fbpx

عن عادل وعن المجاعة المُحدقة باليمن

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

منذ مدّة طويلة وأنا أراقب عادل على “تويتر” وهو يغرّد عن الحالات الإنسانية التي يراها وعن عمله التطوّعي في اليمن. سُعدت جداً عندما تم التعاون بينه وبين والدتي بنجاح حيث استطاعا مساعدة عشرات الأسر اليمنية الفقيرة…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

عندما ذكرت لي أمّي في صنعاء في اتصال بيننا قبل سنة أنها تعمل على جمع تبرّعات من ملابس وأغطية للنازحين في صنعاء، سألتني إذا ما كنتُ على دراية بمبادرات إنسانية محلية تستطيع أن تتواصل معها حتى تنسّق التبرّعات وتوزّعها على المحتاجين. أخبرتها عن عدد من المبادرات، ثم كان لها التواصل مع عادل هاشم، الشاب الدؤوب ذي ال٢٦ سنة الذي يدير  منظمة Human Needs Development (احتياجات إنسانية للتنمية) التي تهدف إلى مساعدة الفئات الأكثر تضرّراً في اليمن وتزويدها بالحاجات الأساسية، كالطعام والشراب والتعليم والصحّة.

منذ مدّة طويلة وأنا أراقب عادل على “تويتر” وهو يغرّد عن الحالات الإنسانية التي يراها وعن عمله التطوّعي. سُعدت جداً عندما تم التعاون بينه وبين والدتي بنجاح حيث استطاعا مساعدة عشرات الأسر اليمنية الفقيرة. على رغم الموارد المحدودة يعمل عادل كمتطوّع مع فريق من شبكة من المتطوّعين في مدن يمنية كثيرة، على جمع التبرّعات النقدية والعينية من المتبرّعين المحليّين وفاعلي الخير ومن ثم يقومون باستهداف الأسر الفقيرة في صنعاء ومدن أخرى. منذ عام 2016 عمل فريق “هيومن نيدز” على مساعدة 20 ألف شخص تقريباً، وإمدادهم بالخدمات الإنسانية (الماء أو الطعام أو التعليم أو الصحة).

“لعقود طويلة كان اليمن أفقر دولة عربية، فأتت الحرب اليوم لتدمّر هذا البلد الهش”

خلف عناوين الأخبار وإحصاءات المجاعة المُحدقة باليمن عادل وفريقه نموذج واحد من بين سيل من الجهود المحلية التي تحاول تدارك الأزمة. يُقدّر عدد المنظمات الأهلية العاملة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية  في اليمن بـ11 ألف منظمة.  

بدأ عادل العمل التطوّعي الإنساني منذ أيام الدراسة في الجامعة (2013 – 2016)، من خلال المشاركة في حملات إنسانية، وفي تلك الفترة يقول عادل “أدركت حجم معاناة اليمنيين وما مدى الحاجة الكبيرة والعاجلة بين هؤلاء الأسر، ليس فقط في صنعاء وإنما في أرجاء اليمن كافة”.

لعقود طويلة كان اليمن أفقر دولة عربية، فأتت الحرب اليوم لتدمّر هذا البلد الهشّ. يعتمد اليمن اليوم تقريباً على التبرّعات الدولية، فقد عُقد أكثر من مؤتمر دولي في مكتب الأمم المتحدة في جنيف لجمع الأموال من أجل اليمن. آخر مؤتمر عُقد في نيسان/ أبريل نجح في الحصول على تمويل إنساني بقيمة تزيد على  ملياري دولار، الأمر الذي يُعتبر خطوة مهمّة في حركة التضامن الدولي مع شعب اليمن.

يتلقّى فريق عادل تمويلاً متواضعاً من ثلاث جهات: من قبل منظمات غير ربحية في ألمانيا وإيطاليا وأميركا وإنجلترا، ومن قبل تبرّعات عبر منصّة تبرّعات على الإنترنت، ومن داعمين محليين. يخبرني عادل، “يُعتبر التمويل من الداعمين المحليين الأقل في نسبة إجمالي الدعم الذي تحصل عليه منظمتنا، وذلك لأن الوضع الاقتصادي بالمجمل مأسوي في البلاد فقد أغلقت شركات محلية وأفلست أخرى بسبب الحرب”.

يعتمد عادل بشكل كبير على الإنترنت للتواصل مع المتبرّعين الأفراد، وهنا السؤال: ماذا كان سيحدث لهذه المبادرة لولا التواصل مع العالم الخارجي عبر الإنترنت في ظل الحصار المفروض على اليمن؟ ما هو دور وسائل التواصل الاجتماعي هنا؟ والسؤال الأهم عن دور الجاليات اليمنية الكبيرة في إنجلترا وأميركا في إرسال هذه التبرّعات لليمن وإنقاذ آلاف الأرواح على مرّ الصراعات التي عصفت وما زالت تعصف باليمن؟ ربما هذه الأسئلة اقتراحات لدراسات مستقبلية للباحثين والباحثات في قضايا اليمن.

على رغم التغطية الإعلامية لليمن الموجودة اليوم، يرى عادل أن “الإعلام مقصّر بشكل كبير في نقل معاناة اليمنيين إلى العالم وليس كما حال الأزمة في سوريا.” يتمنى عادل أن يحصل اليمن على تغطية إعلامية أكبر، لأنه يشهد أكبر كارثة إنسانية في العالم اليوم.

الحالات الإنسانية التي يتعامل معها عادل تتراوح بين أسر من دون معيل ليس لها أي مصدر دخل، وهي على شفير المجاعة، وأسر نازحة من دون مأوى ولا طعام ولا ثياب، وأطفال يتامى من ذوي الاحتياجات الخاصة.

يخبر عادل قصة الطفل “علي” وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة منذ ولادته، يعيش مع أسرته المكوّنة من 8 أفراد في بيت قديم جداً في صنعاء ينعدم فيه حتى الأثاث. قتل والده أثناء مشاركته في القتال في صفوف الحوثيين. علي الآن يتسوّل في شوارع صنعاء من أجل لقمة عيش لأسرته. أما أمّه التي تعتني بأطفالها الخمسة بعد أن توفي رب الأسرة منذ ثلاث سنوات، فتعمل حالياً بجمع العلب البلاستيكية لبيعها لتغطية تكاليف الدقيق لأسرتها وتبقي القليل من هذه العلب البلاستيكية تحرقها، لتطبخ لأولادها.

لكن يقول عادل إن قصة الطفل محمد هي من قصص النجاح التي يستمد منها عادل وفريقه الأمل. فذات مرّة أثناء جولة استطلاعية لفريق عادل في المستشفيات الحكومية في صنعاء للأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدات مالية لتغطية تكاليف علاجهم، وجدوا طفلاً يتيماً يدعى محمداً. أصيب محمد بصعقة كهربائية في يده اليمنى في محافظة مأرب ومن ثم تم إسعافه إلى المستشفى الجمهوري التعليمي بصنعاء ذي الرسوم المنخفضة والعناية الصحية الرديئة.

وصل محمد المستشفى مبتور اليد بسبب الصعقة الكهربائية وكانت ملامح الحزن تبدو عليه. رافق محمد عمّه في رحلته من مأرب إلى صنعاء، وأخبر العم عادل عن الحالة الإنسانية الصعبة التي تعيشها أسرته بخاصة بعد وفاة والده بحادث مروري قبل خمس سنوات. وحكى العم كيف لم تستطع أسرة محمد تغطيه تكاليف علاجه، بل لم يكن بمقدورها دفع تكاليف مدرسة محمد وأخته (عزيزة).

يواصل عادل القصة ويقول، “بعد ذلك قامت منظمتنا بسداد كافة تكاليف علاج محمد، وتكاليف عودته إلى قريته في مأرب، وكل تكاليف مدرسة محمد وأخته في مأرب…  الجميل في القصة هو أن محمد بدأ عامه الدراسي (2017-2018) ولم تمنعه حالته الخاصة عن الحصول على المركز الأول بين زملائه في المدرسة. كان محمد يبدو سعيداً جداً في جميع الصور التي كان متطوّعونا في مدينة مأرب يرسلونها بشكل دوري”.

إقرأ أيضاً:
الطفلة شيماء ومأساة أطفال اليمن
في ذكراها السابعة هذا ما تعلّمته من رؤفة حسن

هلا نهاد نصرالدين - صحافية لبنانية | 27.03.2024

“بنك عودة” في قبضة الرقابة السويسرية… فما هو مصدر الـ 20 مليون دولار التي وفّرها في سويسرا؟

في الوقت الذي لم ينكشف فيه اسم السياسي الذي قام بتحويل مالي مشبوه إلى حساب مسؤول لبناني رفيع المستوى، والذي امتنع بنك عودة سويسرا عن ابلاغ "مكتب الإبلاغ عن غسيل الأموال" عنه، وهو ما ذكره بيان هيئة الرقابة على سوق المال في سويسرا "فينما" (FINMA)، تساءل خبراء عن مصدر أكثر من 20 مليون دولار التي…