fbpx

فصل معلمةٍ بسبب “قلة الأدب”:
زيادة القيود على النساء في مناطق المعارضة السورية 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تواجه هنادي اليوم المجتمع بمفردها، وهي صورة عن كلّ فتاة تتعرض لمحاكمات أخلاقية يومية، لأنها اختارت أن تعيش حياتها بطريقتها، هنادي ليست حالة خاصة إنما هي صورة متكررة عن نفي النساء والفتيات، بذريعة “قلة الأدب”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فُصِلَت المعلمة هنادي عثمان  في مدينة إعزاز في حلب بسبب فيديو لها على “تيك توك”، بتهمة “قلة الأدب”، وتتعرض المعلمة لهجوم كبير على وسائل التواصل الاجتماعي على أثر ذلك، حيث وصلت بعض التعليقات بالمطالبة بعقاب أكبر وهو ما قد يشكل تهديداً لحياة المعلمة وسلامتها.

فصلٌ مباشر بعد نشر الفيديو

كانت مديرية التربية التابعة لحكومة الائتلاف في أعزاز شمال حلب أصدرت قراراً يقضي بإيقاف المعلمة هنادي عثمان عن العمل في مدرسة “علي بن أبي طالب”، اعتباراً من يوم الأحد 29 أيار/ مايو 2022، وذلك بعد الاطلاع على مقطع الفيديو الذي انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تظهر في الفيديو قدما المعلمة مرفوعتين على الطاولة مع أغنية، واعتبرت المديرية ما قامت به المعلمة مسيئاً للعملية التربوية بينما وصف نشطاء على “فيسبوك” ما قامت به عثمان “قلة أدب”، وكانت المدرّسة نشرت مقطع الفيديو ذاته ثلاث مرات كما يبدو كتحدٍ لما حصل معها ولقرار فصلها.

أما هنادي، فيبدو أنها تسعى إلى تحدي القرار التعسفي، إذ عادت لنشر الفيديو على “تيك توك”، وفي النسخة الثانية كتبت: “ما بصير تحكم عالشخص إذا ما بتعرفو” مرفقاً بأغنية تقول “تعمل مشكلة أعمل مشكلة تشوف الوج التاني”، في تحدٍ واضح للهجمة التي تتعرض لها، أما في النسخة الثالثة من الفيديو فكتبت عثمان: “العالم عم تعمل أبشع من هيك وانتو عم تشوفو وساكتين بس عند الله ما بضيع شي شكيت أمري إلى الله”.

ما معنى “قلّة الأدب”؟ 

تزداد القيود الاجتماعية على النساء والفتيات في جميع أنحاء سوريا وبشكل أكبر في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، إذ لا يتم التحكم بطريقة لباسهن وحسب إنما بشكل حياتهن وقراراتهن، ما يشكل تهديداً صريحاً لحرية النساء. 

مصطلح “قلة الأدب”، هو غالباً من نصيب النساء والفتيات، فالأدب مرتبط بالأنثى، تصرفاتها، أدق التفاصيل في حياتها، ولا شكل لـ”الأدب” المفترض الذي يطلبه المجتمع، فالأهواء الشخصية للجموع المنساقة هي التي تحدد الأدب من “قلّته”، فيغدو فيديو على “تيك توك” تظهر فيه قدما فتاة “قلة أدب”، دون أن تتساءل جوقة المهللين من أقرَّ قوانين قلة الأدب؟ 

ما يعتبره المهللون قلّة أدب ليس سوى أفكار لشدة انتشارها باتت قوانين تقيد المرأة وتثير مخاوفها، فأي حركة تُحسب عليها ويجب أن تنتبه لطريقة مشيها وكلامها ونبرة صوتها ولباسها ونظرتها وطريقة وضع مساحيق التجميل واختيار الأصدقاء وشكل جسدها ورنة هاتفها والأغاني التي تحبها، كل هذا وأكثر يقع في باب الأدب وقلته بالنسبة إلى المجتمع، فلنتخيل للحظة الضغط الواقع على الفتيات والنساء لو قررن الخروج في مشوار عادي.

تُحاكم النساء والفتيات تبعاً للمعايير التي يمكن ربطها بحياتها وخياراتها ويمكن ببساطة، إنهاء مستقبلها المهني أو حياتها، وهو ما ظهر في تعليقات نشطاء يجدون أن عقوبة الفصل غير كافية، إذاً لنتخيل ما يدور في أذهان هؤلاء مِمَن ينصبون أنفسهم قضاة على فتاة لا يعرفون أي شيء عنها أو عن طريقة تفكيرها حتى، فلنتخيل السيناريوهات المرعبة التي تدور في رؤوسهم، إذ لمّح البعض لأمور جنسية في التعليقات، مستبيحين الجسد الأنثوي الواقع تحت محاكمة المجتمع.

إقرأوا أيضاً:

المجتمع يتكاتف ضد فتاة

حين يُجمع المجتمع على اتهام فتاة، يشعر الأفراد بأحقية انتهاك حياتها وبدل أن تقوم الجهة المسؤولة وهي وزارة التعليم التابعة للائتلاف الوطني السوري بالتعامل مع الحادثة بموضوعية، في حال كان هناك خطأ، تقوم بتهييج الجموع أكثر عبر قرار الفصل، حتى من دون أن تتخذ إجراءات أولية كالتنبيه على سبيل المثال، وهو قرار في الحقيقة يعكس كيفية محاكمة النساء بشكل قاطع، فالمرأة التي لا تعيش داخل سجن العفة المفترض تُقتل أو تحاكم مجتمعياً من دون تردد. وهنادي فُصلت على الفور، ليبدو القرار أشبه بالحركة الذكورية المعادية للنساء والتي لا تهدف إلى تحسين جودة التعليم بل إلى وصم النساء ووضع حدودٍ صارمة على حياتهن.

تشير هنادي في تعليقها عمن يقومون بأمور أسوأ ويغض المجتمع النظر عنهم، إذ إن معاملة النساء في العالم عموماً وفي سوريا خصوصاً تركز على اختلاق أخطاء لهن مع تجاهل التعنيف والاغتصاب والتحرش وغير ذلك مما يتعرضن له وعجزهن عن الحصول على أبسط حقوقهن وفي ميزان معاملة النساء تتغلب قلّة الأدب على التعنيف والقتل، لا شيء يجمع الذكوريين بقدر مهاجمة النساء، إذ يتجمهرون سريعاً لمحاكمة امرأة على فيديو أو فستان أو رأي أو أسلوب.

تواجه هنادي اليوم المجتمع بمفردها، وهي صورة عن كلّ فتاة تتعرض لمحاكمات أخلاقية يومية، لأنها اختارت أن تعيش حياتها بطريقتها، هنادي ليست حالة خاصة إنما هي صورة متكررة عن نفي النساء والفتيات، بذريعة “قلة الأدب”.

إقرأوا أيضاً: