fbpx

تركيا تبيد النظام البيئي في كُردستان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

صور لغابات طبيعية تحترق، أبقار ميتة (مقتولة) وأخرى ملطخة بالدماء، مشاهد لنفوق خنازير برّية وطيور وسلاحف وأنواع أخرى، تعيد إلى الأذهان نشوب الحرائق والكوارث الطبيعية. إنما هي في الحقيقة آثار إبادة بيئية يمارسها الجيش التُركي في كُردستان العراق.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وثق إعلاميون وسكان محليون ومقاتلون ما يمكن توثيقه وبما يملكونه من الأدوات، آثار حرب قذرة تقودها تُركيا ضد الطبيعة والإنسان معاً، ذلك أن المناطق التي يحتلها الجيش التُركي أو تقع تحت نيرانه المباشرة، أصبحت “مُحَرّمة” حتى على سكانها، ولا تصلها بالتالي وسائل الإعلام المحلية والدولية. قنابل شبه يومية تسقط فوق رؤوس السكان، إن كانوا في بيوتهم أو في مزارعهم وبساتينهم في المناطق الحدودية في محافظتي دهوك وأربيل، ما أدى إلى تهجير أعداد كبيرة من القرى بعمق 40 كيلومتراً داخل الحدود العراقية. إنها الصورة الأوضح للحرب التي تشنها تُركيا على معارضيها (حزب العمال الكُردستاني) في الأراضي العراقية. 

لقد أصبحت الغابات ونظم التنوع الأحيائي والقرى المدنية أهدافاً عسكرية تركية، تحديداً منذ عام 2015 حيث ارتفعت وتيرة عمليات الجيش التركي واحتل المزيد من الأراضي العراقية في إقليم كُردستان، الأمر الذي تسبب بتدمير النظم البيئية وإلحاق أضرار غير مسبوقة بأنواع النبات والحيوان. ويضاف إلى ذلك استهداف السكان المدنيين في القرى الحدودية وإجبارهم عبر استهداف مزارعهم ومصادر عيشهم على ترك مناطقهم. بحسب بيانات تعود إلى منظمة Community Peacemaker Teams  الدولية، أودت عمليات الجيش التركي بحياة 129 مدنياً منذ 2015، عدا جرح نحو 180 آخرين في قرى في إقليم كردستان العراق. كان آخر ضحايا هذه الحرب خمسة مدنيين بينهم ثلاثة أطفال وإصابة 15 شخص في القرى الحدودية بمحافظة دهوك، وذلك وفق تقرير جديد للمنظمة المذكورة يغطي آثار العمليات العسكرية المسماة (مخلب-قفل) في الفترة الممتدة بين 21 أيار/ مايو حتى 21 حزيران/ يونيو 2022.

تظهر الصور مدى الدمار الذي خلفته الحرب التُركية والأضرار التي تلحقها بقرى ومناطق طبيعية تُعد غنية من ناحية الزراعة والمراعي والتنوع الأحيائي، وتحوي أنواعاً نادرة من الأشجار والغابات الطبيعية، بخاصة أشجار البلوط التي تتميز بها جبال كُردستان. ولم يتوقف التوغل التُركي في عمق الأراضي العراقية على القصف والتدمير العشوائي للنظم البيئية والقرى الحدودية، بل تحول الى إبادة بيئية مُمَنهجة تستهدف كل ما هو حي. وقامت القوات التُركية في هذا السياق بقطع أعداد هائلة من أشجار المناطق المحتلة ونقلها عبر وكلاء أتراك ومرتزقة داخليين الى أسواق الخشب التركية.، بعد فتح ثلاث طرق من تُركيا إلى عمق الأراضي العراقية عام 2018، ودون علم السلطات العراقية بذلك. 

واكتفت وزارتا الزراعة في حكومة بغداد الاتحادية وحكومة إقليم كُردستان عام 2021 ببيان مشترك، وصفتا فيه عمليات قطع أشجار كُردستان بأنها غير حضارية وعدوانية وضد الإنسانية والطبيعة وبيئة المنطقة والعالم.

إن نم هذا التدمير البيئي الذي تمارسه تُركيا بحق النظم الأيكولوجية في كُردستان العراق، عن شيء، إنما ينم عن سياسات الإبادة البيئية، التي تريد تركيا من ورائها، القضاء التام على النظام البيئي ومصادر عيش المجتمعات المحلية الكُردية التي لا تعترف بهويتها ووجود أرض اسمها كُردستان. كما يمكن القول إن الهدف من تخريب طبيعة كُردستان التي تعتبر المصدر الأهم للموارد المائية المحلية في العراق في فصل ذوبان الثلوج، هو تحويل جبال خضراء تتميز بنظام بيئي خلاق الى جبال جرداء واجبار السكان المحليين على ترك قراهم بعد القضاء على مصادر عيشهم. ويضاف إلى ذلك، هدف آخر هو القضاء على نظام طبيعي يعتبر المُبرّد الأهم للمنطقة، بسبب كثرة الغطاء النباتي، ناهيك بأنها الحامية الطبيعية الوحيدة للتنوع الأحيائي، في ظل ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق في تاريخ المنطقة والعالم. 

يذكر أن جبال كُردستان تعد موئلاً غنياً لأنواع من النبات والحيوان، وموطناً مهماً لأنواع كثيرة من الطيور المهاجرة والمقيمة. 

إقرأوا أيضاً: