fbpx

امرأة أخرى قُتلت اليوم… 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كم من هناء في طرابلس وغيرها تعيش تفاصيل مأساوية ستخرج يوماً إلى العلن، تتصدّر الصحف والمواقع ثم تختفي ويُنسى اسمها وكأنها لم تكن… لأن امرأة أُخرى ستُقتل بعدها.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لقد قُتلت امرأة أُخرى اليوم…

تصدّر اسمها عناوين الصحف والمواقع الالكترونية وخُصص لها وسم على “تويتر” ونشر كثيرون صورها، لكنّها ستُنسى غداً حتماً، ليس لأنها “ترند” نهايته سريعة ولا لأن المتضامنين يريدون نسيانها فعلاً، لكن امرأة أُخرى ستُقتل بعدها وتستحوذ على غضبهم. 

آخر الضحايا، وفق ما هو مُعلن، هي هناء الخضر (لبنانية/ 21 سنة). هناء كانت تنتظر طفلها الثالث بشوقٍ، لكن زوجها عثمان عكاري قرّر إنهاء حياتها وحياة جنينها بذريعة الضائقة الاقتصادية. ضرب القاتل زوجته على بطنها ثم عنّفها مستخدماً قارورة غاز لإجبارها على الإجهاض، وبعدها أضرم النار بجسدها وهي في الشهر الخامس من حملها. خرجت هناء من نافذة مطبخ بيتها وزحفت نحو مركز الصليب الأحمر المُجاور، ومن هناك نُقلت إلى مستشفى السلام في مدينة طرابلس في لبنان. أُصيبت هناء بحروقٍ بنسبة 100 في المئة من مساحة الجسد، من الدرجة الثالثة وما فوق بسبب الغاز المشتعل، وهو ما تطلّب إجراءات صحية باهظة الثمن لم تستطع العائلة تكبّد تكلفتها. إذ خفّضت المستشفى كلفة العلاج من 800 دولار إلى 400 دولار مقابل اليوم الواحد من العلاج، ومع ذلك لم تتمكن عائلتها الفقيرة من سداد كلفة العلاج. بعد أسبوعين تقريباً من المعاناة، فارقت هناء الحياة متأثّرة بحروقها، وبألمٍ أخبرت والدتها عنه قبل أن تفقد الوعي تماماً في اليومين الأخيرين. 

هناء متزوجة منذ 6 سنوات، كانت تبلغ حينها 14 سنة فقط. تزوجّت عثمان، الذي تحفّظت أغلب الوسائل الإعلامية عن ذكر اسمه واكتفوا بذكر ع.ع، وأنجبت منه فتى (4 سنوات) وطفلة (سنتين). وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرّض فيها الضحية للعنف، إلا أنها كانت الأقسى، إذ عنّف القاتل هناء على مدى سنوات وهدّدها بالقتل طوالاً، وفق ما روته والدتها لإحدى المواقع الصحافية. كما ذكرت أنه مُدمن على المخدرات وخانها في أكثر من مرة، ولطالما حاولت الشابة الانفصال عنه لكنه كان يهدّدها بحرمانها من طفليها وإلحاق الأذى بهما. 

قبل أيام، انتشر فيديو لامرأة جاثية على ركبتيها، مرغمة على رفع يديها، وهي تُضرب وتُهان على يد رجل يُوثّق الحادثة بمقطع فيديو ويُهدد الضحية بإرساله إلى أختها ووالدتها. تبيّن لاحقاً أن تلك المرأة هي غنوة رامح علاوي، والمُعنّف هو زوجها الرتيب في قوى الأمن الداخلي عياش طراق. وعياش هذا اعتدى على غنوة وأهانها لأنه عاد يوماً من عمله ووجد أن غنوة لم تعد له الطعام لأنها كانت مريضة، فقرّر تعذيبها. كما تبيّن أن الفيديو صُوّر منذ أشهر لكنه ظهر إلى العلن بعدما حاولت الزوجة الانتحار منذ أيام من خلال تناول كمية كبيرة من الأدوية نُقلت إثرها إلى المستشفى. حينها باحت غنوة بالتعذيب الذي يُمارسه عليها زوجها منذ 14 عاماً، من دون أن تفكّر بتقديم شكوى أو إشراك أحد بمعاناتها سابقاً.  

قصتان مأساويتان في أسبوعٍ واحد، في بلدٍ واحد، الأولى أنهى زوجها حياتها مباشرةً، بينما الثانية سعت نحو إنهاء حياتها بنفسها بسببه، فيما مئات القصص ما زالت مجهولة.

أُفكّر بغنوة، التي على الأغلب ستعود إلى منزل زوجها وسيستمر مسلسل تعذيبها إلى أن يتفاقم يوماً وتموت تحت التعذيب أو أن تنجح في محاولات إنهاء حياتها. أفكّرُ بهناء، التي لم تعش يوماً هانئاً على الأرجح بسبب تزويجها طفلة وتعنيفها وفقرها وأخيراً حرقها وقتلها. وكم من هناء في طرابلس وغيرها تعيش تفاصيل مأساوية ستخرج يوماً إلى العلن، تتصدّر الصحف والمواقع ثم تختفي ويُنسى اسمها وكأنها لم تكن… لأن امرأة أُخرى ستُقتل بعدها. 

إقرأوا أيضاً: