fbpx

معسكرات الحوثي لتدريب الأطفال… قتلى وقتلة قادمون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كان الأطفال يرفعون أيديهم بالتحية النازية، وأمامهم يقف القيادي الحوثي محمد البخيتي مع سلاحه الكلاشنيكوف، كان يستعرض مدى نجاح تدريب هؤلاء الصغار، في معمعة تسمى “المعسكرات الصيفية”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“اللهم إنا نتولاك

ونتولى رسولك

ونتولى الإمام علي

ونتولى أعلام الهدى أولياءه

عهدا منا بالولاء والوفاء

لقائد مسيرتنا القرآنية 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي”.

تباهى حوثيون بنشر عشرات التسجيلات المصورة لعمليات تجنيد الأطفال وهم يرددون هذه التحية.

أحد هذه الفيديوات تم تصويره في ملعب رياضي، ويبدو أنه في محافظة ذمار المجاورة لصنعاء.

كان الأطفال يرفعون أيديهم بالتحية النازية، وأمامهم يقف القيادي الحوثي محمد البخيتي مع سلاحه الكلاشنيكوف، كان يستعرض مدى نجاح تدريب هؤلاء الصغار، في معمعة تسمى “المعسكرات الصيفية”.

يؤدون مراسيم الطابور بكلمة “جند الله” بعد تلقي أمر قائد المجموعة، وكلمة أخرى استعصى فهمها.

انتشرت التسجيلات المصورة لعمليات التجنيد في معظم المحافظات التي يسيطر عليها الحوثي، منها صنعاء وحجة وذمار وعمران وغيرها.

‏يقول القيادي الحوثي حسين العزي إن المعسكرات الصيفية التحق بها أكثر من 620 ألف طفل، فيما كان الهدف المطلوب نصف مليون، وبلا أي خجل أو خشية ينشرون تلك التسجيلات والصور لمخرجات تلك المعسكرات.

طلاب يرتدون الملابس العسكرية بألوانها المختلفة، من جيش وأمن وغيرها، ولواصق لشعار الحوثيين، والصرخة الحوثية، والقسم الحوثي بتفاصيله الطائفية.

كنا في السابق نبحث في التقارير الدولية وتقارير المنظمات عن قصة تجنيد الأطفال، وعن الأرقام المرتبطة بها، وكان الامتعاض سيد الموقف، لأننا ندرك أن التقارير لاتنقل الحجم الحقيقي للكارثة.

مرت سنوات، ولم يعد أحد بحاجة إلى التقارير، وتخصص صحافيون في مشاهدة قناة “المسيرة” الحوثية، ووسائل إعلامهم، ليحصوا عدد الجنائز، وصور الأطفال في إطارات خضر موشاة بالشعار الحوثي، واسم الطفل الضحية في الأسفل، والجبهة التي قتل فيها وتاريخ مقتله.

اعتاد اليمنيون هذه المشاهد… أطفال كثر ذهبوا إلى أماكن يفترض أنها معسكرات صيفية لتعليم القرآن كما قيل لذويهم، لكن العملية مرتبة بشكل أكثر رعباً، فالأطفال في معظم المراكز ينقطعون عن الأهالي تماماً، ولا يسمح لهم بالزيارة، طوال فترة المعسكر، ومنهم من يخرج إلى منزله، ومنهم من يغادر إلى الجبهات مكرهاً أو مغسول الدماغ.

يختفي الكثير الأطفال، منهم من يعود بتابوت إذا عثر على جثته في جبهة ما، بينما تختفي جثث كثيرة في الجبال والشعاب في مناطق المواجهات، ويرجع آخرون بعاهات نفسية وجسدية، ومنهم من ارتكب جرائم بحق والديه، ومنهم من قتل أبويه، لأسباب متعلقة برأي آبائهم في الحوثي مثلاً.

جريمة جر الأطفال إلى معسكرات التدريب الحوثية كارثة ممتدة، إذ ما زالت القنبلة الأولى تنشطر كوارث منذ التسعينات، حين بدأت عمليات التجنيد السرية في صعدة، وأصبح الأطفال الذين دخلوا تلك المعسكرات قادة اليوم في صفوف الجماعة، بينما أصبح الأطفال الذين تم تجنيدهم في بداية الحروب الست جنوداً وجثثاً وصوراً منسية على جدران بيوت أهاليهم.

إقرأوا أيضاً:

حارب الحوثي المدارس الدينية الأخرى، بحجة أن مخرجاتها إرهابية، وفرض مدارس من صنف واحد بدءاً بصعدة وهي معقله الأساسي، ورفض بقاء معهد دماج ذي الصبغة السلفية، وأخرجهم من هناك إلى صنعاء باتفاق سياسي، ثم بدأ بتفجير مدارس تحفيظ القرآن في كل المناطق، وساهمت منظمات دولية وأممية في طبع منهج مدرسي مشوه، وانطلق هو بكل جهد لإلغاء أي فكر آخر في المدارس التي تقع في مناطق احتلاله.

يتبنى الحوثي سياسة إغراق البلاد بالجهل، وقد عين شقيقه يحيى، وهو شبه أمي ولم يتلق سوى بعض الدروس في الحوزات الدينية، وزيراً للتربية والتعليم، وفي عهده قتل أكثر من 1500 معلم بحسب تقارير نقابة المعلمين، بينما تم تجريف المنهج الدراسي وتحويله إلى منشورات طائفية وسياسية، وصور حسين الحوثي منتشرة في المناهج، وسط تاريخ جديد يتم تلقينه لهؤلاء، وإلغاء ما يتعلق بثورة 1962 التي أتت بالنظام الجمهوري، واعتماد الرؤى والفتاوى الدينية الطائفية في المناهج الدينية.

يظهر الوزير يحيى الحوثي في خطاب له بمناسبة ذكرى عاشوراء يتحدث عن أهمية ذكرى “استشهاد” الحسين لما تحمله من تجسيد للصراع بين الحق والباطل.

ويظهر قريبه محمد علي الحوثي ليقضي على البقية الباقية من التعليم، ليقرر وضع “رؤية” لإلغاء المناهج الدراسية للصفوف من الأول وحتى الرابع الابتدائي، داعياً إلى إصدار قرار قراءة القرآن الكريم فقط وذلك بدءاً من العام المقبل، منادياً باعتماد خمس آيات من القرآن يومياً.

قراءة القرآن لدى الحوثي تعني تدريس المنهج الديني الطائفي الذي سيخلق جيلاً متشبعاً بالكراهية للآخرين، ولقتلة الحسين، وبالتأكيد لا أحد قتل الحسين غير المخالفين للجماعة الحوثية، وهذا يعني أننا جميعاً قتلة.

كلما حاول اليمنيون الوصول إلى أي منفذ ضوء، تفتح أبواب جحيم لم يحسب لها هذا الشعب حساباً طوال نصف قرن من عهد الثورة التي كانت قد أغلقت هذا الفكر، وقبلها كان الواقع مروياً في بيتين للشاعر محمد محمود الزبيري:

ماذا دهى قحطان في لحظاتهمِ

بؤسٌ، وفي كلماتهم آلامُ؟

جهلٌ وأمراضٌ وظلمٌ فادحٌ

ومخافةٌ، ومجاعةٌ، وإمامُ؟

واليوم يتباهى هؤلاء بصور القتلى المرتقبين، وتُجهز لهم المقابر المزينة، ويتفقدها رئيسهم مهدي المشاط، فمن كان محظوظاً سيجد له قبراً، أما البقية فستصبح جثثهم عشاء للضواري في الجبال كمن سبقوهم.

إقرأوا أيضاً: