fbpx

مخيّم نهر البارد: تأخير كبير في إنجاز المساكن وقلق من وقف الدعم الأميركي للأونروا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعدّ أبو محمد الأيام والساعات بانتظار حلول العام 2020. صحيح أن الانتظار ثقيل ومرهق لكن ليس بيد أبو محمد، اللاجئ الفلسطيني في لبنان سوى أن ينتظر هذا التاريخ كي يعود الى منزله في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 

يعدّ أبو محمد الأيام والساعات بانتظار حلول العام 2020.

صحيح أن الانتظار ثقيل ومرهق لكن ليس بيد أبو محمد، اللاجئ الفلسطيني في لبنان سوى أن ينتظر هذا التاريخ كي يعود الى منزله في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان.

نزح أبو محمد وعائلته إلى مخيم البداوي، بعدما دُمّر منزله إثر المعركة العسكرية التي خاضها الجيش اللبناني ضد تنظيم فتح الإسلام عام 2007.

أبو محمد يمتلك منزلاً في نهر البارد، واستأجر منزلاً آخر في مخيّم البداوي مقابل 150 دولاراً في الشهر، ويقول لـ”درج”: “إن موعد العودة إلى المنزل قد يتغير، وهو مرهون بسرعة إعادة إعمار ما تبقى من المباني المدمرة”.

حال الرجل الستيني كحال حوالى 2100 عائلة فلسطينية تنتظر العودة إلى منازلها بعد انتهاء عملية البناء الشاملة التي أطلقتها وكالة الأمم المتحدة للغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) عام 2009. وقد ساهمت عملية الإعمار في عودة 2700 عائلة إلى المخيم على دفعات، من أصل 5000 عائلة نازحة مسجلة لدى الأونروا، بينما ترفض عشرات العائلات العودة للسكن في المخيم.

بحسب الروزنامة التي وضعت عام 2008 من قبل الاونروا فقد كان من المفترض أن ينتهي المشروع بحلول عام 2019، ولكن 10 أعوام مضت ولم يحقق من المشروع سوى نصفه.

قبل عام 2007، كانت الأونروا قد استأجرت مساحة صغيرة محاذية للمخيم وتقدر بنحو كيلومتر مربع، من أجل استيعاب فائض السكان الذي عانى منه المخيم ولتجنب أزمة البناء العشوائي.

هذه المساحة تصدعت فيها المباني وأعيد أصلاحها بسرعة وعاد إليها أغلب سكانها، ولكن بطء الإعمار يعاني منه المخيم القديم الذي دُمر بالكامل والذي تبلغ مساحته 16 كيلومتراً مربعاً.

وبعد الحرب انتقلت مئات العائلات للسكن في مخيم البداوي والذي لا يبعد سوى 21 كيلومتراً عن مخيم نهر البارد، وتوزعت بقية العائلات بين أحياء مدينتي طرابلس وعكار، ونزح بعضها إلى مخيم عين الحلوة.

عصى في عجلة عملية الإعمار

يضج المخيم بصوت ضرب المسامير في الخشب، وأزيز شرارة كي الحديد، ويرى المتجول في أزقة المخيم، حجم الفوضى التي تتخللها عملية الإعمار، ففي كل حي، تجاور مبانٍ منجزة حديثاً مباني أخرى قيد الإعمار.

يغيب التخطيط العمراني عن عملية الإعمار التي ترعاها الأمم المتحدة، علماً أن دمار 95 في المئة منه، شكل فرصة لإعادة بنائه بأسلوب مختلف يحسن ظروف عيش الفلسطينيين.

فالوضع الإنمائي في المخيم سيئ جداً، إذ لم تفلح الفصائل الفلسطينية الفاعلة فيه، خصوصاً منظمة فتح الحاضرة راياتها وصور زعمائها بشدة في المخيم، في تنظيمه وإدارته، فطرقات المخيم واسعة وممتلئة بالأوساخ والأبنية غير ملتصقة ببعضها كما حال بقية المخيمات التي تعاني من انفجار سكاني، وقد وفرت الأوضاع السيئة ذرائع للفصائل الفلسطينية لتبرير عجزها وتراخيها عن إدارة الشؤون المحلية للمخيمات.

يفتقر نهر البارد إلى مقومات الحياة. تفيض الشوارع بسوائل الصرف الصحي، كذلك ألقت أزمة النفايات التي يعاني منها لبنان ظلالها داخل المخيم حيث تجانب الطرقات تلال صغيرة للنفايات.

لم ينجز من مهمة بناء المخيم سوى 60 في المئة، إذ يقول عمر إبراهيم الذي تابع لسنوات ملف نهر البارد لـ”درج”: “كان مقرراً أن ينجز المخيم قبل سنوات إلا أن تباطؤ التمويل الدولي للعملية أخّر إتمامها”.

وكانت الأونروا قد قسمت المخيم إلى 8 رزم. أُنجز 4 منها، وجاري العمل حالياً على إنهاء الرزمة الخامسة ومن ثم تسليمها إلى سكانها.

يشير إبراهيم في حديثه إلى وجود فجوة مالية راهنة تعاني منها اللجنة التي ألفتها الأونروا بالتعاون مع لجان فلسطينية لمتابعة سير الإعمار، وتقدر الفجوة المالية بحوالي 75 مليون دولار، وهو مبلغ غير متوفر إلى الآن.

كذلك فمضاعفات الأزمة التي تواجهها الاونروا منذ سنوات انعكست سلباً على المعونات المالية التي تقدمها المنظمة للاجئين الذين لم يعودوا إلى المخيم، فعام 2009 خصصت الاونروا مبلغ 200 دولار لكل عائلة، غير أن المبلغ الزهيد تدنى تدريجياً ليستقر حالياً على 100 دولار، وليس مستبعداً أن يتقلص المبلغ مجدداً في حال ساءت الأزمة في المستقبل.

وقف الدعم الأميركي

تحوم غيوم  سوداء فوق الرزم غير المنجزة في المخيم. ففي الأسبوع الأخير من شهر آب/ اغسطس المنصرم، قررت الولايات المتحدة الأميركية وقف دعمها لمنظمة الأونروا، ووصفت الإدارة الأميركية الوكالة الدولية بالمنحازة التي تبالغ بالأرقام من أجل الكسب المادي.

يشكّل الدعم المالي الاميركي حجراً أساسياً في إعمار المخيم. فكلفة إعمار المخيم نحو 450 مليون دولار. وقد نجح مؤتمر فيينا الذي عقد عام 2008 في توفير أكثر من 150 مليون دولار من دول غربية لسداد الكلفة، بينما رمى المؤتمر عبء تمويل التكاليف المتبقية على الدول العربية.

قرار أميركا، استدعى رداً من مدير الأونروا بير كرنبل الذي أكد أن القرار سياسي، فالأونروا تدعم عبر برامجها ما يقارب المليون لاجئ فلسطيني، وكان للدعم المالي الأميركي الذي تجاوز في مرات عدة حاجز الـ300 مليون دولار دور بارز في ميزانية الأونروا التي تبلغ سنوياً نحو المليار دولار. 

في المخيم اقامت الأونروا خمس مدارس تستقبل الطلاب، وبالتالي فلا شك في أن المدارس ستتأثر بوقف الدعم الاميركي الذي كان جزء كبير منه يذهب إلى الشق التعليمي في الأونروا.

الوضع المعيشي السيئ

يبلغ متوسط الدخل في المخيم 300 دولار للفرد، أما الحركة التجارية فيه فخفيفة جداً، وعلى رغم أن الأونروا سلمت نهاية عام 2017 مفاتيح 700 محل تجاري لأصحابها، غير أن الحرب التي شهدها المخيم لأكثر من شهر، نسفت قيمة المخيم التجارية.

للمخيم تاريخ تجاري عريق يعرفه أبناء شمال لبنان، فهذا المكان عُرف بين الزبائن بتوفير اللحوم بأسعار متدنية، واشتهر بـ14 محلاً فاخراً لبيع المجوهرات، وضم سابقاً عدداً من المحلات التي حصلت على وكالات تجارية عالمية لبيع إكسسوارات السيارات.

المخيم يحوي حالياً محلاً واحداً بسيطاً جداً لبيع المجوهرات، و”يرفض بقية تجار الذهب العودة  إلى المخيم، ولا يسعون لذلك حتى لو أنجز إعماره” وهذا أيضاً بحسب ما يقوله إبراهيم، لأن الظروف الأمنية التي يعيشها المخيم، دفعت تجار الذهب إلى فتح محالهم التجارية في مناطق مجاورة في طرابلس وعكار.

أما عن الفئة العاملة في المخيم، فهي تعمل إما في ورش البناء أو في مدينة طرابس، وتزدهر المقاهي الصغيرة، والمطاعم التي تقدم وجبات سريعة، والدكاكين إضافة إلى محلات بيع الملابس، كذلك فعند الخط الشمالي للمخيم تكثر محلات تصليح السيارات وبيع التبغ، ولكن هذه العجلة الإقتصادية المتواضعة لا تشبه تلك التي كانت سائدة قبل الحرب، فشارع محلات اللحوم اندثر واختفى السوق الرئيسي للمخيم.


إقرأ أيضاً:

اللاجئون السوريون في لبنان وأزمة العودة 

مخيم اليرموك.. المقاومة والممانعة تدمران عاصمة اللاجئين الفلسطينيين