fbpx

300 مليون دولار شهرياً… نصف السوريين يعيشون من الحوالات الخارجية

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هناك سؤال جديّ يطرح نفسه: إذا كان نصف السوريين يعيشون بفضل الحوالات الخارجية فماذا تقدم حكومة النظام السوري لشعبها بالضبط؟!

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“أنتظرُ حوالة ابنتي من الخارج في بداية كلّ شهر، ليس بمقدوري شراء الفواكه واللحوم أو أي سلع غالية أخرى لولا ما ترسله لي”، هكذا تختصر السيدة فاطمة (65 سنة) حال معظم السوريين اليوم، لولا “اليوروهات”، كما تسميها، والتي تصلها من ابنتها في ألمانيا، لكانت دخلت كما آلاف العائلات في مجاعة حقيقية. 

باتت الحوالات طوق نجاة السوريين الذين يعيشون على الخط الفاصل بين الجوع والشبع، ليس في العيد فقط إنما في كلّ يوم عادي تحتاج فيه العائلة إلى شراء احتياجات بسيطة. 

نصف السوريين يعيشون على الحوالات الخارجية

الحوالات المالية الخارجية، الموضوع القديم الجديد، يأخذ مجده في الأعياد ومواسم صناعة المونة ودخول الأطفال المدارس. مشهد المئات ينتظرون أمام مكاتب شركة الهرم للحوالات المالية قبل أيامٍ من العيد يعكس الحاجة الملحّة لسوريي الداخل، لكنه في الوقت نفسه يعكس استغلال النظام لهذه الحاجة إذ إنه يسلّم الحوالات بسعر صرف البنك المركزي وهو أقل بكثير من سعر السوق السوداء. 

بدأت فكرة الحوالات الخارجية مع وصول أول المهاجرين إلى أوروبا، كانت الفكرة بسيطة، نحو خمسين أو مئة دولار لن تشكل ثقلاً على اللاجئين، لكنها ستحدث فرقاً حقيقياً في معيشة الأسرة في سوريا، حاجة ملحّة اختصرتها جريدة الوطن الرسمية التي قالت إن حاجة الأسرة من خمس أشخاص في العيد هي نحو مليون ليرة سورية، ومليون ليرة تعني متوسط راتب موظف لتسعة أشهر!

وقالت الجريدة إن تقديراتها تشير إلى وصول 300 مليون دولار شهرياً وهو ما يعني أن نصف الشعب السوري في الداخل يعيش على الحوالات. بينما قال الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية أن التقديرات شبه الرسمية كانت دوماً تشير إلى أن المتوسط اليومي للحوالات ما بين 5-7 ملايين دولار، لكن اتساع عدد وتوزع السوريين في الخارج وإرسال الكثير من الحوالات خارج القنوات الرسمية، عوامل تجعل من الصعب تقدير إجمالي الحوالات، مرجحاً أن يكون ثلث السوريين يعتمدون في معيشتهم على الحوالات الخارجية بشكل رئيسي، وهكذا لا يمكن تحديد رقم صحيح في ظل تضارب أرقام حكومة النظام.

إقرأوا أيضاً:

المرسِلون يتحايلون على الحكومات الأوروبية

وبينما تمنح المكاتب الرسمية الدولار بسعر صرف البنك المركزي أي 2800 ليرة سوريّة، يصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى حوالى 4000 ليرة سورية، ويشكل فارق 1200 ليرة مبلغاً لا يستهان به، بحساب بسيط، تساوي المئة دولار بحسب المركزي 280 ألف ليرة بينما بحسب السوق السوداء فتساوي نحو 400 ألف ليرة سورية، ولذلك يلجأ كثيرون إلى مكاتب حوالات غير رسمي أو التعامل بطريقة الجوكر أي أن يقوم المُرسِل بتسليم مبلغ لشخص في بلد اللجوء ذاته، ليقوم قريب ذاك الشخص في سوريا بتسليم المبلغ لذوي المُرسل في سوريا، إنه أمر بات شائعاً وله قنوات عدة وشبكات واسعة، فقد يحدث الأمر من طريق سلسلة طويلة من الأشخاص.

يحيلنا هذا إلى معضلة أخرى وهي الخطر الذي قد يتعرض له المُرسِل المقيم في أوروبا والذي يعتاش على المساعدات الاجتماعية (السوسيال)، في بداية الأمر كان اللاجئون يعتقدون أن إرسال المال عبر أسمائهم أمر اعتيادي ليكتشفوا لاحقاً أن السوسيال قامت بتخفيض المساعدات الخاصة بهم بحجة أنهم يرسلون مبالغ إلى سوريا، وهذا ما يعني أنهم ليسوا بحاجتها مع أن الأغلبية تقتطع هذه المبالغ من احتياجاتها سعياً لمساعدة عائلاتها في الداخل، يقول هاشم (اسم مستعار) والذي كان من أوائل الواصلين مع موجة اللجوء الأولى: “لم نكن نعلم أن إرسال المال يعني خصم الجزء المرسل من المساعدات، خصم السوسيال 100 دولار بعدما أرسلتها لعائلتي”، وهذا ما دفع باللاجئين إلى إيجاد قنوات أخرى كطريقة الجوكر سابقة الذكر، أو إرسالها عبر وسطاء، مقابل عشرة أو خمسة دولارات عن كل 100 دولار.

هل سنمضي حياتنا في العمل؟

فشلت حكومة نظام الأسد في إيجاد حلول لمشكلة الأجور التي لا تتناسب مع نمط المعيشة اليوم في سوريا، فكيف يمكن أن يكون راتب الموظف نحو 100 ألف ليرة سورية (نحو 25 دولاراً) بينما يحتاج ليعيش بكرامة إلى ما بين مليون ومليون ونصف ليرة سورية، أي عشرة أضعاف راتبه! الأمر شبه مستحيل لولا الحوالات الخارجية ومزاولة أفراد العائلة في عملين وأحياناً في ثلاثة أعمال، يقول سامر (اسم مستعار): “أنا أستاذ مدرسة لكنني أعمل على سيارة أجرة استأجرتها، عندما انتهي من عملي أتناول الغداء وأباشر عملي على السيارة حتى منتصف الليل”، بينما يعمل ابنه بعد إنهاء صفوفه الجامعية، نادلاً في أحد المطاعم، يقول سامر: “هل من المعقول أن نمضي حياتنا في العمل حتى نحصل على معيشة أقل من المتوسط؟”.

كل هذا يخلق بيئة متوترة ومرهقة نفسياً، لأن كل ما يشغل الأفراد هو حماية عائلاتهم من الجوع، تقول منى (اسم مستعار): “لم يعد الأصدقاء والجيران يزورون بعضهم بعضاً، ليس لتخفيف أعباء الضيافة بل لأن الجميع أُرهِق من تذمر الجميع حول الأوضاع المعيشية”، الجميع بحاجة إلى التذمر والتعبير عن الصعوبات التي يواجهها لكن يبدو ذلك بلا معنى، فلا آذان صاغية ولا حلول واضحة.

في النهاية، هناك سؤال جديّ يطرح نفسه: إذا كان نصف السوريين يعيشون بفضل الحوالات الخارجية فماذا تقدم حكومة النظام السوري لشعبها بالضبط؟!

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.