fbpx

في يوم اللاجئين العالمي: الاتجار بالبشر
والاستغلال الجنسي وحرس الحدود… أبرز الكمائن 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“كان النساء والأطفال يبكون، وكان الجميع يخاف من كل المشكلات المحتملة والغرق في البحر، لكن بما أننا لم نملك خياراً آخر، تحركنا ووصلنا إلى مخيم موريا في جزيرة لشبونة عند الرابعة صباحاً”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“كنت أعيش وأعمل في تركيا لمدة عام… كان من الصعب جداً  الحصول على بطاقة هوية أو وثائق تركية وكنت أخشى أن ترحلني الشرطة إلى أفغانستان. عملت لفترة واستطعت توفير بعض المال وقررت الذهاب إلى اليونان مع صديق التقيت به في تركيا. وهناك الجميع أخبرني أنني إذا ذهبت إلى اليونان، فسأعيش حياة أفضل، لأنني دون السن القانونية، ستدعمك الحكومة، قالوا لي”.

لكن رحلة هروب المراهق الأفغاني عمر (اسم مستعار) أخذت أشكالاً خطرة، إذ يروي لـ”درج” كيف تعرض للاستغلال. كان حينها لا يتجاوز السابعة عشرة، حاول الوصول الى اليونان من تركيا مرات عدة، لكن محاولاته كانت تفشل ويعاد مهزوماً إلى تركيا، “في كل مرة أصعد فيها على متن السفينة، كنت أعتقد أنه سيكون آخر يوم لي لأنه لم يكن هناك ما يضمن أننا سنصل إلى اليونان على قيد الحياة. كنا ننام في الغابة لأسابيع حتى تصبح السفينة جاهزة للمغادرة. في إحدى الليالي الممطرة، جاء المهرب إلينا وقال إن علينا الاستعداد”.

تحت المطر بدأت رحلة هروب جديدة بضغط من المهرب، “تحركنا. كان النساء والأطفال يبكون، وكان الجميع يخاف من كل المشكلات المحتملة والغرق في البحر، لكن بما أننا لم نملك خياراً آخر، تحركنا ووصلنا إلى مخيم موريا في جزيرة لشبونة عند الرابعة صباحاً”.

رحلة الشاب الأفغاني من تركيا الى اليونان والصعوبات الطبيعية وغير الطبيعية التي واجهته هي ملخص لما يواجهه اللاجئون إلى أوروبا عبر البحر من استغلال من التجار، وقمع واعتقال من قبل السلطات المحلية والشرطة الحدودية.

“الإتجار بالأشخاص” أو “الإتجار بالبشر” أو “العبودية الحديثة” كلّها مصطلحات تشير إلى تجنيد أشخاص أو نقلهم عبر استعمال القوة والاحتيال أو أي شكل من أشكال الخداع الأخرى، لغرض الاستغلال واجبار الضحية على أداء العمل أو الانخراط في الجنس التجاري، إضافة إلى نزع الأعضاء وبيعها، وجني الأموال والثروات. عادةً ما يقع اللاجئون وطالبو اللجوء ضحية هذه الجريمة المنظمة.

تعتبر شواطئ تركيا واليونان من الواجهات الأساسية لموجات اللجوء من الكثير من البلدان القريبة عليها، التي تشهد حروباً، أو صغوطاً اقتصادية، وهي تعتبر مدخلاً “للجنة الأوروبية” التي يحلم بها اللاجئون، ولكن، ماذا يحدث لبعضهم هناك، وما هي المحاذير التي عليهم التنبه إليها!

تجار البشر

 يتم استهداف اللاجئين في تركيا واليونان عبر نقاط ضعفهم، لا سيما الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع في ظل الحروب والنزاعات وغياب مؤسسات الدولة في بلدهم الأم، فيبحثون عن الاستقرار في بلدان أخرى. غالباً ما تُعرض على اللاجئين وطالبي اللجوء المساعدة في السفر والمأوى مقابل دفع المال لاحقاً. هذه طريقة يستخدمها تجار البشر للسيطرة على الناس واستغلالهم، وهي شكل من أشكال العبودية.

 بمجرد وصولهم إلى وجهتهم، يتم تجريدهم من استقلاليتهم وحريتهم، وغالباً ما يواجهون أشكالاً مختلفة من الإيذاء الجسدي والنفسي. يرتبط الإتجار بالبشر بعدد من الجرائم، بما في ذلك تدفقات الأموال غير المشروعة، واستخدام وثائق السفر المزورة، والجرائم السيبيرية.

يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان العديد من الممارسات المرتبطة بالإتجار، كالعبودية والاسترقاق واستغلال الأطفال جنسياً والتزويج القسري والدعارة القسرية. وعلى رغم فرض إطار قانوني دولي صارم، تستمّر ظاهرة الإتجار بالبشر، لا بل تزداد سنوياً.

في الأرقام، يعتبر الاتجار بالبشر ثالث أكبر مصدر للربح غير المشروع في العالم، تبلغ عائداته مليارات الدولارات سنوياً. 

كشف التقرير العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر الذي يصدر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة كل عامين عن أن عدد الأطفال ضحايا المتاجرين بالبشر تضاعف ثلاث مرات في الأعوام الـ15 الماضية.

في هذا الإطار، تكثّف جمعيات المجتمع المدني جهودها من أجل مكافحة هذه الظاهرة لا سيما في اليونان، كمنظمة STOP THE TRAFFIK مثلاً، التي تعنى بمنع الاتجار بالبشر. ومن خلال برنامج أمان SAFETY عملت المنظمة على منع الاتجار باللاجئين وطالبي اللجوء أثناء سفرهم إلى أوروبا.

 “نهدف إلى حماية الناس من الاستغلال والأذى أثناء بحثهم عن الأمان بعيداً من منازلهم”.

هكذا يقول التقرير الذي صدر عن برنامج “أمان” لحماية اللاجئين، خصوصاً القصّر منهم من الاستغلال.

هدفت الحملة الأولى إلى الحد من الاتجار واستغلال الشباب، والقاصرين في اليونان والمناطق الحدودية لتركيا. تهدف الحملة إلى تزويد الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و21 سنة بمعلومات حول الاتجار، وكيفية اكتشاف حالة استغلالية محتملة، وتقديم المشورة حول كيفية البقاء بأمان، وكيفية الوصول إلى الدعم، في هذا الإطار تقول المديرة التنفيذية لـSTOP THE TRAFFIK روث ديرنلي: “ينتصر التجار عندما تخفى الحقيقة”، وهنا يكمن دور المنظمات الحقوقية والإنسانية في ايصال الحقيقة الى جميع اللاجئين الذين تستغلهم العصابات والأنظمة.

يتابع عمر روايته، “لقد أصبت بالجنون، كنت من عائلة فقيرة وقد سئمت من عدم وجود مستقبل في المخيم، وكان طلب اللجوء قد رفض مرتين، اعتقدت أنه لا خيار آخر وخياري الأفضل في هذه الظروف القاسية هو بيع أحد كليتي لتحسين وضعي مالياً والانتقال للعيش في بلد آخر، أو لأستطيع إيجاد عمل في اليونان. لحسن الحظ، قابلت منظمة STOP THE TRAFFIK، وقد عرضوا مساعدتي وتخليت عن هذا القرار”. 

في مقابلة مع رئيسة قسم الوقاية في منظمة STOP THE TRAFFIK تقول آيمي كوف: “بعد التجربة الصادمة والفرار من ديارهم بسبب الحرب أو الفقر أو أي أزمة أخرى، يخوض الشباب، بمفردهم في كثير من الأحيان، رحلات خطيرة للوصول الى بر الأمان الإجتماعي”.

وتضيف آيمي كوف: “في وقت مبكر من حياتهم، يتحطم الأمل والثقة، بسبب تجربة اللجوء والوعود الكاذبة، ما يؤدي إلى تدمير ثقتهم في العالم من حولهم. بالطبع، يؤدي هذا غالباً إلى عدم ثقة القُصر غير المصحوبين بذويهم بالمنظمات غير الحكومية. في استطلاعات الرأي التي أجريناها، وجدنا أن 82 في المئة من المشاركين في الاستطلاع، وكثر منهم من القصر غير المصحوبين بذويهم، اعتقدوا أنه لا توجد مساعدة أو دعم متاح لهم، أو كانوا غير متأكدين من مكان العثور على المساعدة أو لم يعرفوا بمن يمكنهم الوثوق”.

