fbpx

التجنيد الإجباري في المغرب: روح وطنيّة أم تطويع للشباب المعارض؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الوقت الذي تسارع فيه الحكومة المغربية الخطى لتنفيذ بنود قانون الخدمة العسكرية عبر تمريره في جلسة استثنائية مطلع الشهر الجاري، ترتفع أصوات معارضة تدعو لإلغائه أو تجميده. وصف بعضهم القانون بأنه “خلق أداة جديدة لإشاعة قيم الطاعة والخنوع”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تتّضح للرأي العام المغربي بعد الأسباب الحقيقية خلف قرار الحكومة إعادة فرض التجنيد الإجباري. فبعد تجميده في أواخر عام 2006، عاد التجنيد لخدمة الجيش ليصبح إلزامياً، وقد صادقت الحكومة برئاسة الملك محمد السادس على قانون الخدمة العسكرية، والذي يطال الشريحة الشبابية ما بين 19 و25 سنة ويشمل الذكور والإناث…

ومنذ صدور القرار، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام بنقاشات ومشاركات حول هذا التحوّل خصوصاً لجهة الدوافع مع تخوّف البعض من أن يكون مقدّمة لحرب ما محتملة في قضية “الصحراء” التي تعتبرها المغرب ملفاً سيادياً مهمّاً.

يميل المؤيّدون لقرار التجنيد الالزامي لاعتبار الأمر سيشجّع المغاربة على التحلي بروح الوطنية، في حين يرى معارضون أن القانون يكتسيه طابع الإلزامية على المعنيين بالأمر، من دون ترك أي فرصة للانخراط بمحض إرادتهم.

على صفحات “فيسبوك”، لم يستسغ معارضو الخطوة، “كيف يتم إلزامي بالجندية وبلدي لم يوفّر لي أدنى حقوقي الطبيعية؟” يسأل فيسبوكيون، في المقابل يعتقد مؤيّدو الفكرة أن التجنيد هو بمثابة واجب وطني على كل مغربي مهما كانت ظروف البلد.

منذ سنوات ليست قليلة، نادت أصوات مغربية بتجنيد الشباب “المنحرف” الذي بات يقض مضجع المغاربة خصوصاً بعد تنامي ظواهر العنف والإجرام.

وعلى رغم أن القانون لا يستهدف ذوي السوابق الإجرامية، إلا أن ذلك لم يمنع المدافعين عن القانون لتمريره لأنه سيساهم –وفقهم- في التخفيف من بطالة الشباب العاطل وسينمي من مهاراته العملية ويقوي من شخصيته كفرد يساهم في بناء الوطن.

الأصوات المعارضة لها رأي مسموع على ما يبدو، فبعد أيام قليلة من صدور قانون الخدمة العسكرية، أنشأ نشطاء مغاربة مجموعات فيسبوكية وصفحات كثيرة غرضها نشر محتوى يهدف للحيلولة دون تنفيذ بنود القانون. ويخشى كثيرون أن قانون الخدمة العسكرية سيفرض على الطبقات الشعبية والمتوسّطة وحسب، وسيستثني المسؤولين والوزراء والبرلمانيين. ولا يخفي البعض توجّسه من أن يكون الهدف من الخطوة هو امتصاص غضب فئة من الشباب التي عُرِفَت بانخراطها في احتجاجات شعبية تعارض الفساد والتضييق على الحريات وتفاقم الأزمات الاجتماعية.

“هل تم إقرار هذا القانون لتطويع الشباب واحتوائه؟”

ينص القانون على أن مدة الخدمة العسكرية تنحصر في 12 شهراً، ويُعفى منها من يعانون عجزاً بدنياً ومسؤوليات عائلية أو من يتابعون الدراسة. ويُستثنى أيضاً من هذه الخدمة الأشخاص الذين حُكم عليهم بعقوبة جنائية أو بالسجن النافذ.

بيد أن الأشخاص الممتنعين عن أداء الخدمة يُعاقبون بالغرامة والسجن، فوفق المادة 15 من القانون، فإن الأشخاص الخاضعين للخدمة العسكرية، الذين تستدعيهم السلطة المختصّة بهدف تسجيلهم أو اختيارهم بشكل قبلي، ويمتنعون عن المثول أمام تلك السلطة، من دون سبب وجيه، يعاقبون بالسجن من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة من 2000 إلى 5000 درهم (200 إلى 500 دولار).

معارضون: تطويع وتدجين

في الوقت الذي تسارع فيه الحكومة الخطى لتنفيذ بنود قانون الخدمة العسكرية عبر تمريره في جلسة استثنائية مطلع الشهر الجاري، ترتفع أصوات معارضة  تدعو إلى إلغائه أو تجميده.

شبيبة حزب “النهج الديمقراطي” ذات التوجّه اليساري المعارض، أفادت بأن الهدف من عودة التجنيد الاجباري بالبلد هو “خلق أداة جديدة لإشاعة قيم الطاعة والخنوع وسط الشباب والامتصاص المؤقت لبطالة الآلاف منهم سنوياً”.

“يثير هذا القانون الذي تم تمريره على عجل المزيد من المخاوف لدى معارضين له، فهم يرون أن استهدافه للشباب ليس مجانيّاً”

وتضيف شبيبة الحزب عبر بيان لها أن قانون التجنيد جاء في ظل ما يشهده البلد من “موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات التي يلعب فيها الشباب، بخاصة المنحدر أو المنتمي إلى الطبقات الشعبية، دوراً رئيسياً، بدءاً بحركة 20 شباط/ فبراير، وانتهاء بحراكي الريف وجرادة، وحملة مقاطعة ثلاث شركات كبرى، وفي ظل تفاقم أزمة اقتصادية واجتماعية تدفع بملايين الشباب نحو البطالة والتهميش”.

وعلى الخط ذاته، يرفض “التجمع المغربي ضد الخدمة العسكرية الإجبارية” تنفيذ قانون الخدمة العسكرية، معتبراً أن الأولوية التي تهم الشباب اليوم هي “الولوج إلى التعليم، الصحة، الثقافة، العمل”.

وأفاد التجمّع الذي يضم هيئات مدنية وحقوقية عبر بيان له بأن “تجنيد 10 آلاف شخص سنوياً سيكلف الدولة على أقل تقدير 300 مليون درهم سنوياً (نحو 30 مليون دولار) وهو ما يساوي ربع ميزانية الثقافة؛ وهو ما يكفي لفتح 20 مدرسة لـ12 ألف تلميذ وتلميذة سنوياً أو بناء 5 مستشفيات سنوياً”.

وطالب “التجمّع” بـ”تحويل الأموال المخصصة لهذا المشروع إلى مشاريع أكثر أولوية بالنسبة إلى الشباب تتعلق بالتعليم (الحفاظ على المجانية)، الصحة، الثقافة وتشجيع المقاولات الذاتية وفتح فرص الشغل. وتحرير السوق الاقتصادية من الاحتكار”.

يثير هذا القانون الذي تم تمريره على عجل المزيد من المخاوف لدى معارضين له، فهم يرون أن استهدافه للشباب ليس مجانياً، ويعتقدون أن إصداره في هذا التوقيت هو من أجل “لجم” أصوات هذه الفئة التي قادت حراكات جهوية شعبية (حراك الريف، حراك جرادة، انتفاضة العطش بزاكورة، حراك إميضر…) واحتواء غضبها وعنفوانها الاحتجاجي وتدجينها لصالح الدولة، ويربطون ذلك بما وقع في المغرب إبان الاستقلال عندما فرض التجنيد الاجباري أول مرة عام 1966 لمعاقبة بعض الشباب بسبب مواقفهم وتحرّكاتهم السياسية.

إقرأ أيضاً:
معتقلو حراك الرّيف بالمغرب: حزن وغضب بعد المحاكمات
مأساة البطالة في المغرب: كارثة تتفاقم مع سياسات الليبرالية الجديدة
لماذا يتودد المغرب لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؟

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!