fbpx

“حب الولد”: 
التعبير الشعبي عن المثلية الجنسية يتسبب بسجن فنان عراقي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يكن التراث الإسلامي يخلو من الدعوة صراحة الى العلاقات المثلية بين الرجال.فهل تعتقل الاستخبارات العراقية تمثال أبي نوّاس الشامخ عند نهر دجلة في بغداد، وتلبسه ثياباً برتقالية كما فعلت مع حسين فاخر؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

انتشر أسلوب الحفلات الغنائية المحلية في المناطق الشعبية في العراق لإحياء المناسبات وظهرت عبر السنين أصوات مغنين محليين في الشارع العراقي، في حفلات الزفاف والنوادي الليلية.

يتخذ مغنو هذه الحفلات من تفاصيل وأسلوب الحياة اليومية مادة لكلمات أغانيهم، لتندمج مع إيقاع صاخب يتراقص على أنغامها الحضور. شيء أشبه بأغاني “المهرجانات” في مصر، لكن بصيغته الشعبية العراقية.

حضور حفل شعبي في العراق، لا يتطلب الكثير: لا حجز بطاقات ولا ثياب أو أماكن فاخرة. ببساطة، يجد الفقراء في الحفلات الشعبية، متنفساً بعيدًا عن حياتهم الشاقة.

أسلوب هذه الحفلات يحاكي واقع حياتهم ليظهر أحدهم وهو يغني عن انقطاع التيار الكهربائي، أو يتخذ من “الصمون” (الخبز) كلمات جاهزة وسريعة لتشتهر أغنية “صمون… عشرة بألف”، وقد اشتهر من هذه الحفلات الشعبية، عربياً، حفلات المصور زهير العطواني، التي ذاع صيتها خارج العراق.

من بين فناني الحفلات الشعبية العراقية من يحاول التمرد على الدين والمزاج السائد فيبتعد عما هو متعارف في اغاني العشق الغيرية، ويتغنى بصورة صريحة بتعلّقه بالرجال، في تلميح مباشر إلى المثلية الجنسية.

“حب الأولاد”

يفتتح حسين فاخر، وهو مغني محلي من محافظة النجف ذات الغالبية الشيعية ومقر معظم الشخصيات الدينية المتصدرة في المشهد السياسي الشيعي وسط العراق، افتتاحية موال غنائي في إحدى الحفلات الغنائية، متمرداً على الرافضين لـ”حب الرجال بعضهم البعض”، بجرأة تضرب كل المفاهيم الدينية والاجتماعية التي يسنها المجتمع وتفرضها العادات والأعراف العراقية، فيقول: “منهو اللي كال حب الولد عيب…”. ويذهب بعيداً في إسقاط “حب الولد” على نبي المسلمين محمد. متسائلا عن سبب رفض المجتمع لـ”حب الأولاد”(الصبيان) فـ”محمد كان ولداً ايضًا وهو محبوب من قبل الرب”، على حدّ قوله في الأغنية.

نالت كلمات هذا الموال الغنائي شهرة محلية واسعة في وسائل التواصل الاجتماعية، إلا أنها جوبهت بعد مدة طويلة من انتشارها بحملة استهجان من قبل معلقين وشخصيات دينية أبرزها رجل الدين شهيد العتابي، داعيًا السلطات لاعتقال الفنان حسين فاخر بتهمة “التعدي على الذات الإلهية والرسول والترويج للمثلية الجنسية في العراق”.

بعد أيام من حملة شرسة، بين مؤيد ومعارض في مواقع التواصل الإجتماعي، جرى اعتقال فاخر من قبل قوة عسكرية تابعة لوكالة الاستخبارات في مدينة النجف، وتم تداول صوره بملابس الاعتقال، باللون البرتقالي الذي يحيل إلى جرائم الإرهاب، على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

وقيل إن اعتقال فاخر، جاء بسبب ترويجه لـ”الشذوذ الجنسي”، على الرغم من عدم وجود نص صريح يجرم المثلية الجنسية في قانون العقوبات العراقي الى هذا الوقت، الا ان السلطات العراقية غالبًا ما تعتقل الأشخاص المثليين والمثليات بتهم الإساءة للذوق والأخلاق العامة.

قانون حماية المقدسات

يجرّم قانون العقوبات العراقي بالاستناد إلى نص المادة 215 كل من يسب الذات الإلهية ويتهكم عليها، ويأتي “سبّ واهانة الأنبياء” تحت بند “حماية المقدسات”. ووفقاً للمحامي محمد جمعة من بغداد، “يواجه المدانون بهذه التهم عقوبة السجن لمدة عشر سنوات، وغرامات مالية تتراوح بين عشرة ملايين وخمسين مليون دينار عراقي (حوالي 8500 و42600 دولار امريكي)”.

 وقد انتقدت منظمة Human Rights Watch  الدولية في وقت سابق هذا القانون بوصفه تقييدًا لحرية التعبير ويتم صياغته بناءًا على رغبات الحكومات لتقييد حرية الأشخاص. 

فيما رأى ناشطون أن اعتقال فاخر، محاولة لتحريك فعلي لمسودة قانون تجريم المثلية الذي طرحه أعضاء اللجنة النيابية في مجلس النواب العراقي مطلع هذا الشهر ولم يتم إقراره حتى هذا الوقت.

المثلية الجنسية في التراث الإسلامي

لم يكن التراث العربي الإسلامي يخلو من الدعوة صراحة الى العلاقات المثلية بين الرجال. ولم تكن الأغاني المثلية حديثة على الفن والأدب العراقي فقد اشتهر فنانون كبار من عشرات السنوات بأغاني الغزل والاشتياق لحب الرجال أبرزهم الفنان المحلي الراحل سعدي الحلي، الذي ما زالت الحكايات عن مثليته وأغانيه حاضرة ويتناقلها الجيل الحالي كمثال طريف لدى المجتمع العراقي للإشارة الى المثلية الجنسية.

فيما لم تخل قصائد الادب العربي لشعراء من ضمنهم الشاعر المعروف أبو نوّاس، من التغني والتفاخر بالمثلية الجنسية، وقد عاش أبو نوّاس في فترة الخليفة هارون الرشيد، حيث اشتهر بحبه للغلمان وكان يعلن ذلك صراحة ومن أشهر أبياته من قصيدته المعروفة “دع عنك لومي”:

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذي ذَكَر/ لَها مُحِبّانِ لوطِيٌّ وَزَنّاءُ

أو في قصيدة أخرى:

خذ النساءَ ودع لي مما يلدنَ غلاما/ شرطي المراهقُ منهم قد قارب الاحتلاما 

فهل تعتقل الاستخبارات العراقية تمثال أبي نوّاس الشامخ عند نهر دجلة في بغداد، وتلبسه ثياباً برتقالية كما فعلت مع حسين فاخر؟ 

إقرأوا أيضاً: