fbpx

البورنوغرافيا العربيّة: عنف وساديّة… ولغة ركيكة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لفضاء البورنوغرافيا المحظور قوانينه، وكأنما لكل واحد منّا قرين بورنوغرافي في مكانٍ ما على الإنترنت، لا نستطيع أن نحيا حياته، ولكن فقط نتلصّص عليه. المحتوى البورنوغرافي العربي شديد الفقر، فنحن أمام مجموعة من الفيديوهات المسرّبة، التي يلتقط معظمها ذكور نشاهد فيها علاقاتهم الجنسية من وجهة نظرهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تجعلُ علامتا “تسريب” و”هواة” في عوالم البورنوغرافيا العربية المُشاهِد متلصّصاً، يغرق في هواماته سرّاً مستوحياً من أجساد آخرين غير محترفين لكن يشبهونه. هذه الحال معاكسة للأجساد التي تظهر ضمن أفلام الإنتاج الضخم والعالي الدقة، والتي شكّلت تمثيلات بورنوغرافيّة لثقافتنا الرسميّة.

لفضاء البورنوغرافيا المحظور قوانينه، وكأنما لكل واحد منا قرين بورنوغرافي في مكان ما على الإنترنت، لا نستطيع أن نحيا حياته، ولكن فقط نتلصّص عليه.

المحتوى البورنوغرافي العربي شديد الفقر، ولا يوجد إنتاج يرسّخ سياسات ثقافيّة محدّدة. نحن أمام مجموعة من الفيديوهات المسرّبة، التي يلتقط معظمها ذكور نشاهد فيها علاقاتهم الجنسية من وجهة نظرهم.

بعيداً من التسريبات المصمّمة لتكون شريطاً جنسياً sex tape، هناك تصنيفات بورنوغرافيّة “عربيّة” هاوية، لا تظهر فيها الأعضاء الجنسيّة، لكن ينصاع فيها الجسد لتحديقة العدسة. هذه التصنيفات تراوح بين اللّعب والترويج لعوالم سريّة.

أذلّاء تحت الأقدام

تمتلك شخصيات الماركيز دي ساد سطوة سحريّة لمعنى اللّذة، فالأرستقراطي الفرنسيّ يسخر من مفهوم العبث، إذ تتحرّك شخوصه ضمن حلقة مفرغة، هي تُعذّب، تنتشي أو ترتعش، لا تموت، ثم تتابع حياتها لاحقاً من دون أي أثر. لا موت تحت سوط العشيقة، بل دورة لا نهائية من الألم واللّذة، وكأننا في عالم من الموتى الأحياء بحسب تعليق سلافوي جيجيك على الموضوع.

هذه الدورة الساديّة، منقوصة في المحتوى العربيّ، حيث نحن أمام أشكال من الإذلال الملتقط على الكاميرا من دون الفعل الجنسي نفسه، إذ لا نشاهد انتصابات أو استمناءات مؤلمة، بل مجرّد إذلال وسحق بالأرجل، كما في الفيديو الذي يبدو أن المؤدّين فيه من لبنان بسبب لهجتهم، فيقوم فيه “العبد” بلعق قدمي سيّدته، التي تقوم فقط بالبصاق عليه وسبّه، وهذا ما يتكرّر في فيديو آخر للثنائيّ ذاته.

المختلف في هذا الفيديو هو إمكان التعرّف إلى وجه “العبد”، وانصياعه التام لعدسة الكاميرا، هو لم يصوّر سرّاً، وكأن التسجيل مخصّص للتبادل أو النشر – هذا ما لا يمكن التأكد منه- كما لا نشاهد أي فعل جنسيّ تقليديّ، مجرّد انصياع ومذلّة، وإعادة تكوين للدور الاجتماعيّ تحت عدسة الكاميرا، وقلب للأدوار التقليديّة في المنطقة العربيّة.

تقدّم هذه الفيديوهات سوء اقتباس للأدوار المكرّسة (رجل-امرأة)، هدفه توثيق الطاعة العمياء التي ينتجها العبد، إثر تحرّره من سلطة دوره الذكوريّ. سوء الاقتباس هذا ثقافي أكثر منه لذّوي، ولا يهدف لاستعراض الرعشة السادية، بل تفكيك للدور التقليديّ من دون نشوة جنسية، الشيء ذاته نراه في فيديو لفتاتين سوريتين، تلثم فيه “العبدة” قدم “سيّدتها” وتبجلها بينما الأخرى تشّد شعرها، في هذا التسجيل كلا الفتاتين مدركتان وجود الكاميرا، وتؤدّيان ذلك.

هذا التوثيق للدور الجديد، يحمل نوعاً من الترويج أحياناً، كما تفعل فيديوهات الملكة جوجو الشاميّة أو الملكة لميس المصريّة، والتي تدعو “العبيد” للتواصل معها كي تضعهم تحت قدمها. بهذا المعنى تكون تسجيلاتهما دعائيّة أكثر منها بورنوغرافيّة، وخصوصاً أننا لا نعلم إن كان هناك جنس من نوع خاص مع العبيد، أم مجرّد دهس وسباب. المساحات المصوّرة هذه تتيح سيادة كليّة للملكة على جسد العبد، لتصبح نفسها موضوعة مثالية، لا يمكن “مسّها”، تجب فقط طاعتها العمياء، لنتحرّر هنا من السؤال الجنسي نحو الثقافيّ، ذاك المرتبط بتسليم “العبد” سيادته على جسده إلى “نزوات” الملكة.

شعريّة “الفلقة”

نشاهد الكثير من فيديوهات “الفلقة” في البورنوغرافيا الغربيّة، لكن لها حضوراً مميزاً في المحتوى العربيّ، وأشهرها تلك المعنونة باسم “فن الفلقة”، والتي نرى فيها امرأة محجّبة، ثم صوراً لأدوات الفلقة وتجهيزاتها ضمن أثاث شرقيّ، مع صوت الضرب في الخلفية، ويتّضح أن صاحب الصوت “شامي اللهجة” إلى جانب إشارة الفيديو إلى “الشاميّة سيّدة الفلقة”.

لا عري في مجموعة الفيديوهات هذه، ولا أعضاء تناسليّة، مجرّد “الشاميّة” تتعرّض للفلقة، ومكتوب أسفل قدميها عدد الفلقات كـ” 7*3=21″،  كما نشاهد التنويع في تقنيات الضرب، ورش المياه لزيادة الألم، إلى جانب صوتها وهي تصرخ راجية أن ينتهي الضرب.

الفيديو الذي يبدو “عقاباً” مسرّباً للوهلة الأولى، يتّضح أنه مصمّم للاستعراض، إذ يبرز فيه نوع من الاتفاق الضمني، كأن نسمع من تتعرّض للفلقة تقول لمن تصوّر وتضربها أن تغيّر زاوية التصوير، إلى جانب إمكان رؤية وجه من تتعرّض للضرب، والتي تظهر في نهاية الفيديو في مجموعة صور، تروّج فيها لنفسها بوصفها “ملكة الفلقة”.

ما يثير الاهتمام أيضاً أن فضاء العقاب/ الاستعراض يومي ومبتذل، تفاصيله مجانيّة، كأن نسمع صوت أطفال صغار في الخلفيّة، إلى جانب الأثاث اليومي غير المرتّب، وارتجال مكان العقاب، فمرّة في المطبخ ومرّة في غرفة النوم.

لا ندري من هو المستهدف في هذه الفيديوهات، إذ توجد دعوة للانضمام إلى أميرة الفلقة، لكن يوجد استعراض من نوع ما “لسمفونيّة الفلقة” بحسب ما يظهر ضمن الفيديو.

المتعة هنا بتحويل العقاب إلى صيغة إيروتيكيّة ذاتيّة، وتفعيل الهشاشة التي يمتلكها من يتعرّض للضرب. فطقس الفلقة أشبه بفاتحة لفانتازمات جنسيّة، ووضعيات تتداخل فيها اللّذة مع الألم، فالضرب ورش المياه لزيادة الوجع يرسّخان هيمنة السيد ورغبته في تحقيق سيادته الكليّة، أما الأصوات التي تتسلّل عادة إلى خارج فضاء “الفلقة”، تعكس خصوصيّة ما يحصل في الداخل، لنرى أنفسنا متلصّصين على حميميّة طقس العقاب، والذي نراه في المنتجات الثقافيّة في سوريا التي تصوّر البيئة التقليديّة، والعلاقة بين الرجل والمرأة، إذ يتم الترويج للعقاب بوصفه يخفي شبقاً وجنساً من نوع ما، تتجلّى فيه الفحولة والسطوة الذكوريّة.

الصوت على حساب الجسد

تحضر ضمن ثقافة البورنو العربي قليلة العمق، تسجيلات تحمل إيهام “العروبة”، كجهود ترجمة الأفلام الأجنبيّة، بوصفها محاولات إنتاج لغة إيروتيكيّة عربية، تبدأ بالعناوين المترجمة، التي تطغى عليها موضوعات السفاح والخيانات الزوجيّة، ثم الترجمة الركيكة للمحتوى المنطوق، في محاولة لتقليص الاغتراب وخلق نوع من التماهي مع ما يشاهده الفرد على الشاشة، والأغلب أن هذه الجهود فرديّة، غير ربحيّة.

المثير للاهتمام في هذه التسجيلات هو حضور بعض الكلمات الفصيحة والطبيّة، كغشاء البكارة، والعذريّة، والتي لا تبدو منطقيّة ضمن السياق، وكأن استخدامها يزيد من فعل انتهاك “البورنوغرافي” للغة المحتشمة التقليديّة المرتبطة بالجسد الأنثوي.

الشيء ذاته يتكرر في مجموعة من الفيديوهات المدبلجة، والتي لا يقوم المدبلج الذَكرْ فيها بالحديث عن الأجساد المتحرّكة أو نطق كلامها، بل يحكي قصة، أشبه بنصيحة طويلة باللغة الفصحى من طريقة سريّة، تتيح للشاب نيل أي فتاة يريدها، سواء كان في السوبر ماركت أو الشارع، من دون أن يكون هناك أي نهاية أو عبرة من هذه النصيحة. هي مجرّد غواية لغويّة من دون عبرة، وكأننا أمام  meta commentary، يتيح للمشاهد بناء الفانتازم الجنسيّ، إذ يدلّه الصوت العربيّ على كيفيّة نيل ما يراه أمامه من أجساد.

هذه الفجوة أو التناقض بين المسموع والمرئيّ، بمثابة تحفيز لتقنيات الحكاية لدى المشاهد، الذي يرى النتيجة ويسمع البداية، ما يترك لخياله حريّة تعبئة الفراغات.

المثليّة للمبتدئين

يحرّر اللعب الأفراد من القواعد الاجتماعيّة، ويتيح اكتشاف مساحات من الحركة والأداء لا تنتمي إلى الحياة اليوميّة. يزداد هذا التأثير في حال كان اللاعبون تحت تحديقة الكاميرا، حيث يتحوّل أداؤهم إلى صيغة ترتبط بالاستعراض، ما يدفع اللاعبين إلى تجاوز الحدود المتّفق عليها سواء ضمناً أو علناً.

هذه الألعاب نراها في مجموعة من الفيديوهات المصوّرة في غرف منزليّة خصوصيّة، تصنّف على أنها تحوي جنساً مثلياً بين فتيات من مختلف الدول العربيّة.

متابع هذه التسجيلات يرى مساحة واسعة للعب والأداء الساخر اللاجديّ، والذي تتم فيها محاكاة الإيلاج الذكوري لتسفيهه، والسخرية من الدور الذكوري الذي لا يحوي في الكثير من الأحيان متعة للمشاركين باللعب، بل ضحكاً سببه التقليد الكاريكاتوري للفحولة.

الأغلمة التي تحويها هذه التسجيلات ترتبط بأفق التوقّع لدى المشاهد، فاللعب الذي نراه، لا يمكن توقّع نتيجته، إذ لا ندري إلى أي حد سيكون هناك عري أو محاكاة لفعل جنسي، فنحن أمام تحدّ هدفه القدرة على استعراض اللحم دون أغلمته، وخصوصاً أنه لا يحوي قيمة جنسيّة للمشاركين، كونه لا يورّط بعريّ أكثر أو جنس مرتجل، ما يجعل قيمته فضائحيّة بالنسبة للموجودين والمشاركين باللعب، الذين يؤدون ويدغدغون مُشاهداً ذكراً خفيّاً مستثاراً، لا يعلمن إن كان سيرى هذا “التسجيل”.

إقرأ أيضاً:
“وهم” الدراما الرمضانية: تعميم ثقافة طاعة السلطة
التعابير الإيروتيكية في اللغة العربية
ممثّلة أفلام بورنوغرافية تسعى لتطوير المحتوى الجنسي للبالغين من خلال الأكاديميا

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.