fbpx

6410 أوراق ملغاة تقلق راحة نائب “حزب الله” حسن فضل الله

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما هو سبب وجود هذا العدد الكبير من الأوراق الملغاة، برغم حرص “حزب الله” و”أمل” على تدخّل مندوبيهما لمساعدة الناخبين خلف العازل على الانتخاب بحجّة الأميّة والعجز؟ وهل فعلاً كان يمكن لاحتساب هذه الأوراق أن يشكّل تغييراً في نتائج الانتخابات كما حاول أن يلمّح حسن فضل الله؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بدت لافتة، خلال جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، مداخلة نائب “حزب الله” حسن فضل الله، وتطرّقه إلى الأوراق الملغاة (الباطلة) في الانتخابات النيابية في معرض نقاش احتساب أو عدم احتساب الأوراق الملغاة ضمن الأكثرية المطلقة خلال انتخابات رئيس المجلس ونائبه وهيئة المجلس. 

قال فضل الله، الذي أظهر انزعاجاً واضحاً من النواب التغييريين ومداخلاتهم خلال الجلسة: “في الانتخابات النيابية لم تحتسب الأوراق الملغاة ضمن الحاصل ولو كانت احتسبت لتغيرت نتائح الانتخابات في عدد من الدوائر”. وهو يقصد دائرة الجنوب الثالثة التي تلقّى فيها “حزب الله” وحلفاؤه صفعة مدوّية بحصول لائحة “معاً نحو التغيير” على حاصلين وخرقها لائحة “حزب الله” وحلفائه بمقعدين اثنين، الأول لالياس جرادي الذي أطاح بأسعد حردان مرشح الحزب القومي، والثاني فراس حمدان الذي أطاح بمروان خير الدين مرشح تحالف المنظومة مع المصارف. فالدائرة الثالثة في الجنوب شهدت أعلى نسبة أوراق ملغاة بلغت 6410 أوراق وهو رقم كبير ولافت، فيما بلغ عدد الأوراق البيض 3042 ورقة. ومعلوم أن الأوراق البيضاء تحتسب ضمن الحاصل، فيما تلغى الأوراق الباطلة ولا تحتسب ضمن الحاصل.

لكن ما هو سبب وجود هذا العدد الكبير من الأوراق الملغاة، برغم حرص “حزب الله” و”أمل” على تدخّل مندوبيهما لمساعدة الناخبين خلف العازل على الانتخاب بحجّة الأميّة والعجز؟ وهل فعلاً كان يمكن لاحتساب هذه الأوراق أن يشكّل تغييراً في نتائج الانتخابات كما حاول أن يلمّح حسن فضل الله؟

تكررت قبل الانتخابات شكاوى المرشحين، من الحزبيين والمستقلين على السواء، من غياب “الثقافة الانتخابية” لدى عدد كبير من الناخبين، إذ يُعدّ قانون الانتخاب الذي أجريت على أساسه الانتخابات في دورتي 2018 و2022 معقداً لكثيرين، خصوصاً أنه يتضمن النظام النسبي والصوت التفضيلي. 

وترى جمعيات لمراقبة الانتخابات أن هناك تقصيراً من الحكومة اللبنانية، خصوصاً وزارة الداخلية، في عملية “التثقيف الانتخابي”، وتعليم الناخبين كيفية التصويت، وتنظيم دورات لشرح كيفية الانتخاب وكيفية احتساب الأصوات. واقتصر الأمر على بعض الفيديوهات التعليمية التي أنتجتها بعض الأحزاب والجمعيات وحاولت نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فيما كانت مسألة التثقيف على آليات الانتخاب شبه غائبة عن وسائل الإعلام المرئية المحلية الأكثر انتشاراً، لصالح حضور المرشّحين على الشاشات لعرض أفكارهم وبرامجهم واستقطاب الناخبين. 

لكن غياب “الثقافة الانتخابية” لا يفسر وحده عدد الأوراق الملغاة الكبير في دائرة الجنوب الثالثة، ولا يُسكت هذا السبب عطش نائب “حزب الله” إلى معرفة سبب الرقم الكبير الذي كان بإمكانه، كما يبدو من تصريحه المتحسّر، أن يلعب دوراً في تغيير النتائج لصالح فريقه السياسي. 

والتفسير الأكثر منطقية لهذا العدد الهائل، وغير المفهوم، من الأوراق الملغاة هو ما سمعته لدى سؤالي عدداً من الزملاء الصحافيين الذين غطّوا الانتخابات وكانت لهم فرصة الاحتكاك بالناس على الأرض، والذين لاحظوا أن عدداً كبيراً من الناخبين كانوا يقومون باصطحاب الهواتف الخلوية إلى ما وراء العازل، ليقوموا بتصوير ورقة الانتخاب بعد اقتراعهم، ثم يقومون، بعد تصويرها، بإضافة توقيع أو وضع إشارة بجانب اسم مرشح ثان، لكي تلغى الورقة. وهذا تؤكده صور لأوراق انتخابية تناقلها الناخبون عبر “واتساب” ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى. 

دعوني أترجم: كثر من الناخبين الذين وعدوا أحزابهم بالالتزام بالتصويت، إما أنهم شعروا من تلقائهم بأنهم بحاجة إلى إثبات الولاء عبر تأكيد التزامهم بالتصويت لمرجعياتهم عبر التصوير، أو أنه طلب إليهم تصوير أوراق الاقتراع للتأكد من قيامهم بالتصويت كما عمّمت الأحزاب على مناصريها. ولهذا تحايل كثيرون ممن يشعرون بامتعاض من الطبقة السياسية ومن ممارسات أحزابهم، على مرجعياتهم السياسية، وأوهموها بأنهم صوّتوا بناء على توجيهاتها، وبعضهم ثبّت التصويت بصورة أرسلها إلى مرجعيته، لتطمينها، ثم تعمّد إبطال تصويته عبر وضع إشارة على الورقة. طبعاً كثيرون قاموا بذلك من دون حتى أن يصوّروا أوراقهم، ولم يقترعوا للطرف الثاني لأنهم غير مقتنعين بطروحاته، لكنهم سجلوا بطريقة قاسية رفضهم طروحات أحزابهم عبر إيهامهم بذهابهم إلى صناديق الاقتراع، وإبطال أصواتهم وتأثيرها خلف العازل. 

هكذا، تقضّ 6410 أوراق ملغاة في الانتخابات النيابية تُضاف إليها الأوراق الملغاة المطالبة بالعدالة في انتخابات رئاسة المجلس، مضاجع نائب “حزب الله” حسن فضل الله وحزبه وحلفائه السياسيين، لأن بين هذه الأوراق “ثورة” دفينة ومكتومة، عبّرت عن نفسها بذكاء لتتحايل على سطوة المنظومة، من دون ان تصطدم بها، وتعرّض نفسها لتبعات ذلك. 

طبعاً لا نستطيع معرفة العدد الدقيق لهذه الأصوات “الانتحارية” التي أتلفت نفسها بنفسها انتقاماً من المنظومة وساهمت في تخفيض الحاصل الذي مكّن لائحة التغيير من إيصال نائبين إلى الندوة البرلمانية، يعكّران، مع بقية زملائهما التغييرين، صفو النائب فضل الله الذي صار محلّ سخرية دائمة منذ عام 2019 بسبب احتفاظه (إلى الآن!) بمستندات “إن سلكت مسارها القانوني الصحيح، ستؤدي إلى محاسبة رؤوس كبيرة”.  

إقرأوا أيضاً: