fbpx

 حكايات الفقد في غزة: “الحرب ما بتجي إلا على الغلابة”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“كان كل شيء في حياتي، ولكن خليل رحل عني إلى الأبد، وسوف أعيش بدون ضحكاته التي ألفتها طوال 19 عاماً، وسوف أتناول طعام الإفطار لوحدي، ولن أجد من يواسيني، ويحضنني عندما أكون حزينة كما كان يفعل”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
نجوى أبو حمادة

انتهى العدوان على غزة بعد ثلاثة أيام من القصف والقتل والدمار، وسوف تعود الحياة إلى طبيعتها، وتقام الأفراح المؤجلة. لكن نجوى أبو حمادة لم تتمكن من إقامة فرح ابنها الوحيد خليل، إذ أنها كانت تحضّر للاحتفال بزواجه لكن فرح هذا الشاب سيبقى في مخيلة والدته فقط. 

خلال القصف الاسرائيلي الاخير على غزة خرج خليل (19 عاماً) إلى الشارع هارباً من الحر الشديد بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وإذ بصاروخ إسرائيلي غادر يمزق جسده، هو وخمسة آخرين جلهم من الأطفال.

نجوى أبو حمادة (46 عاماً) تزوجت في سن صغير، و حرمت من الإنجاب قرابة ثلاثة عشر عاماً، وبعد تلك السنوات تكللت عملية زراعة(التلقيح الاصطناعي) بالنجاح، وأنجبت خليل، وأصبح طفلها المدلل حتى حين بات شاباً.

والدا خليل كانا ينويان مساعدته للزواج لكن ظروفهما المادية لم تكن تسمح بذلك كون والده يعمل سائق أجرة، لذلك اجتهدت الأم وأكملت دراستها الجامعية، وقبل أشهر حصلت على وظيفة قابلة قانونية في إحدى المستشفيات الحكومية في غزة.

ودّعت نجوى وحيدها الذي ذاقت الأمرين حتى أنجبته بعد محاولات متكررة، لتعود إلى المنزل لتحتضن صورته، وتشتم رائحة ملابسه التي كانت تختارها له بنفسها.

بصوت خافت يكاد أن يسمع من شدة البكاء تحدثت نجوى إلى “درج” : “خليل هو فرحتي الأولى والأخيرة، عوضني به الله بعد صبر 13 عاماً، وكان ميلاده بعد أربعة أشهر من استشهاد والدتي، فبعث الأمل في قلبي وعزّاني بعد فقدانها”.

تضيف والدموع تنهمر على وجهها بغزارة: “اجتهدت في تربية خليل، وفي كل يوم كان يكبر، كنا نزداد فرحاً أنا ووالده، وسعينا أن يكون من المتفوقين، بالفعل لم يخذلنا وتفوق في الثانوية العامة والتحق بالجامعة، وبدأ بدراسة التخصص الذي يحبه، وكنا ننتظر أن ينهي دراسته الجامعية، ويرتدي ثوب التخرج، ولكن الشهادة كانت أسرع له من التخرج”.

“كان كل شيء في حياتي، ولكن خليل رحل عني إلى الأبد، وسوف أعيش بدون ضحكاته التي ألفتها طوال 19 عاماً، وسوف أتناول طعام الإفطار لوحدي، ولن أجد من يواسيني، ويحضنني عندما أكون حزينة كما كان يفعل”.

حكاية فقد 

في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة تتعدد القصص المأساوية التي تسبب بها القصف المتكرر للمدينة المحاصرة. سكان القطاع المحرومون من أبسط مقومات العيش الكريم كالكهرباء والعمل والسكن بعد تدمير واسع جراء القصف يحاولون التمسك بأفراحهم الصغيرة. هذا ما كانت تسعى إليه الشابة العشرينية عبير حرب، والتي كان تتجهز للزواج من خطيبها إسماعيل دويك.

عبير تتأمل الأنقاض التي أودت بخطيبها

مساء يوم السبت 7 آب/ أغسطس الماضي،  في تمام العاشرة مساءً، كانت عبير تتواصل مع خطيبها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كانا يتحدثان عن الجهود المبذولة لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار، حتى يتمكنا من الزواج بعد توقف العدوان، وفجأة توقف إسماعيل عن الكتابة ولم يجب على رسائلها.

عدم الرد لم يكن لانقطاع الانترنت عند إسماعيل؛ بل كان نتيجة صاروخ أودى بحياته وحياة والده استهدف منطقة “مخيم الشعوت” في مدينة رفح.

مرارة الفقد

تقف عبير على أطلال الدمار الذي اودى بإسماعيل وتتحدث بمرارة لـ”درج” : “الحرب لم تأخذ إسماعيل فقط بل أخذت معه روحي، فهو لم يكن بمثابة خطيبي، بل كان كل شيء جميل في حياتي، كان الأخ، والصديق، والحبيب، والسند، وبفقدانه أعلنت انكساري”.

تواصل حديثها: “كنا ننتظر قدوم والدي من مصر لإتمام مراسم الزفاف، وقد وصل قبل العدوان بيومين فقط، وكان موعدنا لنجتمع للاتفاق على التفاصيل كافة، وتم تأجيل ذلك بسبب التصعيد العسكري على غزة، وكنا ننتظر انتهاء هذه الجولة بفارغ الصبر”.

تتابع: “بداية العدوان كنت أتحدث مع إسماعيل، وقال لي “هذه الحرب ما بتجي إلا على الغلابة”، وبالفعل كان صائباً بهذه العبارة، فنحن بسطاء لذلك كنا أكثر الناس تأثراً بالحرب، هذه الحرب التي قتلت أحلامنا، وجعلت تحقيقها أمراً مستحيلاً بعد رحيل إسماعيل”.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.