fbpx

مقتدى الصدر “زعلان”.. ماذا أراد أن يقول في كلمته الأخيرة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يرى مراقبون أن مزاج الصدر يؤثر غالباً على قراراته السياسية، ولعل مواقفه من “إنتفاضة تشرين 2019” هي واحدة من أكثر الأمثلة القريبة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أنا زعلان منكم، وراح تزعلوني أكثر”، قالها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر،  ثم قطع خطابه وغادر المنصّة بسبب التشويش والهتافات المتواصلة من جمهوره. كان ذلك خلال التجمع الذي أقامه في حي الحنانة بمدينة النجف، جنوبي العراق، معقل “التيار الصدري” ومركز انطلاق القرارات السياسية الخاصة بأكبر الأحزاب الشيعية. 

يُعرف مقتدى الصدر بأنه أكثر الزعماء العراقيين تأثيراً بالعمل السياسي منذ عام 2003، توبيخاً وتحقيراً لجماهيره ومحبيه من شيعة وسط وجنوب العراق، فقد وصفهم بـ”الجهلة” مرة، وغادر منصة خطاباته في مسجد النجف لمرات. وما حدث أخيراً، ليس “الزعل” الأول للصدر.

لا يوجد إحصاء واضح أو رقم تقريبي لعديد الصدريين في العراق، لكنهم يتخطون حاجز مليوني ونصف المليون، وفق تقديرات خبراء ومراقبين، وأنهم أكثر وفاءً لزعيمهم، من غيرهم من جماهير زعماء الأحزاب والقادة العراقيين الآخرين.

لا يتوفر هذا العدد من الموالين لنوري المالكي أو هادي العامري أو عمار الحكيم أو محمد الحلبوسي على سبيل المثال، لكن قد ينافس الصدر مسعود بارزاني، الزعيم الكردي ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في إقليم كردستان، في ذلك.

ظهر الصدر أخيراً، وقد غزاه الشيب، وتبدو عليه السمنة، متوتراً وغير مرتاح، ويتصبب عرقاً، وبدت حركاته على المنصة كأنه أمام مواجهة غير متكافئة مع جمهوره، لا سيما وأنه اعترف مرة في لقاء تلفزيوني بأنه “لا يستطيع السيطرة على كل جمهوره”.

يتميز الصدريون في العراق، بمنح الولاء المطلق للصدر، وأنهم كما يصفون أنفسهم، “قنابل موقوتة” جاهزة دائماً للانفجار في أي موقع يريده زعيمهم، وأنهم سلميون عندما يسلم الصدر، ومقاتلون عندما الصدر. كما ان هناك قلة منهم تجد في الصدر إماماً، بالمعنى القدسي للكلمة، فيما يتحدث بعضهم عن خرافات رؤية صورته في السماء أو على القمر. 

قال الصدر في خطابه الأخير، إن “الذي قتل والدي (المرجع الديني محمد صادق الصدر) وأخوتي، هو البعث الملعون، بأمر من الطاغية الملعون”. يقصد حزب البعث وصدام حسين. وأمر أتباعه بهتاف “كلا كلا لحزب البعث”.

رغم ذلك، بقيت الفوضى والهتافات المتفرقة من طرف الجمهور، وهو ما يحدث في كل مرة تقريباً عند ظهور الصدر في المحافل، لكنه توتر وتعرّق ومسح خديه وانسحب غاضباً، ثم اعتذر في اليوم الثاني، وتمنى في تغريدة “الشهادة” كي يلتحق بوالده.

ظلَّت كلمته، التي لا ينتظرها الصدريون وحدهم، بل معظم العراقيين، كونهم ينتظرون ان تحمل أبعاداً سياسية، ظلت مكتوبة على الورق ولم تُعرف طبيعتها، بالنسبة للجميع.

تواصل “درج” مع رجل دين معمم، وهو أحد المقربين من الصدر، وقال إن “الصدر أراد أن يلقي كلمة مهمة، لكن الفوضى حالت دون أن تستمر”، مبيناً أن “الكلمة تضمنت خشية وإعلان حالة إنذار من احتمال عودة حزب البعث للعراق، كما أنه أراد أن يربط مقتل والده، بمحاولات قتل مشروعه السياسي الحالي (حكومة الأغلبية الوطنية) على أيدي أطراف سياسية، وتحديداً قوى “الإطار التنسيقي” (الموالية لإيران)”.

وأضاف أن “الصدر أراد من العراقيين مساندته في عبور الأزمة الحالية، وهي عملية تشكيل الحكومة بعيداً من المحاصصة الحزبية والطائفية، وأراد إرسال رسائل إلى دول إقليمية من بينها إيران وتركيا، بالكف عن التدخل بشؤون العراق على مستوى الملفات السياسية. كما كان سيتطرق إلى تعطيش بلاد الرافدين، من قبل تركيا وإيران، والاستيلاء على حصص العراق من المياه”.

إقرأوا أيضاً:

يرى مراقبون أن مزاج الصدر يؤثر غالباً على قراراته السياسية، ولعل مواقفه من “إنتفاضة تشرين 2019” هي واحدة من أكثر الأمثلة القريبة، فقد دعمها الصدر وأوعز لتياره الديني بمساندة المحتجين، بل شكَّل فوجاً من أنصاره أسماه “القبعات الزرق” لحماية المتظاهرين، لكن سرعان ما انقلب عليهم الصدر، وأمر باقتحام ساحتي التحرير ببغداد والصدرين في النجف، وقُتل نحو 35 متظاهراً في ليلتين فقط.

ويتفرد الصدر بقراراته السياسية، فهو لا يملك مجلس شورى أو أمناء أو مستشارين، لكنه قال مرة إنه “يستمع إلى رأي مقربين منه، لكن القرار في النهاية، هو قراره وحده”.

ولد الصدر في أسرة دينية، تعرضت إلى قمع بالغ وملاحقة وعاش وحيداً حتى انهيار نظام صدام حسين، وقد تكون هذه الأسباب التي أدت إلى شخصيته المزاجية حالياً، فهو عصبي وحاد ولا يرحم حتى المقربين منه إذا ما أخطأوا أو تخلخل ولائهم.

ويتذكر العراقيون عشرات البيانات والتغريدات التي صدرت بحق مقربين منه، منهم “أبو دعاء العيساوي وعواد العوادي”، الذين تعرضا إلى حملة ملاحقة من الصدريين، حتى عفى عنهما “الزعيم”.

كما يعرف عن الصدر استناده إلى قانون سنّه بنفسه لتياره، يعرف بقانون “التجميد” الذي يعني إيقاف نشاطات بعض العاملين معه، وعادة ما ينصحهم بالتوجه للعبادة، وتعود أسباب ذلك غالباً إلى إبداء توجهات سياسية أو أعمال اقتصادية لا يقبل بها الصدر.

يقول المتخصص في علم النفس حسن عبد الحميد، إن “السيد مقتدى الصدر عصبي جداً، لكنه طيب مع عائلته وصاحب نكتة، وهو ما يمكن اكتشافه من خلال متابعة لقاءاته المتلفزة وخطاباته”. والصدر شخصية إشكالية، محبوبة من مئات الآلاف ومكروهة من مئات آلاف آخرين أيضاً. ومع ذلك، هو قادر على “سحر” حتى بعض خصومه حينما يلتقي بهم ويتعرفون إليه عن قرب. لكن عبد الحميد يعيد توتر الصدر إلى أسباب موضوعية وليس إلى طباعه: “طبيعة حياة الصدر وعمله الحالي كزعيم سياسي ورمز ديني، بالإضافة إلى نوعية جمهوره التي تعطيه الولاء كاملاً دون تحمل عناء المشاركة في صنع القرار، أو النقد، تدفعه إلى التوتر أكثر، لأن في ذلك مسؤولية كبيرة”.

وبحسب عبد الحميد فإن “الغضب الذي يظهر عادة على الصدر، أسبابه تتلخص بضغط العمل، وهو ما يؤثر على مظهره أيضاً، حيث أن كثافة الشيب والإرهاق واضحة جداً، بالنسبة لسنه، إذ يبدو أكبر بكثير من أبناء جيله”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.