fbpx

“المهمشون”: السود في اليمن “السعيد” و… العنصري

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يقدر عدد اليمنيين السود، أو من يُعرفون بـ”المهمشين”، بالملايين، ويسكنون في الغالب في تجمعات على أطراف المدن وفي أجزاء متفرقة في المدن والأرياف، ويعملون في مهن متواضعة ويحول لون بشرتهم دون عملهم بمهن بعينها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم تمنع “الأهوال النفسية والجسدية”، التي عاشها اليمني ذو البشرة السوداء محمود رزق الله بهكلي، من السعي إلى تغيير واقعه من خلال تسخير كل ما أمكنه، بما في ذلك التعليم والعمل الحقوقي والنشاط على المنصات الاجتماعية، لكنه يبقى ضمن نسبة قليلة من ذوي بشرته، الذين يحد مستوى التعليم والأولويات بالبقاء على قيد الحياة، من قدرتهم على الاستفادة من الإعلام الجديد لإيصال صوتهم إلى بقية فئات المجتمع وإلى العالم. 

محمود رزق الله بهكلي

زرق بهلكي بات من بين معدودين من النشطاء اليمنيين السود، الذين تمكنوا من الالتحاق التعليم ومواصلته حتى المستوى الجامعي، وأصبح يشارك في الفعاليات والندوات الافتراضية للتعريف بقضيته التي تمثل واحدة من أبرز التحديات الاجتماعية في حياة اليمنيين، ويقول إنها معاناة عمرها مئات السنين. 

وفي حديثه إلى “درج” يكشف بهلكي عن جانب من حياته لا يختلف كثيراً عن الكثير من اليمنيين السود، ويقول إنه عاش “حياة جهنمية في اليمن بسبب لونه، وعانى أهوالاً نفسية وجسدية ضريبة خروجه إلى الدنيا بهذا اللون الذي ينظر إليه كوصمة عار، تجعل صاحبها مصنفاً في طبقة دونية، وتجبره أن يعيش محكوما بعادات عنصرية جدا لا يستطيع النجاة منها”. 

يقدر عدد اليمنيين السود، أو من يُعرفون بـ”المهمشين”، بالملايين، ويسكنون في الغالب في تجمعات على أطراف المدن وفي أجزاء متفرقة في المدن والأرياف، ويعملون في مهن متواضعة ويحول لون بشرتهم دون عملهم بمهن بعينها، وهي حالة متوارثة تعكس التمييز، وتتعالى أصوات يمنيين تطالب بمعالجتها، إلا أن الظروف التي تعيشها البلاد منذ سنوات، جاءت لتفاقم معاناة مختلف شرائح المجتمع اليمني، بما فيهم السود، الذين باتوا جزءاً لا يتجزأ من النازحين داخلياً. 

من بين هؤلاء يحاول بهلكي بـ”كل ما يتاح له أن يغير هذا الواقع المؤسف”، حيث ينشط في منصات تهتم بقضايا ما يعرف بـ”المهمشين”، بما فيها فيسبوك الذي يقول إنه صار منصة لليمنين للهروب من واقع التعاسة، ومكاناً لتجمع هائل من المواطنين يناقشون فيه قضاياهم السياسية، ويعكسون معاركهم كما يتبادلون فيه المجاملات الاجتماعية”، كما انه من خلاله “يظهر البعض معاناتهم إلى الملأ ليجد التعاطف والسند من الناس المهتمين بقضيته، ووسيلة للتضامن الاجتماعي مع من يستحق، وساحة للرأي العام المؤثر جداً في الوسط اليمني، وينشر البعض ايديولوجيته وقناعاته ليكسب الأنصار والمؤيدين”.

يتابع أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت “حياة كاملة موازية لليمنيين يعيشون فيها كحياتهم الحقيقية. فيها الدين والسياسة والفن والأدب وغيرها من الاهتمامات التي تشغل شرائح الناس، الكل يجد فيها غايته”. لكنه يقول إن “الأذكياء وأصحاب الأهداف سواء المشروعة أو غيرها من اليمنيين يجندون هذه الوسائل لخدمة أهدافهم ولا شك أن الصوت في وسائل التواصل يبلغ مدى لا يستطيع المرء بلوغه بالطرق التقليدية”. 

أسباب متعددة

ويرى بهلكي أن الأسباب التي لا تزال تحدّ من قدرة اليمنيين السود على الاستفادة بشكل أكبر من شبكات التواصل، متعددة. ولعلّ أبرزها “نسبة التعليم المتدنية جداً في أوساطهم لأسباب عنصرية إجتماعية وإقتصادية وإن تواجد الكثير منهم على شبكات التواصل لكن لا يستطيعون التعبير عن معاناتهم لأنهم يفتقدون الآلة التي تعينهم على توصيل رسالتهم كما ينبغي، حتى الذين كرسوا أوقاتهم وجهدهم انتصارا لقضاياهم على وسائل التواصل”، ولهذا السبب “تجد خطابهم ضعيفاً ولغتهم ركيكة ولا يحسنون التعبير عن ما يعانونه، مما ينعكس سلبا على إبراز مظلوميتهم للمتلقي”، كما يقول. 

إلى ذلك، فإن العامل الاقتصادي يلعب دوراً  كبيراً، حيث يقول بهلكي إن “هؤلاء أوضاعهم المادية سيئة جداً، والأعمال الدونية التي يمارسونها لا يكون المقابل فيها كافياً للحاجات الضرورية، فما بالك بترف تملّك أجهزة حديثة أو اشتراكات في الانترنت حتى يكونوا متابعين ومواكبين للتطور الحضاري من أجل الاستفادة منها لنصرة قضاياهم وتعريف الناس بها؟”. كذلك فإن “ضعف القيادة التي تتصدر الدفاع عن حقوقهم، وانشغال كثير منهم بمصالحهم الخاصة، أديا إلى عدم استفادتهم من الكادر البشري الموجود حاليا بتنظيمه وتوجيهه لنصرة قضاياهم.

العنصرية أساس كل علة

تتعدد وجهات النظر في توصيف المعاناة، بين العنصرية الاجتماعية وبين من ينظر إلى وضع اليمنيين السود كحالة عنصرية متوارثة سائدة، أكثر من كونها إرادة داخل المجتمع اليمني، لكن بهلكي يقول إن “العنصرية بالدرجة الأولى هي ما يقصي؛ وكل شيء آخر يساهم في إقصائهم هو نتيجة من نتائج العنصرية، وحتى العادات هي قائمة على أساس عنصري بحت، جعل العنصرية مقبولة قانوناً، بحيث يصعب جداً التخلص منها ومعالجتها”.

أما الوسط الحقوقي والإعلامي، فهو حافل بالأسماء الفاعلة من السود، لأن مجال عمل الحقوقيين هو هذا الميدان، ولا يمكن أن يتخذوا طريقاً غير هذا الطريق، والإعلام كذلك لا يمكن أن يظهر إلى العلن ليعترف بعنصرية المجتمع”، كما أن “الأسماء الفاعلة هي من وضعت لنفسها مكانة برفع صوتها عالياً، وإظهار معاناتها إلى العلن، وإلا قضيتنا صار لها مئات السنين ولا أحد يلتفت لها ولا يجعلها في قائمة أولوياته خصوصا الساسة ومن لهم صوت مسموع في البلد”. 

ظلم جماعي يجب أن يُرفع

خلال حديثه إلى ـ”درج”، يوجّه بهلكي رسالة إلى اليمنيين عامة مفادها أن “هذا الذي يحصل ظلم جماعي ومعاناة إنسانية كبيرة تعاني منها شريحة واسعة من شرائح مجتمعكم، ينبغي أن يكون هناك توجه جماعي لرفع هذا الظلم والتعسف غير المبرر”، كما يؤكد على أنه “ينبغي نشر الوعي بعدم إنسانية المعاملة العنصرية للطبقات الضعيفة، ويجب المساهمة الفاعلة في انتشال هؤلاء من واقعهم المرير ومساعدتهم على تجاوزه”. 

أما الرسالة التي يخاطب بها الشباب من ذوي بشرته، فيلخصها في أربعة نقاط، تبدأ بـ”الاهتمام بالتطوير الذاتي بالتعليم لأنه أهم الأسباب التي تفرض على المجتمع احترامك وحفظ مكانتك”، وكذا “عدم الرضوخ للواقع والسعي الدؤوب للنهوض من هذا المستنقع”، بالإضافة إلى “الاستفادة من هذا الفضاء المفتوح (إشارة إلى شبكات التواصل) لتعريف الداخل والخارج بالمعاناة التي يعاني منها مئات الألوف من البشر”، وأخيراً الدعوة إلى “توحيد الصف والعمل الجماعي لمحاربة العنصرية والسعي لحياة أحسن مما هي عليه الآن”.

إقرأوا أيضاً: