fbpx

26 سبتمبر… 60 عاماً على خروج اليمن من عباءة “الإمام”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يعود سبتمبر اليمني حاملاً معه أمنيات الخلاص مجدداً من إمامة الحوثي، وأمنيات انتهاء العنصرية السلالية التي عادت مع سبتمبر 2014 المشوه والمسخ، ولليمنيين عهد مع الثورات وعدم الرضوخ، مهما تهيأ للرائي بعض الاستكانة أو السكون.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يحتفي اليمنيون بمرور 60 عاماً على الثورة الأم، التي أنهت حكم الأئمة في اليمن بعد عقود من الصراع والمجازر والسجون والقيود.

كان يوم 26 أيلول/ سبتمبر 1962 بداية جديدة ليمن بلا إمامة، وقد جاء بعد ثورتين على الإمام يحيى وابنه أحمد يحيى حميد الدين، كانت الأولى عام 1948 قتل على إثرها الإمام يحيى بعد 30 عاماً من الحكم حين تسلمه من الأتراك، ثم ابنه أحمد الذي تولى بعد أبيه لمدة 14 عاما، وثورة في 1955 كادت تنجح لولا قلة التخطيط.

نجحت ثورة سبتمبر بعد مخاضات عسيرة، وسجون، وإعدامات، وكل ما يخطر ببال المرء من رعب ديكتاتوري.

اليوم بعد 60 عاماً من الثورة، يتلمس جيل جديد ما فعلته ثورة سبتمبر لليمن بعد هذا العمر، وهو الهاجس الذي انتاب الكثيرين وحاول الأديب والباحث اليمني الدكتور علي محمد زيد أن يتلمس إجاباته في كتابه الثري (الثقافة الجمهورية في اليمن).

يقول الدكتور زيد: “لقد اخترت هذا الموضوع للكتابة عنه بعد مناقشة مع شباب من الجيل الجديد جعلوني أشعر، وأنا اعتبر نفسي من المدافعين عن التجديد والتغيير وارتبطت حياتي كلها بمناصرة التقدم في جميع المجالات، بأنني متهم بالدفاع عن الماضي لأنني تحدثت عن الثقافة الجمهورية وعن التغيير النوعي الذي أحدثته الجمهورية في حياة اليمنيين. كان رد الشباب انفعالياً لا يقبل الجدل: وماذا فعلت الجمهورية لليمن إذا كان الفقر ما زال يسحق غالبية اليمنيين، والأمية حاضرة وتوشك أن تكون مستديمة، وعشرات الآلاف من المواطنين اليمنيين يسافرون إلى الخارج للبحث عن رعاية صحية لا يجدونها في بلادهم. وما يزال اليمن يعيش على الهامش، وما زال الوعي العام متدنياً وفي بعض الحالات ينحدر إلى الحضيض، وما برحت نوعية التعليم متدنية، فيما المسرح والسينما مطرودان من الثقافة في اليمن، ولا تزال الغلبة بالسلاح وسيلة لحكم الغالبية الشعبية”.

يضيف: “من المؤكد أن من حق الأجيال الجديدة أن تتساءل وتحتج وترفض، وهي بلمسة على شاشة جهاز الخليوي تستطيع الوصول إلى المعلومات والمعارف بسهولة ويسر، وتقارن بين حال بلادها البائس المحروم المتخلف وما يعيش عالم اليوم من تقدم ومن قفزات معرفية ومن تجديد في قوى الإنتاج ووسائل الإنتاج وفي جميع المجالات، فتصاب بالإحباط وينتابها الغضب من واقعها، ويصل الارتباك والشطط أو الحماسة ببعضهم إلى حد إنكار أن الجمهورية كانت ضرورية، وإلى القفز للحكم بأنها لم تفعل شيئاً لإخراج بلادنا من تخلفها وحرمانها وهامشيتها”.

اليوم يبتهج يمنيون كثر برغم أوجاعهم وآلامهم بذكرى ثورة 26 سبتمبر، حاملين مخزوناً من الأغنيات والأمنيات والذكريات والصور…

حكمت الإمامة من بيت حميد الدين اليمن من عام 1918 حين تسلم الإمام يحيى الحكم من الأتراك، فكان من أول القرارات التي اتخذها هو تحويل أكبر مستشفى في اليمن حينها إلى قصر عُرف باسم “قصر السعادة”، بعد أن كان مستشفى عسكريا بناه الأتراك عند احتلالهم لليمن عام 1870، أطلقوا عليه “الخسته خانة”، ثم بعد نجاح ثورة 26 سبتمبر 1962، تحول إلى “المتحف الوطني”.

كان في صنعاء ثلاث مدارس، وفي تعز 2 أو 3، ولم يكن هناك كلية أو جامعة، بل إن الإمام حول ما كان يسمى في عهد الأتراك “الجامعة الصناعية” إلى “سجن الصنايع”، وهو اليوم “المتحف الحربي”.

وحين قدمت الطبيبة المعروفة كلودي فايان إلى اليمن أوردت تعبيرا يختزل تلك الحياة التي جرعها الأئمة لليمنيين في ظل عصر تنويري كان يكتسح العالم.

حين وصلت فايان إلى العاصمة صنعاء قالت إنها وجدتها كما وصفها الرحالة الألماني الدنماركي كارستن نيبور قبل 200 سنة ولم يتغير عليها شيء.

لا سيارات، لا شبكات اتصالات، لا طرق معبدة، لا مستشفيات لا مكتبات، المدارس، والكتب تهرب تهريباً عبر عدن من القادمين من خارج اليمن، ويظل الكتاب يدور بين القراء سراً كجريمة كبرى.

هذه التفاصيل يستدعيها اليمنيون اليوم بعد مرور 60 عاماً على إنهاء “مملكة الظلام” كما يحلو للدكتور محمد علي زيد وصفها.

في المقابل، يظهر يوم دخيل على حياة اليمنيين يحاول الحوثيين فرضه بالقوة وإقناع الناس أنه البديل للتاريخ المقدس لدى اليمنيين، بتاريخ 26 أيلول.

يحتفون بذكرى دخولهم صنعاء في 21 أيلول، وكأنه يوم على الناس أن يشكروا الحوثيين عليه، فيما لم يحل الخراب الكبير بالبلاد سوى بعد هذا اليوم المشؤوم.

تتعالى النزعة الجمهورية لدى اليمنيين اليوم كما لم يحدث من قبل، ويكبر سبتمبر وأسماء قادته لدى الروح اليمنية، معتبرين أنه يومهم الذي لن يتنازلوا عنه في ظل جائحة تجهيلية يقودها الحوثيون لمحو تلك الروح، وتكريس ولاية السلالة الهاشمية كأمر إلهي كما حدث مع أبناء عمومته الأئمة قبل 1962.

اليوم يبتهج يمنيون كثر برغم أوجاعهم وآلامهم بذكرى ثورة 26 سبتمبر، حاملين مخزوناً من الأغنيات والأمنيات والذكريات والصور…

يعود سبتمبر اليمني حاملاً معه أمنيات الخلاص مجدداً من إمامة الحوثي، وأمنيات انتهاء العنصرية السلالية التي عادت مع سبتمبر 2014 المشوه والمسخ، ولليمنيين عهد مع الثورات وعدم الرضوخ، مهما تهيأ للرائي بعض الاستكانة أو السكون.