fbpx

لبنان: إجراءات تأديبية بحق “رسالة حياة” فما مصير الأطفال ضحايا العنف؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مرة أخرى، وكما حصل في قضية منصور لبكي مع صدور حرم كنسي وحكم بالسجن 15 سنة من القضاء الفرنسي بتهمة الاعتداء على أطفال في عهدة جمعيته، تتم معمعة الأمور وتمييع المسؤوليات. فالراهبتان اللتان تصدتا لقرار قضائي وساهمتا في إخفاء رضيعين ليستا معلوف.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في 1 أيلول/ سبتمبر 2022، صدر عن المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان بيان أكد فيه أنّ “البابا فرنسيس اتخذ إجراءات تأديبية بحق مؤسس جماعة (رسالة حياة) الاب وسام معلوف، رغبة منه في وضع حد للشك الناتج عن القضية بعد تحقيقات بالأحداث التي حصلت منذ ما يقارب السنتين، وحيث اتخذت البطريركية المارونية عقوبات كنسية بحق الاب معلوف الذي قدم استغاثة ضدّها لدى دائرة الكنائس الشرقية”. وكانت أمانة سر البطريركية المارونية قد أوضحت أنّه “منذ ما يقارب السنتين، والبطريركية المارونية تواكب باهتمام أبوي الأحداث التي استهدفت جماعة رسالة حياة ومؤسسها الأب وسام معلوف. جراح عميقة فُتحت في قلب الجماعة، بين أعضائها من مكرسين ومكرسات، وأيضاً بين الأصدقاء والمحسنين الذين دعموها في حينه بأعمال محبّة متنوّعة”.

فما هي هذه الجراح التي “فُتحت في قلب الجماعة”؟

عام 2019، وجه القضاء اللبناني اتهامات لجمعية “رسالة حياة”، بتعرّض أطفال بينهم رضّع، للأذى والتحرّش الجنسي في أحد مقار الجمعية، بينما نفت الجمعية الشبهات التي طاولتها. في حينها تصدر خبر نظر القضاء اللبناني في ملفّ نقل أطفال، بينهم رضّع، من رعاية جمعية “رسالة حياة” الرهبانيّة المارونيّة، إلى مراكز وجهات أخرى، لكونهم في “خطر”، بعد الاشتباه بتعرّضهم للأذى والتحرّش الجنسي في أحد مقار الجمعية، ونشطت البرامج التي تزعم تنازل القضايا الاجتماعية في تغطية هذا الموضوع واستضافة شباب وشابات اختبروا سوء المعاملة والتحرش في “رسالة حياة”. وكالعادة، هبت مجموعة من المنتصرين للجماعة، على أساس طائفي بحت، للتشكيك بشهادات ضحايا الاعتداءات واعتبارها نكراناً لجميل الجماعة.

في حينها نفت الجمعية الشبهات التي طاولتها، وقاومت قراراً قضائياً يقضي بتنفيذ قرار نقل 12 طفلاً من مقرّ لها. حصل كل هذا مباشرة على الهواء حينها. ومن منا لا يتذكر الراهبتين اللتين تصدتا لقوى الأمن رافضتين تسليم رضيعين، مشكوك باختفائهما من الجمعية، عند مداهمة مقر الجمعية. 

 في حينها تسلحت الراهبتان في الجمعية الامتثال بقرار من محكمة روحيّة مارونية، يسمح للجماعة بالاحتفاظ بالأطفال المودعين لديها من قبل قضاء الأحداث المدني اللبناني. حينها، تم توقيف الراهبتين ولاحقاً، صدر قرار بإطلاق سراحهما بعد ضغوط روحيّة وسياسيّة. 

وكان صدر حكم بتاريخ 6 كانون الأول/ ديسمبر 2019 عن قاضية الأحداث في جبل لبنان جويل أبو حيدر، كلّفت بموجبه مكتب “الاتحاد لحماية الأحداث” بالتوجه إلى “بيت الحياة الجديدة” لنقل قاصرين منه إلى مراكز وجهات أخرى، و”إلزام رسالة حياة بتسليم أغراض المطلوب حمايتهم والمستندات الرسمية التي تخصّهم خلال مهلة 5 أيام تحت طائلة الغرامة. وقد تضمّن قرار القاضية أبو حيدر في حينها تهماً بالتحرّش و التعنيف و الاتجار بالأطفال بغرض التبنّي.

وأحالت القاضية قرارها إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان للتحقيق مع أحد الرهبان في الجماعة للاشتباه به بالتحرّش بقاصر، ومع راهبة للاشتباه بتعنيفها الأطفال.

وللتذكير، تأسست “رسالة” حياة عام 2000 بمبادرة من الكاهن وسام معلوف، ويعمل فيها كهنة ورهبان وراهبات، يتطوّعون للعناية بالأطفال، والمراهقين، والمسنين، في مراكز وأديرة عدة على الأراضي اللبنانية وفي فرنسا. تهتمّ الجمعية بالأطفال والمراهقين الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية، والأطفال الذين يعانون من أوضاع اجتماعية صعبة، أو المعرضين للتشرّد والانحراف.

إقرأوا أيضاً:

وفي تعليق على قرار أيلول 2022، الصادر عن البابا فرنسيس باتخاذ إجراءات تأديبية بحق معلوف، أكدت مصادر الكنيسة في لبنان أن “الجماعة ستكمل رسالتها التي بدأتها بمعزل عن القرار الذي اتخذ من روما”، مرجحة أن يعاد انتخاب مسؤول جديد للجماعة.

هكذا، ومرة أخرى، وكما حصل في قضية منصور لبكي مع صدور حرم كنسي وحكم بالسجن 15 سنة من القضاء الفرنسي بتهمة الاعتداء على أطفال في عهدة جمعيته، تتم معمعة الأمور وتمييع المسؤوليات. فالراهبتان اللتان تصدتا لقرار قضائي وساهمتا في إخفاء رضيعين ليستا معلوف. والحقيقة أن الأخير وما فعلته الراهبتان، وجهان لعملة واحدة. فإلى متى يغيب القضاء المدني عن تحمل مسؤولياته في حماية الأطفال ولو على حساب القضاء الروحي؟

أما بعد، يأتي قرار الكنيسة في روما متأخراً سنتين عن وجع الأطفال الذين كبروا دون الالتفات لما تعرضوا له من تعنيف، وتحرش، واعتداء. سنتان انقضت وما زال مصير الرضيعين مجهولاً ولعل مصيرهما هو نفسه مصير أكثر من 10 آلاف طفل وطفلة، كانوا ضحية الاتجار بالأطفال لغرض التبني الدولي. هم أطفال مخفيون قسرياً، يضافون إلى لائحة مفقودي الحرب التي ما زالت مستمرة ولو لبست رداء العمل الخيري.

إقرأوا أيضاً:

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.