fbpx

 “لعنة القصر” تعاود الجنرال   

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

    بقاء عون، هو الثابت الوحيد الذي يراهن باسيل من خلاله على مستقبل سياسي له. والمتحولان اللذان يرفدان هذا الثابت هما بالضرورة مرتبطان به، والفصل بينهما هو غالباً رهين القصر وساكنيه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 إنها لعنة القصر. الأخير لم يبدد الزمن جموح ساكنه، جنرالاً ثم رئيساً. وها هو مع صياح الديك، يباشر من جديد جموحاً آخراً لظله المسكون بذات القصر.

 قبل أكثر من ثلاثة عقود، كان ميشال عون المنفي، أول ضحايا تلك اللعنة. لكن اللبنانيين أيضاً، وإن مرغمين، كانوا ضحاياها.

 اليوم، جبران باسيل هو من يكثف هذه اللعنة. ميشال عون ليس أكثر من صوت يخرج من حنجرة الصهر.

   ثلاثة مصادر قوة يمتلكها جبران باسيل. كتلة نيابية وازنة، وتحالف مع “حزب الله”، وميشال عون.

       لكن تسييل مصادر القوة سياسياً، يفضي إلى متحولين وثابت. والأخير يتبدى راهناً أقوى ما يملك جبران باسيل. إنه يملك ميشال عون.

  في زيارته الأخيرة لمقر البطريركية المارونية في الديمان، تعمّد باسيل التصويب على “حزب الله” تحديداً في موضوع تشكيل الحكومة.

    من يعطل تشكيل الحكومة هو الثنائي الشيعي، قال باسيل. وباسيل تسعفه هذه الثناىية في التورية عن التصويب المباشر على “حزب الله” حين لا يواري متى كان المصوَّب عليه نبيه بري.

  بعد “عظة” باسيل من الديمان، لجأ باسيل إلى ثابته الوحيد. ها هو رئيس الجمهورية  يكرر، أقله كلاماً، سابقته الشهيرة في العام 1988. لن يسلم ميشال عون القصر لحكومة مستقيلة، و”حزب الله” أول المُبلَّغين.

  المفارقة أن كلام عون يأتي بعد زيارة طال انتظارها لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، والحديث عن “أجواء إيجابية”، و”تقارب في الرؤية”! وهي زيارة أتت على الأرجح على وقع تلك “العِظة” الغليظة.

 قد يبدو ضغط “حزب الله” على ميقاتي لتحريك الملف الحكومي، وبعد كلام باسيل، طبيعياً. لكن إدراجه في سياقات مطالب سابقة لباسيل، وتلبيتها، يفضي إلى تكثيف فكرة خضوع “حزب الله” غالباً أمام رئيس التيار الوطني الحر. ويستدرج المرء إلى السؤال عن جدوى هذا الخضوع، ومن حزب لا يني يخبرنا يومياً عن طلاقه البائن مع هكذا مفردة.

  يتغطى “حزب الله” راهناً بمسيحي آيل نحو الضمور. المتحولان يشيان بذلك. فكتلة باسيل الوازنة نيابياً لن تسعفه على الأرجح إذا لم يستثمر فيها قبل الاستحقاق الرئاسي، ومؤشرات تفككها بعد رئاسة عون تنتظر على أبواب القصر. فيما “حزب الله” يمارس تقية سياسية ثقيلة كلفتها خضوع مزمن  لآخر حليف مسيحي وازن يستطيع من خلاله ادعاء قابلية وطنية مسيحية لمشروع أكبر من لبنان.

   عموماً لم توثق الهيئات الرقابية اللبنانية، كما البرامج الاستقصائية (دعنا من العقوبات الأمريكية)، فاسداً أكثر من جبران باسيل. ولم يخضع اللبنانيون يوماً لدروس عن الشفافية كما خضعوا لأدب “حزب الله”. مقاربة كهذه تفترض بباسيل أن يكون أول ضحايا مضبطة الحزب، فيما واقع الحال، أن الأخير لم يكسر يوماً مزراب أعيننا، ولو تلميحاً، عن فساد باسيل.

  إنها “التقية” السياسية التي يدرك باسيل ان الاستثمار فيها قد شارف على النهاية، وهي رهن “نجوميته” التي يمارس راهناً آخر فصولها بما قاله ميشال عون عن البقاء في القصر.

  متحول آخر يتسلح به ميشال عون، وباسيل طبعاً. إنه الدستور. ففي بلد كتب فيه الأخير ليكون وجهة نظر، لن يكون عسيراً على “الثنائي الرئاسي” أن يجدا فيه ما يتيح لهما رفد نزعتهما السلطوية في حال لم تتشكل حكومة يفترض بالضرورة أن تمنح جبران باسيل، وفي حال الفراغ الرئاسي، ما يمكّنه من التحكم بالسلطة.

 قد يبقى ميشال عون في قصر بعبدا، ومعه جبران باسيل، لأن لعنة القصر التي تنكبها عون في العام 1990، دونها حدث كغزو العراق للكويت، ودونها أيضاً جيش حافظ الأسد الذي تكفل بتلك اللعنة، فكيف والحال أن جنرال الأمس، ورئيس اليوم، هو في صلب المحور الذي هزمه في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1990.

    بقاء عون، هو الثابت الوحيد الذي يراهن باسيل من خلاله على مستقبل سياسي له. والمتحولان اللذان يرفدان هذا الثابت هما بالضرورة مرتبطان به، والفصل بينهما هو غالباً رهين القصر وساكنيه.

   وأغلب الظن، أن بقاء ميشال عون في قصر بعبدا، لو تحقق، سيكون على الأرجح مشابهاً لسنوات التمديد لإميل لحود. إنها العزلة التي لن تكسرها غالباً إلا مواساة سليم جريصاتي ورفيق شلالا، كفريضة تشبه مواساة يعقوب الصراف وجان لوي قرداحي لإميل لحود.

إقرأوا أيضاً: