fbpx

“وثائق أوبر”:
الشركة افتتحت زمنها اللبناني بـ”أقوى دعم سياسي”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“المشكلة الرئيسية في بيروت هي أن “العلاقات العامّة” في كثير من الحالات تتضمن “أنت تحكّ ظهري، وأنا أحكّ ظهرك”، (You scratch my back, I scratch yours)”، بحسب الوثائق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نحو خمس سنوات مرّت على مقتل المواطنة البريطانية ريبيكا دايكس، موظفة في السفارة البريطانية في بيروت على يد سائق أجرة طلبته عبر تطبيق “أوبر”. 

يمكث القاتل في السجن وهو محكوم بالإعدام، الّا أنّ المشكلة الأساسيّة في حالة دايكس تكمن في أنّ سجل السائق العدلي لم يكن “نظيفًا” وأنّه كان قد سُجن سابقًا علمًا أنّ تطبيق “أوبر” يطلب سجلًّا عدليًّا جديدًا بشكل سنويّ عبر التطبيق.

ولكن إدارة “أوبر” في لبنان غائبة منذ سنوات عدّة. فعقب إطلاق التطبيق في لبنان عام 2014، كانت الإدارة على تأهّب واستعداد مستمرّ، ودخلت في سراديب السياسة اللبنانيّة وعملت على “التأثير” أو ما يُعرف بالـ Lobbying ولكن “عاللبناني”، كما يظهر واضحًا في وثائق “أوبر”. 

“وثائق أوبر” مشروع استقصائي عابر للحدود يقوده الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ) يستند إلى أكثر من 124 ألف وثيقة مسرّبة (بينها 83 ألف بريد إلكتروني) من الفترة بين 2013 و2017، حصلت عليها جريدة “الغارديان” البريطانيّة وشاركتها مع ICIJ وشركائها الإعلاميين من بينهم موقع “درج”. يشارك في المشروع 180 صحافيًّا من 44 مؤسسة إعلامية من 29 دولة. يوثّق المشروع كيف شقّت الشركة طريقها في زواريب السياسة اللبنانيّة لتتمكّن من العمل في لبنان من دون الالتزام الكامل بالقوانين التي ترعى وتنظّم عمل النقل العام. 

استراتيجيّة “أوبر”عاللبناني!

بدأت “أوبر” عملها في لبنان في تمّوز/ يوليو 2014 وكانت بيروت سادس مدينة في الشرق الأوسط للشركة.

تتبع الشركة نهجًا محدّدًا قبل الدخول على أي سوق/ دولة جديدة وذلك من خلال بناء وتوثيق علاقاتها مع جهات نافذة في المجالات المعنيّة بعملها. 

“المشكلة الرئيسية في بيروت هي أن “العلاقات العامّة” (public affairs) في كثير من الحالات تتضمن “أنت تحكّ ظهري، وأنا أحكّ ظهرك”، (You scratch my back, I scratch yours)”، بحسب الوثائق.

“خلال عهد رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، لم تكن هناك وكالات للشؤون العامة بحد ذاتها. كانت منطقة رمادية حيث كانت الاتصالات والقدرة على “شكر” المؤثرين هي الدعامة الأساسية. على الرغم من وجود الكثير من وكالات العلاقات العامة والإعلانات اليوم، أشعر أنه في مجال العلاقات العامّة، لم يتغير شيء يذكر. أحتاج إلى تعيين أشخاص لدعم “أوبر” في هذا المجال في أسرع وقت ممكن..”، بحسب مراسلات “أوبر” مع الشركة الاستشاريّة “فيبرا”. 

وكان الدافع الأساسي لذلك هو اعتراض نقابة أصحاب شركات التاكسي العنيف على عمل “أوبر” في لبنان ورفع الدعاوى عليها ومحاولة إقفالها. 

ذكرت محادثات شركة “أوبر” الداخليّة والتي كشفتها الوثائق المسربة هذه العبارات:

“لم نتوقع أن يصبح الوضع في لبنان فوضوياً بهذه السرعة. من الواضح أن هذا نتيجة التأثير السياسي لسيارات الأجرة في السوق المحلي…”

“سنحتاج إلى أقوى دعم سياسي ممكن، حيث بدأت الشركات المحتكرة لسيارات الأجرة تظهر أنيابها، سواء مع الشرطة أو مع وسائل الإعلام”.

“من الواضح أن هناك بعض العلاقات التي تجعل الشرطة تتحرك أسرع بكثير مما رأيته في تاريخ لبنان”.

“كلانا يعرف كيف يعمل لبنان… كان من السذاجة الاعتقاد بأننا لن نضطر إلى القيام بالانخراط السياسي المرهق؛ لكن، أنا وأنت، كنا نأمل ألّا يأتي ذلك اليوم قريبًا”، بحسب ما أرسل أحدهم في منتصف تشرين الأوّل/ أكتوبر 2014.

علاقات “سياسيّة” عامّة!



تظهر الوثائق أنّ “أوبر” لجأت إلى شركة الاستشارات الدوليّة “فيبرا” FIPRA، التي يتعين عليها تطوير استراتيجيات سياسة عامة لكل مدينة أطلقت أو ستطلق فيها “أوبر”. وكانت شركة “أوبر” تدفع لـ”فيبرا” مبلغًا وقدره 5000 يورو في الشهر لخدماتها في لبنان.

وتكشف الوثائق أيضًا لجوء “أوبر” إلى العمل مع شركة Strategic Communication Consultancy (S2C التي كان يرأسها خبير التواصل المخضرم رمزي نجّار، الذي كان يتمتّع بخبرة تزيد عن 20 عامًا في مجال الإعلام والإعلان في الشرق الأوسط، توفي عام 2020 بعد إصابته بكوفيد. علمًا أنّ شركة S2C كانت قد ساعدت “أوبر” في شقّ طريقها الوعر في لبنان من خلال ترتيب لقاءات لها مع سياسيّين نافذين في لبنان بكلفة 15 ألف دولار في الشهر حسب الوثائق.

سرعان ما بدأ نشاط الـ Lobbying. وبدأ ذلك في لقاء بوزير السياحة السابق ميشال فرعون في 29 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2014. 

تتحدّث الوثائق المسرّبة عن إيجابيّة اللقاء مع ميشال فرعون، فتذكر ما يلي:
“شعر الوزير أنّ: 

“أوبر” مفيدة للبنان والسياحة الّا أنّ وجودنا سيشكّل مشكلة مع نقابة شركات سيارات الأجرة لأنّها “عدوانية وقوية”. 

يمكننا ويجب علينا الاستمرار في العمل ولكن ضمن القانون.

الوزير لا يرغب في تعريض منصبه أو قاعدة ناخبيه للخطر، لذلك يحثنا على العمل في إطار القانون.

ليس هناك مشكلة في استمرارنا في استخدام سيارات الأجرة واستخدام اللوحات الحمراء…

يريدنا أيضًا أن نشرك سيارات الأجرة حيثما كان ذلك ممكنًا لأن وجودنا “سيقضي على شركات سيارات الأجرة” ولكن علينا التأكد من أنّ عملنا يفيد اللبنانيّيين لا المجتمعات الأخرى في لبنان (أي السوريين)”.

لم يرد فرعون حتى لحظة النشر على أسئلة موقع “درج”.
 

وبعد فرعون، التقى فريق “أوبر” أيضًا بوزير الاقتصاد السابق آلان الحكيم وذلك عبر مارون شمّاس، وهو اليوم رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط منذ أواخر 2021.

كما التقى بمحاميَي وزير الأشغال السابق غازي زعيتر: سمير وجان بارودي، الذين برز اسميهما في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت. وبحسب الوثائق، كان الاجتماع إيجابياً بحيث قال المحاميان لفريق “أوبر” إنّهما على استعداد لمساعدة “أوبر” على نطاق أوسع مع الوزراء.
وكان الهدف من لقائهما الوصول إلى الوزير زعيتر، خصوصًا بعدما توعّد الأخير بإقفال شركة “أوبر” في لبنان. وذكرت الوثائق أنّ ابن الوزير زعيتر(وهو محام أيضاً) سيحضر الاجتماع ولكن لم يسعنا التأكّد من مشاركته وذلك في كانون الأوّل/ ديسمبر 2014.

هذا بالإضافة إلى لقاء فريق “أوبر” مع النائب السابق روبير فاضل في الشهر نفسه، وكان الأخير داعمًا لأوبر بشكلٍ كبير، وفقًا للوثائق الداخليّة التي تضمّنت خلاصة لاجتماع فريق “أوبر” مع فاضل الّا أنّ الأخير، في ردّه على رسالة “درج” قال إنّه “ربما حصل خطأ لأنني لم أشارك مطلقًا في أنشطة “أوبر” في لبنان. ربما تم توجيه هذا البريد الإلكتروني إلى شخص آخر. عذرًا، لم أستطع تقديم أي مساعدة، لكنني حقًا لا أعرف الكثير عن أوبر لبنان ولم أستخدمها أبدًا في لبنان، بينما أستخدمها دائمًا في الخارج”.


ومن هنا يظهر بوضوح كيف تستخدم “أوبر” الـ Lobbying لتوظيف النافذين، بطريقة غير مباشرة، لخدمة مصالحها. وهذا ليس مخالفًا للقانون بحد ذاته، لكنّه جزء لا يتجزّأ من أساليب الشركة للتحايل على القوانين المحليّة. وكان مدير عام “أوبر” في لبنان في هذا الوقت اللبناني سيباستيان واكيم (من حزيران/ يونيو 2014 حتى نيسان/ أبريل 2017) ولم يرد واكيم على أسئلة “درج” حتى لحظة النشر.

من جهة أخرى، يبدو أن أوبر قد استثمرت بكثافة في علاقتها مع وسائل الإعلام والشخصيّات العامّة، فاستعانت شركة “أوبر” في لبنان باثنين من المشاهير والمؤثرين في لبنان وهما بيار ربّاط، مقدّم برامج على قناة الـ MTV، والممثّلة دانييلا رحمة، وفقًا للـ Executive Magazine. ونشرت إعلاناً في مجلة طيران الشرق الأوسط على متن الطائرة وقامت “أوبر” بشراكة مع BLOM Bank لتسهيل عمليّات الدفع.

من حفل اطلاق أوبر في لبنان عام 2018

إدارة الشركة في لبنان:

“أوبر” مسجّلة في لبنان كشركة محدودة المسؤوليّة ش.م.م تدعى Uber Lebanon   S.A.R.L تحت رقم 1018606.

تاريخ تسجيلها في 7 تمّوز/ يوليو 2014 وفي سجلّها التجاري أسماء كلّ من:

شركة “أوبر” انترناشيونال BV وشركة “أوبر” انترناشيونال هولدينغ BV

ترافيس كالانيك: المؤسس ورئيس مجلس الإدارة السابق للشركة.

شكري روبير الخوري: محامي لبناني، يرتبط مع أبناء الرئيس التنفيذي لبنك عودة، سمير حنّا: ابنه وليد (عبر شركة Trinec Fusion Holding SAL) وابنه سامر (عبر شركة Claims Express CE SAL Holding)

أنطوني الخوري المدير العام الإقليمي لشركة أوبر لمنطقة الشرق الأوسط بين كانون الثاني/ يناير 2017 وأيّار/ مايو 2019. لم يرد الخوري على أسئلة “درج” حتى لحظة النشر.

وفي مقابلة لموقع “درج”، قال رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري، بسّام طليس، أنّه لم يلتقِ أحدًا من شركة “أوبر” وأنّها لم ولا تمتثل إلى القوانين اللبنانيّة المنظّمة للنقل العام سائلًا “أين هي رخصة عملها؟” 


النقد لـ “أوبر” 

وزير الداخليّة السابق نهاد المشنوق، تكلّم صراحةً وعلانية ضد أوبر وطلب من اللبنانيين استخدام سيارات الأجرة بدلاً من استخدام التطبيق وذلك بعد مقتل البريطانية ريبيكا دايكس (2017). وقال “أحث كل اللبنانيين على عدم استخدام وسيلة (النقل) هذه لأننا لا نعتبرها آمنة.. التعامل مع أوبر محفوف بالمخاطر ومن الأفضل أن نعود إلى الطرق التقليدية”. 

بينما وعد وزير الأشغال السابق غازي زعيتر عام 2014 بإقفال “أوبر”. ومن جهته، حذّر نقيب أصحاب شركات التاكسي في لبنان شارل أبو حرب من استخدام تطبيقي “كريم” و”أوبر” لان “هاتين الشركتين هما شركتان غير مرخصتين ويستعملون سيارات خصوصية غير مسجلة بالدوائر الرسمية وفي بعض الأحيان لوحاتها مزورة والسائقون في غالبيتهم غير لبنانيين”، داعيًا إلى “أخذ الحيطة والحذر من مثل هذه الشركات”، بحسب تصريح سابق له بعد قتل دايكس.

أمّا في مقابلة لموقع “درج” فقال شارل أبو حرب بخصوص “أوبر”: “لاي بدنا نحيي الموتى؟ أوبر بلبنان خلص من زمان! الموضوع خلص بالنسبة النا”، الّا أنّ بخلاف ما قاله بو حرب، “أوبر” كتطبيق ما زال فاعلًا في لبنان والكثير من اللبنانيّين ما  زالوا يستخدمونه، إلى درجة أنّه في أيلول/ سبتمبر 2019، نظّم عمال النقل العام وسائقو سيارات الأجرة مظاهرة احتجاجًا على تطبيقات النقل المشترك في بيروت.

من جانبه، أكّد فريق “أوبر” في الشرق الأوسط، في ردّه على موقع “درج” أنه “كانت السلامة ولا تزال دائمًا أولوية قصوى بالنسبة لنا، وقد استثمرنا بكثافة على مر السنين في التكنولوجيا للمساعدة في الحفاظ على سلامة السائقين والركاب. نعمل باستمرار مع الخبراء والمنظمين لتعزيز سلامة منصتنا في كل مكان نعمل فيه، بما في ذلك لبنان”.

وأضاف: “يجب أن يكون لدى جميع السائقين الذين يستخدمون منصتنا في لبنان تراخيص تجارية، والتي تتطلب فحوصات حكومية من أجل إصدارها. بالتوازي مع ذلك، نقوم بإجراء فحوصات الخلفية الخاصة بنا كجزء من عملية الإعداد لدينا. لقد أضفنا أيضًا عمليات إضافية للسائقين الحاليين، والتي تتطلب منهم تقديم فحص تكميلي للخلفية يتم إجراؤه بواسطة قوى الأمن الداخلي (ISF) مرتين على الأقل في السنة… في وقت حادثة ريبيكا دايكس المدمرة، عملنا عن كثب مع السلطات للمساعدة في التحقيق”.

دعاوى ضد “أوبر”

قانونيًّا، استشارت “أوبر” مكاتب محاماة عدّة فور دخولها إلى السوق المحلي وكانت مشكلتها الرئيسيّة في سيارات الأجرة.

وبحسب مقال على موقع جريدة “النّهار”، قال نقيب أصحاب شركات التاكسي شارل أبو حرب وهو أيضًا صاحب شركة Charlie Taxi، أنّ “الشركة [أوبر] تعمل بشكل مخالف لقانون النقل اللبناني، فالقانون فرض على اصحاب المكاتب حصولهم على 10 لوحات عمومية وتسجيل 5 موظفين في الضمان على الأقل، فيما شركة أوبر لا تملك حتى رقم هاتف للتواصل معها، مؤكداً أن نقابة أصحاب شركات التاكسي في لبنان كانت تقدمت بشكويين ضد الشركة، الأولى جزائية والثانية عند قاضي الأمور المستعجلة”، مطالبًا بإقفال الشركة المخالفة للقانون. الّا أنّ قاضي العجلة اعتبر الملف ليس من اختصاصه أمّا القاضي الجزائي فحفظ الدعوى إذ إنّ “أوبر” هي “واسطة” أو تطبيق للنقل وليست شركة نقل بذات نفسها، الأمر الذي اعتبره أبو حرب “بدعة، ولا يوجد في لبنان أي قانون ينظم وساطة النقل”.

فيما تذكر دراسة في جامعة بيروت العربية في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2018: “تستمر شركة أوبر في العمل دون التراخيص المطلوبة، مما يجعل نشاطها غير قانوني في لبنان ويؤدي إلى قدر معين من عدم الأمان للركاب. لذلك، فإن المشرعين اللبنانيين مدعوون إلى اعتماد إطار قانوني مناسب لخدمة النقل التي توفرها التطبيقات، أو لتكييف القواعد الحالية مع النقل البري للركاب بعد دمج التقنيات الجديدة”.

أمّا مكتب “أوبر” في الشرق الأوسط، فقال لموقع “درج” إن “أوبر تلتزم بالامتثال لقوانين وأنظمة الضرائب أينما تعمل، بما في ذلك لبنان… تم تأسيس أوبر لبنان بما يتوافق مع القوانين اللبنانية المعمول بها. لم تتحالف أوبر أبدًا ولم تكن لدينا أي نية على الإطلاق للانحياز إلى أي حزب سياسي في لبنان. كما هو معتاد بالنسبة للشركات أينما كانت تعمل، لدينا دعاوى قضائية في المحاكم اللبنانية. تجدر الإشارة إلى أن القضايا المرفوعة ضد شركة أوبر في لبنان يتم رفعها والتقاضي بشأنها وفقًا للقوانين اللبنانية المعمول بها”.

أين اختفى مكتب “أوبر” في بيروت؟



بعد أن افتتحت شركة أوبر مكتبها في بيروت، دعت الشركة الإعلام إلى “Open Media Day” (أي يوم مفتوح للإعلام) في آذار عام 2018، وذلك في محاولة للتسويق لنفسها ولعملها من جهة ولإظهار أنها ملتزمة نسبياً بالقوانين من ناحية وجود مكتب لها.

الّا أنّ هذا المكتب سرعان ما “اختفى” أو أُقفل، إذ يصف مقال لجريدة النهار في نهاية الـ 2017 الوصول إلى مكاتب شركة “أوبر” في لبنان كـ “البحث عن “إبرة في كومة قش”، فلا رقم هاتفياً للشركة على الموقع الخاص بها، وفي حال طلبت أي رقم من زبائن “أوبر” للشركة، فالجواب يكون “ما منعرف شي، منطلب أونلاين”، وتأتي السيارة خلال دقائق. وبعد محاولات عديدة وصلنا إلى مكاتب الشركة وسط بيروت بالقرب من وزارة المالية. صالة فارغة، شاب وفتاة داخل المكتب الخالي حتى من الأثاث، باستثناء بعض الكراسي وقارورة مياه… غرف داخلية يخرج منها شاب عرّف عن نفسه بأنه المسؤول في الفترة المسائية. حاولنا الاستفهام عن بعض القضايا، رفض التعليق، محولاً الأسئلة إلى مكاتب الشركة في دبي، مؤكداً أن لا أرقام هاتفية للشركة، وهي تعمل عبر تطبيق الهاتف فقط”.

كما تشير الدراسة المذكورة سابقًا إلى أنّه في زيارة لمكتب “أوبر”، وجد الباحثون أنه فارغ، بدون أثاث مكتبي أو موظفين، “ممّا يعني أن هذه المباني كانت تستخدم فقط لإنجاز الإجراءات المطلوبة لتأسيس الشركة”.

لم يرّد أوّل مدير عام “لأوبر” في لبنان، سيباستيان واكيم، على أسئلة “درج”.

اليوم ليس لدى الشركة أي مكتب في بيروت، لا بل إن سائقي “أوبر” يقولون إنّه ما من سبل للتواصل بينهم وبين الشركة سوى عبر التطبيق وأنّ التواصل محدود جداً.

أمّا فريق الشركة في الشرق الأوسط فقال لموقع “درج”: “تم تأسيس مكتبنا في لبنان لتقديم الدعم الشخصي للسائقين. خلال جائحة Covid-19، أغلقت أوبر مؤقتًا جميع مراكز الدعم التابعة لها على مستوى العالم. في الأسواق التي لم يعد فيها الدعم الشخصي مطلوبًا، توقفنا عن استخدام المراكز على الأرض مع الاستمرار في دعم السائقين عن بعد – أحدها كان مركز لبنان”.


“أوبر” في لبنان اليوم:



تحدّث بسام طليس في مقابلة مع “درج” عن تحدّيات القطاع الكبيرة اليوم بما فيها غياب دعم الدولة للقطاع والأسعار الخياليّة للمحروقات بالإضافة إلى قطع السيارات وكلها بالدولار أو على سعر صرف السوق السوداء وبالتالي لم يعد هناك تسعيرة موحّدة ملزمة.

من جهتهم، يتذمّر سائقو “أوبر” في لبنان من أن الشركة تأخذ من السائق 25% من قيمة كل رحلة علماً أنّها لا تساهم في كلفة المحروقات أو التصليح التي باتت أسعارها خياليّة في لبنان. بعد الأزمة الاقتصادية اللبنانية، حاول السائقون التواصل مع الشركة من دون جدوى، كما قال أحدهم لموقع “درج”. 


في آذار 2022، أرسلت شركة “أوبر” رسالة إلكترونية إلى زبائنها تحدد فيها التعرفة الجديدة، وجاء فيها: “في ضوء ارتفاع أسعار الوقود، قمنا بمراجعة الأجرة الموصى بها لمساعدة السائقين على الاستمرار في تحقيق أرباح مستدامة بينما يمكن لآلاف الركاب الاستمرار في التنقل حول المدن بتكلفة معقولة”.

يقول معنيون في “أوبر” لـ”درج”: “كان السائقون وسيظلون دائماً جزءاً مهماً للغاية في “أوبر”، وسنواصل البحث عن المزيد من الطرق لضمان أن “أوبر” هي أفضل منصة لتحقيق أرباح مرنة في الشرق الأوسط وجميع أنحاء العالم. يتمتع السائقون الذين يستخدمون شركتنا في لبنان بإمكانية الوصول إلى فرص الطلب والأرباح، وأكثر من 20 ميزة أمان داخل التطبيق، ودعم متواصل 24/7، وأكثر من ذلك… لقد عملنا دائمًا بجدّ لتحسين علاقتنا مع السائقين، وابتكرنا لجعل تجربتهم اليومية مع “أوبر” أفضل، والاستماع إلى تعليقاتهم، والدعوة عالميًا إلى مزيد من الفوائد والحماية. لم ينته عملنا، لكننا فخورون بالقول إننا أحد أكبر مصادر فرص الأرباح المرنة في العالم”، وفقًا لردّ فريق الشركة في منطقة الشرق الأوسط”.

قد لا يشكّل هذا الموضوع مفاجأة لللبنانيّين الذين، للأسف، تأقلموا مع قصص الفساد والرشاوي والمحسوبيات وغيرها من الأساليب الملتوية التي قد تحول دون تطبيق القوانين وتوفير الخدمة والحماية اللازمة، الّا أنّه من واجبنا كصحافيين بالدرجة الأولى كمواطنين بالدرجة الثانية أن نسلّط الضوء ونكشف تعامل الشركات الأجنبيّة في دولنا وكيف تعتمد على علاقاتها مع شبكة من النافذين لتحقّق مصالحها ومصالحهم المشتركة، ضاربين عرض الحائط بالقوانين والأمن والمصلحة العامة ومصلحة المواطنين. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!