fbpx

حي الشراونة: “حزب الله” يضع الأبرياء وتجّار المخدرات في “سلّة” واحدة 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يمتلك “حزب الله” إمكانات مادية ضخمة نتيجة دعمه من الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة جعلته يمسك بـ”رقاب” فقراء بعلبك الهرمل ليس فقط من يد المقاومة ومنطق حامي الطائفة، بل من قبضة المال، ولقمة العيش.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعاد أبو سلّة، وهو لقب أحد أشهر تجّار المخدرات اليوم في لبنان، منطقة الشراونة البقاعية إلى الواجهة من جديد. وهي منطقة ارتبط اسمها تاريخياً بالمطلوبين للقضاء اللبناني، والفارين من وجه العدالة، وخصوصاً تجار المخدرات. لكن الشراونة، في النهاية، تجمّع سكني تأسس على أيدي الفقراء والمهمّشين، الذين يدفعون اليوم الثمن مزدوجاً: تهميشهم من قبل الدولة، وسطوة عصابات المخدرات عليهم. فيقعون بين النارين. 

غالبيّة سكّان حيّ الشّراونة هم من عشائر الهرمل، وتحديداً من آل جعفر وعشائر السّهل المعروفين بآل زعيتر وغيرهم ممن استقرّوا فيه في بدايات الحرب الأهليّة.

عندما كانت مدينة بعلبك مزدهرة اقتصادياً وسياحيّاً، إثر إطلاق مهرجان بعلبك الدّولي في ستينيّات القرن الماضي. توجّهت إليها العائلات والعشائر المهمّشة من الهرمل والسهل للإستفادة من ازدهارها الاقتصادي.

وأبو سلّة هذا، هو علي منذر زعيتر. ولقبه أخذه في بداياته من بيعه المخدرات لزبائنه عبر سلّة ينزلها من شرفة منزله في الفنار(شرق بيروت) ويعدّ من أكبر تجار المخدرات في لبنان ومن أخطر المطلوبين. قد سبق وأفلت أكثر من مرّة من قبضة الأجهزة المعنيّة قبل أن يفرّ منها إلى حي الشّراونة في أواخر عام 2014.

سبق له أن أمضى خمس سنوات في السجن من 2002 إلى 2007، قبل أن يعاود نشاطه في تجارة المخدرات عقب خروجه من السجن. يتجاوز عدد مذكرات التوقيف الصادرة بحقّه1000 مذكرة، مبنية على مئات المحاضر والتحقيقات لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية التي تظهر تورطه بعشرات قضايا الترويج والاتجار بالمخدرات، وتشكيل العصابات المسلحة، وحيازة الأسلحة وإطلاق نار.

منذ نحو أسبوع، نفّذت قوة من استخبارات الجيش عمليّة عسكريّة تمكّنت على إثرها من اقتحام منزل أبو سلّة حيث وقعت اشتباكات بينها وبين عصابته وأدّت إلى مقتل عنصر في استخبارات الجيش وإصابة عناصر آخرين بجروح، في مقابل إصابة عدد من أفراد العصابة، وفرار أبو سلة إلى جهة مجهولة.

المعروف عن أبو سلة بأنّه لا يتردد عبر مواقع التواصل الإجتماعي من إظهار توجهاته وميوله السياسية المؤيّدة لـ”حزب اللّه”، حاله كحال تاجر المخدرات الشهير الآخر نوح زعيتر. وقدّ ردّ “حزب الله” لأبو سلّة التحية بأحسن منها وذلك عبر تصريح لرئيس الهيئة الشّرعيّة في الحزب رجل الدين المعمّم محمد يزبك خلال لقائه وعشيرتي جعفر وزعيتر، واعطائه الجيش مهلة ساعتين للانسحاب وإلا فإن الحزب سيتدخل. الأمر الذي شكّل استياءاً لدى عشيرة آل شمص المفجوعة بأحد ابنائها العسكريين في الجيش اللبناني، والذي سقط على أيدي مطلوبين دافع عنهم يزبك بوضوح بقوله:”إذا تمّ التمادي فلنا موقف، وسنكون بالتأكيد إلى جانب أهلنا وما يصيبهم يصيبنا”.

كما أثار تدخل النائب عن حركة أمل غازي زعيتر الريبة خلال تصريح له عقب الاشتباكات بأنّ مداهمات الجيش اللبناني “لا علاقة لها بالمطلوبين، وتؤدي إلى إصابة الأبرياء وتهديم المنازل”، فيما أكّد قائد الجيش جوزيف عون بأنّ “الجيش لا ينتظر أي غطاء ديني أو سياسي لمكافحة المخدرات، وسيستمر في حربه ضدها”.

تاريخ “حزب اللّه” مع العشائر

يمتلك “حزب الله” إمكانات مادية ضخمة نتيجة دعمه من الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة جعلته يمسك بـ”رقاب” فقراء بعلبك الهرمل ليس فقط من يد المقاومة ومنطق حامي الطائفة، بل من قبضة المال، ولقمة العيش. وذلك ما أدّى بتجّار المخدرات لأن يفرضوا سيطرتهم بشكل واضح على المنطقة، من خلال التشبيح وفرض الخوّات، وذلك بسبب الغطاء العشائري والحزبي لأعمالهم المشبوهة.

يؤكّد الكاتب والباحث أحمد مطر أن شباب هذه المنطقة واقعون ضحية البطالة وغياب التوظيف. لدى “حزب الله”، بحسب مطر آلاف المتفرغين والمقاتلين الذين استدرجوا الى الحرب السوريّة من بوّابة الدفاع عن الطّائفة الشيعيّة ومقاماتها المقدسة في سوريا وبسبب توفّر القدرات الماليّة الكافية لزجّ المقاتلين في الحرب، في ظلّ غياب اي بديل آخر. ومن جهة أخرى، فإنّ “فقراء المنطقة باتوا أمام حلّين بل ربّما ثلاثة: إمّا القتال لصالح “حزب اللّه” وإمّا الإنضمام إلى صفوف الجيش اللّبناني وامّا الانكباب على تجارة المخدّرات وتعاطيها”.

يسأل مطر سؤالا أساسيّا ردّا على وقوف يزبك إلى جانب تجار المخدرات، غامزاً من قناة التعاون الضمني بين الحزب والجيش: “هل يستطيع الجيش وسائر القوى الأمنية الدخول إلى منطقة بعلبك الهرمل من دون التنسيق مع اللّجنة الأمنيّة في حزب اللّه؟”

امّا فيما يتعلّق بسلطة حركة أمل على المنطقة، يوضح مطر أنّ خسارة حركة أمل لتأثيرها الكبير على العشائر منذ منتصف الثمانينيّات لحساب حزب الله، جاء بعد أن حسم الصّراع لمصلحة الطّرف الإيراني على السّوري لفرض سيطرته السياسيّة على الطّائفة الشّيعيّة.

وقد ارتفعت نسبة مدمني المخدرات بشكل ملحوظ بعد الحرب السّوريّة، لأنّه بات من السّهل على تجّار المخدرات تصنيع موادهم وتوزيعها عبر الحدود اللبنانية-السوريّة.

يحكي أحد العاملين في تركيب كابلات الساتلايت في حيّ الشّراونة عن وجود غرف خاصّة لمراقبة جميع مداخل الحي من قبل عصابات المخدرات، وهي تمكّنهم من رؤية اي حركة تنبئ بوجود مداهمة، أو اي حركة مريبة.

الدّيوانيّات الموجودة في بعلبك هي مضافات يبنيها ميسوري الحال، لكن بحسب ما يُسمع من أهالي المنطقة ومن أشخاص فاعلين فيها، فإنّ بعض هذه الدّيوانيّات، تعدّ مراكز لاستقبال المتعاطين ليتمّ بيعهم الممنوعات. أمّا بالنّسبة إلى “مطابخ” المخدّرات فهي تتواجد داخل المنازل والفيلات التّابعة للتجار الكبار أمثال نوح زعيتر وابو سلّة.

تمكّن أبو سلّة من الهرب نتيجة مراقبته لجميع منافذ حي الشراونة والشوارع والأحياء المحيطة به عبر شبكة من الكاميرات مربوطة بغرفة تحكم. رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلّوق يقول لـ”درج” إن “هذه الكاميرات جميعها غير مرخّصة وإنّ القوى الأمنيّة هي المسؤولة في هذه الحالة عن إزالتها”. كما يوضح بلوق أنّ الجيش قد باشر بإزالة تلك الكاميرات. امّا بالنّسبة إلى غرف المراقبة التي تمّ اكتشافها في منزل أبو سلّة اثناء المداهمة، فالبلديّة لم تكن على علم بوجودها”.

يحكي أحد العاملين في تركيب كابلات الساتلايت في حيّ الشّراونة عن وجود غرف خاصّة لمراقبة جميع مداخل الحي من قبل عصابات المخدرات، وهي تمكّنهم من رؤية اي حركة تنبئ بوجود مداهمة، أو اي حركة مريبة.

امّا بحسب أحد أبناء المنطقة الذي كان يمتلك في السّابق شركة توصيل “ديلفري” داخل حي الشّراونة وجواره، فقد تفاجأ في إحدى المرّات بأنه كان يوصل طلبية إلى داخل الحي، وأن الذي طلب الديليفري كان يدلّه إلى كيفية الوصول ويعطيه تعليمات وكأنه يراه أمامه، وذلك بسبب وجود كاميرات في كل مكان. 

إقرأوا أيضاً: