fbpx

لنغنِّ ضد الإحباط: “الراب” العربي ليس مجرّد هوامش!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الراب بالنسبة إلي هو تعبير عن قضية أو حب، أو عن أحاسيسي المتخبطة، هو معاناتي الشخصية التي يمكن أن تكون انعكاساً لمعاناة كثيرين”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“معظم أغنيات الراب تعكس كيف يرى الشباب أنفسهم داخل حدود المؤسسات السياسية (التي تحكمهم)، لذا فهم يعبرون عن شعورهم. بدأ كثر من مغني الراب في التعبير عن الإحباط الذهني الذي يشعرون به داخل هذه الحدود…”، هكذا يصف الرابر السوري الفيليبيني شينو أهمية فن الراب. “شينو” واسمه الحقيقي ناصر شربجي هو مغنٍ سوري عاش في السعودية وانتقل إلى لبنان وترك عمله في القطاع المصرفي ليتفرغ لموسيقى “الهيب هوب”. وشارك راهناً في حفل “ميدان” في بيروت الذي نظمته مؤسسة “آفاق” الثقافية.

تشهد المنطقة العربية في العقد الأخير صعوداً لفن الراب من المحيط إلى الخليج.

إذ بدأ يبرز في العقود الثلاثة الأخيرة، وقد شكل في البداية صدمة واعتُبر غريباً على الثقافة العربية، بخاصة أن الراب يحتوي على كلام مباشر قاس وبذيء وصادم في معظم الأحيان. 

لعل هذا تماماً ما دفع هذا النوع من الموسيقى إلى الانتشار بعد انطلاق الثورات العربية عام 2011، والتي شكلت مواد أساسية لصناع الراب الذين غالباً ما تشكل الظروف السياسية والاجتماعية التي يمر بها البلد مصدراً لكلماتهم وأفكارهم وموسيقاهم.

برز ويجز في مصر مثلاً بشكل قوي وبات له جمهوره المصري والعربي الذي ينتظره وينتظر جديده. فلسطينياً، نال “شاب جديد” شهرةً واسعةً بعد أغانيه الموجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي وقد تعاون في بعضها مع الرابر الفلسطيني “الضبور”. في المغرب كسر الغراندي طوطو جميع الأرقام على منصات التواصل الاجتماعي، وصنفته منصة الموسيقى “سبوتيفاي” عام 2021 بأنه المغني الأكثر استماعاً في المغرب والعالم العربي لعام 2021. 

كما شكلت الانتفاضة اللبنانية عام 2019، محطة مهمة لمغني الراب اللبناني فصدحت أغانيهم في الساحات ورددها الجمهور من دون ملل، وقبلها كان حراك 2015 في لبنان محطة مهمة لبروز الرابر اللبنانيين، مثل الراس وبو ناصر الطفار.

صناعة الراب في ظل الديكتاتوريات العربية

اعتقلت السلطات المغربية الرابر المغربي سيمو الكماوي بعد يومين فقط من إصداره أغنية “عاش الشعب” عام 2019، التي تتناول معاناة الشعب المغربي الاقتصادية، في تعبير واضح لغياب الحريات في الكثير من الدول العربية. حدث شيء مماثل في تونس عندما اعتقل النظام الرابر “بلطي” مرات عدة، بسبب أغانيه خلال السنوات الماضية.  

وفي مصر قضى مخرج أغنية “بلحة” شادي حبش في السجن بعد سنتين من سجنه بسبب أغنية تنتقد النظام المصري ورئيسه عبد الفتاح السيسي. أما في السعودية، فلا أثر للأغاني السياسية التي تغيب طبعاً عن البلاد بسبب القبضة الأمنية، ويكتفي الرابرز السعوديون بالغناء للظواهر الاجتماعية، مع رقابة ذاتية هائلة.

يقول شينو: “هذا الجيل بدأ يتعلم أن الراب ليس مجرد موسيقى احتجاجية، بل يمكن أن يعكس النظرة إلى المجتمع، أو يحمل نقداً للبيئة المحيطة، وربما يكون مجرد تعبير عن الإحباط. أعتقد أنه خلال السنوات العشر الماضية، تطورت موسيقى الراب في الشرق الأوسط وأصبحت تشمل مجالات واسعة في التعبير”.

يتفاوت مستمعو الراب في المنطقة العربية، لكن يحظى المغرب وشمال أفريقيا بنسبة مشاهدة لافتة، نظراً لارتباط المنطقة بـ”الهيب هوب” والثقافة الفرنسية. علماً أن هناك الكثير من أعمال موسيقى الهيب هوب الفرنسية التي ابتكرها فنانون عرب من شمال أفريقيا.

يقول شينو، “الهيب هوب العربي بشكل عام، يستمع إليه الشباب في جميع أنحاء الشرق الأوسط. في الوقت الحالي، أعتقد أنه أكثر أنواع الموسيقى استهلاكاً في المنطقة بأكملها. لذا فإن أبرز الدول التي تشاهد موسيقى الهيب هوب أو لديها عدد كبير من المستمعين هي المملكة العربية السعودية ومصر وهذا يرجع ببساطة إلى عدد السكان..”.

إقرأوا أيضاً:

حفلة ميدان، لماذا في بيروت؟

السبت 16 تموز/ يوليو 2022 نظمت في بيروت حفلة بمناسبة العيد الخامس عشر لـ”آفاق”، الصندوق العربي للثقافة والفنون، وهي مؤسسة مستقلة تموّل الأفراد والمؤسسات العاملين في المجال الفني والثقافي.

تحت مسمى “ميدان”، نظمت الحفلة في ميدان الخيل في بيروت، وقد ضمت مجموعة من نجوم الراب في العالم العربي، ويجز ودنيا وائل والوايلي من مصر، الراس من لبنان، كاتيب من تونس، و”دافن شي” الموهبة السودانية الذي يعيش في السعودية.

لماذا اختارت آفاق “الهيب هوب” و”الراب” تحديداً لكي تحتفل بعيدها، ولماذا في بيروت؟ تقول المديرة التنفيذية لـ”آفاق” ريما المسمار لـ”درج”، “كنا نشعر بأنه بعد مرور عشر سنوات على بداية الثورات العربية، هناك شيء مختلف في موسيقى الراب والهيب هوب، شيء من النبض والمساءلة والاحتجاج، ورأينا أنه يجب أن نضيء على هذا النوع من الفن الذي لديه القدرة على التواصل مع جمهور شاب وواسع، كما أن اقتصاد الإنتاج لهذا النوع من الفن له آليات مختلفة وربما أستطيع القول إنه أقل كلفة من الأعمال الموسيقية الأخرى، وأقول هذا الشيء فقط للإضاءة على طريقة الإنتاج في المنطقة، أما اختيار بيروت فهو لأسباب لوجيستية كما لأن بيروت دائماً ما تشكل مساحة حرية أوسع من غيرها”.

أما عن الانتقادات التي تطاول مضمون بعض أغاني الراب التي تميل الى صوابية زائدة أو ما يوصف بـ”البولتكل كوركتنس”، عدا بعض المضامين التي قد تحمل أفكاراً تنميطية ذكورية، فتقول ريما: “مشهد الهيب هوب في العالم العربي لا يزال جديداً وصاعداً، فهو في أماكن ينجز خروقات ويبني هيكليات، وأعتقد أن المساحة اليوم مفتوحة لنرافق هذا الإنتاج، وننتقد، ونعم هناك ذكورية في بعض الإنتاج ولكن ليس جميعه، والأهم في ذلك أن مساحة النقد موجودة”.

من المشاركين في حفل ميدان الأخير في  بيروت الموسيقي المصري “الوايلي”، يقول لـ”درج”: “الفئة التي تسمع موسيقاي هي فئة العشرينات، وهذه الفئة هي التي تحرك سوق الحفلات في مصر تحديداً، والآن نشهد صعود الموسيقى الالكترونية والراب وبدأت تدريجياً تأخذ مكان أغاني المهرجانات التي بقيت مسيطرة لفترة طويلة جداً، ولكن أرى الآن أن هذه الموسيقى تأخذ حقها جيداً الآن في مصر”.

الرابر المصرية دنيا وائل ترى في اختيارها موسيقى غير تقليدية تحدياً للأنماط التي تطوق الموسيقيات النساء في المنطقة العربية، “من الصعب أن أكون امرأة في مصر وأفعل ما أفعله، لكنني آمل أن أغير من هذا الواقع النمطي، ومن الحدود والقواعد الاجتماعية التي توضع لامرأة عربية تغني الهيب هوب في العالم العربي”.

وتعبر دنيا وائل عن حبها الكبير للراب، لأنه فن يسمح لك بقول ما تريد، ولكنها تأسف لأنها لا تستطيع قول ما تريد، عندما يأتي عليها الرقيب المجتمعي ويجبرها على تهذيب كلمات أغانيها كونها امرأة، لذا نرى أغانيها خالية من أي “شتيمة” أو كلمات صادمة.

أحد أبرز المشاركين في حفل ميدان كان الرابر السوداني “دافن شي”، وكان تفاعل الجمهور معه كبيراً. فهذه كانت أولى حفلات الموسيقي الشاب ابن الـ21 سنة وقد أطل على جمهوره مرتدياً الزي السوداني التقليدي.

“دافن شي” قال لـ”درج”: “الراب بالنسبة إلي هو تعبير عن قضية أو حب، أو عن أحاسيسي المتخبطة، هو معاناتي الشخصية التي يمكن أن تكون انعكاساً 

لمعاناة كثيرين”.

إقرأوا أيضاً: