسياً لنمو الحشرة الناقلة للفيروس وتكاثرها، فضلاً عن ظاهرة ذبح المواشي بشكل عشوائي في الطرق والأماكن العامة، من دون اللجوء إلى أماكن خاصة، كل ذلك يساهم في نقل الفايروس إلى القصابين وانتقاله عن طريق الملامسة.

ويكشف ذياب ان مكافحة الفايروس والقضاء عليه ضمن الخطة السنوية يكون من طريق رش مبيدات خاصة قبيل الظهور تشمل الحظائر وأماكن بيع المواشي، مع بداية فصل الصيف ونهايته، على أن توضع المواشي داخل أحواض مائية مخلوطة بالمبيد، للتأكد من تعقيمها إلا أنه في العام الحالي خلت المستشفيات البيطرية من هذا المبيد بسبب انقطاعه من مستودعات وزارة الزراعة، لعدم إقرار الموازنة وبالتالي لم تُرصد المبالغ اللازمة لشرائها.

بعض المحافظات العراقية نفذت حملات توعية بخطر الفايروس وإجراءات عملية بتعقيم أماكن المواشي بالمبيدات الحشرية وفحص المربين والتدقيق في احتمال الإصابة من عدمه.

ذي قار تعد رابع محافظة عراقية بعدد نفوسها الذي يتجاوز المليوني نسمة وتمتلك 620 ألف رأس من الابقار والجواميس والأغنام والماعز المسجلة رسمياً، ولا يتجاوز عدد أطبائها البيطريين العاملين في المستشفيات البيطرية 100 طبيب وهذا لا يكفي لتلبية الحاجة الحالية مع زيادة الإصابات. ويجد المستشفى البيطري أن المحافظة بحاجة الى 1000 طبيب لمتابعة المرض ووضع حد لخطورته.

معاون محافظ ذي قار فيصل الشريفي يشير إلى أن توفير المبيد الحشري واستيراده، من صلاحيات وزارة الزراعة، والحكومة المحلية لا تملك الحق في ذلك والوزارة في الوقت الحالي تطلب من المحافظات توفير المال وإيداعه لديها كي تقوم بشراء المبيدات وتوزيعها من جديد على المحافظات، وهذه الخطوة لا تنسجم مع متطلبات الحالة الطارئة التي تستدعي إجراءات حكومية سريعة.

الحكومة المحلية في ذي قار اكتفت بتشكيل لجنة مكونة من الجهات المعنية دون رصد مبالغ لشراء المبيد بحجة أن الموازنة المحلية لا تمتلك منفذاً قانونياً يسمح لها بصرف الأموال للشراء، برغم أن حجم الأموال المطلوبة من قبل المستشفى البيطري ليست خيالية، إذ بلغ الطلب المقدم 100 مليون دينار عراقي (ما يعادل 68 ألف دولار أميركي)، كما اكتفت الحكومة المحلية ببعض القرارات “الترقيعية” على حد وصف المراقبين، منها منع خروج المواشي ودخولها إلى الأماكن الموبوءة لحين التأكد من سلامتها وتوجيه دوائر البلدية والبيطرة بمكافحة الذبح العشوائي والكلاب السائبة.

فايروس الحمى النزفية لم تظهر اصاباته في ذي قار حصراً بل ظهرت أيضاً في مدن أخرى منها واسط والنجف والمثنى إلا أنه كان أكثر فتكاً في ذي قار.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية تصنف الحمى النزفية بأنها واحدة من الأمراض التي تسببها عدد من الفايروسات وتكون مصحوبة بنزيف في معظم الحالات وتنتقل أحياناً من القوارض وبعض الحشرات. وتكثر الإصابة بالمرض في المناطق الريفية بخاصة بين مربي المواشي ويصاب المريض باضطرابات نزفية، تصاحبها حمى ويمكن أن تؤدي في حالات كثيرة إلى الموت.

الخبير في مجال الوبائيات الدكتور حيدر علي يرى أن الأرقام التي تم الإعلان عنها في الفترة الأخيرة لم تكن مسجلة سابقاً على مستوى العراق وينتقل الفيروس عن طريق سوائل الحيوانات مثل الحليب، وللوقاية من خطر الإصابة اثناء التعامل مع تلك المواشي يجب ارتداء الكمامة والنظارات الواقية وإبعاد الحظائر من أماكن المعيشة في مناطق الارياف.

الطبيبة البيطرية نجلاء الغزي تؤكد أن المواشي الحاملة للحشرة توضع في دائرة الخطر إذ لا تظهر عليها الإصابة أو المرض فالفايروس يعتبر الحيوان مضيفاً وسطياً، ومن خلاله ينتقل إلى الإنسان ليصيبه ويحاول قتله.

إقرأوا أيضاً:

بعض المحافظات العراقية نفذت حملات توعية بخطر الفايروس وإجراءات عملية بتعقيم أماكن المواشي بالمبيدات الحشرية وفحص المربين والتدقيق في احتمال الإصابة من عدمه.

“المجازر”(المسالخ) الرسمية الموجودة في هذه المحافظة تعود الى ثمانينات القرن الماضي، ولهذا فهي قديمة ومهترئة ولا تلائم المعايير البيئية والصحية الحديثة، وهناك عشرة مجازر أغلقت وفقاً للكشوفات الرسمية من قبل مديرية البيئة وتم مقاضاة الدائرة المسؤولة عنها لعدم توفر المستلزمات البيئية والصحية الشاملة.

مدير بيئة ذي قار كريم هاني يرى ان عمليات الذبح التي تحصل يوميا في المحافظة بعد اغلاق المجازر تندرج ضمن الذبح العشوائي وغير خاضعة للضوابط البيطرية “اذ تجد القصابين يذبحونها امام محالهم فضلا عن ذبحها في أماكن بيعها وهذه العملية تشكل خطرا إضافيا على المحافظة في ظل انتشار الفيروس”.

وزارة الصحة العراقية اكتفت بتشكيل وفد رسمي بعضوية ممثل عن الوزارة ومنظمة الصحة العالمية واللقاء مع المسؤوليين التنفيذين في الحكومة المحلية والتباحث في مواجهة الفيروس ولكن من دون خطوات فعلية على ارض الواقع.

إقرأوا أيضاً: