fbpx

“إنستغرام” يُفرج عن “ثورة ماب”… هل ستيفاني صليبا شخصية عامّة؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عودة “ثورة ماب” هو انتصار لحرية التعبير في السياق اللبناني من دون شك، لكنه أيضاً لا يعفي النشطاء ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من المسؤولية المتعلقة بالحساسية تجاه القُصر والأشخاص غير المرتبطين بالنظام المالي والسياسي بشكل مباشر.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

منذ تأسيسها بعد انتفاضة 17 تشرين 2019، كان هدف صفحة “ثورة ماب” والقائمين عليها (أنونيموس لا يكشفون هوياتهم)، هو منع السياسيين والمصرفيين، وأي شخص مستفيد من السلطة، من التنعم بحريتهم في الأماكن العامة في لبنان، وبدأت الصفحة تنشر أماكن وجود السياسيين وحاشيتهم.

الهدف من ذلك تسليط الضوء على تحركات زعماء وسياسيين ومسؤولين في بلد يعيش انهياراً مالياً واقتصادياً يعد من الأسوأ في العالم بسبب فساد النخبة الحاكمة. 

نشطت مجموعات شبابية تلاحق السياسيين وتطردهم من حفلاتهم وسهراتهم، بهدف حرمانهم العيش بحرية، فيما آلاف اللبنانيين يعيشون من دون كهرباء ومن دون حقوق. امتلأ الفضاء الالكتروني اللبناني بمشاهد فيديو لنقاشات ومواجهات واحياناً اشتباكات محدودة مع سياسيين. 

قسمت تلك التحركات مساحات من اللبنانيين بين مؤيد ومعارض، ولم يكن واضحاً إن كان هناك تنسيق بين المجموعات و”ثورة ماب”، ولكن من الواضح، أن المعلومات كان مصدرها هذا الحساب على “إنستغرام”.

مع الوقت ازدادت معلومات “ثورة ماب”، وازداد مراسلو الصفحة عبر لبنان والعالم أيضاً، فكل شخص يمكن أن يرسل للصفحة مشاهداته الموثقة في الفيديو. 

هكذا أصبحنا نعرف أين يذهب الرئيس السابق فؤاد السنيورة، ومتى يسافر الزعيم وليد جنبلاط، وفي أي حانة باريسية يسهر الإعلامي المعروف مارسيل غانم وغيرهم.

هنا عاد النقاش حول مسألة الخصوصية.

هل تعتبر هذه الفيديوات ونشرها للرأي العام، تعدياً على الخصوصية وإن كنا نتحدث عن شخصيات عامة؟

بالعودة إلى “إنستغرام”، أزال التطبيق صفحة “ثورة ماب”، بعد سلسلة تبليغات، على منشور تطرق للممثلة اللبنانية سيتفاني صليبا، يشير إلى أنها تلقت هدية، عبارة عن سيارة مرسيدس بمناسبة عيد ميلادها، من دون التطرق إلى من يقف خلف هذه الهدية. مع العلم أنه بات شائعاً ربط اسم ستيفاني صليبا بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يعتبر أحد أبرز المسؤولين عن الانهيار المالي والمصرفي في البلد. 

صليبا مثلت الوجه الدعائي لمصرف لبنان، وشاركت في سلسلة إعلانات عن الليرة اللبنانية قبل الانهيار، ما عرّضها لانتقادات عدة، وغالباً ما ربط اسمها باسم رياض سلامة. 

 الإشكالية في الموضوع أن “ثورة ماب” صورت سيارتها ولوحة السيارة وخرقت خصوصيتها، وهذا ربما ما جعل “إنستغرام” يزيل الصفحة بعد التبليغات.

يقول مشرف صفحة “ثورة ماب” لـ”درج”: “أخطر شيء على إنستغرام أن تطلب دواء عبر الستوريز، تتم إزالتها فوراً ومن دون تبليغات، وهذا ما حدث معنا، إذ كنا نطلب المساعدة لأحد المرضى، ومن بعدها وضعنا منشور ستيفاني صليبا وسيارتها مع رقم اللوحة، مع معلومات سابقة عنها وعن رياض سلامة. أزال الإنستغرام المنشور فوراً، في اليوم الثاني كررنا المنشور، مع إخفاء رقم اللوحة وأرقام هواتف صليبا. لكن أيضاً تمت إزالة المنشور، وأزيل الحساب الأساسي، والحساب الاحتياطي الذي لم نستعمله منذ سنتين، وقد تكلمنا مع الكثير من الجهات المتخصصة، مثل سمكس، لمساعدتنا، وهذا غريب جداً، كيف استطاعت ستيفاني صليبا ومن معها، أن يزيلوا الحسابين وبهذه السرعة. وبصراحة كنا قد فقدنا الأمل بعودة الحساب، إلا أننا استطعنا استرجاعه بعد ثلاثة أيام”.

خرقت “ثورة ماب” سياسات “إنستغرام” العامة، وخرقت أيضاً “خصوصية” ستيفاني صليبا، ولكن كيف نحدد متى خرق الخصوصية يكون مباحاً، ومتى يكون ممنوعاً؟

يقول المدير التنفيذي لمنظمة “سمكس” للحريات الرقمية محمد نجم في هذا الإطار: “الموضوع مرتبط بديناميات القوة. في الماضي، كانت صفحة وينيه الدولة، لا تنشر سوى مخالفات لأشخاص عاديين، وتحرض القوى الأمنية عليهم، هذا خرق للخصوصية وتحريض، ويمكن أن يؤدي إلى أذية هؤلاء الأفراد والمهمشين”.

“سمكس” تلقت بريداً إلكترونياً من “أنونيموس” على الخط الساخن الذي يوفر مساعدة لأشخاص فقدوا حساباتهم، أو تقرصنت…

يضيف نجم، “المشكلة أن معايير المحتوى في شركة ميتا مؤطرة ضمن سيناريو الدول الغربية، وقوانينها ومعاييرها الاجتماعية. هناك مثلاً منشور لثورة ماب تمت إزالته لأنهم يطلبون فيه أدوية. هذا طبعاً لا يمكن أن يمر لأنه يصنّف ضمن نطاق المتاجرة بالدواء، فالدول الغربية لا تحسب حساباً لفكرة أن هناك بلداناً تعاني من أزمة دواء. هذه سياسات غربية المنشأ، فيما سياقنا مختلف، والشركات بحاجة إلى تطوير سياساتها وتوظيف أشخاص أكثر ممن هم على دراية بالسياق المحلي في مناطقنا للمساعدة في إدارة المحتوى”.

في لبنان، تسود ثقافة انعدام المحاسبة إذ تتم عرقلة تحقيقات انفجار مرفأ بيروت وكذلك لم يحاسب أحد على الانهيار المالي الكبير رغم تورط معظم النخبة السياسية الحاكمة. هذا السياق يحتم النظر اليه عند التفكير في مجال الحريات الرقمية. 

من هنا يقول مدير “سمكس”: “في لبنان، حصل انهيار اقتصادي ومالي من دون أي محاسبة حتى الآن، ولدينا انفجار 4 آب الذي تم تمييع ملفه. كل هذه الأحداث تكشف مشكلات مثل انعدام الشفافية والمحاسبة، وهنا في هذا السياق اللبناني، عدم محاسبة أحد عن كل الأمور والفساد والجرائم، عززت مبادرات مثل ثورة ماب، تلاحق  وتفضح السياسيين والدوائر الخاصة بهم، وهي طريقة لتحدي السلطة القائمة. هل حصل أخطاء من ثورة ماب في بعض المحتوى المنشور؟ أعتقد ذلك، ربما عبر استهدافهم الدوائر الكبيرة لهؤلاء المسؤولين، أو فضح سهرات أولادهم دون السن القانونية”. 

في السياق اللبناني الغارق في الفساد تبدو ملاحقة الشخصيات العامة وسيلة مشروعة في ظل انعدام المحاسبة، لكن هل التصويب باتجاه ممثلة مثل ستيفاني صليبا مبرر؟

هل ستيفاني صليبا شخصية عامة؟

يقول نجم رداً على هذا السؤال: “هي تضع نفسها كشخص مقرب من رياض سلامة ونشرت محتوى ضمن هذا الإطار، بغض النظر عن طبيعة هذه العلاقة فرياض سلامة من أكثر الأشخاص تأثيراً في الانهيار المالي والاقتصادي ومن أكثر الأشخاص المكروهين في لبنان. أما عن عمل ثورة ماب، ففيه خرق سياسات انستغرام، التي لا تستوعب السياق السياسي اللبناني”.

الممثلة اللبنانية ستيفاني صليبا

شركتا “ميتا” و”إنستغرام” وافقتا على إعادة فتح صفحة “ثورة ماب” وأعيد الحساب والمنشور. 

هذا انتصار لحرية التعبير في السياق اللبناني من دون شك، لكنه أيضاً لا يعفي النشطاء ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي من المسؤولية المتعلقة بالحساسية تجاه القُصر والأشخاص غير المرتبطين بالنظام المالي والسياسي بشكل مباشر.

تحديد هذا النوع من الارتباط أمر غير سهل في لبنان، حيث يتداخل الخاص بالعام، في ظل شبكة كبيرة تجمع المصرفيين، والمتعهدين، مع رؤساء مجالس إدارات التلفزيونات، مع قضاة وأمنيين وأحزاب، وتصبح تسمية “شخصية عامة” أوسع مما نتخيّل.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.