يتعرض اللاجئون لأشكال كثيرة من الاستغلال والكذب خلال سفرهم، أو خلال مكوثهم في المخيمات أو البلدان التي يصلون إليها، كاليونان مثلاً، ما يجعلهم يفقدون الثقة بالجميع، من تجار، أو جمعيات تهدف فعلاً إلى مساعدتهم، وفي هذا السياق أيضاً تضيف آيمي كوف: “على سبيل المثال، طمأنت رسالة حملتنا على وسائل التواصل الاجتماعي الشباب بأن المساعدة متاحة وقدمت تفاصيل عن المنظمات التي يمكنها تقديم المساعدة والدعم. اتصل بنا شاب يتحدث باللغة الفارسية، قائلاً إنه يعتقد أنه لا توجد مساعدة، والمعلومات خاطئة، وحملتنا جعلته يشعر بالسوء. قمنا بالرد على الشاب باللغة الفارسية، لنقول إننا آسفون لأنه يشعر بهذه الطريقة، لكننا نفهم مشاعره، ونعلمه أنه يمكننا توجيهه للدعم إذا غير رأيه. على رغم أنه استمر في الرد برسائل غالباً ما تكون غاضبة، إلا أن تواصله المستمر معنا كان علامة على أنه لم يفقد الأمل. خلال الأيام والأسابيع التي تلت ذلك، أصبح أقل غضباً وأكثر انفتاحاً على الحوار. كشف لنا أنه كان يبلغ من العمر 14 سنة فقط، وفي النهاية وافق على طلب المساعدة من إحدى المنظمات الداعمة”.

“خلال عملنا، حددنا بعض العوامل التي يمكن أن تجعل الناس عرضة لخطر الاستغلال، وأهدافاً للمتاجرين بالبشر الذين يرون أن الضعف فرصة عمل مربحة”.

إقرأوا أيضاً:

يعاني اللاجئون من الشباب والقصر من مشكلات عدة، ربما يكون أبرزها الفقر، ثم التشرد، والانفصال الأسري، ونقص الدعم بالخدمات الأساسية ونقص المعرفة حول عملية اللجوء.

“تم تأكيد ذلك في الرسائل التي تلقتها STOP THE TRAFFIK من الشباب خلال الحملة. تضمنت الرسائل التي تلقيناها طلبات للمساعدة في أوراق اللجوء، وكيفية العثور على مأوى (كان كثر منهم يعانون من التشرد)، والفقر، وتأمين الضروريات (الغذاء / المنظفات)، الحماية من “الخطر المباشر” والمساعدة مع الأسرة قبل كل مبادرة وقائية، وضعنا أهدافاً واضحة لما نريد تحقيقه. لحملاتنا الوقائية ثلاثة أهداف رئيسية تتعلق بمنع الاتجار في الشباب: زيادة إدراك المخاطر، واكتساب المعرفة، واعتماد السلوك الوقائي”.

تعتمد الحملة على منصات التواصل الاجتماعي للوصول إلى الأفراد والمجتمعات المعرضة للخطر جغرافياً، والذين قد يصعب الوصول إليهم بالطرائق التقليدية.

وهنا تختم آيمي: “في حين أننا نعلم أن الغالبية لديها إمكانية الوصول لمنصات التواصل الاجتماعي، إلا أن هناك تحديات أيضاً. يعتمد هذا النموذج على وصول الجمهور المستهدف إلى الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي. ولكن من المحتمل أن يكون هناك عدد كبير لا يمكنهم الوصول إليها. حتى إذا كان لديهم هاتف ذكي، لكن ربما بسبب الفقر لا يستطيعون الوصول إلى الانترنت. لذلك، قد تكون هناك قطاعات كبيرة من المجتمع لم يتم الوصول إليها ولا تزال معرضة لخطر كبير، ولذلك أيضاً قمنا بتوزيع الكثير من المنشورات المكتوبة بلغات عدة، بخاصة أمام مراكز الدعم ومساعدة اللاجئين”.

في العام الماضي، وثقت “منظمة العفو الدولية“، الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون من قبل حرس الحدود اليونانية، عند انتقالهم من تركيا الى اليونان، في محاولة لإعادتهم الى تركيا، ويذكر التقرير أنه من الواضح أن السلطات اليونانية تعتمد أسلوب العنف ضد الكثير من اللاجئين وتحث على عودتهم الى تركيا، كما تعرقل السلطات عمل المنظمات الإنسانية في اليونان، وبذلك يتلقى اللاجئون الضربات من كل الجهات، فإن لم يقعوا في كمائن تجار البشر، فقد يقعون بين أيدي حرس الحدود اليونانية.

إقرأوا أيضاً: