fbpx

الكتب مفقودة في بيروت

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يبدو أن الزمان رديء. ونحن بانتظار أن يمضي، نتطلّع إلى المستقبل الثقافي بعين متشائمة. إذا كان مثقّفو الداخل متخاذلين ومثقفو الخارج متخاذلين، فمن يحمل جذوة الثقافة اليوم؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وجاء اليوم الذي أوصيت فيه ابنتي على كتاب. فأجابتني بكل كبرياء: “لا وجود لهذا الاسم في المكتبات أنا متأكّدة أنك أخطأت في عنوانه أو اسم مؤلفه” لأنها بحثت عنه ولم تجده. لم أتخيّل يوماً أن أوصي على كتاب ولا أجده في بيروت. 

بيروت بالنسبة إلى أهل دمشق واحة الكتب. فلعشرات السنين التي مضت وحتى خلال عقدين من الحرب الأهلية المقيتة بقيت بيروت مصدر الكتب المفقودة.

نزار قباني افتتح دار نشره في بيروت وكذلك فعلت غادة السمان. وكنا كلما سمعنا بإصدار كتاب جديد نسرع لنوصي عليه ونقتنيه قبل أن يصل إلى مكتبات الشام لنفاخر به أمام أصدقائنا. 

وفي الثمانينات وفي معترك الحرب الأهلية كانت دور السينما البيروتية قبلتنا لنشاهد الأفلام التي كنا محرومين منها في دمشق بسبب المقاطعة الغربية. 

عندما فكرت بنشر كتابي الخاص لم أتردّد لحظة بالتوجه إلى إحدى دور النشر اللبنانية. ونشرته على نفقتي الخاصة دون أن أفكّر في ربح أو خسارة. فالكتاب مشروع ثقافي وليس مشروعاً تجارياً وكانت النتيجة أن الناشر الفاضل سرقني في وضح النهار مدعياً أن الكتاب لم يحقق مبيعات، فلا هو أعاد النسخ المطبوعة بحجة أنه وزعها على معارض الكتاب في عواصم عربية ولا أعاد لي بعض ثمنها. وفي ما بعد لم يعد هناك أي معنى للمطالبة بحقوقي في بلد احتجز مدخراتنا في البنوك ووضع شروطه ليعطينا مصروفنا اليومي ووضع قيوداً تعجيزية لاجتياز حدوده.

ذكر سومر شحادة أحد الأدباء الشباب في صفحته على “فيسبوك”: “في اليوم العالمي للكتاب، نتمنى على السماء بعد انتهاء حلول الأرض أن يتاح للكاتب السوري، بصورة عامة، العيش مع كتابه في بلد واحد. بالتأكيد لا يكتب المرء لجمهور خاص دون آخر لكن هذه التجربة البسيطة في أرجاء المعمورة كافة ليست متاحة لكثيرين منهم”.

ولا أدري إذا كان هذا جزءاً من حقوق الكاتب أو حقوق المواطنة أصلاً. فنحن بالأصل لا نعرف حقوقنا. ويتبادل الكتاب اتّهامات بسرقة نصوص في حدود لا تتعدى صفحات التواصل الاجتماعي، فلا أحد يملك القدرة على تحمّل نفقات القضاء أو مزاجية عدالته وقوانينه.

وليس من المستغرب أن يتبادل كتاب الدراما الاتهامات باللصوصية أيضاً. فما من حقوق واضحة للكتاب والمفكرين في البلدين الشقيقين.

ولاستكمال صورة الحياة الثقافية المزدهرة هذه الأيام في دمشق، وبدلاً من الاحتفاء برمز لم يعد له مثيل في زماننا هذا، يتعرّض الشاعر السوري أدونيس للنقد اللاذع من طرفين متناقضين بمناسبة تكريمه في مهرجان هوميروس في مدينة إزمير التركية. 

شبّه المعارضون خطاب أدونيس الأخير في تركيا بأنه بيان سياسي يهاجم فيه الدول الأوروبية والولايات المتحدة في الوقت الذي تجاهل فيه مأساة اللاجئين السوريين في تركيا ولم يشكر الحكومة التركية على الاستضافة. واتهموه بأنه كان يفضّل أن يُقتَل اللاجئون في الداخل. وأنّ كلمته “متخمة بالدجل”. أما المؤيدون فقد انتقدوه لأنه يستلم جائزة من دولة شاركت بالحرب على بلاده وأن تركيا تسعى لإعادة الخلافة العثمانية، الأمر الذي يتعارض مع كل معتقداته وأفكاره.

في المحصلة، وحّد أدونيس رأي السوريين حوله. واتفّق الجميع على أنّه منافق ويحب استلام الجوائز.

يبدو أن الزمان رديء. ونحن بانتظار أن يمضي، نتطلّع إلى المستقبل الثقافي بعين متشائمة. إذا كان مثقّفو الداخل متخاذلين ومثقفو الخارج متخاذلين، فمن يحمل جذوة الثقافة اليوم؟

إقرأوا أيضاً:

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…