fbpx

عن قوة الأميرة ديانا وضعف آمبر هيرد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الولايات المتحدة يكفل الدستور حرية الرأي والتعبير لكل مواطن ومقيم على أراضيها، إلا أن شعرة خفيفة تطيح بكثر في فخ المحاكم وهي التشهير

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وأخيراً أسدل الستار على محاكمة امبر هيرد وجوني ديب بعد أن وجدت هيئة المحلفين في محكمة ولاية فيرجينيا بالقرب من العاصمة واشنطن الخصمين مذنبين، ولكن التعويض المالي الأكبر يعود إلى جوني ديب. ست سنوات مرت ثقيلة حتماً عليهما، وخفيفة علينا نحن أصحاب النكات الذين تابعنا غالبيتنا هذه المحاكمة في اللحظات الأخيرة حتى تصل إلى النتيجة النهائية، تماما كمن لا يحضر سوى آخر مباريات مونديال كرة القدم ليرى من سيتوج بالكأس والبطولة.

محاكمة امبر وطليقها جوني كان لها أن تكون مثلها مثل طلاق غيتس ومليندا او بيزوس وماكنزي، لكن الفارق كبير، وكثر ممن تابعوا القضية يغيب عنهم طبيعة ونوع هذا الخلاف، الذي تجاوز تصفيات الطلاق المادية حتى وإن انتهى بغرامات مالية. وأولئك الذين اضحكونا بسذاجتهم، عن “كذب” و”ادعاء” النساء بتعنيفهنّ مستشهدين بحالة امبر، يصدمهم مثل ما صدم بعض النسويات المتحمسات خروج هذه القضية بشكل تام عن محور العنف المنزلي وما تتعرض له النساء في المنازل من عنف نفسي او جسدي. قضية  ديب وهيرد هي قضية تشهير وخسارة سمعة وخسائر مهنية بالدرجة الاولى وغالباً ما يسعى أحد أطرافها للتكسَب المادي، بمعنى أنه كان من الممكن أن تكون تشهيراً ايضا لو اتهمته بكونه يتعامل بالرشاوى او أنه ضالع في قضية قتل وغير ذلك، لكن المصادفة أنها اتهمته بتعنيفها، في وقت تواجه النساء تشكيكاً كبيرا في مصداقية تعرضهن للعنف المنزلي خاصة. 

على النساء معرفة الطرق الأفضل لأخذ حقهن في حال تعرضن إلى عنف منزلي، طبعا أتحدث عن النساء في دول القانون التي لا تخشى أحكام القبائل والذكورية، وعلى الرجال أخذ العبرة من زيجة ديب بفتاة تصغره بأكثر من 20 عاماً

 ما دار من حوار في المحكمة حول تبادل اتهامات الزوجين سابقاً، هو نتيجة خروج امبر عن صمتها وادعائها تعرضها للعنف المنزلي من  خلال مقال نشرته في صحيفة “واشنطن بوست” من دون ذكر اسم المعتدي بعد طلاقها بعامين، وبالرغم من ذلك فإن أصابع الاتهام اتجهت صوب ديب كون العلاقة الزوجية الوحيدة لهيرد وآخر علاقاتها الغرامية كانت معه،  ما يعرّض ديب لحملات وخسائر جمة.

في الولايات المتحدة يكفل الدستور حرية الرأي والتعبير لكل مواطن ومقيم على أراضيها، إلا أن شعرة خفيفة تطيح بكثر في فخ المحاكم وهي التشهير، التشهير الذي غرد عنه الرئيس السابق دونالد ترامب في العام 2018، العام نفسه الذي كتبت فيه امبر مقالها ، مقترحاً على الكونغرس تعديل قوانينه بعد غضبه من كمية الكتب التي تناولت سياساته وخاصة كتاب الصحافي الشهير بحادثة “ووترغيت” بوب وودورد، وهكذا لم يتمكن ترامب من محاسبة الصحافة والكُتاب تحت طائلة التشهير لأسباب عدة، منها أن للصحافة الحق في البحث والكتابة ما لم تكن هناك اتهامات معلنة وشخصية.

 وسيدة مثل آمبر المحاطة بإدارة أعمال ومحامين وقعت في هذا الفخ، إذ كان يجدر بها قبل كتابة المقال أن تجمع الأدلة الكافية لإثبات ما أشارت إليه في مقالها، وأن تكون واضحة وصادقة منذ البداية في ردود أفعالها تجاه ما واجهته من عنف، أو أن تتبع طريقة الليدي ديانا بإرسال رسائل وإيحاءات تدفع الناس إلى تصديق روايتها من دون أن تفصح عنها، ما يجعلهم يردّدونها ويلاحقون المتهم حتى آخر لحظة في حياته.

على الرغم من أنّني أجد الحكم الذي خلص إليه أعضاء هيئة المحلفين في قضية ثنائي هوليوود بإدانة كليهما بالتشهير والإضرار ببعضهما البعض واقعياً إلى حد ما حتى وإن كان لمصلحة أحدهما دون الآخر، إلا أنني أجد في دهاء ديب وأمواله التي أعانته على توكيل فريق دفاع قوي عاملاً أساسياً ساهم بشكل كبير في الخروج بنتيجة لمصلحته. وهذا جانب معروف في محاكم الولايات المتحدة خاصة في قضايا من هذا النوع. 

فريق دفاع ديب اختار رفع الدعوى في الولاية التي تحتضن المطبوعة التي نشرت مقال امبر هيرد “واشنطن بوست” بدلا من مكان إقامة الخصمين في ولاية كاليفورنيا لأسباب عدة، أهمها ما نقلته وكالة أسوشيتد برس، من أن محامي هيرد حاولوا نقل المحاكمة إلى كاليفورنيا لكن محامي ديب قال إن أحد الأسباب التي دفعتهم إلى رفع القضية إلى فرجينيا هو أن قانون الكومنولث لمكافحة SLAPP ليس واسع النطاق مثل القانون في ولاية غولدن ستايت “كاليفورنيا”.

اذ يبدو أن ديب وفريقه عملوا بطرق دقيقة ومختلفة لكسب هذه الجولة بعد خسارته في بريطانيا أمام  صحيفة ذي صن التي وصفته بـ”الزوج العنيف”. في الولايات المتحدة استخدم ديب مبدأ التشهير والإضرار به، وليس الدفاع عن نفسه كونه غير معنِف، ولو ثبتت استقامة امبر وعدم مبادلتها العنف أو الخطأ له وانسحابها من البداية وفضحه، لكانت فعلا اضطرته إلى تعويضها، لكن المهزلة التي تابعناها كان واضحا فيها خطأ الطرفين بشكل نسبي، ولذلك فإن الوقوف إلى جانب أحد الطرفين بالنسبة لي، ليس بخطأ، ولكن لنتذكر المثل العربي الواقعي جدا “يا داخل بين البصلة وقشرتها ما ينوبك الا ريحتها”، فهي أزمة بين زيجة منتهية تبحث عن مزيد من التعويضات، ولن نخرج منها سوى بمزيد من الصراعات والملاسنات بين طرفيها قبل التسوية.

للانصاف فحتى القضية المرتبطة بالعنف المنزلي التي كسبها رجل او مالت إلى كفّته قد أدين فيها ولم يكن ضحية.

 أما ما أثير حول السماح لنقل المحاكمة تلفزيونيا، مقابل عدم نقل المحاكمة الأهم في الولايات المتحدة والخاصة بغيزلين ماكسويل شريكة جيفري ابستين الذي انتحر في سجنه لإدانته بارتكاب جرائم جنسية، ومن المقرر النطق بالحكم في الثامن والعشرين من الشهر الجاري، فببساطة لأن محاكمة ديب وهيرد جرت في محكمة تتبع الولاية حيث يُسمح بالكاميرات وأجهزة التسجيل بإذن مسبق من القاضي، بينما تجري محاكمة ماكسويل في محكمة فيدرالية يُمنع فيها دخول الكاميرات والصحافة، ولأجعل الأمر أسهل فإن تلك المحاكمات التي تخرج صورها برسومات قد تمت في أروقة المحاكم الفيدرالية وليس بالضرورة محاكم ولايات. 

عندما اسمع عن قضايا التشهير في الولايات المتحدة، فإن قضيتين بارزتين تخطران في بالي، الاولى بين السعوديتين حياة سندي وسامية المسلماني والثانية بين دانه المعيوف وروان ابو زيد المعروفة بموديل روز. فهذه الأسماء وقفت في المحاكم الأمريكية في إطار قضايا التشهير لتأخذ بعض أطرافها نصيبا من التعويض المادي، وبالمناسبة ليس دائما يتم دفع المبالغ المذكورة، ففي مثل قضية آمبر التي ستعوض جوني ديب بأكثر من 10 مليون دولار، قد تضطر إلى اشهار إفلاسها ما لم تكن تمتلك المال!

أخيرا، نعم لم تقنعني هيرد (36 عاما) ولم أجد ديب (58 عاماً) ضحية، وما يمكن أن يُستفاد من هذا “الفيلم الهوليوودي” الواقعي الذي تابعناه، هو أنه على النساء معرفة الطرق الأفضل لأخذ حقهن في حال تعرضن إلى عنف منزلي، طبعا أتحدث عن النساء في دول القانون التي لا تخشى أحكام القبائل والذكورية، وعلى الرجال أخذ العبرة من زيجة ديب بفتاة تصغره بأكثر من 20 عاماً، فكل تلك اللحظات المميزة على السجاجيد الحمراء والصور إلى جانب شقراء جميلة قد احترقت حتى بعد الطلاق والأهم من ذلك، هو أن صغر سنها لا يعني أنها دمية في يدك تسيّرها وفقاً لأهوائك .

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.