fbpx

“نادي الخريجين”… الحوثيون ومصادرة حق الاحتفال 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

“خرجنا منكسرين مذهولين من هذه الإجراءات والمعاملة التي واجهناها”، حيث “لم يعطَ للخريج أي قيمة فلهذا انكسرت فرحة الطالب التي انتظرها هو واهله طيلة الخمس السنوات”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ما زال علاء العريفي، خريج دفعة الصيدلة لهذا العام، يبحث عن شهادته الجامعية، بعد حالة الفوضى التي عمّت حفل تخرج جامعة صنعاء هذا العام، إثر الإجراءات التي فرضها “نادي الخريجين” (استحدثه الحوثيون) بفرض رسوم خيالية وتشديد الرقابة على المناسبات الاحتفالية، وإلزام الطلاب بنمط معين ومظهر محدد أثناء حفل التخرج. 

وتأتي هذه الخطوة ضمن مسلسل سعي الحوثيين لفرض سيطرتهم على الحياة العامة، والوصاية على حياة الناس في مناطق نفوذهم، وتدخلهم في مختلف جوانب حياة المواطنين بما فيها السياسية والاجتماعية والتعليمية، بما يناسب نهجهم.

بعد حفل التخرّج، عبّر الطلاب عن امتعاضهم والفرحة التي نغّصها الحوثيون، في تفاعلٍ كان مقدمة لاتخاذ قرار بتعليق عمل النادي، ولكن مع الإبقاء على بعض الأنشطة. 

وبينما كانت دفعته واحدة من دفعات الخريجين الجامعيين التي نُغصت فرحتها، يقول علاء لـ”درج”، “في البداية سلمونا الدعوات ليلة الحفل، فيما كان يفترض أن يمنحونا وقتاً لتوزيعها. ثم منعوا معظم أهالي الطلاب من الدخول بحجة أن (قاعة الاحتفال) ممتلئة، وبقي نصف أهالي الخريجين في الخارج، ما أدى إلى اشتباكات بالأيدي بين الحراس وبعض الأهالي”.

إضافة إلى ذلك، “وصلت هدايا للخريجين من شركات عدة”، وتمت سرقة هذه الهدايا، وقد تداول نشطاء مقطع فيديو يوثق لحظة نهب البعض منها، وإضافة إلى انقطاع الكهرباء بكل متكرر وانسحاب عناصر الحماية بشكل غير مبرر، حصلت أخطاء في توزيع الشهادات، يضيف علاء أنه نتيجة ذلك “عمت الفوضى وكُرِّم الطلاب باستعجال شديد، فحتى شهادتي لم أعرف لمن سُلمت حتى اليوم وتم اجبار الخريجين والضيوف على الخروج من القاعة”. 

بعد حفل التخرّج، عبّر الطلاب عن امتعاضهم والفرحة التي نغّصها الحوثيون، في تفاعلٍ كان مقدمة لاتخاذ قرار بتعليق عمل النادي، ولكن مع الإبقاء على بعض الأنشطة. 

عراقيل وفوضى

كان علاء، أحد أفراد دفعة الصيادلة، التي أصدرت بياناً أوضحت فيه أن “اللجنة الأمنية المصرح بها من نادي الخريجين عملت على تأخير أهاليهم وعرقلة دخولهم إلى القاعة، كما عملت اللجنة الأمنية على تمزيق الدعوات المدمجة في المجلة ورمي المجلة أرضاً وفي سلات القمامة في تصرف غريب وغير مبرر، كما “رفض مندوب نادي الخريجين إضاءة القاعة حتى استلام المبلغ المتبقي من أجرة القاعة برغم أن طلبه مخالف للاتفاق الذي نص على دفعها بعد الإنتهاء من الحفل”، و”بعدما تأكد مندوب النادي من تنفيذ كل رغباته واستلام كل المبالغ التي طالب بها، شرع في توقيف الحفل وبإيعاز من نادي الخريجين غادرت اللجنة الأمنية المشهد وتركت عملها التنظيمي، وبثت الفوضى خارج القاعة”. 

منع الاختلاط!

على الصعيد ذاته، تواترت المشاهد التي تكشف عن فظاعة ما يحصل في قاعات احتفالات التخرج، والمشهد الذي ظهر لحظة تدخل “نادي الخريجين”، لمنع أحد المطالب من وضع عقود الفل على أكتاف والدته، بحجة شبهة الاختلاط، كان هو الآخر مؤشراً صادماً على الممارسات القمعية التي وُصفت بالمتطرفة، بما في ذلك مشاهد اقتحام قاعات احتفالات التخرج، كما حدث في مناسبات أخرى، باقتحام حفلات زفاف لمنع الغناء. 

وبعدما تصدرت قضية انتهاكات الخريجين تعليقات اليمنيين لأيام متتالية في الفترة الماضية، شكلت الجهات الحكومية التابعة لأنصار الله في صنعاء، لجنة كُلفت بالنظر في قضية “نادي الخريجين”، وأعلنت تعليق عمل النادي، حتى استكمال تحقيقاتها، واتخاذ الإجراءات المناسبة، لكنها في القرار نفسه وفقاً للبيان الموقع في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2022، قامت بتكليف فريق من أعضاء النادي نفسه “من غير المشتكى بهم”، ليتولى الإشراف على الاحتفالات، ما يعني بنظر المشككين، استمرار التدخلات. 

قصة نادي الخريجين 

وسط جملة التعليقات وردود الفعل، طرحت أسئلة حول قصة تأسيس “نادي الخريجين”، الذي ظهر كما لو أنه محاولة للتحكم في أدبيات وسير حفلات التخرج، فيما يوضح أحمد الحمري، أحد طلاب جامعة صنعاء، أن الفكرة بدأت من قبل الطلاب أنفسهم من خلال ملتقى الطالب الجامعي في كلية التجارة والاقتصاد بجامعة صنعاء، بهدف تنظيم احتفالات التخرج ودعمها، وهو الأمر الذي سعى الطلاب للحصول على دعم له من قبل جهات حكومية، بما فيها وزارة الشباب والرياضة. لكن فكرة النادي، سرعان ما انحرفت لاحقاً عن أهدافها إلى جعل “نادي الخريجين”، الجهة المعنية بمنح الإذن للاحتفالات ومنع الاحتفالات المختلطة، بما في ذلك، عدم إحضار الأقارب من النساء في حفلات الطلاب ومثل ذلك بالنسبة إلى الأقرباء الذكور في حفلات الطالبات، إلى جانب التخاطب مع الجهات الحكومية والخاصة التي يقصدها الخريجون للحصول على دعم لاحتفالاتهم، وغير ذلك من الممارسات التي تكشفت بعد تصدرها وسائل التواصل الاجتماعي.

وأقر عميد كلية التجارة مشعل الريفي، في منشور على “فيسبوك” بأنه كان وراء إنشاء نادي الخريجين في جامعة صنعاء ثم صار على مستوى الجامعات، موضحاً أن النادي “بدلاً من أن يؤدي دوره في البحث عن فرص توظيف للخريجين وتدريبهم ومعاونتهم في بداية مشوارهم العملي؛ انغمس في تفاصيل حفلات التخرج وصرنا نتلقى الكثير من التذمر من قبل الخريجين عن طريقة تعامل النادي معهم”، ورأى أن “على الخريجين مخاطبة رئيس الجامعة حول أي شكاوى بهذا الخصوص”. 

وبالرغم من ذلك يقول الريفي إن حفلات التخرج قبل “نادي الخريجين كان ينظمها الطلاب أنفسهم خارج الجامعة ويمرون فيها على التجار ومؤسسات الأعمال والبنوك لجمع الدعم ويحتفلون، قبل أن تعلن نتائجهم حتى”، ويخلص إلى أن لديه تحفظاً “على أداء نادي الخريجين بخصوص الاحتفالات وعلى تغييب دور الكلية في حفلات التخرج”. 

تحطيم الفرحة 

وسط الجدل المستمر بشأن النادي، وما واجهه من انتقادات، يقول لـ”درج”، المتخرج علاء “خرجنا منكسرين مذهولين من هذه الإجراءات والمعاملة التي واجهناها”، حيث “لم يعطَ للخريج أي قيمة فلهذا انكسرت فرحة الطالب التي انتظرها هو واهله طيلة الخمس السنوات”، فـ”بدلاً من إسعاد الخريج بهذا الانجاز تم تحطيم فرحته وبدلاً من أن يكون هذا اليوم يوماً عظيماً لطلاب نخبة الصيدلة أصبح أسوأ يوم في حياة الخريج”. 

تشويه مظاهر الحياة والوصاية على حياة الناس، هو نهج يحاول الحوثيون منذ بدء الصراع في اليمن تطبيقه، ساعة بفرض شروط على تعلم النساء وعملهن، أو بمنع الاختلاط أو قمع حريات الصحافة والتعبير وتكميم الأفواه بكل الوسائل المتاحة… وكانت فرحة طلاب هذا العالم من ضحايا “الحكمة” الحوثية في فرض شرعها.