fbpx

كيف تضخمت ظاهرة البسيج في إيران؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يقول محللون عن ظاهرة تضخم دور البسيج في المجتمع الإيراني إن هذه المنظمة تحولت إلى فزاعة حقيقية لتخويف وتخوين كل من لا يؤمن بولاية الفقيه وبدور إيران في المنطقة ولم يعد بإمكان حتى القيمين عليها من كبح جماحها والتخفيف من حدتها وتعسفها اتجاه المواطنين العزل. وقد تعاظم تدخلها في كل الشؤون الحياتية للمواطن الإيراني وباتت تتدخل في كل شاردة وواردة، في اللباس والصحافة والسينما والإصدارات الأدبية ومهرجانات الموسيقى الصوفية أو التراثية للقوميات ولم يسلم من تسلطها حتى أعضاء في البرلمان وبعض السياسيين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“سازمان بسيج مستضعفين” بالعربية “منظمة تعبئة المستضعفين” واحدة من مؤسسات تنظيم حرس الثورة الإسلامية، وأحد أهم عناصر القوة في الجمهورية الإسلامية في إيران، التي يقع على عاتقها مهمة استقطاب وتدريب وتنظيم الفئات الشعبية المؤيدة للحكم الإسلامي أو حتى التي تقف على مقربة منه ضمن إطار تطوعي، من أجل دعم أهداف الثورة الإسلامية وحماية إنجازاتها.
في أيامها الأولى عرفت المنظمة باسم “نيروى مقاومت بسيج” أي “القوة التعبوية المقاومة”، وتشكلت في نيسان-أبريل في العام 1980 بعد عام تقريباً من انتصار الثورة الإسلامية، بأمر من الإمام الخميني، ثم أصبحت قوة معترف بها رسمياً في مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) في العام 1981، باعتبارها أحد أفرع تنظيم الحرس الثوري.
وفقاً للمادة 13 من قانون قواعد التوظيف في الحرس الثوري، يطلق اسم “بسيجي” على كل عنصر تطوع في جيش العشرين مليون التابع للحرس الثوري. وبموجب هذه المادة أيضاً، يصنف عناصر البسيج وفق ثلاث فئات:
الفئة الأولى هي فئة البسيجي العادي، أما الفئة الثانية فتضم البسيجي الناشط، والفئة الثالثة هي للبسيجي الخاص ويعرف عناصر هذه الفئة أيضا بـ”الحرس الفخريين”، كان لهذه الفئة بالذات خلال الحرب الإيرانية العراقية، دور مهم في استقطاب المتطوعين من الفئات الشبابية وتدريبهم وتعبئتهم دينياً ووطنياً وإرسالهم إلى جبهات القتال. وتلعب الأيدولوجيا دوراً حاسماً في التعبئة الثورية.
استطاع الجنرال محمد علي رحماني، الذي رأس منظمة البسيج مع بدايات الحرب العراقية الإيرانية، أن يحول هذه المنظمة الشعبية التطوعية إلى ما يشبه تشكيلاً عسكرياً منظماً رديفاً للجيش النظامي، الذي كان يحارب على الجبهات، ولا يقل عنه حماسة ولا قدرة في المواجهات العسكرية، بل يتفوق عليه في الاستعداد النفسي للنصر والشهادة استجابة لقناعات دينية متينة.
استطاع رحماني أن يستقطب الشباب وكبار السن من الجنسين، وانتشرت قواعد منظمة البسيج خلال فترة قيادته لها في المدن والأرياف النائية، متجاوزاً عددها 21 ألف قاعدة، وذلك إنفاذاً لأوامر الإمام الخميني بتأسيس جيش العشرين مليون، الذي أعلن أن تحرير القدس أحد أهدافه البعيدة، وقد انبثق عن هذا الجيش، جيش آخر لمحاربة الاستكبار العالمي على جبهات القتال الحدودية مع العراق، حمل اسم “جيش محمد”.
بعد رحيل الإمام الخميني في حزيران من العام 1989، وخلافة السيد علي خامنئي له في قيادة الجمهورية الإسلامية، دب الخلاف مع رحماني حول صيرورة منظمة البسيج، كقوة شعبية شبه نظامية آخذة بالتضخم، وتقرر تحويلها من قوة مقاومة إلى تنظيم عسكري مع الاحتفاظ بحالته أو هالته الشعبوية.
في السنة ذاتها عين خامنئي الجنرال محمد رضا نقدي قائداً للبسيج، وتم اعتماد اسم “منظمة تعبئة المستضعفين” اسماً رسمياً للمنظمة بدلاً من “القوة التعبوية المقاومة”. لم يقتصر التغيير على الاسم فقط، فقد انسحب على الهيكلية التنظيمية والتشكيلات والوظائف. فبرزت كتائب عسكرية مسلحة مثل: كتيبة الإمام علي، الإمام الحسين، بيت المقدس والكتيبة 22.
يرأس المنظمة حالياً الجنرال غلام حسين غيب برور، وقد استطاعت المنظمة في عهده، أن تحصل على بعض الاستقلالية القيادية عن تنظيم الحرس الثوري، كذلك بعض المهمات الثورية في الداخل والخارج.
وهي تضطلع الآن بمهام مواجهة ما يعرف بـ”الحرب الناعمة” أو الحرب الثقافية، التي تسعى إلى نشر مفاهيم العلمانية والديمقراطية وتدعو إلى خلع الحجاب وإقصاء رجال الدين عن الحكم، وغيرها من الأفكار “الشيطانية”، التي ينشرها الاستكبار العالمي في مجتمع الثورة الإسلامية عبر أدواته في الداخل. ويقول، “في هذه الحال، لا يمكن تحريك القوات المسلحة ولا وحدات الحرس الثوري، المسألة تحتاج إلى قمع اجتماعي أكثر من حسم عسكري، وهنا بالذات تبرز الحاجة إلى منظمة شعبية مثل البسيج”.
تتألف منظمة البسيج من 11 تشكيلاً هي: بسيج طلاب المدارس، بسيج الجامعيين، بسيج الأطباء، بسيج المهندسين، بسيج المعلمين، بسيج الأخوات، بسيج الإدارات، بسيج المساجد والحسينيات، بسيج رجال الدين، بسيج المصانع والشركات، بسيج الوحدات الخاصة خارج البلاد في كل زمان ومكان. تخصص الجمهورية الإسلامية ميزانية سنوية خاصة لمنظمة البسيج، وهي ليست محددة، بل ترتفع أو تنقص وفق الاحتياجات.
الهدف من إنشاء “منظمة تعبئة المستضعفين” حسب ما ورد على موقعها الإلكتروني، هو:
-تنفيذ أمر روح الله الخميني لتشكيل نواة حزب الله.
-خلق القدرات والاستعدادات اللازمة للدفاع عن الشعب والوطن.
-إنشاء القدرات القتالية لدى القوى القادرة على المشاركة في العمليات العسكرية الكلاسيكية والكبرى.
-إنشاء القدرات اللازمة في المجتمع لمواجهة الكوارث أو الحوادث الطبيعية التي لا يمكن التنبؤ بها.
-مساعدة الدولة في شؤون البناء المجتمعي.
يقدر عدد المتطوعين في منظمة البسيج في أنحاء إيران بنحو 23 مليون متطوع، بينهم 90 ألفاً يعملون بشكل دائم، وتقل أعمار غالبيتهم عن 18 عاماً، ومنهم من يتطوع رغم صغر سنه في مهام قتالية خارج البلاد (سوريا، العراق واليمن).
تتهم منظمة “هيومن رايتس ووتش” منظمة البسيج بتصفية عدد من سجناء الرأي من بينهم زهرا بني يعقوب، التي قضت في سجن إوين، وقد أبطلت السلطة القضائية حكما بالسجن على ستة كوادر من المنظمة، بعدما ثبت ضلوعهم بقتل خمسة سجناء معارضين وادعت أنهم انتحروا داخل زنزاناتهم، رغم اعتراض ذويهم.
وتتهم “المعارضة الخضراء” منظمة البسيج أيضاً، بالضلوع في تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية صيف 2009 لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد. وفي رسالة وجهها زعيم “المعارضة الخضراء” مير حسن موسوي لمرشد الجمهورية السيد علي خامنئي، تحدث عن استخدام عناصر البسيج النار لقمع الاحتجاجات المليونية التي خرجت في طهران اعتراضاً على تزوير الانتخابات، وقد أصرت المنظمة أنها غير مخولة باستخدام النيران ضد مثيري الشغب، إلا في حال الدفاع عن النفس، وكل ما جاء في رسالة موسوي تلفيق وافتراء.
في العام 2005 أسست منظمة البسيج فريقاً انتحارياً أو فرقة استشهادية كما ادعت، مهمتها التصدي لأي عدوان أميركي محتمل ضد الجمهورية الإسلامية، في أيامها الأولى استقطبت آلاف الشبان والفتيات الذين أعربوا عن رغبتهم في تقديم أنفسهم فداء للجمهورية الإسلامية في أي زمان ومكان. وقد عارض عدد من النواب في البرلمان الإيراني هذه التعبئة باعتبار أنها تساهم في تهيئة مناخ أمني بين المدنيين وهذا مخالف للدستور، واتهموا الحرس الثوري بتحويل القطاعات المدنية في المجتمع من خلال البسيج إلى قوة عسكرية راديكالية للقضاء بعنف على الجماعات المعارضة.
يقول محللون عن ظاهرة تضخم دور البسيج في المجتمع الإيراني إن هذه المنظمة تحولت إلى فزاعة حقيقية لتخويف وتخوين كل من لا يؤمن بولاية الفقيه وبدور إيران في المنطقة ولم يعد بإمكان حتى القيمين عليها من كبح جماحها والتخفيف من حدتها وتعسفها اتجاه المواطنين العزل. وقد تعاظم تدخلها في كل الشؤون الحياتية للمواطن الإيراني وباتت تتدخل في كل شاردة وواردة، في اللباس والصحافة والسينما والإصدارات الأدبية ومهرجانات الموسيقى الصوفية أو التراثية للقوميات ولم يسلم من تسلطها حتى أعضاء في البرلمان وبعض السياسيين.

[video_player link=””][/video_player]