fbpx

رحيل أحمد الشيبة…
نغم يمني قاده التحفّظ المجتمعي إلى العالمية 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لأحمد عدد كبير من المقطوعات، دمج فيها الآلات والثقافات، ودمج فيه قلوب البشر مع دموعهم وابتساماتهم، مخلفا إرثا وحبا سيظل حاضرا في مسامع محبيه طويلاً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كنغمة أخيرة صادرة عن نقر ريشة بوتر العود، ودّع العازف اليمني الشاب أحمد الشيبة الحياة بحادث مروري في نيويورك.

حياة قصيرة لم تتجاوز 32 عاماً، لكنها طويلة جدا في وجدان عشاق العود وتطوراته بين أنامل وأحضان الشيبة.

رحيله خلّف صدمة لدى اليمنيين، فقد عرفوه جاداً مختلفا وعاشقا للعود، معتبرا أن البشر هم المحدودون في التعامل مع العود وليس العود هو المحدود.

في استعراض سيرة حياته القصيرة يجد المتابع أنه قضى معظم حياته في التودد لأهله للسماح له بالعزف، حتى حينما حطموا له العود الذي حصل عليه من اخته بعد ان وصلها هدية، واحترم رغباتهم حتى حين وصل إلى الولايات المتحدة وعمل في المحلات التجارية طوال خمسة أعوام وأكثر، لكنه لم يترك شغفه.

عشق العود وتغيب عن المدرسة ورسب في الثانوية مرات، وذلك لأنه كان يغادر المدرسة ليذهب إلى محل لبيع الآلات الموسيقية، ويعمل كمجهز ووازن لأوتار العيدان الجديدة مقابل التعلم على العزف.

تبع شغفه، وظهر لأول مرة في مراهقته على خشبة مسرح في صنعاء من دون علم أهله خلال فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004، ثم كان الظهور الرسمي بعد ذلك بسنوات في حفل بمناسبة يوم المرأة العالمي.

خطّ شيبه لنفسه منحى مختلفاً عن الفنانين في اليمن، وحلّق بعيداً كعازف يريد استنطاق العود بشكل مختلف.

حياة قصيرة لم تتجاوز 32 عاماً، لكنها طويلة جدا في وجدان عشاق العود وتطوراته بين أنامل وأحضان الشيبة.

في 2011 غادر اليمن صوب القاهرة في طريقه إلى نيويورك، وتعثّر هناك طوال عام، استفاد منها بشكل لم يكن يتصوره، وتعلّم بعض الأشياء في بيت العود العربي، وقال له نصير شمة: “لا ينقصك شيء سوى الريشة المقلوبة”، وهو العزف بطريقة ضرب الريشة باتجاه الأعلى، وعزف في دار الأوبرا وغيرها.

تواصلت معاكسة الظروف له، حتى حين وصل إلى الولايات المتحدة، فقد رفض الأهل تركه مع العود، ودخل دوامة العمل، مفضلا عدم إغضاب أمه وإخوته.

بعد أعوام قرر إطلاق قناة اليوتيوب الخاصة به، وبدأ نشر معزوفاته، ولم يكن يتوقع كل هذا الحب بما يفعل، فأطلق لأنامله العنان لتصل نغماته إلى أبعد مما كان يحلم، وبدأت دعوات المسارح تتوالى عليه، ليصبح أحد أبرع الوجوه الموسيقية.

عزف في دول الوطن العربي وأوروبا ومسارح أمريكا، وأصدر أروع المقطوعات الخاصة به.

أضاف إلى عشقه ذاك عشق إعادة عزف الأغاني العربية والعالمية الشهيرة بالعود ومصاحبة آلات أخرى، وتعلّق بإعادة عزف مقطوعات أغاني الأطفال والمسلسلات الكرتونية، ووضعته مقطوعتي “رحلتي في اليمن”، و”رحلتي في الوطن العربي” أمام تجليات اختزل فيها الموسيقى اليمنية والعربية وتنوعاتها بقالب فريد.

معارضة العائلة

ظهر أحمد الشيبة قبل وفاته في حوار تلفزيوني تحدث فيه عن حجم معارضة الأسرة والعائلة لعزفه العود. وعن هذا الموضوع تحدث شقيقه حسين لـ”درج”: “فعلا كان هناك معارضة من البيت وأسباب المعارضة أنه كان هناك خوف من اتجاه أحمد إلى الفن الشعبي، وهذا ليس انتقاصاً من الفن الشعبي ولكن انتقاصاً من الجو العام لبعض الفنانين الشعبيين الذين يغنون في الأعراس، وحين رأينا اتجاهه مختلف خف الضغط عليه إلا من بعض المتزمتين”.

أضاف: “واصل أحمد تعليم نفسه وساهم أيضاً صديق له بتعليمه العزف، في البداية كان مخبي الموضوع فعلا وكان يخبئ العود عند أصدقائه ويعود إلى البيت بدونه، ثم اتضحت الصورة لدينا أن ميوله تتجه نحو العزف لا الغناء، وليس جلسات أعراس، ومع ذلك ظل هناك متزمتين رافضين لفكرة وجود فنان في العائلة، ثم جاءت رحلة القاهرة لإنجاز معاملة السفر لأمريكا بعد أن أغلقت السفارة في صنعاء بسبب الحرب، هناك دخل بيت العود مع نصير شمة وعازفين عرب، وصقل موهبته برغم أنه غادر اليمن وهو متمكن تماماً، بعدها حتى الذي كان عنده موقف، كان الأمر قد خف كثيرا، وانتهت المعارضة”.

وحول موقفه شخصيا يقول حسين الشيبة: ” أبلغته منذ البداية وقلت له يا أحمد  لا أريد أن ألاحقك من خيمة عرس إلى خيمة عرس، لا أقل ولا أكثر ولم يكن لي اعتراض سوى دخول ذلك الجو، وتابعته وحين وجدت إن مساره مختلف انتهت ملاحظاتي عليه”.

ويشير حسين إلى أن ذلك لايعني أن العائلة حددت توجهات أحمد “نحن لم نكن عارفين في الأصل، شخصيا حين طرحت عليه الكلام لم أكن أعرف توجهه”.

غارق في حب اليمن

من أصدقاء الراحل كان الموسيقار اليمني الشهير الذي ظهر مؤخرا في حفلات أوركسترالية في عدد من دول العالم محمد القحوم.

يقول قحوم لـ”درج” إنه تفاجأ بتفاعل أحمد حين طلب منه المشاركة في أوركسترا القاهرة “نغم يمني على ضفاف النيل”.

وأضاف: “كانت فكرتي أن وجوده في الحفل سيكون له ثقل من جهة ومن جهة أخرى هو يمثل طيفاً من موسيقيين يمنيين في الخارج لهم بصمات موسيقية كبيرة في الوقت الحالي ولا أخفيك لم أكن أتوقع قبوله بالمشاركة لكن تفاجأت بتفاعله الكبير وإيمانه معي بالفكرة، وأتى إلى القاهرة وكنا نتكلم كثيراً لساعات وجهاً لوجه ولأول مرة، وهو شخصية يدخل القلب بدون استئذان متواضع جداً ولطيف ويبهرك بنظرته للأمور”.

يتابع القحوم: “قال لي، فقط قدم شيئاً جميلاً بشكل أو بآخر فهذا بكل الأحوال يخدم بلدك ، محمد على عاتقك مسوؤلية كبيرة والحفلة هذه تزيد من هذه المسؤولية عليك، أنا معك، أنت ستقدم شئ كويس للبلد ولازم نضحي معك بكل اللي نقدر عليه”.

يضيف: “أحمد كان مثالاً لكل الموهوبين اليمنيين وخاصة في المجال الموسيقي من شخص عادي في بلدنا الى شخص عالمي بمعنى الكلمة نقل العود وقدمه للعالم بشكل ذكي جداً فكان له هذا الجمهور الكبير والمتذوق”.

آخر الأعمال..

في آب/ أغسطس الماضي أصدر أحمد الشيبة ألبومه الأخير “مالاهايد”، وتحدث عن المقطوعة التي عنون بها الألبوم، مشيرا إلى أن “مالاهايد” هي قلعة في دبلن ايرلندا: “في عام 2018 خططت لرحلة إلى إسبانيا، أخذت رحلة تقف في دبلن لمدة نصف يوم، مما يعطيني الوقت الكافي لمغادرة المطار وزيارة القلعة قبل إكمال رحلتي لإسبانيا ، كان المطلوب الحصول على تأشيرة شنغن لدخول أوروبا، عندما حصلت على التأشيرة ووصلت إلى دبلن علمت أن أيرلندا تحتاج تأشيرة خاصة ، وانتهى بي الأمر بقضاء 12 ساعة في المطار . حتى يومنا هذا، لم أزر قلعة مالاهايد. ربما ذات يوم في المستقبل”.

المقطوعة هي مزيج من الموسيقى الشرقية وموسيقى الكلت الإيرلندية، قالت عنها الكاتبة منال الشريفي إنها معزوفة بديعة دمج فيها أحمد الألحان بشكل يمس الوجدان.

لأحمد عدد كبير من المقطوعات، دمج فيها الآلات والثقافات، ودمج فيه قلوب البشر مع دموعهم وابتساماتهم، مخلفا إرثا وحبا سيظل حاضرا في مسامع محبيه طويلاً.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.