fbpx

قتلى وجرحى في هجوم تركي على دهوك:
هل يردّ العراق بقطع العلاقات الديبلوماسية والتجارية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“دخلنا أكثر من 20 حافلة إلى المصيف وبعد 15 دقيقة حدث قصف عنيف بما لا يقل عن 5 صواريخ استهدفت المدنيين في المصيف ولدي صديق قطعت يده، ورجل كبير بالسن قتل مع بناته، رأيت ذلك أمام عينيّ”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في خطوة تصعيدية، أقدمت أنقرة على قصف مدفعي للمناطق الحدودية في شمال البلاد، استهدف المصايف السياحية التي يزورها السياح من وسط البلاد وجنوبها.

سقط نتيجة القصف 20 ضحية بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وهم من السياح الذين يزورون تلك المنطقة للاستجمام، لتلاحقهم الصواريخ والقذائف التركية إلى المنتزهات السياحية وتقتلهم، بحجة محاربة حزب العمال الكردستاني “الذي يشكل تهديداً للأمن التركي” بحسب قولهم.

وبحسب شهود فإن قصف مصيف قرية برخ في قضاء زاخو بمحافظة دهوك تم بعد دخول 20 حافلة للسياح إلى المكان: “دخلنا أكثر من 20 حافلة إلى المصيف وبعد 15 دقيقة حدث قصف عنيف بما لا يقل عن 5 صواريخ استهدفت المدنيين في المصيف ولدي صديق قطعت يده، ورجل كبير بالسن قتل مع بناته، رأيت ذلك أمام عينيّ”. وأضاف شاهدٌ آخر، أنه “حدث حريق كبير وتناثرت أشلاء الناس على الأرض جراء القصف بصواريخ لم يُعرف مصدرها”.

“التمدد التركي في عمق الاقليم يصل في بعض المناطق الى أكثر من 30 كلم، والقواعد والمراكز الأمنية التركية تزداد عدداً وباتت تحاصر مئات القرى والبلدات، في ظل ضعف الدولة العراقية ومع عدم وجود حكومة حقيقية في بغداد”. 

الردود الحكومية

يشن الجيش التركي منذ عام 2015 هجمات على المناطق الحدودية العراقية في كردستان، وقام بتهجير قرى من سكانها وقتل عشرات المدنيين، والقضاء على المنظومة البيئية هناك عبر إحراق الغابات وقطع الأشجار وقتل الحيوانات البرية ومواشي المزارعين. ومع ذلك، طوال هذه السنوات لم تتحرك الحكومة العراقية الاتحادية، ولا حكومة الإقليم لإدانة القصف التركي ووضع حد له.

لكن يبدو أن الهجوم التركي الأخير تجاوز جميع الخطوط الحمر، واستدعى اجتماعاً أمنياً للمجلس الوزاري العراقي، وخرج عنه بيان يدين “بأشدّ العبارات الاعتداء التركي الغاشم الذي استهدف المواطنين الأبرياء في أحد المنتجعات السياحية في محافظة دهوك وتسبب بسقوط عدد من الشهداء والجرحى، ما يؤكد تجاهل الجانب التركي للمطالبات العراقية المستمرة بوقف الانتهاكات ضد سيادة العراق وأمن مواطنيه، واحترام مبدأ حسن الجوار”. 

وتبدو عبارة “المطالبات المستمرة” خارج السياق، لأنه لم تسجل طوال سنوات مطالبات رسمية عراقية بوقف الانتهاكات التركية، إلا إذا كانت هذه المطالبات تجري بالسرّ. لكن المجلس، الذي يصدر للمرة الأولى بشكل صريح إدانة للقصف التركي، الحق الأمر بخطوات عملية، عبر استدعاء السفير التركي في العراق وابلاغه الإدانة، واستدعاء القائم بالاعمال العراقي من أنقرة، لغرض التشاور، وإيقاف إجراءات إرسال سفير جديد إلى تركيا. كما وجّه المجلس وزارة الخارجية بـ”إعداد ملف متكامل بالاعتداءات التركية المتكررة على الأراضي العراقية”، وتوجيه قيادة العمليات المشتركة بـ”تقديم تقرير بشأن الحالة على الحدود العراقية- التركية، واتخاذ الخطوات اللازمة للدفاع عن النفس”.

وزارة الخارجية التركية دعت في بيان “حكومة العراق إلى التعاون في الكشف عن الجناة  الحقيقيين عن هذا الحادث المأساوي”، في تنصّل واضح من المسؤولية ورميها على حزب العمال الكردستاني.

رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي غرّد قائلاً إن “القوات التركية ارتكبت مجدداً انتهاكاً صريحاً للسيادة العراقية”، كاشفاً عن أن “العراق سيقوم بكل الإجراءات اللازمة لحماية شعبه وتحميل الطرف المعتدي كل تبعات التصعيد المستمر”.

اما رئيس الجمهورية برهم صالح فغرد على “تويتر”: “القصف التركي يمثل انتهاكاً لسيادة البلد وتهديداً للأمن القومي العراقي”.

أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فقد غرد هو الآخر عن الحادثة مقترحاً “تخفيض التمثيل الديبلوماسي مع تركيا وإغلاق المطارات والمعابر البرية وإلغاء الاتفاقية الأمنية ورفع شكوى لدى الأمم المتحدة”.

ودعا رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، الجيش التركي ومسلحي حزب العمال الكردستاني (PKK) إلى “إيقاف معاركهم”، مطالباً بـ”اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمنع تكرار الاعتداءات التركية”.

استنكار شعبي

العراقيون استنكروا عبر مواقع التواصل العدوان التركي المستمر وانتقدوا صمت حكومتي بغداد وأربيل تجاهها.

وأطلق عراقيون مناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتدخل فصائل الحشد الشعبي لـ”غلق السفارة التركية لدى بغداد واستهداف قواعدها العسكرية المنتشرة في العراق، بعد وقوف حكومتي المركزية والمحلية في إقليم شمال العراق عاجزتين أمام القصف التركي”.

كما قام عراقيون في محافظات عدة بإغلاق مكاتب إصدار التأشيرات التركية، عبر التجمهر أمامها، فيما لاذ موظفو المكاتب بالفرار.

إقرأوا أيضاً:

التمدد التركي

الصحافي والكاتب الكردي سامان نوح يرى أن “التمدد التركي في عمق الاقليم يصل في بعض المناطق الى أكثر من 30 كلم، والقواعد والمراكز الأمنية التركية تزداد عدداً وباتت تحاصر مئات القرى والبلدات، في ظل ضعف الدولة العراقية ومع عدم وجود حكومة حقيقية في بغداد”. 

ويرى نوح ان لا عجب من تمادي تركيا في عدوانها “بوجود حكومة في إقليم كردستان مستسلمة للارادة التركية وتبرر الهجمات، وتحمل بغداد المسؤولية، بل تسعى بكل جهد إلى تطوير علاقاتها الاقتصادية والاتفاق على مزيد من عقود النفط والغاز”.

ولفت إلى أن”الهجمات التركية التي تستهدف سنجار ومخيم مخمور ومناطق جبلية بشكل مستمر بحجة مواجهة حزب العمال الكردستاني، باتت في الفترة الاخيرة تستهدف اطراف الموصل ومناطق في السليمانية في العمق العراقي”.

ما يزيد احتمالات تكثيف الهجمات في هذه المرحلة، بحسب نوح، هو “حاجة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه إلى انتصارات في أي حرب ممكنة لتسويقها انتخابياً في ظل تراجع كبير في شعبيته داخلياً وتصاعد احتمالات خسارته الانتخابات الرئاسية عام 2023 بحسب معظم استطلاعات الرأي”.

نوح يتابع: “تدهور الاقتصاد التركي مستمر والليرة التركية تواصل تراجعها التاريخي (17.5 لكل دولار) والعجز المالي يكبر، والمعارضة تزيد الضغط على الحكومة وتقول ان البلد في وضع كارثي (سياسي واقتصادي ومن ناحية الحريات) في وقت يصر أردوغان على الهروب من أزماته الداخلية باستعراضات خارجية”.

هل تلجأ الحكومة العراقية إلى “السلاح الاقتصادي”؟

تؤكد النائبة العراقية زينب الموسوي، قدرة العراق على ضرب تركيا ووضعها عند حدها من خلال السلاح الاقتصادي.

وتوضح الموسوي لـ”درج” أن “نحو 70 في المئة من جميع أنواع البضاعة الموجودة في السوق العراقي المحلية هي تركية الصنع”. وتفنّد الموسوي الإحصاءات: “حجم ما تصدره تركيا إلى العراق بلغ عام 2019، 15 مليار دولار، فيما بلغ 20 مليار دولار عام 2020، وهو في نمو مستمر، وتسعى تركيا الى زيادته إلى 50 مليار دولار”.

وطالبت حكومة تصريف الأعمال بـ”الرد على جرائم تركيا من خلال إيقاف جميع ما يستورده العراق منها بشكل فوري”.

إقرأوا أيضاً: