fbpx

الانتخابات الإيطالية: لهذا نجحت اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لم يعد اليمين المتطرف “لوثة” بنظر الشارع الأوروبي وتوليه السلطة في بعض البلدان كان له أثر الدومينو في القارة العجوز، مع الأخذ في الاعتبار أن أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية ليست متجانسة لناحية الرؤى والمصالح السياسية- الاقتصادية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

صحيح أن تصدر حزب “أخوة إيطاليا”، ذي الجذور الفاشية، نتائج الانتخابات كان متوقعاً، لكن الرأي العام الأوروبي المنحاز للشراكة الأوروبية راهن حتى اللحظة الأخيرة على مفاجأة تطيح بهذا السيناريو. فأن يصل اليمين المتطرف إلى الحكم في أحد البلدان المؤسسة للشراكة الأوروبية وثالث أقوى اقتصاد في منطقة اليورو، يعد ضربة معنوية لمؤسسات الاتحاد الأوروبي حتى وإن لم تترجم على أرض الواقع.

“الزلزال السياسي” الذي عرفته إيطاليا ليس جديداً، فقد سبق لحزب “رابطة الشمال” (اليميني المتطرف) أن شارك في الحكومات الإيطالية منذ عام 2018، لكن في إطار تحالفات لم يكن عمودها الفقري. 

ما ميّز الانتخابات الأخيرة عن سواها أن “أخوة إيطاليا” بزعامة جورجيا ميلوني شكل محور وجوهر تحالف اليمين الذي جمعه مع حزبي “رابطة الشمال”، بزعامة ماتيو سالفيني و”فورزا إيطاليا” بزعامة سيلفيو برلسكوني، ما يعبد طريق ميلوني نحو ترؤس الحكومة المقبلة.    

جملة من العوامل ساهمت ببلوغ هذا الواقع: لم يشارك حزب “أخوة إيطاليا” في أي حكومة طوال العقود المنصرمة، ما مكنه من تسويق نفسه كبديل سياسي. من جانب آخر، استفادت ميلوني من القاعدة الشعبية لبرلسكوني وسالفيني بالتوازي مع فرض هيمنتها على التحالف المذكور، ما أتاح لها بلوغ الغالبية النيابية المطلوبة.

طوال عقود هيمن على المشهد الانتخابي الإيطالي قطبان اثنان: وسط اليمين ووسط اليسار. واقع ما زال قائماً، فأحزاب اليسار لا تزال تتمتع بحضور سياسي. بالتالي، التحول السياسي الذي عرفته إيطاليا في الفترة الأخيرة يتجسد في جنوح أنصار اليمين نحو الأحزاب المتطرفة عوضا عن التقليدية: ما حصده التحالف ليس لافتاً كنسبة عامة، الملفت هو انقلاب ميزان القوى بين أحزاب اليمين.  

بالتوازي، تشرذم أحزاب اليسار وعدم خوضها الاستحقاق موحدة، صب في مصلحة ميلوني. 

إضافة إلى هذا المناخ الداخلي، استفادت جورجيا ميلوني من مزاج أوروبي بات أكثر تصالحاً مع أحزاب اليمين المتطرف، وهو ما اتضح مع تولي الأخيرة الحكم في السويد وبولونيا والمجر، وتحقيق نتائج غير مسبوقة في بلدان أخرى كفرنسا. 

لم يعد اليمين المتطرف “لوثة” بنظر الشارع الأوروبي وتوليه السلطة في بعض البلدان كان له أثر الدومينو في القارة العجوز، مع الأخذ في الاعتبار أن أحزاب اليمين المتطرف الأوروبية ليست متجانسة لناحية الرؤى والمصالح السياسية- الاقتصادية.  

ويبقى الأهم أنه ما كان لهذا التحالف أن يتصدر المشهد الانتخابي الايطالي لو لم يتبن خطاباً معتدلاً نسبياً قياساً بما انطلق منه. ففي المقام الأول سعت ميلوني للقطع مع الجذور الفاشية لحزبها ونبذ جانب من إرث موسوليني. من جهة أخرى، نجحت بمخاطبة جميع الشرائح الاجتماعية من خلال برنامجها الاقتصادي- السياسي: خطابها المحافظ، المعادي للهجرة وتصديرها للهوية الوطنية استمال الفئات الشعبية. بالتوازي، مهادنتها الاتحاد الأوروبي وابتعادها من أخذ مواقف معادية من الشراكة الأوروبية سمحا لها باستمالة رؤوس الأموال.    

الصدى الذي خلفته هذه النتائج تخطى حدود إيطاليا، فارتداداتها ستنعكس على علاقة روما بالاتحاد الأوروبي، ما قد يؤدي إلى تبدل في موازين القوى. 

فعند تولي ماريو دراغي رئاسة الحكومة في بلاده، راهن عليه الكثير من القادة الأوروبيين، وعلى رأسهم إيمانويل ماكرون، لتعزيز الاندماج الاقتصادي بين الدول الأعضاء بغية الحد من تبعات جائحة كورونا وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. 

وتضاعفت أهمية دراغي مع الفراغ الذي نتج عن خروج أنجيلا ميركل من المشهد السياسي الألماني، بخاصة أنه تربع على رأس المصرف المركزي الأوروبي طوال ثماني سنوات.

ينتظر إذا أن يفقد الاتحاد الأوروبي أحد أبرز محركاته مع ابتعاد روما عن محور باريس- برلين لمصلحة تشكيل محور جديد أقل حماسة للشراكة الأوروبية. 

بالمقابل، هناك من يقلل من قدرة ميلوني على إضعاف مؤسسات الاتحاد الأوروبي نظرا للتحديات الاقتصادية الداخلية التي تنتظرها بعدما بلغ الدين العام الإيطالي 150 في المئة من الناتج المحلي. 

مهادنتها الاتحاد الأوروبي خلال الحملة الانتخابية، دلت على واقعية سياسية تدرك من خلالها ماهية الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بلادها والحاجة الماسة إلى المساعدات والقروض التي أبرمتها روما مع الاتحاد الأوروبي، في إطار خطة التعافي الاقتصادي، والبالغة 191 مليار يورو. وعليه من المحتمل ألا تُقدِم ميلوني على استفزاز الاتحاد الأوروبي، برغم تضمن برنامجها طروحات تتناقض مع قيمه ومبادئه، لا سيما على الصعيد الحقوقي.  

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!