fbpx

قتل غزال الريم العراقي… مع سبق الإصرار و الترصّد

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ورد الغزال أيضاً في قصائد الغزل والحب، والتي أصبح بعضها أغاني وأناشيد للغرام.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يحظى غزال الريم بمكانة خاصة عند العرب منذ القدم، وتتعدد التسميات التي تشير إليه وهي ترتبط غالباً بصفات هذا الحيوان اللطيف، كالرشا والريم وغيرهما من الأسماء التي تطلق على الأطفال والطفلات أيضاً، تيمناً بصفات هذا الحيوان المميز. وورد الغزال أيضاً في قصائد الغزل والحب، والتي أصبح بعضها أغاني وأناشيد للغرام.

ومن هؤلاء علي بن الجهم حين أنشد: 

عيون المها بين الرصافة والجسر

جلبن الهوى من حيث ادري ولا ادري.

المحميات وخطر الهلاك

قال الكاتب مصطفى الغري من مدينة السماوة إن “محمية ساوة للنباتات والحيوانات البرية تُعد من المحميات الحكومية القليلة في العراق، بدأ العمل في إنشائها نهاية عام 2008، وأدخلت الحيوانات إليها في نهاية عام 2013. تبلغ مساحتها 500 دونم وتقع بالقرب من بحيرة ساوة على بُعد 22 كلم شمال غربي مدينة السماوة، مركز محافظة المثنى.

وكشف الغري لـ”درج” عن أن عدد غزلان الريم في المحمية بلغ 148 غزالاً، 74 من الإناث و74 من الذكور، فضلاً عن طائر النعام الذي لا يتخطى عدده الـ11 طيراً.

وأشار إلى أن “المحمية اليوم تُعاني ظروفاً صعبة وإهمالاً مفرط من حيث توقف تجهيز الأعلاف بشكل كُلي وتوقف تجهيز الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه، إذ يتم تجهيز المياه بالاعتماد على مضخات الأهالي وبجهود شخصية من مدير المحمية تركي الجياشي، فضلاً عن انعدام الأدوية البيطرية على رغم الجهود والمطالبات المتكررة من القائمين على المحمية عبر رفع الكتب والمذكرات الرسمية إلى وزير الزراعة ومحافظ المثنى ومدير الزراعة، إلا أن  الإجابات كانت موحدة (هذا ليس من اختصاصنا)”.

ولفت الغري إلى هلاك النعام في المحمية، فضلاً عن موت أعداد كبيرة من غزال الريم، وعلى حد قول مدير المحمية: هلاك الغزلان في تزايد يومي.

 وبين أن “الغزلان المتبقية في المحمية تُعاني من سوء تغذية وتدهور واضح في صحتها، ما انعكس سلباً على الولادات والخصوبة”.

الجفاف والريم

قال الخبير الزراعي علاء البدران، إن “الريم من الغزلان النادرة التي موطنها الأصلي بلاد الرافدين”، مضيفاً: “لكونها من الأنواع المهددة بخطر الانقراض فقد أنشأت لها محمية طبيعية في منطقة ساوة للحفاظ عليها”.

وأشار البدران إلى “الجفاف الذي أصاب العراق هذا العام وانحسار الأعشاب والمياه التي تتغذى عليها هذه الغزلان، وبذلك تعرضت للهلاك، دون أن تهتم الجهة الراعية للمحمية بتوفير الغذاء البديل والمياه”.

وبين أن “حكاية هلاك غزال الريم يمكن أن تكون دليلاً على الإهمال الحكومي واللامبالاة  بالأنواع المهددة بالانقراض”.

ودعا مربو الحيوانات في الصحراء الجنوبية للعراق الحكومة المركزية متمثلة بوزارة الزراعة إلى توفير مزارع خاصة لتربية غزال الريم الذي سيؤدي الاستمرار في إهماله إلى انقراضه في المنطقة.

الظروف الصعبة

قلة الواردات المائية من دول المنبع (تركيا – إيران) إضافة إلى انحسار سقوط الأمطار بسبب التغير المناخي، فضلاً عن العواصف الترابية الحمر وجفاف البحيرات الطبيعية مثل ساوة والصناعية كالرزازة و حمرين، ما رفع نسب التصحر وأدى إلى تدهور البيئة وفق الخبير في استراتيجيات البيئة والمياه رمضان حمزة.

ويقول حمزة لـ”درج” إن “نفوق غزلان الريم في بادية السماوة مؤشر خطير على عدم اهتمام الحكومة العراقية والمنظمات الدولية التي تتبجح ليلاً ونهاراً بأنها معنية بحقوق الحيوان”، مبينا أن “تلك الغزلان كانت بحاجة للأعلاف والاهتمام وحسب، في ظل التصحر والعواصف الترابية، ما أدى إلى فقدان نصف أعداد الغزلان، بسبب ارتفاع درجات الحرارة وقلة مياه الشرب”.

ويسأل، “لماذا لا يستطيع العراق الذي يطفو على بحيرة من النفط تأمين المحميات الطبيعية والغذاء لهذه الغزلان الرشيقة التي تعبر عن هوية بلاد الرافدين؟”.

وحذر رمضان من مستقبل أسود بانتظار الثروة الحيوانية في العراق عموماً وخطر الاندثار والانقراض في حال عدم تحرك الجهات المختصة في توفير البيئة الملائمة للعيش.

أساليب القتل

الصحافي العراقي أحمد سلمان يقول إن “اللوم لا يقع على الجهات الحكومية وحدها، بل أيضاً على الجهات الأهلية التي لها دور في قتل غزال الريم في جنوب العراق”.

ويضيف لـ”درج”: غزلان الريم تبحث عن البحيرات للعيش بقربها إذ تتركز في صحراء عين التمر في مدينة كربلاء (جنوب) التي تمتاز بوجود عيون ماء كثيرة وبحيرة ساوة في مدينة السماوة (جنوب)، إلا أن قيام سكان تلك المناطق بحفر الآبار الارتوازية ومد أنابيب المياه لري بساتينهم وإرواء جمالهم، ساهما بجفاف البحيرات وقتل ثروة الريم.

الصيد الجائر

يوضح أحد مربي الغزلان في صحراء السماوة جنوب العراق عبد السلام المحمودي أن “الصيد الجائر أصبح وباء إذ يتم قتل غزلان الريم البرية أو إبعادها من بيئتها الأصلية بسبب الجشع البشري”.

وكشف المحمودي لـ”درج” عن تناقص أعداد الحيوانات المهددة بالانقراض منها غزلان الريم كل يوم، وينبع الصيد الجائر من الطلب فهناك طلب كبير على منتجات الحياة البرية مثل غزلان الريم.

ولفت إلى أنه “يتم بيع لحم غزلان الريم بـ100 دولار للكيلوغرام الواحد”، مبيناً أن “زيادة الطلب في الأسواق هي الدافع الرئيس للصيد الجائر للحيوانات والنباتات والطيور”.

كلفة الرعاية

كشف الأكاديمي الاقتصادي في جامعة ذي قار (جنوب) كلية حسين الشامي، عن “حاجة قطاع تربية الغزلان إلى توفير التخصيصات اللازمة والتي تقدر بآلاف الدولارات لإعادتها وتأهيلها لأنها مصدر مهم من مصادر الثروة لتعزيز النمو الاقتصادي في العراق”.

وقال الشامي لـ”درج” إن، تربية غزلان الريم تحتاج إلى رعاية تتراوح بين 1400-2800 دولار للغزال الواحد.

وأشار الشامي إلى أن “الثروة الحيوانية تُعد من مقومات نجاح الاقتصاد الوطني بعد الثروة المادية والبشرية، لأنها مورد مهم يرفد الاقتصاد بالموارد المالية والنقدية، وتعزز مساهمتها في الدخل القومي مقومات عدة منها توفر الأراضي الملائمة للرعي والمياه والأعلاف والأدوية والمستلزمات الطبية لمعالجتها”.

إقرأوا أيضاً: