fbpx

لبنان والعراق: إيران خسرت الأكثرية فعلّقت البلدين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الفراغ يعقبه “سقوط حر”، في وقت لن يكون سقوطنا حراً، وها نحن نرتطم، ثم نعاود السقوط على نحو تسارعي ومدوّ.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليس الفراغ ما أحله النظام الإيراني في العراق في أعقاب خسارة الفصائل المسلحة التابعة له الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر من العام الفائت، وليس الفراغ ما هو بصدد إحلاله في لبنان في أعقاب خسارة فصيله اللبناني المسلح الأكثرية النيابية في الانتخابات اللبنانية. فقد صار من الواجب الوصول إلى توصيف أدقّ من الفراغ، ذاك أن هناك وظيفة سياسية كثيفة لهذا الذي شرعنا نطلق عليه اسم “الفراغ”، في وقت توحي هذه العبارة بما لا يستجيب لأهداف طهران من دول هلالها في لحظات انتكاسات يرى النظام فيها أنه من الممكن تجاوزها طالما أن المجتمعات المعنية والجماعات المتسببة بالانتكاسة يمكن إخضاعها بوسائل أخرى. 

الفراغ يعقبه “سقوط حر”، في وقت لن يكون سقوطنا حراً، وها نحن نرتطم، ثم نعاود السقوط على نحو تسارعي ومدوّ.

ربما أصابت عبارة “تعليق الدولة” حالنا في العراق وفي لبنان أكثر مما تصيبها عبارة الفراغ! 

تعليق الدولة وتعليق المؤسسات وتعليق الرئاسة وتعليق الحكومة، واستئناف المهمة انطلاقاً من هذا الواقع. ففي ظل هذا التعليق أقدم الحرس الثوري الإيراني على قصف مدينة أربيل العراقية من دون أن يشعر أن خطوته تتطلب تنسيقاً مع “الحليف العراقي” المُعلق! لقد قصفوا بحسب ادعائهم “مركز تجسس للموساد الإسرائيلي”. لا حاجة لإعلام بغداد بالخطوة. بغداد معلقة بحكومة تصريف أعمال قد يطول بقاؤها سنوات، ومعلقة برئيس جمهورية استنفد مدته الدستورية، ومعلقة بحضور الميليشيات المسلحة التي سيعاد طرح شرعية سلاحها فيما لو انتظمت الحياة البرلمانية التي تراجع حضور الفصائل فيها بعد الانتخابات.

في لبنان ينتظرنا بؤس مواز، مع فارق يشحن بؤسنا باحتمالات جحيمية أكثر، ذاك أن تعليق الدولة في العراق ترافق مع ارتفاع هائل بأسعار النفط مكّن الدولة من مواصلة وظائف لن يكون في مستطاع الدولة في لبنان مواصلتها. فالبرلمان اللبناني المنبثق عن الانتخابات النيابية الأخيرة لن يمكّن محور الممانعة من تصريف حاجاته. سيكون في أحسن الأحوال شريكاً بالمناصفة، وستسعى القوى فيه إلى موازنة نفوذ “حزب الله” بحضور موازٍ. وحين يشير أمين عام الحزب بإصبعه إلى “الكنز” المكتشف في البحر (حقول الغاز)، بصفته وجهة السلاح، سيقف له شركاء في البرلمان وفي الحكومة ساعين للبحث عن الكنز بغير طريق السلاح. 

اذاً الحزب أمام حقيقة استعصاء المهمة في البرلمان وفي الحكومة، وما عليه سوى استحضار السيناريو العراقي. حكومة تصريف أعمال تواصل الحد الأدنى من الإدارة، ورئيس جمهورية منتهية ولايته من دون أن “يسلّم كرسيه للفراغ”، ومؤسسات سياسية معلقة لسنوات ربما. وعدة التعليق متوافرة، فلا مرشح لرئاسة المجلس النيابي سوى نبيه بري، ولا مرشح لرئاسة الجمهورية سوى جبران باسيل، طالما أن عمه ميشال عون يرفض مغادرة بعبدا. أما الحكومة، فـ”الميثاقية” تقضي بأن “المكون الشيعي” إذا ما رفض المشاركة فيها سيضعنا أمام احتمال يشبه غزوة الوسط التجاري واحتلاله لأكثر من 18 شهراً في العام 2006. والحزب يعرف أن جبران باسيل ليس مرشحاً “منطقياً” للرئاسة، وأقرب الناس إلى الحزب، أي نبيه بري، لن يقبله، لكن باسيل مرشح لمهمة التعليق وليس الرئاسة، وبري سيسهل للحزب هذه المهمة طالما أنه يدرك أنها لن توصل خصمه إلى بعبدا. 

يبقى أن تحلل الدولة وتداعي مؤسساتها، وهو أمر بدأنا نعيشه في لبنان، أمر سيجعل من مهمة التعليق أكثر صعوبة، لكننا بدأنا نلتقط إشارات سيستقبلها الحزب بوصفها أحد أشكال الالتفاف على الكارثة، فمسارعة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى اعتراض الارتفاع الهائل بسعر الدولار عبر ضخ سيولة دولارية في الأسواق، جرت، بحسب مؤشرات كثيرة، بعد ضمانات وربما قروض غربية وخليجية، في محاولة لـ”تعويم نتائج الانتخابات”، التي بحسب أصحاب هذه الضمانات جاءت في غير مصلحة “حزب الله”! 

الحزب لن يمانع هذه المحاولات طالما أنها لا تطيح بمهمة التعليق. ثمة من لا يريد أن يبلغ الانهيار مستويات انفجارية، وثمة من لا يريد أن يهدد “الإنقاذ” مهمته. العيش بين هذين الحدين سيكون بؤساً خالصاً، لكن ليس موتاً. “حزب الله” سيعطّل ورياض سلامة سيظهر منفذاً أميناً للمهمة، وسنقبع نحن في المصير العراقي من دون أن يكون لدينا نفط يعيننا خلال لفظنا أنفاسنا الأخيرة.     

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.