fbpx

ميليشيا الحوثي و”حزب الله” يحوّلان اليمن إلى بؤرة مخدّرات لدعم “المجهود الحربي” 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

بسبب الوصمة الاجتماعية والخوف على سمعة العائلة، ترفض شرائح واسعة من اليمنيين الحديث عن استخدام أبنائها للمخدرات.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

البلدان التي تعاني من الصراعات والحروب تصبح بيئةً ومرتعًا خصبًا لعصابات التهريب وتجار المخدرات ؛ وبلد كاليمن بحدوده المفتوحة خصوصًا البحرية منها ،ويعيش حربًا أهلية مدمرة منذ سنوات وانهياراً اقتصادياً، وضعفاً في الأجهزة الأمنية؛ من الطبيعي ان تنتعش وتزدهر فيه تجارة المخدرات .

سحر أم مخدر!

بسبب الوصمة الاجتماعية والخوف على سمعة العائلة، ترفض شرائح واسعة من اليمنيين الحديث عن استخدام أبنائها للمخدرات.

حاولت التحدث مع أسرتين لحالتي استخدام تأكدت منهما (فتاة و شاب) لكنهما رفضتا.

شقيقة والدة الشاب هي من أخبرتني بقصته حين التقيت بها صدفة في إحدى الجلسات النسائية بمدينة تعز مشددة على عدم ذكر إسمه أو ما قد يدل إلى هويته أو هوية أسرته. 

هو طالب جامعي مجتهد ، يعمل في متجر لبيع الهواتف النقالة، أواخر العام 2019 لاحظت الأسرة تغيراً في سلوكه وحتى  شكله، يوماً بعد يوم كانت صورة الشاب الوسيم الأنيق، المليء بالحيوية والبهجة  تتلاشى لتحل بدلاً منها صورة شاب بجسد هزيل وثياب مهملة، وهالات سوداء تحيط بعينين انطفأ بريقهما. بدا طاعناً في السن  وهو لم يزل بعد في الثانية والعشرين ربيعا ،عصبي المزاج ودائم الحزن ، يبيت أياماً خارج المنزل، ويخبر والدته انه يذاكر دروسه بمعية أصدقائه.

في غضون أشهر قليلة كانت حالته تزداد سوءًا ، ترك دراسته الجامعية وصار يحمل مسدساً، وهو الذي لم يحمل يوما سلاحًا بحسب مقربين.

ذات ظهيرة افتعل مشكلة مع عائلته، قام بالاعتداء بالضرب علي شقيقيه الصغيرين وسب والدته، ثم غادر المنزل ليعود ليلاً ويقوم برمي قنبلة صوتية على منزلهم ثم يفر هاربًا.

“أحد أصدقائه أكد لنا انه يستخدم المخدرات، حين أتى إلى زوجي يطلب إنقاذ  ابن أختي أردفت “الصاحب ساحب” في اشارة إلى أصدقاء (السوء) ، سألتها ما اسم المخدر الذي يتناوله؟ أجابت: لا أدري!”

مع كل ماحدث للشاب رفضت الأسرة الذهاب به إلى مركز معالجة الإدمان، لأن هذا سوف يؤثر على سمعة العائلة، بل انكرت أن يكون محمد مدمنًا وتزعم إنه “مسحور” وحتى خالته التي أخبرتني انه مدمن تعتقد أن شخصًا ما قام بعمل سحر له! 

ظلّت الأسرة تتنقل بالشاب سراً وبعيداً عن أعين المجتمع بين مشعوذي المدينة ،هذا يكتب لها  كلمات غير مفهومة على أوراقٍ ويطلب منها أن تبلها بالماء وتسقيه إياه أو تقوم بتبخيره بها، وذاك يتلو ما تيسّر من آيات إبطال السحر؛ مذاك الحين وحتى مغادرتي البلد حالة الشاب لم تتحسن !

يقول الدكتور عادل ملهي، مدير مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في تعز: “في العادة ليس المدمن من يأتي إلينا شخصياً، بل والديه يبحثان له عن دواء، من يأتون إلى المركز للعلاج هم بعدد أصابع اليد”. 

ويتابع: “حقيقة نحن في المركز لا نتعاون مع الوالدين لأن هذا عبث غير مجدٍ، فالإدمان علاجه يبدأ من رغبة الشخص نفسه وقناعته بالعلاج ، أما إذا لم تكن لديه رغبة وغير مقتنع بالعلاج، علاجه يصبح صعبًا ، وكل ما نفعله هو تقديم النصح بعزل المريض لديهم في المنزل”.

وعن سبب عدم لجوء الأسر إلى مراكز علاج الإدمان يوضح ملهي “الخوف من الوصمة المجتمعية تمنع المدمن وعائلته من اللجوء إلى مراكز علاج الإدمان”.

يذكر ان مركز علاج الإدمان في المستشفى أعيد افتتاحه قبل عامين.

دعا مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة،  UNODC) ومنظمة الصحة العالمية who) في نسخة 2022 من تقرير “المعايير الدولية لمعالجة الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المخدرات” إلى بذل الجهود من أجل مناهضة الوصم والحد من عبئه، ومنع التمييز الموجه نحو المصابين بهذه الاضطرابات، وشدّدت على أهمية إدماجهم في المجتمع، مع استمرار معالجتهم للتقليل من خطر الانتكاسات.

المخدرات في اليمن “الشبو” أحدثها وأخطرها!

تنتشر في اليمن أنواع مختلفة من المخدرات. بيد أن نوعًا جديدًا دخل البلاد في الآونة الأخيرة  مخدر “الشبو” وهو مخدر خطير يستخرج من مادة “الأمفيتامين” الكيميائية وكان يسمى بــ”المنشط النازي” إبان الحرب العالمية الثانية لأنّ كثيراً من الجنود الألمان كانوا يستخدمونه. لـ”شبو” أسماء أخرى كـ”الآيس والكريستال ميث”. وخطورة هذا المخدر تكمن في سهولة تصنيعه وفي انه يمنح متعاطيه النشاط والسلوك العدواني، وإدمانه “مكفول” من المرة الأولى، وتحت تأثيره تُرتكب أخطر الجرائم من قتل واغتصاب وسرقة.

 إضافة إلى طرق استخدامه السهلة (باستنشاقه أو شربه أو بلعه أو عن طريق الحقن) والمخدر يمكن أن يؤدي إلى الوفاة المفاجئة.

بعض مدمني المخدرات في اليمن لايعلمون كيف ومتى صاروا مدمنين، يوضع لهم المخدر دون علمهم إما في المشروبات ومعسّلات الشيشة أو حتى القات والشمة.

يؤكد إيهاب أحمد علي، نائب مدير مكافحة المخدرات في مدينة عدن وجود مخدر “الشبو”
في اليمن ، يقول”سابقًا كنا نعاني من الحشيش الإيراني والأفغاني والحبوب، الآن ظهرت مادة مخدرة جديدة اسمها “الشبو” تصل إلينا من شرق آسيا وإفريقيا وحتى تهرب أحيانا من مصر والسودان ودول الجوار”. وينبه “هذا مخدر خطير جدًا، مصنع كيميائيًا، يعطي نوع من النشاط، ويدخل في الخلايا العصبية ويدمرها، لابد من التنبه ومواجهة هذا المخدر”؟

وعن أنواع المخدرات المنتشرة في محافظة تعز يقول مدير إدارة مكافحة المخدرات في تعز فؤاد مهيب العامري إن المخدرات الأكثر انتشارًا في المدينة هي الراتنج ( الحشيش) والمؤثرات العقلية كالحبوب سواء كانت مثبطات أو منشطات مثل (الرستل والبرازولام الديازيبام).

النساء والمخدرات 

في مجتمعٍ مازال يرفض الإقرار بإدمان شبابه الذكور، يصبح الحصول على معلومات حول ظاهرة إدمان الفتيات وترويجهن للمخدرات أكثر صعوبة.

يتحدث نائب مدير مكافحة المخدرات في مدينة عدن عن خمس فتيات يقبعن في السجن بتهم ترويج المخدرات، لافتًا إلى أن المهربين يستخدمون النساء في الترويج للمخدرات لأنهن  لا يتعرضن للتفتيش .

يشير العامري من جهته إلى حصولهم في إدارة مكافحة المخدرات في تعز على معلومات تفيد بتعاطي نساء وفتيات المخدرات والترويج لها، غير أنه لم يتم ضبطهن حتى الآن .

“نحن نعاني من مشكلة إدمان النساء على “الترامادول” يعقّب ملهي.

تذكر سعاد علوي رئيسة مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات (مركز مستقل تأسس عام 2013) ان بين الحالات التي وصلت إلى المركز فتيات، شابات في سن المراهقة وحتى الثلاثين، مدمنات على أنواع  من المخدرات كحقن الترامادول، والحشيش ومضادات الاكتئاب، والحوت والقات .

جرائم تحت تأثير المخدرات

حين كانت فتاة في محافظة أبين (جنوب اليمن) تفترش الأرض لتناول وجبة العشاء، لم تكن تعلم انه العشاء الأخير في حياتها؛ حيث أقدم شقيقها وتحت تأثير مخدر”الشبو” على قتلها أواخر أيار/مايو الفائت.

وفي نيسان/ابريل الماضي من هذا العام أقدم شاب على قتل والده في محافظة الضالع تحت تأثير المخدر، وفي الشهر نفسه، أقدم  قيادي حوثي على قتل والدته وشقيقه وجرح شخصين آخرين في عمران شمال اليمن بعد خلاف نشب بين الشقيقين وأفادت مصادر أمنية إن القيادي الحوثي من متعاطي المخدرات. 

تشير التقارير الإعلامية والأمنية إلى ارتفاع معدلات الجريمة المرتبطة بالمخدرات في اليمن.

يقول العامري :”للمخدرات أضرار نفسية وعصبية وعقلية واجتماعية وأسرية وأمنية. هناك جرائم ارتكبت  كالاغتصاب والقتل وجرائم سطو تحت تأثير المخدرات؛ لك أن تتخيلي إن ترتكب جرائم سطو من أجل سيجارة حشيش”.

يحذر ملهي، مدير مستشفى الأمراض النفسية في تعز، من أنّ “المدمن هو قنبلة موقوتة متعددة الأوجه، كثير من الجرائم هي بسبب الإدمان”، ويسأل:”هل سمعتِ عن ذلك الشاب الذي قتل والدته بآلة حادة وهو تحت تأثير المخدر؟”. 

يؤكد نائب مدير ادارة مكافحة المخدرات في عدن أن الكثير من الجرائم التي وقعت في المدينة كالاغتصاب واغتصاب الأطفال والقتل والسرقة والعنف، والانتماء إلى التنظيمات الإرهابية كانت تحت تأثير المخدرات”

 مرضى أم مجرمون؟

الشباب يرزحون تحت وطأة الحرب والفقر والبطالة والإحباط، وأصدقاء السوء، وقيود مجتمع يحاولون التمرد عليه للهروب من هذا الجحيم .

يقترح إيهاب أحمد علي نائب مكافحة المخدرات في عدن إجراء تعديلات في مواد قانون مكافحة المخدرات تلزم  بعلاج وتأهيل المدنين ؛ مشيرا إلى انه قانون جامد : “هناك القانون وهناك روح القانون. متعاطي المخدر في القانون هو شخص مريض، يحتاج إلى العلاج أنا كرجل أمن أتصرف وفق القانون لكن يجب إعطاء المدمن فرصة، ولكي يعطى فرصة يجب إخضاعه للعلاج والرقابة تحت إشراف طبي؛ إذا لم يخضع للعلاج سيعود مجددا للتعاطي وارتكاب الجرائم”.

من جهته، يقول ملهي: “أحيانا يدمن الشاب بدون علمه، الآن هناك عادة لدى الأشخاص الذين لا يخضعون للرقابة في بعض الأعراس يقومون بوضع الحبوب في ترمس الماء، وأيضا في بعض جلسات القات توضع  في علب المشروبات الغازية” .

“قد يبدأ الشاب بتجربة المخدر ثم يصبح مدمناً”، بحسب نائب مدير مكافحة المخدرات في عدن. ومن أسباب الإدمان الظروف الاقتصادية السيئة والتفكك الأسري وعدم مراقبة الأهل لأبنائهم، إضافة إلى ضعف الأمن.

 ترى كثير من الدراسات النفسية والاجتماعية في الإدمان مرضاً نفسياً وأحياناً جسدياً، يحتاج المدمن إلى العلاج النفسي وإعادة تأهيله في مراكز متخصصة.

 في دراسته سيكولوجية تعاطي الأفيون ومشتقاته يؤكد الدكتور سعد المغربي انتكاس حالة المدمن بعد فترات طويلة من الانقطاع والعلاج التام داخل المصحات، بمجرد مواجهته أية مشكلة من مشاكل الحياة. هذا، برأيه، بسبب طريقة العلاج التي تنصبّ فقط على علاج الناحية الفسيولوجية من ظاهرة الإدمان مع إغفال الناحية السيكولوجية او عدم إعطائها الاهتمام الكافي.

اتهامات متبادلة واحصائيات غائبة

لاتوجد إحصائيات رسمية لقضايا المخدرات ويرجع نائب مدير ادارة مكافحة المخدرات في عدن سبب ذلك إلى اختلال الوضع الأمني وتعدد جهات الضبط منذ بداية الحرب على المدينة، وسقوط الدولة في 2015: “كانت كل جهة تقوم بالضبط وتمضي بالإجراءات والإحالة إلى النيابة ، وحتى 2018-2019 بدأت بعض الوحدات تنضبط. ووفقاً لقانون 93م فإن الجهة المخولة بالضبط هي إدارة مكافحة المخدرات وفروعها في محافظات الجمهورية”.

ويشير إلى انه خلال  العام الجاري قامت إدارة مكافحة المخدرات في عدن بالاشتراك مع قوات مكافحة الإرهاب وأمن الموانئ  بضبط شحنة ما يعادل 201 كيلوغراماً من الكوكايين قادمة من البرازيل عبر ميناء العقبة في الأردن ومنها إلى السعودية ثم اليمن.

وعن عدد البلاغات التي وصلت ادارة مكافحة المخدرات في عدن منذ بداية العام 2022، فقد بلغ “13 بلاغاً ، و35 متهماً، وتتنوع القضايا بين مروجي ومهربي ومتعاطي الحبوب والمخدرات”.

ادارة مكافحة المخدرات في تعز أيضا تفتقر إلى الإحصائيات، غير انه خلال عامي 21-22 يقول العامري “تم ضبط حوالي 40 قضية مخدرات وبعض عناصر شبكات ترويج ،عددهم يقارب الـ(10) أشخاص ،وضبطت 2850 من الحبوب المخدرة خلال 2022م وجميع هذه القضايا أحيلت إلى النيابة”.

من جهتها أعلنت مليشيا الحوثي في يونيو2021 عن ضبطها خلال العام 2020، 1246 جريمة تهريب وترويج مخدرات، وبلغ عدد المتورطين 1365 متهماً يمنياً و1470 أجنبياً، وبلغت كمية المخدرات المضبوطة 75 طناً و837 كيلو جرام حشيش مخدر و28 ألف و291 قرصاً مخدراً، و264 أمبولات مخدرة إلى جانب ضبط 588 سيارة وشاحنة و101 دراجة نارية استخدمت لتهريب وترويج المخدرات.

يقول ملهي إن “مركز علاج المدمنين استقبل خلال العام 2021 فقط 12 حالة إدمان، جميعهم من فئة الشباب”.

تفيد سعاد علوي باستقبال المركز منذ بداية هذا العام 3 حالات فقط، ثلاثتهم شباب، اثنان يتعاطيان الحشيش، والثالث يتعاطى حشيش وأدوية الأمراض النفسية.

يتبادل الحوثيون والحكومة (المعترف بها دوليا) الاتهامات بإغراق اليمن بالمخدرات .

مصدر أمني في صنعاء نفى مزاعم جماعة الحوثي بشأن إتلاف المخدرات: “كيف ستتلف جماعة الحوثي المخدرات وهي أحد مصادر تمويل ودعم ما يسمى بــ”المجهود الحربي”؛ ويشير المصدر إلى شبكات تجارة المخدرات تتبعهم وتتزعمها كما يقول قيادات كبيرة في الجماعة ومن عناصر حزب الله اللبناني ومن جنسيات إيرانية وعراقية”.

إضافة إلى أن الحوثيين يعطون مقاتليهم حبوباً مخدرة، خصوصا العقاقير المنشطة.

 يكشف  العامري  فرار كثير من تجار المخدرات ومروجيها إلى مناطق خارج “الحوبان” الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي: “تتبعنا في تعز احد تجار المخدرات، وتم ضبطه، بيَّنت التحقيقات ارتباطه بالحوبان وصنعاء”، ويلفت إلى أن “انقسام المدينة سهّل دخول المخدرات من كل مكان”. وأن “حدودنا مفتوحة ونحن مستهدفون من كل مكان إذا نظرنا إلى المخدرات التي دخلت إلى دول الجوار كان مصدرها مليشيات إيران في لبنان”.

وعمّا إذا كان من بين الملقى القبض عليهم من شبكات تجارة وترويج المخدرات جنسيات غير يمنية ينفي العامري ذلك “جميعهم من الجنسية اليمنية”.

 جريمة عابرة للحدود

مطلع حزيران/يونيو الجاري تصدر خبر ضبط الأجهزة الأمنية بمحافظة المهرة، سفينة إيرانية على ساحل مديرية “حوف ” تحمل على متنها مواد مخدرة يتكون طاقمها من خمسة إيرانيين وباكستاني، عناوين الإعلام اليمني.

وهذه ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن ضبط شحنة مخدرات خصوصا في المهرة. في السنوات الأخيرة تتدفق إلى المحافظة السفن المحملة بالمخدرات وبشكل غير مسبوق. 

في أيَار/مايو المنصرم تمكن الأمن في الغيضة من ضبط  اثنين من تجار مخدرات في عمليتين منفصلتين، وبحوزتهما كميات من الكبتاجون والحشيش والخمور.
كما ضبطت الأجهزة الأمنية في وقت سابق سفينة تهريب على متنها ستة بحارة إيرانيين، وباكستاني، و 730 كلغ من مادة الحشيش الخارجي (رايتنج و 216 كلغ من مخدر  الكريستال).

“هناك جنسيات مثل عناصر حزب الله تتاجر بالكوكايين في اليمن عبر آخرين”، بحسب  نائب مدير ادارة مكافحة المخدرات. 

ويذكر تقرير المخدرات العالمي 2021 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن  275 مليون شخص تعاطوا المخدرات في جميع أنحاء العالم في العام الماضي. 

 وأكثر من 11 مليون شخص يتعاطون المخدرات بالحقن، نصفهم مصابون بالتهاب الكبد- “سي”.

وفي مارس العام المنقضي أحالت السلطات المصرية إلى الجنايات خمسة متهمين بجلب  الهيروين الخام من اليمن بهدف صناعة والاتجار بالمخدرات، منها الحشيش والآيس والهيروين، عبر الحدود المصرية السودانية، ولم يشر الخبر إلى جنسياتهم وما إذا كان بينهم يمنيين، ولا إلى تفاصيل عن مصدر الهيروين أكان من اليمن أم كانت اليمن محطة لإيصال المخدرات إلى دول أخرى.

قوانين صارمة ولكن…

يعاقب قانون مكافحة الاتجار بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية رقم (3) لسنة 1993  بالإعدام أو الحبس 25 سنة لمن يتاجر أو يروج المخدرات، ويحبس المتعاطي خمس سنوات؛ غير أن القانون لم يجرم الحبوب والتي تعتبر فقط ضمن المخالفات في حين الحبوب لا تقل خطورة عن بقية المخدرات، بحسب العامري.

ويحظر القانون على الصيادلة صرف مواد مخدرة للأغراض الطبية وللمستشفيات وللمرضى إلا بتذكرة(وصفة) طبية، وإذا استلزمت حالة المريض زيادة الكمية فعلى الطبيب المعالج أن يطلب بطاقة رخصة بالكميات اللازمة.

تجدر الإشارة هنا إلى أن اليمن من الدولة الموقعة على الاتفاقيات الدولية والعربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية.

لقد تغيرت صورة الإدمان عمّا كانت عليه، كان الإدمان في السابق على مواد مثل “الحشيش” والعقاقير مثل “الديازيبام ” لكن الآن بعد الحرب ظهر إدمان “البيثيدين”، كما يقول ملهي ويحذر من “خطورة هذا الإدمان الذي يكون بواسطة بعض الكوادر الطبية، حيث تبدأ بتخفيف الألم ثم تتحول إلى إدمان”.

ويضيف: “يعطي الطبيب للمريض الجرعة المقررة لتخفيف ألمه، ثم يذهب أقاربه إلى الطبيب مرة أخرى ويصرون على زيادة الجرعة لتخفيف الألم، وهكذا مرة بعد أخرى حتى يصبح مدمنا.

 تابع :حقنة “بيثيدين” كنا في السابق نحصل عليها بصعوبة ،الآن هناك من يأخذ 20 حقنة منها. ومشكلة المخدرات التي تستخدم للأغراض الطبية هي في عدم التنسيق بين الجهات الأمنية ومكتب الصحة والهيئة العليا للأدوية والشركات .

هناك لصوص مهنة، بحسب ملهي، وصيدليات كثيرة ليست في يد متخصصين.

شح الإمكانيات واستغاثة (اليمن تغرق)

لاتوجد  في اليمن مرافق متخصصة بعلاج الإدمان وإعادة تأهيل المدمنين، وحتى المتوفر منها يفتقر لأبسط الإمكانيات، كمركز علاج الإدمان في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في تعز والذي لاتتوفر فيه مختبرات مكتملة، ولا توجد أجهزة سحب عينات، وكل مايفعلوه في المركز هو العزل ومنع الشخص من الحصول على المادة المخدرة.

كان”المركز الوطني لإعادة التأهيل” في عدن عبارة عن شقة صغيرة بأسِّرة قليلة، ومع ذلك بسبب الأوضاع وعدم توفر الدعم أغلق أبوابه أمام المدمنين والمحتاجين للتأهيل والرعاية النفسية.

يعتبر أحمد علي عدم وجود مراكز لعلاج المدمنين وتأهيلهم مشكلة بحد ذاتها، ويدعو إلى ضرورة إنشاء مركز وطني للإدمان، معرباً عن قلقه من أن “اليمن ستغرق، يجب إنقاذ أبنائنا “.

ويناشد الأهالي في ظل غياب الدولة لتأسيس مراكز لعلاج المدمنين.

 المشكلة نفسها تعاني منها ادارة مكافحة المخدرات في تعز، فلا يوجد دعم، ولا دورات تأهيلية وتدريبية لأفراد الإدارة “نعمل وفق الإمكانيات المتاحة”يقول العامري. 

العامري وأحمد علي ينتقدان غياب دور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية في التوعية من مخاطر المخدرات ويقولان إن هذه المؤسسات لا تتعامل بشكل جدي مع قضايا المخدرات.

 وتشكو علوي من ان “المركز لا يستطيع تقديم خدمات بمستوى يتناسب مع احتياجات متعاطي المخدرات”. 

التكنولوجيا والإرهاب والمخدرات

تعد تجارة المخدرات من أهم مصادر دعم وتمويل الجماعات الإرهابية ،ويؤكد تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات الصادر في العام 2017 أن “المخدِّرات لا تزال تمثل مصدرا رئيسيًّا لدخل شبكات الجريمة المنظَّمة ،والعلاقات بين الجريمة المنظَّمة والجماعات الإرهابية تشهد تطوراً دائماً”، ويحذّر التقرير من استغلال المجرمين التكنولوجيا الجديدة في تجارة وبيع المخدرات مثل الشبكة المظلمة  (darknet) التي توفر لمواقع تمارس نشاطات إجرامية، اتصالات مشفرة  ومؤمنة يصعب التجسس عليها ، وفي تقريرها السنوي لعام 2021 قالت الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات “هناك أدلة متزايدة على وجود صلة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتعاطي المخدرات” .

إقرأوا أيضاً: