fbpx

الأكراد یعیدون ترتیب أوراقهم عبر إجراء انتخابات لـ”برلمان کُردستان”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تشكّل الانتخابات الكُرديّة فرصة لإعادة اختبار شعبية الأحزاب؛ فقوى السلطة حسمت انتخابات أيّار/مايو لصالحها في ظل انتخابات أجريت عبر العد والفرز الإلكتروني، طالتها موجة قوية من الطعون والشكوك واتهامات التهكير الإلكتروني وتغيير النتائج، وهي اليوم مُطالبة بإثبات صدارتها مرّة أخرى

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد أقل من 8 أشهر من إجراء استفتاء الاستقلال، انخرط الأكراد مجدّداً في العملية السياسية العراقية، عبر المشاركة في الانتخابات العامة لمجلس النواب. لكن بما أن العملية كانت تتعلّق بالاستحقاق الوطني والتمثيل في بغداد، لم تُغيّر من المعادلات الداخلية الكُردية شيئاً، بل كرّست تفوّق الحزبين الحاكمَين “الديموقراطي” و”الاتحاد” خلافاً للتوقّعات، وسط موجة من الطعون والتشكيك ورفض النتائج بحجة تغييرها عبر التزوير الإلكتروني المنظّم.

ومع اقتراب الموعد المؤجّل أساساً لانتخابات برلمان كُردستان المقررة نهاية هذا الشهر (أيلول/ سبتمبر 2018) دار جدل سياسي وجماهيري كبير حول جدوى خوض العملية، خوفاً من تجنّب سيناريو انتخابات بغداد، وانتهت المناقشات بقبول جميع الأطراف خوض الاستحقاق لأسباب مختلفة، باستثناء التحالف الذي يقوده برهم صالح، والذي قرّر الانسحاب من العملية بحجّة عدم ضمان نزاهتها، وسط حديث عن تعلّق الأمر بوعود منحه منصباً سيادياً في بغداد مقابل إخلاء الساحة لحزبه الأم؛ الاتحاد الوطني الذي تقوده عائلة الرئيس الراحل “مام جلال”.

انطلقت الحملة الدعائية لانتخابات برلمان كُردستان يوم الـ11 من أيلول، وهو اليوم الذي يصادف ذكرى اندلاع الثورة الكردية المسلّحة ضد سلطة عبدالكريم قاسم في بغداد قبل 58 عاماً بقيادة الزعيم الكُردي الراحل مصطفى بارزاني. واغتنم نجله مسعود بارزاني ذكرى المآثر والثورات لرفع شعار “كردستان قوية”، عبر الدعوة إلى اختيار حزبه الذي يعتبر نفسه صاحب الفضل الرئيسي في ما تحقّق من منجزات، لكن غريمه “الاتحاد الوطني الكردستاني” ابتعد من الشحن الثوري في برنامجه الانتخابي واختار شعار الخدمات وتأمين فرص العمل واستتباب الأمن بقيادة طالباني الابن “قوباد” بعد والده الذي كان يُعد رمزاً ليس على المستوى الكردي بل عموم العراق.

ووعد بارزاني بمراجعة الأمور وتأسيس حكومة قوية بمشاركة الجميع بعد الانتخابات، وحذّر مرشحي حزبه في الوقت ذاته من إطلاق الوعود التي لا تتحقّق وطلب منهم إحراز نصر كبير لأن النصر العادي محسوم وفق ما قاله في خطاب تدشين حملة حزبه للانتخابات.

يتنافس الحزبان الرئيسيان في الانتخابات شكلاً ويتّهمان بعضهما بإضاعة الفرص التي أتيحت للحصول على مزيد من الاستقلال لتجربة كُردستان. الديموقراطي يتّهم جناحاً من الاتحاد بالخيانة في كركوك والاتفاق بشكل أحادي مع إيران ووكلائها في العراق لسحب البشمركة من المدينة (16 أكتوبر 2017)، والاتحاد يتّهم الديموقراطي بالعناد والرعونة في إجراء استفتاءٍ جلب الويلات على الأكراد، على رغم التحذيرات، إلا أنهما يشاركان في تحالف واحد في حراك تشكيل الحكومة العراقية، ويسعيان معاً إلى الحصول على استحقاقات الأكراد في بغداد، ويطلقان دعوات لوحدة الصف الكُردي وترك الخلافات والانقسامات الداخلية الكُردية البينية في بغداد.

“تشكّل الانتخابات الكُردية فرصة لإعادة اختبار شعبية الأحزاب، فقوى السلطة حسمت انتخابات أيار لمصلحتها، في ظل انتخابات أجريت عبر العد والفرز الإلكتروني، طاولتها موجة قوية من الطعون”

يخوض حزبا المعارضة الكرديّة (التغيير والإسلاميين) غمار الانتخابات الكُردية بقوائم منفصلة، وقد فشلت الضغوات التي مورست عليهما من الأوساط الجماهيرية لتشكيل جبهة موحّدة للوقوف أمام هيمنة الحزبين. وتدور مخاوف في أوساط المعارضة وتشير ترجيحات إلى أن يؤدّي هذا التشرذم والتشتّت في جبهة الخصوم، إلى تقوية نفوذ الحزبين مثلما حصل في انتخابات أيار/ مايو الماضي عبر حصد “الديموقراطي” و”الاتحاد” 43 مقعداً مقابل 15 لخمسة أطراف كردية أخرى.

ويتنافس في انتخابات كُردستان 709 مرشّح على 100 مقعد مخصّص للتنافس العام، فيما ستكون المقاعد الـ11 المتبقّية من حصة “الأقليات”، وقد قسم القانون القانون البرلمان على أساس الجنس بـ77 مقعداً للرجال و 34 للنساء ضمن ما يعرف بـ “نظام الكوتا”. ومنح الدستور العراقي في عدد من مواده  (116-121)، الأحقية لإقليم كردستان بممارسة عدد من الصلاحيات تشريعية والتنفيذية وتعديل القوانين الاتحادية، وأُطلق اسم “برلمان كُردستان” على المؤسسة التشريعية من دون ذكر الإقليم أو العراق، باعتبار المؤسسة السلطة التشريعية المنتخبة للشعب الكُردي المنقسم على 4 دول (تركيا، العراق، إيران، سوريا).

لاحظ مراقبون برودة في الأيام الأولى للحملة الدعائية للانتخابات، وفسّر كثيرون الحالة بيأس الشارع من أن يؤدّي الاستحقاق إلى أي تغيير في ظل تمسّك الحزبين بمقاليد الأمور، ودخول العشائر والمال السياسي والموقع السلطوي بقوّة على خط المنافسات، إلا أن آخرين يراهنون على اشتعال الحملات وتزايد الاهتمام بها، كلما اقترب الموعد الاقتراع نظراً لوجود عناصر التنافس ودخول قوى ووجوه جديدة إلى حلبة السباق في مقدمتها “الجيل الجديد”.

تُشكّل الانتخابات الكُردية فرصة لإعادة اختبار شعبية الأحزاب، فقوى السلطة حسمت انتخابات أيار لمصلحتها، في ظل انتخابات أجريت عبر العد والفرز الإلكتروني، طاولتها موجة قوية من الطعون والشكوك واتّهامات التهكير الإلكتروني  وتغيير النتائج، وهي اليوم مُطالبة باثبات صدارتها مرة أخرى بعد مرور أقل من خمسة أشهر من ذلك الاستحاق. وقوى المعارضة التي أطلقت اتهامات التزوير مُطالبة بإثبات تعرضها للضيم والظلم، عبر زيادة أصواتها في انتخابات محلية ستُجرى بشكل يدوي وتقليدي من قبل مفوضية انتخابات الإقليم، التي يديرها ممثلون عن خمسة أحزاب تمثل السلطة والمعارضة على حد سواء.

ولا تختلف انتخابات كُردستان العراق مع مثيلتها في بغداد في العد والفرز اليدوي فقط، بل في اعتبار المحافظات الأربع في الإقليم دائرة واحدة، وعدم الاعتماد على نظام “سانت ليغو” لتوزيع المقاعد، مع تخصيص 5 مقاعد للتركمان والعدد نفسه للمكوّن الكلدوآشور سرياني ومقعد واحد للأرمن. وفي ظل هذا النظام يمكن أن تؤدي المشاركة الواسعة في محافظة بعينها، مثلما يحدث عادةً بإربيل ودهوك “معقل الديموقراطي”، إلى فوز نوابها على حساب المحافظات الأخرى التي تشهد دعوات للمقاطعة مثل السليمانية وحلبجة “معقل الاتحاد والمعارضة”.

واتخذت المفوّضية الكُردية آليات وإجراءات للحد من عمليات التزوير، إلا أن غياب قاعدة بيانات سليمة وصحيحة للناخبين والاعتماد على سجلات وزارة التجارة للتصويت، يبقي الباب مفتوحاً أمام محاولة خرق الانتخابات وتزويرها، بخاصة في المناطق التي يغيب عنها ممثلو الأحزاب أو المراقبون المحايدون، وهذا الأمر معهود منذ أول انتخابات أجريت عام 1992 حيث انتهت بحرب داخلية كُردية دامية استغرقت أربع سنوات (1994- 1998)، بسبب عدم تقبّل النتائج، وتكرّرت الشكوك والاتهامات ذاتها في العمليات الانتخابية التي أجريت في أعوام 2005، 2009، 2013، انتهاءً بآخر انتخابات اعتُبرت الأكثر سوءاً منذ انطلاق العملية الديموقراطية في العراق حيث استغرق الاستقرار على اعتماد نتائجها المثيرة للجدل أكثر من 100 يوم من الطعون وإعادة العد والفرز والتجاذبات.

إقرأ أيضاً:
“اتحاد رجال كردستان” يستعرض عنف نساء ضد رجال
ضغوطٌ من أذرع طهران لتحويل العراق رئة لتنفّس إيران في وجه العقوبات
في كردستان: عاطل من العمل على خاصرته مسدس

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!