fbpx

أعياد العراق على وقع الأزمة الاقتصادية:
لا ملابس جديدة للأطفال هذا العام

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

انعكس ارتفاع المستوى العام للأسعار في العالم بصورة تدريجية على واقع الاقتصاد العراقي، لا سيما أن العراق بلد منكشف تجارياً واقتصادياً ويتأثر بأسواق النفط العالمية إضافة إلى كونه لا يملك جهازاً إنتاجياً مرناً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“العيد مو إلنا العيد لأهله” هكذا يبدأ مروان هادي  (45 سنة) حديثه إلى “درج”، وفي نبرته شيء من الحسرة لعدم قدرته على شراء ملابس لأطفاله الثلاثة للاحتفال بعيد الفطر هذا العام.

هادي يعمل في أحد مصانع النجارة الأهلية في منطقة الإسكان وسط العاصمة العراقية بغداد بأجر يومي لا يتعدّى الـ20 ألف دينار (ما يعادل 13 دولاراً أميركياً) لستة أيام في الأسبوع، أي 24 يوماً في الشهر ليكون مجموع ما يتقاضاه 480 ألف دينار (331 دولاراً).

تضخم الأسعار في الأسواق المحلية والذي بدأ قبل نحو شهرين كان سبباً رئيسياً لكي يعزف هادي وغيره من البغداديين الكسبة وموظفي القطاع العام والخاص عن التبضع لشراء لوازم العيد والملابس بل وحتى المواد الغذائية لتحضير الحلوى المنزلية المعروفة في العراق باسم “الگليچة“.

الحال نفسها تتكرر مع أم حسين التي لم تستطع شراء ملابس لأولادها الأربعة إذ تقول: “المال موجود لكن الأسعار نار”، حيث أنها كانت تواظب في السنوات السابقة على شراء الملابس من الأحذية و القمصان و السراويل وغيرها إلا أن هذا العيد اضطرها لشراء قطع قليلة جداً من تلك الملابس لأولادها، برغم أن زوجها ميسور الحال، ويتقاضى نحو 3 ملايين دينار شهرياً (2000 دولاراً).

“سوق اللنكة تعبير واضح عن حجم الأزمة الاقتصادية في العراق”.

الملاذ الآمن

في بغداد، هناك أكثر من سوق متخصص في البضائع المستوردة المستعملة التي تسمى “البالة”، لكن أسواق مناطق الباب الشرقي والكاظمية وجكوك وبغداد الجديدة تعتبر الرئيسية على مستوى العاصمة، إذ شهدت إقبالاً كبيراً من جميع الأعمار، لشراء ملابس العيد بعد غسلها و تنظيفها جيداً، كون أسعارها لم ترتفع كما حدث مع نظيرتها الجديدة خلال الفترة القليلة الماضية.

جال “درج” في أسواق البالة أو “اللنكة” كما يسميها العراقيون، محاولاً رصد معاناة المتسوقين والباعة على حد سواء. يقول وليد عبود صاحب محل “بالة” في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد إن”السوق هُنا شهد أعداداً كبيرة من المقبلين على الشراء بسبب رخص البضاعة والملابس مقارنة بالبضائع والملابس الجديدة”.

ويضيف: “كان الزبائن في الماضي هم من طبقة الفقراء والبخلاء ممن لا ينفقون المال لشراء الجديد”، مبيناً وهو مبتسم لنا أن بعض البخلاء يملكون ملايين الدنانير، “لكنهم زبائن دائمون لدينا”.

لكن اليوم وفق عبود فإن “سوق ملابس البالة خصوصاً في الأيام القليلة ما قبل العيد أو بدء العام الدراسي يشهد إقبالاً كبيراً من أصحاب المداخيل المتوسطة خصوصاً بعد قرار رفع قيمة الدولار مقابل الدينار العراقي عام 2020 من سعر 1180 دينار لكل دولار واحد إلى 1450 ديناراً لكل دولار، ما أدى إلى رفع الإقبال على الملابس المستعملة، كون أسعار الملابس الجديدة ارتفعت”، لافتاً إلى أن “هذا السوق ستر معاناة آلاف الأسر الفقيرة و المتوسطة والطلبة”.

أبو عادل يقف قرب إحدى بسطات بيع ملابس “البالة”، يقول إنه، ربما أحداً لن يصدق أن العراق، أغنى بلدان العالم بثرواته، يشتري أبناؤه ملابس مستعملة من أجل ستر أجسادهم”، لافتاً إلى أن “كل ساسة المنطقة الخضراء هم مسؤولون عن كل أوجاعنا الحالية”.

ويضيف لـ”درج” وهو يبحث بين كومة الملابس على البسطة عسى يجد ما يفرح ولده عند عودته إلى منزله: “سوق اللنكة تعبير واضح عن حجم الأزمة الاقتصادية في العراق”.

إقرأوا أيضاً:

عوامل التضخم

انعكس ارتفاع المستوى العام للأسعار في العالم بصورة تدريجية على واقع الاقتصاد العراقي، لا سيما أن العراق بلد منكشف تجارياً واقتصادياً ويتأثر بأسواق النفط العالمية إضافة إلى كونه لا يملك جهازاً إنتاجياً مرناً.

ويؤدي ذلك وفق الخبير الاقتصادي علي دعدوش إلى ضعف عمليات إنتاج السلع والخدمات محلياً، فضلاً عن ذلك فإن عدم إقرار الموازنة العامة والركون لعملية الصرف المعتادة 1/12 أديا إلى أزمة على مستوى التخصيص، على جانب الموازنة الاستثمارية المعنية بتحفيز الأسواق وعمليات نمو القدرة الشرائية.

ويشير دعدوش إلى أنه من غير الممكن أن يعمل المقاول (المتعاقد مع الحكومة) ويقدم خدماته دون تخصيص مالي له يسعفه في إعطاء أجور العاملين أو شراء المواد أو استيرادها للقيام بأعماله.

وعلى ضوء ذلك سيتحول العاملون لدى المقاولين إلى عاطلين من العمل، فضلاً عن أصحاب المحال التجارية وغيرهم من الذين يعتمدون على مشتريات المقاول، فقد توقفت تجارتهم إلى حد كبير، ما يُدخل البلاد في أزمة حقيقية قد تؤدي إلى كارثة مجتمعية على المديين القصير والمتوسط.

ويعتقد دعدوش أن “عدم إقرار الموازنة سيؤدي إلى تضخم ركودي stagflation متوسط الأمد، ينعكس على جودة الحياة والمستوى المعيشي للأفراد، ما يؤدي إلى آثار جانبية أخرى كزيادة معدلات البطالة والفقر، ما يفضي إلى بيئة غير مستقرة أمنياً واستفحال الجريمة في البلاد”.

إقرأوا أيضاً: