fbpx

لبنان: “استيقظ القانون” فأُوقف المطران 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

من الطبيعي أن يشعر مسيحيون بأن مطرانهم يُحاسب على ما لا يحاسب عليه “مطارنة” الطوائف الأخرى. العدالة لم تتحقق لهم في المرفأ، فلماذا يسعى النظام إلى تحقيقها في الناقورة على حساب مطرانهم.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 تضعنا واقعة توقيف المطران موسى الحاج على معبر الناقورة في جنوب لبنان أثناء نقله مساعدات مالية وعينية من لبنانيين فروا مع جيش لحد عام  2000 إلى إسرائيل، إلى أقاربهم في لبنان أمام حقيقة أخرى، غير الاحتراب الأهلي والطائفي الذي حصل على ضفاف الواقعة. لقد حول نظام الممانعة لبنان إلى وجهة مساعدات تأتينا من دولة الاحتلال! 

تعريف المساعدات التي حملها المطران أكثر تعقيداً من أن نرميها بالشكوك، ذاك أن عائلات على مشارف الجوع تنتظرها. التعريف القانوني لهذه المساعدات لا يقتصر على اعتبارها أموالاً من دولة “عدوة”، فهذا الحكم يجب أن تسبقه حقيقة أن منتظري المساعدات هم أحوج إليها من حاجتهم إلى اعتبارات الصراع، هذا قبل أن نصل إلى حقيقة أن المتسببين بالجوع وبالانفجار هم أيضاً خارج المحاسبة وخارج القانون. 

المسألة فعلاً شديدة التعقيد إذا ما أراد المرء قياسها بالمعايير التي قاس عليها القاضي فادي عقيقي الذي أصدر القرار بتوقيف المطران. ففي هذه اللحظة اللبنانية يبدو القانون ترفاً، وأهل السلطة ارتكبوا بحق لبنان وبحق القانون الذي يتذرعون به، ما يجعل من العودة إليه في واقعة من هذا النوع نكتة. لدينا سابقة على هذا الصعيد راح ضحيتها 230 لبنانياً، ودُمرت مدينة ومرفأ ولم يرف للضنين بالقانون جفن. ولدينا أكثر من مليون ونصف المليون مخالفة للقانون ارتكبتها المصارف عندما مارست “كابيتال كونترول” غير قانوني على المودعين. ولدينا جرائم قتل صدرت أحكام قضائية لبنانية ودولية بحق مرتكبيها ولم تهتز كرامة القانون. استيقظ القانون في لحظة عبور المطران الحاج معبر الناقورة! إذاً من حقنا أن نرتاب.

ثم إن دفع الواقعة إلى مستواها المذهبي أمر بدهي في ظل هذا المشهد. من الطبيعي أن يشعر مسيحيون بأن مطرانهم يُحاسب على ما لا يحاسب عليه “مطارنة” الطوائف الأخرى. العدالة لم تتحقق لهم في المرفأ، فلماذا يسعى النظام إلى تحقيقها في الناقورة على حساب مطرانهم. قد ينطوي هذا الكلام على مذهبية خطيرة، لكن من استحضر المذهبية هنا هو التمييز الذي يمارسه النظام. حماية المتهمين بانفجار المرفأ واقعة سيبنى عليها عند كل محطة قانونية.

تقوم هذه القناعة على مراقبة للمشهد من خارج الواقعة نفسها. هي تسبق الحكم القانوني على فعلة المطران، لتقول إن عقبة أولى تحول دون اللجوء للقانون تتمثل بمساعدات لعائلات على شفير الجوع، وعقبة ثانية تتمثل في التمييز الواضح والجلي الذي مارسته السلطة من خلال منعها العدالة عن ضحايا المرفأ وعن المودعين، وطلبها لها عبر محاسبة المطران. فلو استبقنا دفاع المطران عن نفسه، قانونياً، واعتبرنا فعلته مخالفة للقانون، فكيف لنا أن نطالب بالعدالة هنا وأن نغض الطرف عنها هناك! المذهبية وحدها ما يفسر ذلك، ولغياب حساسية السلطة على هذا المستوى تفسير يتمثل في ضعف حاجتها للمسيحيين بعد الانتخابات، وإلا لكانت “تجاوزت القانون” ومررت الدولارات الآتية من إسرائيل، على نحو ما سبق أن فعلت حين مررت عامر فاخوري من السجن إلى الطائرة الأميركية التي أقلته إلى قبرص. 

بما أننا لا نصدق شيئاً تقدم عليه هذه السلطة، التي سبق أن تسامحت مع جلاد معتقل الخيام عامر فاخوري وأفرجت عنه في لحظة تصريف مصالح واضحة، فلن نصدق هذه المرة أنها تطبق القانون على المطران، وما علينا إلا أن نذهب بشكوكنا إلى أن الواقعة مجرد رسالة من نظام الفساد والاستتباع إلى البطريركية المارونية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي من المرجح أنها لن تُجرى، وعلى البطريركية تقبل ذلك. 

إقرأوا أيضاً: