fbpx

استعادة وسط بيروت… هل نغبط أنفسنا على سذاجتنا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

معظمنا استجاب لخطاب الهزيمة. صدقنا ربيع الهبر وكمال فغالي حين كانا يطلان علينا ليخبرانا بأننا لا شيء بحسب أرقامهما، ولم نصدق جميع من كنا نلتقيهم عندما كانوا يقولون لنا بأنهم سينتخبون للتغيير!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

قد لا تكون خطوة إزالة الجدران الإسمنتية من وسط بيروت انتصاراً لخيار انتفاضة تشرين، ومن المرجح أن يكون رئيس مجلس النواب نبيه بري قد حاول عبرها أن يدس سماً في مشهد ما بعد الانتخابات، وربما أتبعها برشوة أخرى تتمثل في ترشيح الفائز على لائحة التغيير ملحم خلف إلى منصب نائب رئيس مجلس النواب، ويبدو أنه من السهل استدراج خلف إلى هذا الفخ! 

لكن المسارعة إلى تقديم هذه الحسابات على أي مضمون سياسي للمشهد هي امتداد لشكوك بأنفسنا شحننا بها النظام على مدى السنوات الثلاث المنصرمة، مفادها أننا لا شيء، وأن النظام وأحزابه وإعلامه ومؤسسات استطلاع الرأي المرعية منه، هم أقدارنا التي علينا القبول بها وتصديقها، وما مقاومتنا إياها سوى ضروب مغامرة لا طائل منها. والنظام وظف لهذه المهمة آلة هائلة لبث الإحباط والقبول، وانخرط في الحملة “حزب الله” وإعلامه ومثقفوه ويساريوه، وسعد الحريري ومن خلفه المحبطون السنة ممن انهالت عليهم الصفعات السعودية من كل حدب وصوب، ووصل الأمر بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبعد أقل من أسبوع على انفجار بيروت أن يواجه اللبنانيين بأن من يمثلهم هو هذه السلطة القذرة والمتسببة بتدمير ربع العاصمة.

معظمنا استجاب لخطاب الهزيمة. صدقنا ربيع الهبر وكمال فغالي حين كانا يطلان علينا ليخبرانا بأننا لا شيء بحسب أرقامهما، ولم نصدق جميع من كنا نلتقيهم عندما كانوا يقولون لنا بأنهم سينتخبون للتغيير! وها نحن نواصل ما بدأناه، وننصب الكمائن لأنفسنا، ذاك أن ملحم خلف يمكن أن يخذلنا، متناسين أنه فاز ليس لشخصه انما لأنه ترشح مع لائحة قررت منافسة النظام وأحزابه. الحدث هو فوزه، وليس تعثره اللاحق. المواجهة في أولها، ويجب البقاء في الخارج.

من المهم التأمل بما أصابنا في الأسابيع الأخيرة التي سبقت الانتخابات. النظام كان نجح فعلاً في بث الخيبة واليأس، وفي إشعارنا بأن لا طائل من مواجهته. والغريب أنه تمكن من ذلك على رغم ارتكابه القباحات تحت أنظار الجميع. “حزب الله” شعر أن بإمكانه ترشيح مروان خير الدين على لوائحه، ولم يرف له جفن على رغم الفضيحة المدوية التي سبقت الانتخابات بيومين عن تهريب الرجل أموالاً لنجل رياض سلامة، والعونيون رشحوا وزراء الطاقة في زمن العتمة. هم فعلوا ذلك لأنهم شعروا بهزيمتنا سلفاً، ولأننا لم نصدق بأن ثمة لبنانيين قرروا أن يعاقبوهم.

إقرأوا أيضاً:

نعم علينا ألا ننتشي بخطوة رفع جدران العار من الوسط التجاري، مثلما علينا ألا نتوهم بأننا هزمنا النظام في الانتخابات النيابية، لكن نبيه بري، حين أراد أن يخاطبنا، أزال الجدران. لن نقابل خطوته بالامتنان طبعاً، لكننا الآن جزء من المشهد، في وقت كنا بحسبهم “لا شيء”. ثمة أكثر من 300 ألف لبناني انتخبوا لوائح التغيير، وهؤلاء كانوا ليصلوا إلى ضعف هذا الرقم لولا الرشاوى والتهديد ولولا نظام الاقتراع الذي فصل على مقاس النظام وأحزابه ومذاهبه. لهذه الحقيقة وظيفة سياسية يجب أن نواجههم بها، مثلما لرفع الجدران أيضاً وظيفة سياسية، فالزمن هو زمن المشاهد والصور، ولطالما شكلت هذه المشاهد طاقة سياسية وتغييرية نحن بأمس الحاجة إليها في مواجهتنا آلة النظام القذرة.

خطوة إزالة جدران العار من وسط بيروت، على رمزيتها، مشحونة بالسياسة. حرس مجلس النواب الذين فقأوا عيون المنتفضين برصاصهم، ورفعوا الجدران الاسمنتية في وجه فتية الانتفاضة، عادوا بأنفسهم ليزيلوا هذه الجدران. السياسة ليست أكثر من ذلك في هذه اللحظة، والتوهم بأن هزم السلطة مهمة أكثر تعقيداً من مشهد عابر، يأخذنا مرة جديدة إلى ذلك الإحباط الذي أصابنا قبل الانتخابات، والذي بددته الصناديق.

نحتاج إلى جرعات من الإيمان بقدرتنا على فعل شيء. ثمة أكثر من 300 ألف مقترع اختاروا نواباً من خارج صندوق النظام. يستحق ذلك جرعة من الرهان على أنفسنا، وإن انطوى على قدر من السذاجة الضرورية لنواصل المواجهة. السذج من بيننا حققوا الأرقام، فيما أثقل الذكاء على أصحابه مهمة الاقتراع. 

نعم صار بإمكاننا أن نتجول في الوسط التجاري بعدما أقفله نبيه بري لثلاث سنوات، ويجب أن نغبط أنفسنا لأن سعد الحريري غادر البلاد، ولائحة التغيير خرقت لائحة “حزب الله” بمقعدين في دائرة الجنوب الثالثة. هذه وقائع جديدة علينا ومن غير الإنساني ألا نغبط أنفسنا عليها، خصوصاً أنها هذه المرة ترافقت مع حقائق لا يمكن إغفالها لدى “مسيسي” المشاعر ومستخفيها. فأصحاب نظرية القطيع هم الآن أمام سؤال الـ300 ألف ناخب لبناني اقترعوا من خارج قطعانهم.         

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.