fbpx

فتوى القتل بين الإمامين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وفقاً لنظرية ولاية الفقيه العامة عند الخميني، فقد وضع مهمات الإمام المُنتظر عند الشيعة الجعفرية بيده، لا بل جعل صلاحياته مادة في الدستور الإيراني، إذ أباحت له إعلان الحرب، وإصدار أحكام السجن والإعدام وإقامة الحدود.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يخطئ الكاتب الأميركي مارك تواين عندما وصف الحبر الذي يُكتب به التاريخ بـ”التعصب السائل”. تضعك الأحداثُ الأخيرة في مشهد سوريالي لافت، تشعرُ فيه بنعمة العولمة ونقمتها في آن معاً. 

كيف تتحولُ فتوى دينية أصدرها المرشد الأعلى لإيران روح الله الخميني في ثمانينات القرن الماضي إلى سكين ينحر الروائي البريطاني سلمان رشدي؟ 

لا يُختتم المشهد هنا، تجد نفسك أمام جمهور يحتفلُ بطعن هذا الرجل، لتطرح على نفسك أسئلةً وجودية: هل يحتاجُ إله صاحب الفتوى إلى حماية؟ هل تحول إله السماوات إلى دكتاتور يشبه ذاك الذي في قصص جورج أورويل مثلاً؟ هذه الشعبوية المقيتةُ في الخبر تُنسيك المبادئ الأخلاقية، تدفعك إلى النفور ومن ثمَّ تعيدك للكتابة بجاذبيتها… 

لعلّ طاعن رُشدي لا يعرف عن الخميني شيئاً، سوى صوره و”قدسيته” التي أحاطه جمهورهُ بها، وكذا لم يقرأ رواية سلمان رشدي “آيات شيطانية” التي بنى عليها المُرشد فتواه. بيد أن الخميني صنعَ ما لم يصنعه نظراؤه وهو اجتهاد ولّد عقيدة جديدة من شأنها أن تغير مسار التشيع إلى الأبد.

القدسية المصطنعة…

طُعن ⁧سلمان رشدي‬⁩، طعنة علّلها هادي مطر مرتكب الفعلة بإهانة رشدي دين محمد وشرّعها بفتوى الخميني، وهذه فتوى تُبطن علةً أخرى، فالخميني وضع محمد كاظم شريعتمداري في إقامة جبرية ومنع نجله من زيارته، وقد كان الأب من أعلم علماء الشيعة في عصره (سرد رضا الصدر القصة كاملة في كتابه “في سجن ولاية الفقيه”). الغريب، أن دين الإسلام بشّر بمحمد على أنه خاتم النبيين، ليتبين أن شخصية الخميني أُعطيت من القدسية قدراً في أعين جماهيره دفعت شاباً لبنانياً في الولايات المتحدة إلى محاولةِ قتل رشدي. فمن يحدد القداسة؟ فإذا كانت “القداسة” “علمياً” تُحددها الجماهير المؤمنة بقداستها، فبذلك سيصبح كل شيء في الوجود مقدساً فنصمت جميعاً، وينتهي الحرفُ وتُقتلُ اللغة… ونعيش في صمت تام. 

الجماهير التي لا تتحرك بوعي سليم، تندفع وراء المسلمات التي تقنعها بها الزعامات الدينية، فتسير كسير الحشرات نحو الضوء كما وصفها غوستاف لوبون. الجماهير ذاتها التي انهالت بتهديدات القتل على الإعلامية اللبنانية ديما صادق عقب نشرها صورة للخميني وقاسم سليماني، والأخير رجل عسكري خاض حروب في منطقة الشرق الأوسط لم يخضها أحد، فكيف أصبح لرجل يمارس العمل العسكري قدسية دينية؟ الإجابة يسيرة…

جمع الخميني بين الدين والسياسة، لا بل جعل الدين عين سياسته وهذه عبارة شهيرة أصبحت مرجعاً في الإسلام السياسي الإيراني. هنا نطرح استفهامات عن شخصيات سياسية ودينية مرموقة كانت في فترة من الفترات مقربة من المرشد الأعلى وتقلدت مناصب استشارية معه، لينتهي بها الأمر إلى السجن أو الإعدام إبّان حكم الخميني.

وفقاً لنظرية ولاية الفقيه العامة عند الخميني، فقد وضع مهمات الإمام المُنتظر عند الشيعة الجعفرية بيده، لا بل جعل صلاحياته مادة في الدستور الإيراني، إذ أباحت له إعلان الحرب، وإصدار أحكام السجن والإعدام وإقامة الحدود.

لم يقتل المعصومون (باعتقاد الشيعة) الناس على أفكارهم أبداً، ولعل المشهد السريالي الذي تحدثت عنه في البداية لن ينتهي هنا. من يضمن لديما صادق وأمثالها ممن يعترض على إيران ونهجها السلامة؟ فالجمهور الذي يسير دون وعي بعاطفته ليحمي زعيمه “المُقدس” في بلد ينتشر السلاح فيه، لن يتردد في طعن ديما أو رميها بالرصاص، ظناً منه أنّ فعله هذا هو حماية للمقدس وقناعةً منه بأن الجمهور سيجعلُ من “القاتل” بطلاً، كما جعل من هزائمه المتكررة “نصراً” على مدى سنوات.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.