fbpx

كيف يفوّت العراق سنوياً ملايين الدولارات
من “زيارة الأربعين” الحسينية؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يثير توافد هذه الأعداد الكبيرة إلى العراق، التساؤل حول العائدات الاقتصادية التي يجنيها البلد من خلال استقباله للزائرين في مواسم مختلفة، في ظل تقلب أسعار النفط المورد الأساس لميزانية للبلد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

آخر الإحصائيات الحكومية تشير إلى أن أكثر من 20 مليون إنسان شاركوا في زيارة الأربعينية في محافظة كربلاء (جنوبي العراق)، إذ تعد إحدى أهم الزيارات لدى المسلمين الشيعة حول العالم والشيعة العراقيين على نحو خاص، يخرجون من محافظات الجنوب والوسط أفرادا وجماعات مطلع شهر صفر من كل عام هجري مشيا إلى كربلاء.

تستقبل المنافذ الحدودية والمطارات مسلمين شيعة من مختلف البلدان العربية والإسلامية للمشاركة في زيارة الإمام الحسين، ثالث أئمة الشيعة الاثني عشرية، ليصلوا في العشرين من الشهر ذاته، الذي يصادف زيارة (الأربعين) أو عودة رأس الحسين وأنصاره الذين قضوا في معركة كربلاء عام 61 للهجرة، وأصبحت هذه الممارسة أو هذه الشعيرة تقليداً سنوياً بعد انهيار نظام صدام حسين، الذي كان يضع قيوداً صارمة على ممارسة الشيعة لشعائرهم وعلى رأسها زيارة الأربعين.

بالمجان .. مأكل ومشرب ومنام

وفي حديث مع “درج” يقول المواطن العراقي أبو حسين (49 عاما)إن “العراقيين يستقبلون الزائرين في مدينتي كربلاء والنجف وغيرها من المدن التي تشهد زيارات دينية، بتقديم وجبات طعام مجانية”.

 ويضيف: “نقوم بنصب المواكب (خيم) على طول الطريق الذي يسير فيه الزوار إلى هذه المراقد، ونقدم لهم كل أصناف الطعام، وعند وصولهم إلى مكان الزيارة يستقبلهم أهالي المدن بروح الضيافة نفسها”.

ويلفت أبو حسين إلى أن “الخدمات التي يقدمها المواطن العراقي كلها مجانا؛ لأنها تندرج ضمن الثواب لصاحب المرقد في ذكرى وفاته”.

وليست الخدمة المجانية للزائرين يقدمها أهالي المدن فقط، وإنما توفر الوزارات الحكومية كل إمكانياتها لنقل الزائرين من أماكن سكناهم إلى المراقد الدينية مجانا وبالعكس، بسيارات المؤسسات الحكومية و العسكرية.

ويثير توافد هذه الأعداد الكبيرة إلى العراق، التساؤل حول العائدات الاقتصادية التي يجنيها البلد من خلال استقباله للزائرين في مواسم مختلفة، في ظل تقلب أسعار النفط المورد الأساس لميزانية للبلد”.

إقرأوا أيضاً:

تصفير الرسوم للزوار الايرانيين

وكانت الحكومة العراقية قد قررت في عام 2019 تصفير رسوم سمات الدخول لمواطني الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ وافق مجلس الوزراء على تصفير رسوم سمات الدخول لمواطني إيران مع مراعاة مبدأ المقابلة بالمثل استنادا إلى أحكام المادة 36 من قانون إقامة الأجانب رقم 76 لسنة 2017 بدءا من تاريخ 1/4/2019.

كما تمت الموافقة على تصفير الأجور المأخوذة لهيئة السياحة عن المجاميع السياحية القادمة من إيران المحددة بقرار مجلس الوزراء رقم 279 لسنة 2018.

ويقول عضو البرلمان العراقي سُهيل الطائي إن “العراق يعاني مشكلة حقيقية منذ عام 2003 وحتى الآن، تتمثل باعتماده على الموارد الريعية للنفط، ولا وجود لاستثمار حقيقي للزيارات الدينية، في ظل الاستراتيجية الحكومية الخاطئة”.

ويقارن الطائي خلال مقابلة مع “درج” بين العائدات الضخمة التي تتلقاها السعودية وتُقدر بنحو أكثر من 20 مليار دولار سنوياً من شعائر الحج والعمرة وتعود بالنفع عليها، وبين قلة العائدات التي يجنيها العراق من الزيارات الدينية في مواسم عدة في مدن عراقية.

وعزا أسباب ذلك إلى قلة الرسوم المالية التي يفرضها العراق على الزائرين الأجانب، على عكس ما هو معمول به في باقي الدول، حيث تقدم الخدمات بالمجان، فضلا عن عدم فتح باب استثمار الفنادق والاهتمام بها لاستيعاب تلك الحشود.

ويلفت الطائي إلى أن “استثمار الزيارات الدينية بالشكل الصحيح، سيعود بالضرورة بالنفع على البلد وذلك من خلال استقطاب العملة الصعبة وجلب الاستثمار، لأن الزائر يستمر مدة تصل إلى 15 يوميا داخل العراق”.

تشير تقديرات الإحصائيين في العراق إلى أن” إيرادات توافد الزائرين من الداخل و الخارج تصل إلى ملايين الدولارات خلال مراسم زيارة الأربعينية فقط”.

ويقول الخبير في مجال الإحصاء و التخطيط علي هادي في حديث لـ”درج” إن “الإيرادات المستحصلة لخزينة الدولة من محافظتي كربلاء بنسبة 75% و النجف 25% من مجموع الزيارة الأربعينية خلال مدة 7-10 أيام، نتيجة دخول أعداد كبيرة من زوار العتبات الدينية لتلك المحافظات تصل إلى نحو 300 مليون دولار”.

ويضيف هادي: “الرقم يمكن أن يرتفع إلى 3 مليار دولار فقط من الزيارة الأربعينية لكن كما تعلم أن جميع الخدمات من الأكل و المشرب و حتى المبيت هي بالمجان ولا تؤخذ مقابله أجور مالية مما يحدو بأن تكون الإيرادات المستحصلة ناتجة عن مبيت كبار الزوار ومشتقات النفط للسيارات و بيع النذورات داخل العتبات الدينية وغيرها من الأمور”.

وليس معلوماً أين تذهب هذه الأموال على نحو دقيق، وهل هناك جزء منها يذهب إلى  الأحزاب أو المرجعية الدينية، فيما تتكبد الدولة تكاليف كبيرة لضمان أمن المناسبة عبر نشر آلاف العناصر من الأجهزة الأمنية.

وينتقد مختصون اقتصاديون عدم وجود خطة شاملة لدراسة الجدوى الاقتصادية من الزيارات الدينية التي يمكن أن تشكل مورداً مالياً مهماً للبلد، لاسيما في ظل الأزمة المالية الحالية.

تشير تقديرات الإحصائيين في العراق إلى أن” إيرادات توافد الزائرين من الداخل و الخارج تصل إلى ملايين الدولارات خلال مراسم زيارة الأربعينية فقط”.

وفي الوقت الذي يعاني فيه العراق من وضع اقتصادي مترد، فإن “استقباله لملايين الزوار وتقديم الخدمات بالمجان لهم، وغياب استراتيجية تنشيط السياحة الدينية، قد يشكل عبئا على الدولة مقابل المردود المالي الضعيف، وفقًا للباحث الاقتصادي حيدر الربيعي”.

ويتسائل الربيعي عبر “درج” عن أسباب عدم اهتمام الحكومة العراقية بتنشيط السياحة الدينية (الخاصة بالمزارات الشيعية) ولا سيما أنها تقع في مناطق وسط وجنوب العراق التي تتمتع باستقرار أمني، رغم كل المقترحات التي قدمت لها من قبل اللجان النيابية”.

لكن الربيعي يعزو الأسباب إلى وجود الفاسدين في مفاصل مهمة في الدولة، وعدم محاسبتهم، إضافة إلى عدم وجود خبراء اقتصاديين يضعون استراتيجية لتنشيط هذا القطاع المهم، مشيرا إلى أن “الزيارة تمارس فيها الشعائر الدينية دون وجود للاستثمار”.

وتقتصر السياحة في العراق على المجال الديني، وتتمركز بصورة رئيسية في النجف وكربلاء، إضافة إلى مدن أخرى تضم مراقد شيعية مثل سامراء، شمال بغداد.

ويشكل مبلغ 5 مليارات دولار من عائدات السياحة الدينية نسبة 3 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في العراق، وفقا للمجلس العالمي للسياحة والسفر.

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!