fbpx

ماذا لو كانت أسماء الأسد مكان ليلى محمد في تركيا؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ليلى لم تكن الأولى. كما أن أشباه شاكر كثر. قد نشترك مع شاكر بكرهنا للنظام السوري. لكننا نختلف معه بقدرتنا على فصل النظام السوري عن الشعب السوري.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وُضع السوريون أمام خيارين منذ بدء الحرب في سوريا: الموت داخل البلاد ببطء أو والموت والتشرد خارجها. لذلك، اضطر كثيرون إلى الهجرة. لكن العالم لم يكن مرحباً بهم على رغم التعاطف حصدوه على المنصات الإلكترونية. 

وبذلك، تتكرر الاعتداءات على اللاجئين في الدول التي هاجروا إليها، وكان آخر الفصول اعتداء الشاب شاكر شاكر على ليلى محمد اوهي في السبعين في تركيا بحجة أنها “تخطف الأطفال” . وثق الشاب لحظات الاعتداء هذه بينما ضرب المسنة وركلها على عينها لينتشر الفيديو على مواقع التواصل قبل القبض على المعتدي الذي كان أدين مرات عدة بجرائم سرقة وتعاطي المخدرات.

بعد ساعات من الحادثة، زار محافظ غازي عنتاب، حيث وقعت الجريمة، اللاجئة ليطمئن وسائل الإعلام إلى أن العدالة أخذت مجراها. وهي خطوة جيدة عادة لا تطبق في دول أخرى ينتشر فيها اللجوء السوري بيد أنها لم تنبع من حرص على حقوق الإنسان. لكن هل هذا يكفي؟ بالطبع لا. فمن يحمي اللاجئين من التمييز ومن مشاريع “العودة الطوعية” التي تعد تركيا عدتها؟

قد نشترك مع شاكر بكرهنا للنظام السوري. لكننا نختلف معه بقدرتنا على فصل النظام السوري عن الشعب السوري.

المؤسف أن قرار شاكر شاكر بأخذ الدور البوليسي والوصي على ليلى محمد لم يكن قراراً شخصياً، بل نفشل في تفسيره إن لم نؤطره في سياق سياسي يخلق نظرة دونية تجاه اللاجئين لإضفاء شرعية تفتقدها السلطات التي تهرول، في البلدان التي تحيط بسوريا، للاستفادة من الحرب قدر الإمكان. اما بالضغط على الدول الأوروبية بتهديدها بإرسال اللاجئين إليها حتى يصبحوا بضاعة غير مرغوبة تشحن من مكان إلى آخر مواجهة القتل المتعمد أو الغرق. أو قد يستخدمون كورقة ضغط ديموغرافية كمسلمين يهددون “وجود الطوائف الأخرى” كما يحدث في لبنان. 

أو، في أحسن الأحوال، يلقى اللوم عليهم عند مفترق كل ضائقة اقتصادية. غالباً ما يحدث ذلك في البلدان التي ينتشر فيها الفساد وتضطرب علاقتها مع بقية الدول فيلام اللاجئون لتقصير أهل البلد المسؤولين الحقيقيين عن الانهيار. ينتشر خطاب الكراهية بشدة ولا يلقى الضوء على السوريين الذين يستثمرون في البلدان التي يلجأون إليها أو يؤمنون يداً عاملة محترفة. أو في أسوأ الحالات، يستغلون لأنهم “غرباء” مخيرين بين أدنى مقومات الحياة والحرب فيعملون بمعاشات زهيدة لأنهم مجبرون على العمل لينجوا من الحرب. 

ينظر الى هذه الفئة كسارقي أشغال أهل البلد، بيد أن أصحاب المؤسسات يؤثرونهم على غيرهم من العمال لخفض كلفة الإنتاج فلا يكون اختيار توظيفهم نابعاً من تقبل اللاجئين وضمهم إلى سوق العمل. لكن هذا التمييز لا ينطبق على رجال الأعمال أو التجار السوريين الذين يحظون بمكانة مرموقة ويؤسسون أعمالاً وشركات في دول اللجوء في المنطقة، وبذلك تكون الحرب طبقية، وتحديداً ضد الفقراء من اللاجئين حصراً… فشاكر وسواه لن يجرؤ على الاعتداء على أسماء الأسد أو أي امرأة من “الطبقة المخملية”، لكن ضرب مسنة مسكينة أمر متاح ويصنّف في إطار الدفاع عن الوطن. 

إقرأوا أيضاً:

في المقابل، غذت المساعدات التي وزعت للسوريين اقتصادات الدول التي “استقبلت” اللاجئين. وخلقت وظائف جمة لكثيرين من أهل البلد في قطاعات عدة. لا يمكننا أن ننكر أن اللجوء يشكل عبئا على الخدمات والمرافق العامة لكنها حجة تستخدم في بلدان لا تشكل بؤرة للفساد ولا ترسل جنودها للقتال في سوريا ولا تمول الإرهاب ولا تتحالف مع النظام السوري. كما قد تجوز هذه الحجة في البلدان التي تمتلك مرافق عامة تعمل جيداً وتؤمن أدنى مستوى من الخدمات. 

ليلى لم تكن الأولى. كما أن أشباه شاكر كثر. قد نشترك مع شاكر بكرهنا للنظام السوري. لكننا نختلف معه بقدرتنا على فصل النظام السوري عن الشعب السوري. ولا نتبنى، بعكس شاكر، سرديات سياسية تصب في مصلحة النظام الذي نكرهه. بل قد لا يعي شاكر وأشباهه من العنصريين أن تصرفهم هذا بصلبه سياسي بيد أن “مبرراته” التي خلقها اقتصادية. 

بعكس شاكر، نفهم أن الثورة السورية، التي فشلت بالإطاحة بالأسد، نجحت بكسر الصورة النمطية التي تكرس منطق أن جميع السوريين يؤيدون الأسد. وهو منطق يسعى الرئيس لاعادة تكريسه مرة أخرى، على أساس أن الدولة بأسرها، شعباً وأرضاً ونظاماً، تختصر بشخص “سيادة الرئيس”. 

هذه العبارة وسواها، ستتجدد فيها الحياة بعد فتح الحضن العربي للنظام وسنطبع علاقتنا معها مرة أخرى. أو قد يتبنى آخرون خطاباً سياسياً مغايراً ضد الديكتاتورية سرعان ما ينحدر الى آخر يشبه كثيراً خطاب الديكتاتور لمحاربة “سوريا الأسد” بكامل عناصرها شعباً وأرضاً لكن باستخدام سلاح الرئيس، إن لم يكن المعسكر الثاني أيضاً قد تحول إلى سلاح آخر للأسد يرهب السوريين ويبسط قوة الرئيس حتى خارج نطاق أراضيه.  

إقرأوا أيضاً: