fbpx

أريد أن أقتحم مصرفاً في سوريا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

مازالت بيروت ملهمتنا، نحن نساء ورجال دمشق الحالمين والحالمات بالحرية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تخيلت أنني أقتحم مصرفنا في “جديتا” وأطالبه بأموالنا دفعة واحدة ترافقني أختي التي تنتظر منذ شهرين جرعات دوائها المناعيّ ولا تجده في السوق. تخيلت المشهد لثوانٍ ثم ضحكت. هل تحصل هذه الحوادث فعلاّ وراء حدودنا مباشرةّ؟ هل قامت سيدة بالتهديد بمسدس لعبة وتمكنت من سحب أموال بالدولار؟ هل اختفت فعلاً ولن يطالب أحد بمعرفة سرّها؟ تخيلت حرّاس المصرف وتخيلت الإجراءات الأمنية. لا أدري لماذا لم أتمكّن من تصديق ما أراه بأم عيني. ولكنه على ما يبدو حصل وسوف يتكرّر في المستقبل.

 انتظر المودعون في المصارف اللبنانية ثلاث سنوات قبل أن يتجّهوا إلى اقتحام المصارف وانتزاع أموالهم بقوة السلاح، فهل هذه همجية أم تحضّر؟ أليست جريمة يعاقب عليها القانون؟ مهلاً… وإذا كانت الأموال المنتزعة هي أموالهم أصلاً فكيف يكون استرجاعها جريمة؟ هل هذا إقصاء للدولة أم اعتراف بعجزها؟ وكيف تتساهل الأجهزة الأمنية معها وكيف يسكت القضاء عنها وما هو موقفه بالضبط؟ وهل قبول المجتمع وتشجيعه لها يعني أن الناس يئست من هذا النظام أم أنها أصلاً لا تخشاه؟

مازالت بيروت ملهمتنا، نحن نساء ورجال دمشق الحالمين والحالمات بالحرية. نقرأ الأخبار المتواترة عبر الحدود عن كل تلك المحاولات الفردية الجريئة لاستيفاء الحقوق ونتحسّر على أنفسنا. نتابع ما يحصل بعين حاسدة وأخرى خائفة. نحن الذين رضعنا الخوف مع حليب أمهاتنا.

لماذا لا نمتلك المبادرة نفسها ونحن نعاني من مظلوميات يومية تبدأ من المنازل ولا تنتهي في الأماكن العامة، بل صارت أخباراً عاجلة في كل مكان؟ صار ذكر جنسيتنا السورية مرادفاً للقهر، هكذا ومن دون الخوض في التفاصيل. أصبحنا نسمع أخبار الفساد اليومي ونراه بأعيننا دون أن نحرّك ساكناً. نسمع الأخبار الملفّقة ولا نحاول نفيها. نقف في طوابير الخبز وننتظر رسالة تعلمنا بوصول الغاز بصمت وصبر. نبحث عن ضروريات حياتنا في الأسواق فإذا لم نجدها عدنا إلى بيوتنا وشطبناها من قائمة المشتريات. نستمع إلى تعليمات ذلّنا وننفذها حرفياً كما وردت ونحن نقنع أنفسنا أننا نتقي الهلاك.   

اقتحام المصارف في بيروت يخبرنا أنه هناك حلولاً جريئة وأشخاصاً مغامرون. وأن هناك حقبة تاريخية يمرّ بها الجيران لم نفكر بها من قبل، ولن.  ولكن إلى أي درجة يمكننا أن نغامر؟ إذإ كنا لا نتكلّم بهمومنا ومشاكلنا إلاّ همساً؟ ونقول: نحن مختلفون، نحن محميون، ولا ندري إذا كان ذلك حقيقياً أم لا.

في شوارعنا، تقف شرطة المرور عاجزة أمام سيارة يبدو على أصحابها أنهم “مدعومون” فيُسمح لها بأن تركن في أماكن ممنوعة أو أن تتوقف في منتصف الطريق لقضاء أمور يبدو أنها “فائقة الأهمية” لأمن هذا الوطن وننتظر وراءها بكل صبر حتى نستطيع أن نمر. 

في طوابير محطّات الوقود تدخل سيارات بشكل عشوائي تعبئ الوقود رغم أنف كل المنتظرين لساعات بدعوى أنها تنفّذ مهمات خارقة لصالح أمن الدولة.

في طوابير الخبز، تحصل التجاوزات كل يوم أمام الجمهور الذي يبتلع حنقه متسلّحاً بذاكرته الخائفة، عافياً نفسه من التهديد بسلاح أو بركلات أو بإيذاء لفظي لا سبيل إلى ردّه.

وفي انهيار السوق وتحليق أسعار المواد التموينية أمام أعيننا كل يوم نقف عاجزين، متفرّجين، لا نحرّك ساكناً.

وعندما تتفشّى قضية فساد روتينية ويحاول بعض النشطاء إثارة الرأي العام، لا يثور الرأي العام. ولا يتغير أي شيء، يمضي الناس في طريقهم تاركين الشقاء للأشقياء. لا يوجد رأي عام في سوريا. فقط انتظار لـ”الفرج” الذي لا يأتي.

عندما قتل شاب في بداية العشرينات دهساً تحت عجلات حافلة الباص التي كان يحاول التعلّق بها، لم ينقم أحد من ازدحام المواصلات، ولا من إهمال تعليمات الأمان، ولا من السائق أو معاونه الذين لم يحرصا على إغلاق الباب قبل الإقلاع. ولم تحدث ثورة في الشارع بالتأكيد ولم يعلّق المذيع في نشرة الأخبار ولم يذكر الخبر أصلاً.

هل نشبه أحداً ؟

إن إثارة الفوضى لا تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى ولكن السكوت عن الحق يؤدي إلى سلسلة من التنازلات التي لا تنتهي. يجب أن نعي أن لدينا حقوقاً قانونية وأن المطالبة بها واجب علينا. إن درجة الوعي عند شعبنا متناسبة مع درجة التدجين الذي تعرّض له خلال سنين من الحرمان.

تحية كبيرة لشجاعة جيراننا وراء الحدود.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.