fbpx

إسقاط مشروع قانون “الكابيتال كونترول”… وولادة بنك “الزومبي”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“الكابيتال كونترول” يمنح المصارف عفواً عاماً، ويحمي أصحابها على حساب الدولة والمودعين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“بدعي الكل لينزلوا على المصارف بالدم، بالسلاح، لأنهم ما بيفهموا غير بهالطريقة”، بهذا الإصرار شدد المودع بسام الشيخ حسين من أمام مقر مجلس النواب في ساحة الشهداء على ضرورة استرجاع الأموال المحجوزة في المصارف منذ عام 2019.

وبسام هو المودع الذي اشتهر في لبنان وخارجه قبل أسابيع قليلة حين اقتحم مصرفاً واحتجز رهائن لاسترداد وديعته المحتجزة. 

رافق الشيخ حسين عشرات المعتصمين ضمن التحرّك الذي نفّذته نقابة المحامين في بيروت بالتنسيق والاشتراك مع النقابة في طرابلس ونقابات المهن الحرة ومجموعات تهتم بقضية المودعين. أتت صرخة هؤلاء تنديداً بمحاولة تمرير قانون الكابيتال كونترول، بالشكل والمضمون المقترحين، تزامناً مع عقد جلسة للجان النيابية المشتركة “لدرس مشروع القانون الرامي إلى وضع ضوابط استثنائية وموقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية”. وقد توجّه المتظاهرون إلى “بنك العودة” حيث أزالوا لافتته وصرخ بعض المودعين لديه بإعطائهم أموالهم. 

كان الشيخ حسين قد لاقى حملة دعم واسعة من المودعين بعدما اقتحم “فيدرال بنك” وهدّد بإحراق المصرف ومن فيه. وانتهى الموضوع بتوقيفه ومن ثم إطلاق سراحه وإعطائه 35 ألف دولار من أصل وديعته البالغة 209 آلاف دولار.

بماذا يطالب قانون الكابيتال كونترول؟

يطالب هذا القانون المقترح بحماية المصارف من دعاوى المودعين في الداخل والخارج، ويصنّف الودائع بين قديمة وجديدة. تبلغ قيمة القديمة نحو 100 مليار دولار، وهي مجهولة المصير. 

في ظل غياب خطة واضحة، وأرقام ومعلومات مثبتة، وغياب التفاهم مع صندوق النقد، تسعى السلطات إلى تمرير قرار الكابيتال كونترول بطريقة مُبهمة.

يرفض المحامي في تحالف “متّحدون”، جورج خاطر، خطوات مجلس النواب معتبراً أنّ القانون ما هو سوى “تغطية على جرائمهم المالية خلال الثلاثين سنة الأخيرة”. جاء ذلك بعد 3 سنوات من تعاميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي فرضت كابيتال كونترول على المودعين، إذ انخفض الاحتياطي الإلزامي في مصرف لبنان من 30 مليار دولار وصولاً إلى نحو 7 مليارات دولار. 

يتخوّف النائب ميشال دويهي من إقرار هذا القانون من دون إعادة هيكلة المصارف ورسملتها من جديد. ويعني ذلك الاستمرار بصيغة “البنوك الزومبي” الحالية. مضيفاً أنّ إقرار المشروع يأتي مع “غياب رؤية لتوحيد الصرف”. “بنك الزومبي” تعني المؤسسات المالية ذات القيمة الاقتصادية أقل من الصفر لكنّها لا تزال تعمل لأن قدرتها على سداد ديونها ترتبط بدعم انتمائي حكومي ضمني أو صريح. 

جلسة النواب: نقاش سطحي فإعادة التأجيل

دارت الجلسة التي حضرها 70 نائباً حول نقاش مبدأ دراسة مشروع الكابيتال كونترول “سطحياً”. شغلت حماية المصارف الجلسة، حيث كانت المواد المقترحة مبطّنة، فهم مرغمون على إرضاء صندوق النقد الدولي، واللجان نفسها من تضع مواد هذا القانون. 

“المادة 12” من مشروع  قانون الكابيتال كونترول تنصّ، واقعياً، على سلب حقوق المودعين ليلجأوا إلى “القضاء” في كل ما يخص المصارف حيث تتنصّل البنوك من كل الدعاوى التي قد تُرفع ضدّها. ويكون “تبرئة ذمّة” المصارف هو البند الرئيسي في هذا المقترح.


بحسب “المفكرة القانونية”، فقد برز في الجلسة اتجاهين: الاتجاه الأول دعا فيه النائب جبران باسيل إلى إلغاء البنود التي لا تتناسب مع حقوق المودعين. وأردف النائب علي فياض أنّ “لحزب الله تعديلات جوهرية” على المادة المتعلقة بإنشاء اللجنة، وتلك المتعلقة بحقّ التقاضي، مشددين على عدم جواز المس بأصول الودائع.  

أما الاتجاه الثاني فتمثّل بموقف حزبي “التقدمي الاشتراكي” و”القوات اللبنانية” الّلذين أشارا إلى ضرورة أن يكون القانون جزءاً من “الرزمة الإصلاحية”، لا سيما قانون هيكلة المصارف. وكان لنوّاب كتلة “التغييريين” المطلب نفسه معتبرين أن النسخة الأخيرة من القانون “مفخّخة”. 

وأيّد النائب علي حسن خليل المطالبة بالإطلاع على خطة الحكومة قبل السير بمناقشة المشروع، الذي تمنّى أن يكون بسيطاً ومن ثلاثة أسطر. 

تأجيل الجلسة كان النتيجة التي قرّرتها معظم الكتل النيابية. فقد قرّر نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب ذلك، طارحاً ثلاثة خيارات للتصويت: إسقاط المشروع، البدء بمناقشته مادة مادة، تأجيل عرضه ريثما يحصل المجلس على خطة الحكومة وعلى مشروع هيكلة المصارف.

أعلن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي أن قانون هيكلة المصارف يحتاج إلى أسبوع لإنجازه. وهو نفسه كان أكّد سابقاً “وجوب عدم تحديد رقم للسحوبات والتحويلات وترك هذا الأمر للجنة التي يفترض أن تشكل لمتابعة تنفيذ القانون”، بحسب المفكرة القانونية. 

من جهة أخرى، عُقد اجتماع تشاوري طارئ بين النواب حليمة قعقور، وإبراهيم منيمنة، ونجاة عون، وملحم خلف، وفراس حمدان، وسينتيا زرازير، ووضاح الصادق، ومارك جعارة ممثلاً للنائب بولا يعقوبيان. نوقش خلال الاجتماع مشروع القانون “المشوّه” وما يتضمنّه من عفو عام للمصارف وتأبيد لحجز الودائع. وتباحث النواب في خطة المواجهة خلال الأيام المقبلة من داخل مجلس النواب. وأكّدت الرابطة رفضها لقانون المطروح.

“الدولة تخطّت الخطوط الحمر معنا، نحن يجب أن نزيل هذه الخطوط ونسترد حقنا”، يقول محمد م.، وهو عسكري في الجيش اللبناني. محمد يمثّل شريحة كبيرة من اللبنانيين الذين تحاول السلطة، عبر إقرار الكابيتال كونترول بهذا الشكل، السطو على ودائعهم. 

حقيقةً، لا يساهم مشروع القانون هذا في حلحلة الأزمة الراهنة، بل هو عبارة عن ألغام تعرقل أي خطة متكاملة للتعافي، إضافة إلى عدم احترامه استقلالية القضاء، ومنعه المودعين من حق التقاضي المكفول في مواثيق حقوق الإنسان، كما أنه يمنح  المصارف عفواً عاماً، ويحمي أصحابها على حساب الدولة والمودعين.

نسخة القانون المقترحة: مُبهمة وتفلت من العقاب

تعتبر مايا جعارة، المستشارة القانونية لجمعية “أموالنا لنا” أن المطلوب هو خطة كاملة متكاملة وقوانين توضع في سلّة واحدة. وهذا ما طالب به صندوق النقد الدولي ضمن “خطة التعافي الاقتصادي”. وتصف القانون الحالي بأنه قانون “عفا الله عما مضى” وهو في خدمة الإفلات من العقاب وحمايةً للمصارف. “المشهد غير واضح تماماً ولا يوجد ضوابط لحماية المودعين”، تقول جعارة لـ”درج”. النسخة الحالية لا توضح كمية السحوبات المسموحة: “ما لا يتجاوز الألف دولار” من دون تحديد سعر صرف محدّد، أي يمكن أن يكون 10 دولارات شهرياً مثلاً.

منذ انطلاق ثورة 17 تشرين عام 2019، وحفاظاً على حقوق المودعين، كان يجب أن يقرّ قانون الكابيتال الكونترول ليشمل خطة إنقاذ شاملة ومنصفة. والقانون، بحلّته المحقّة، يجب أن يكون لتحرير الودائع الصغيرة والمتوسطة، ووضع قيود على تحويلات وسحوبات كبار المودعين لمنع تهريب المال، باستثناء حسابات النقابات والصناديق. وكان على هذا القانون أن يترافق مع سلّة قوانين، منها توحيد سعر صرف الدولار وإعادة هيكلة المصارف. 

في المقابل، القانون المقترح في البرلمان تغيب عنه خطة الواضحة، وأشار إلى إمكانية سحب ألف دولار شهرياً من دون تحديد على أي سعر صرف. ويميز مشروع القانون بين الأموال القديمة وتلك التي وضعت بـ”الفريش” دولار، بمعنى تشريع احتجاز ما هو قديم. يوضح هذا الواقع أن النسخة المقترحة، التي وُضعت بين أيدي “أزلام المصارف” في السلطة، تُبرّئ المصارف وتشرّع تعاميم المصرف المركزي و”صيرفة” وتعدّد أسعار الصرف، ولا تستثني ودائع النقابات حتى.

في المقابل يحاول المودعين القتال بدم الحي لعلّهم ينجحون في تحصيل حقوقهم ومنع الانقضاض على جنى أعمارهم.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.