fbpx

اللاجئون السوريون في تركيا:
كباش سياسي ومساومة إقليمية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مع اقتراب موعد الانتخابات في تركيا، بدأت خطابات القادة السياسيين تتضح أكثر، بخاصة في ما يتعلق باللاجئين السوريين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا تعدو اللافتات المنتشرة في شوارع تركيا، وتصاعد خطاب كراهية والتعبئة ضد اللاجئين السوريين، بالتزامن مع إعلان تنفيذ عملية عسكرية تركية جديدة في الشمال السوري، كونها أمراً طارئاً أو مباغتاً. إذ إنّ ثمة سوابق لاستعانة الرئيس رجب طيب أردوغان بملف اللاجئين، بين الحين والآخر، لتحقيق أغراضه السياسية والإقليمية الموقتة. مع الأخذ في الاعتبار أنّ الرئيس التركي يواجه منافسة عنيفة مع قوى المعارضة التي تستخدم الملف ذاته في السباق الانتخابي بينما يتجه إلى تقليل فعالية خطاب خصومه السياسيين مع اقتراب الانتخابات، المزمع إجراؤها في حزيران/ يونيو 2023.

“ارجعوا إلى بلادكم”. كانت اللافتة التي قام رئيس بلدية بولو، تانجو أوزجان، المنتمي لـ”حزب الشعب الجمهوري”، بتعليقها في أحد الشوارع الرئيسية، بينما وثق حدوث ذلك بتغريدة في “تويتر”. وأعلن مكتب المدعي العام في مدينة بولو، فتح تحقيق ضد رئيس البلدية، بتهمة “الكراهية والتمييز”، وأمر بإزالة اللافتة، وفق موقع وكالة أنباء تركيا.

مشروع “العودة الطوعية” الذي يواجه انتقادات حقوقية واسعة في ظل شبهات جمّة بوجود عودة قسرية للاجئين السوريين، ووقوعهم تحت وطأة مخاطر عديدة، برز باعتباره خطاباً سياسياً يختلف عن الخطاب السابق لأردوغان المنفتح على وجود اللاجئين. والخطاب الأخير يهدف للتشويش على خطاب المعارضة، واستمالة الناخبين المترددين، بما يعكس درجة الاستقطاب القصوى بينهما على خلفية السباق الانتخابي. 

ومن ثم، فإنّ زوال “الحماية الموقتة” المحتمل للاجئين، والتي تبدو صيغة هشّة للتعاطي معهم، بينما تتآكل بفعل الاستعمال النفعي والانتهازي، قد تضطر مليون سوري من أصل ثلاثة ملايين و762 ألف لاجئ (وفق آخر إحصائية رسمية تركية)، إلى القبول بإعادة التوطين في “المناطق الآمنة” دون أي  ضمانات حقوقية، عملياً.

إذا كان الاقتصاد هو أول العوامل التي ستؤثر في الانتخابات المقبلة، فإن مشكلة اللاجئين في تركيا ستكون في المرتبة الثانية.

لين معلوف، نائبة مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة “أمنستي إنترناشونال” قالت: “تصريحات أردوغان أنه يخطط لإعادة مليون لاجئ إلى سوريا تتعلق بشكل أساسي بالزخم الانتخابي وهي مثال حول الكيفية التي يتم فيها استخدام الملف السوري حسب الهوى”. وأردفت: “برغم عودة بعض اللاجئين إلا أن البعض أجبروا على العودة، في السنوات الماضية، وتطبيق هذه السياسة يعني خرقا لالتزامات تركيا المتعلقة بعدم إجبار اللاجئين على العودة بالقوة”.

منتصف آذار/ مارس الماضي، عرج أردوغان على قضية اللاجئين السوريين، أثناء مشاركته في حفل توزيع “جوائز الخير الدولية، وألمح إلى استغلال المعارضة، أو بالأحرى ملاسناتهم، بشأن ملف اللاجئين، وقال: “قادة المعارضة في هذا البلد الجميل تقول إنّنا سنرسل اللاجئين إلى بلادهم عندما نفوز في الانتخابات، أما نحن فلن نرسلهم لأنّنا نعرف جيداً من هم (الأنصار) ومن هو (المهاجر). سنواصل الاستضافة”.

إذاً، مع اقتراب موعد الانتخابات في تركيا، بدأت خطابات القادة السياسيين تتضح أكثر، بخاصة في ما يتعلق باللاجئين السوريين، وفق الباحث والكاتب السياسي التركي، تورغوت أوغلو، لافتاً في حديثه لـ”درج” إلى أنّه “إذا كان أثر الأزمة الاقتصادية على السياسة واضحاً، فإنه وبخلاف المتوقع تبدو تأثيرات قضية اللاجئين أيضاً على السياسة مباشر بهذا الحجم المؤثر”.

واستخدمت وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة أردوغان هذا الخطاب المعادي للاجئين، في الفترة الماضية، لكن الجميع باغته استطلاع رأي يشير إلى أنّ 84 في المئة من مؤيدي “حزب العدالة والتنمية” الحاكم يطالبون بإعادة السوريين إلى بلدانهم، وفق أوغلو. 

ويردف: “بالفعل، كان هذا التطور غير متوقع من قبل مسؤولي الحزب، ما جعل أردوغان يقول، الأسبوع الماضي، في برنامج الإفطار مع السفراء إننا (نبذل قصارى جهدنا من أجل ضمان العودة الطوعية والكريمة لأشقائنا وأخواتنا السوريين)”.

ويلفت أوغلو إلى أنّه إذا كان الاقتصاد هو أول العوامل التي ستؤثر في الانتخابات المقبلة، فإن مشكلة اللاجئين في تركيا ستكون في المرتبة الثانية.

يتابع: “نعم، تراجعت الحكومة في ما يتعلق باللاجئين السوريين إلى خط الإعادة دون إيذاء، الذي كان يقول به حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحزب الخير. وسيكون لهذا التراجع تأثير في حزب المستقبل والدواء والسعادة التي كانت تأمل أن تستقطب الأصوات الهاربة من الحزب الحاكم. وكان رئيس حزب المستقبل أحمد داود أوغلو يقول: إن القول بإعادة اللاجئين دون تهيئة الظروف المناسبة لعودتهم قد يبدو خطاباً لكنه ليس واقعياً”.

ويشير الباحث والكاتب السياسي التركي إلى أنّ أردوغان لعب على قضية اللاجئين، وكلما أراد الحصول على المساعدات التي يريدها من الاتحاد الأوروبي كان يلوح لهم بـ”شماعة اللاجئين مهدداً بفتح الحدود وإرسال موجات من اللاجئين”.

إقرأوا أيضاً:

وهذه المرة تبدو القضية مؤثرة في الوضع الداخلي والمحلي، وقد أصبحت مشكلة اللاجئين تضرب بثقلها في السياسة الداخلية أيضاً. وبرغم أنه لا يمكن تجاهل البعد الإنساني لقضية اللاجئين السوريين، الذين يبلغ عددهم حوالى 4 ملايين شخص، وفق إحصاءات حقوقية، فإنّه لا يمكن استبعاد تضحية حكومة “حزب العدالة والتنمية” باللاجئين الذين كانت تدافع عنهم، منذ عشر سنوات، من أجل الفوز في الانتخابات. يقول أوغلو.

وتكاد لا تختلف الأوضاع بين عامي 2020 و2022، التي تؤكد طبيعة الدور الوظيفي لملف اللاجئين في العقل السياسي البراغماتي لأردوغان، وذلك منذ عاودت الأزمة الظهور، مجدداً، في سياق متفجر جديد يتماثل في بعض تفاصيله وشروطه مع بداياته السابقة. فالتضخم يواصل ارتفاعه وقفزاته الجنونية (69.97 في المئة)، وهو أعلى معدل وصل إليه منذ عقدين، وقيمة الليرة تواصل سقوطها الحر أمام الدولار. 

وعليه، فإنّ تحريك ملف اللاجئين يبدو ملحاً على أكثر من مستوى، سواء لاعتبارات كسب أصوات الناخبين بتركيا وخرق الحواضن التي تشكلها المعارضة، أو للتداعيات الإقليمية والمرتبطة بالتحولات الجيوسياسية على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، ووجود تركيا باعتبارها لاعباً في المنطقة ويضع أقدامه في مناطق مؤثرة وحيوية، بداية من سوريا ومروراً بليبيا وحتى مناطق في آسيا.

وبحسب أصلي أيدن طاشباش، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن “المناخ الجيوسياسي بات محفزاً لأردوغان كي يزيد من مطالبه وتحديد مظاهر القلق الأمني قد يؤدي إلى تنازلات من النظراء الغربيين بسبب الحرب في أوكرانيا”. مضيفة أن “السوريين الذين تحدثت إليهم في إسطنبول وبقية المدن يعيشون هنا مع عائلاتهم وحياتهم هنا ولا يريدون العودة إلى سوريا، ولا أعرف كيف ستؤدي منطقة عازلة لخلق زخم للعودة”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.