fbpx

 الرهان على الياس جرادة:
استدراج الرمل والنعام إلى السياسة اللبنانية   

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إنها المتاهة التي لا تزال تتحكم باليسار الممانع، ويدخلها الياس جرادة راهناً كنائب يريد التغيير بدون ملاحظة أثر المقاومة في تثبيت منظومة الفساد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 ليست خيبة الخائبين به على سوية واحدة. ولن تطول لغة المدائح الآنية فيه من خصومه السياسيين. وبين هذه وتلك هناك من يباشر نيابته عن الأمة بهذا الالتباس المعلن. إنه الياس جرادة.

      الخائبون، وهم خصوم الممانعة، لم يهضموا “نكستين” من نائب مرجعيون. زيارة (ولو مهنية!) إلى سوريا في ظل حكم بشار الأسد، ومطالبته بمضاعفة مسيرات “حزب الله” فوق حقل كاريش في حديثه إلى قناة “الجديد”. وللمرء أن يتصور حجم الخيبة في نفوس خصوم الممانعة من شخص أقام تماساً مع الأخيرة من نقطتين تشكلان عصب هذه الخصومة.

   وخيبة كهذه، إن صحَّت، يفترض أن وزرها يقع أولاً على أصحابها. فالنائب جرادة لم يأت من العدم إلى السياسة، أو كمن قدم نفسه لناخبيه مرتدياً “طاقية” الإخفاء. وحين يكون الخائبون “صناع رأي”، أو نخبويين تغييريين، فالوزر والحال يليق بهم، وهم من محضوا الرجل أمام الرأي العام الجنوبي تحديداً، صورة مثالية حين حاولوا الابتعاد من السياسة التي كانت كفيلة بتخفيف منسوب خيبتهم به.

   كان الياس جرادة على تماس سياسي مع “الحزب الشيوعي اللبناني”، كما الأخير في موقفه منه ترشيحاً واقتراعاً، وهما المعيارين اللذان أفضيا إلى مواقفه راهناً، وهو اقتراب كانت دلائله نصب أعين الخائبين. فهو غالباً رديف الشيوعي الممانع دون أن يكون حزبياً، والركون إلى مواقف “الحزب الشيوعي اللبناني” من سوريا ونظامها، ومن “مقاومة” حزب الله، تفترض بالضرورة أننا أمام خيبة ناجزة مُسبقاً، وأن محاولة مواراتها في لحظة انتخابية مشحونة بالحماسة الضد- سلطوي، هو على الأرجح استدراج الرمل والنعام إلى السياسة.

وعلى نقيض خصوم الممانعة المقفلين على خصومتها، يندرج ضمن صنوف الخائبين من هم أقل وطأة بالخيبة. نحن هنا أمام نموذج اقل تكلفاً يباشر خيبة مقننة من موقع رمادي يستنجد برمادية ما يقوله جرادة نفسه.

جرادة يحاول أن يميز بين موقفه “المقاوم”، وموقفه من كل ما ينسحب على ما عداها، وبوضوح هو من يقيم جداراً بين “المقاومة” وأثرها على الواقع الراهن، مع أن الفصل بين الأخيرة وبين “حزب الله” إن بدا متاحاً، فهو غالباً في عقل جرادة  والتماسيين معه، وأكثر بكثير مما هو في عقل “حزب الله” نفسه. 

  لا بأس هنا من استحضار فضائل سُوِّق بها جرادة كمرشح انتخابي. الطبيب الفائض بالإنسانية، والمعتقل في سجون “العدو”، هما الفضيلتان اللتان سادتا في مخاطبة الوعي الجنوبي حوله. ولئن كانت الأولى فضيلة يسهل تسييلها عموماً، فإن الثانية على الأرجح لن تستقر في ذلك الوعي إلا كحضور ضئيل في بيئة متخمة بمفاهيم المقاومة والاعتقال، وقد أعطت رايتها لـ”حزب الله”. المفارقة أن جرادة نفسه، من كلامه في “صار الوقت” إلى حديثه لقناة “الجديد” بدا أيضاً مُستلباً بها.

       الياس جرادة إذاً، وفي موقفه المعلن من مسيّرات “حزب الله ” بالقرب من حقل كاريش، يصل ما يعتقده ماضياً بالراهن والمستقبل، وهو اعتقاد يرفع عنه كلفة خيبة الخائبين به، لكنه يفضي إلى سؤال عما يريد أن يغيره وهو يستعيد في حديثه لـ”الجديد” ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.

   من الشارع، وكمتماه مع الشعب ويأسه وأزماته المعيشية، دخل الياس جرادة إلى مجلس النواب نائباً يرفع تغييراً ليس أقله تهميش المنظومة الحاكمة، إن لم نقل الإطاحة بها على ما يستهوي اليسار من خطاب. بالمقابل، لا يزال “حزب الله” يشكل رافعة انتخابية وسياسية لمعظم أطراف هذه المنظومة المتهافتة شعبياً وسياسياً. هذه المقاربة تفضي بالضرورة إلى أننا أمام خصمين متضادين. جرادة يحاول رتق موقعه بالفصل بين المقاومة و”حزب الله”، وبذلك فإن الأخير يكثف المنظومة الفاسدة بمسلَّمته الدائمة، حماية المقاومة.

   والحال، إنها المتاهة التي لا تزال تتحكم باليسار الممانع، ويدخلها الياس جرادة راهناً كنائب يريد التغيير بدون ملاحظة أثر المقاومة في تثبيت منظومة الفساد.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.