fbpx

من الشارع إلى البرلمان: متحرّشون يطاردون العراقيات  

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“إذا كان النائب يستطيع تصوير زميلته دون علمها ودون طلب إذنها وبدون مناسبة، ولم يحاسب من مكان تشريع القوانين، فكيف نحاسب الآخرين الذين يتحرشون ويعتدون على النساء في كل مكان حيث لا كاميرات أو قوانين؟”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“تريدين ركوب دراجة هوائية؟ ههه”، صدى صوت من طفولتي لا يفارقني، بسخرية يقترب نحوي دائماً، سؤال جارح، أستعيده، وأنا أشاهد في كل مرة موقفاً حزيناً لامرأة عراقية تتعرض للتحرش أو للتنمّر أو لقمع أنوثتها. إنه بمثابة تنكيل، وتذكير بأن مجرد فكرة العيش هنا صعبة، فكرة السير في الشارع، أو العمل أيضاً صعبة، من الجيد أنكِ ما زلت تقاومين وتستطيعين الخروج، أقول لنفسي وأنا أتابع ما يحدث للنساء في بلدي. 

لكن هل لدينا خيار آخر سوى المقاومة؟

هذه المرة لم يأت السؤال ساخراً وحسب، بل ألحّ عليّ طوال النهار، أمام مقطع فيديو مصور، لنائب في البرلمان العراقي وهو يقوم عبر هاتفه بتصوير زميلته النائبة، بطريقة مريبة، غريبة، مزعجة، خانقة، مستفزة، في مجلس النواب.

هذا النائب، هو باقر كاظم الساعدي، وهو ممثل عن “دولة القانون”، الدائرة الانتخابية الرابعة لبغداد، ولا نعلم كيف وصل الى كرسي البرلمان، ولم نسمع أو نعرف عنه مسبقاً، من انتخبه؟ ماذا قدم للعراق والعراقيين؟ تسأل الناشطة نورا محمد، وتحاول معنا إيجاد الجواب: “بحثت عنه في كل مكان، لم أجد أنه قد فعل شيئاً طوال مسيرته السياسية مع كتلة دولة القانون التابعة لنوري المالكي، بل على العكس، كل ما عرفناه، أن له سوابق في عالم التصوير المريب داخل قبة البرلمان”.

توضح محمد، أن رفض العراقيين جميع المسؤولين بنسائهم ورجالهم، لا يعني غض البصر، عن تصرفه المسيء، الذي لم يبرره هو بدوره حتى للمواطنين الذين أطلقوا “هاشتاغ” #متحرش_ البرلمان، ووصل عدد تغريداته إلى مئات آلاف، فيما بقي النائب ساكتاً. تسأل محمد: “لماذا لم يخرج لشرح الفيديو الذي برره بعض الذكوريين (بالعفوي) ونفوا عنه فعل التحرّش. لكن دعونا نسأل: ما الغاية من هكذا فيديو من الأساس؟”. 

ثم تجيب نفسها: “هذا الفيديو الذي انتشر للنائب، دليل دامغ على عدم جهوزية هؤلاء النواب لبناء دول، أنهم لا يعملون، ولا يبحثون الشأن العراقي، هم منهمكون بتصوير النساء، او اطلاق النكات، أو إقامة الولائم داخل قبة البرلمان، او كأقصى حد، الشجار من اجل منصب معين ويحصلون على أعلى الرواتب والامتيازات، فيما يجرجر المواطن العراقي ساقيه المثقلتين بالهّم، باحثاً عن لقمة عيشه بصعوبة”. 

العراقيات بلا خصوصية 

الفيديو صوره النائب، وتظهر خلفه مباشرة، زميلة له، تحت قبة البرلمان، بانتظار وصول بقية النواب للبدء بالجلسة، أو عند الاستراحة، او لربما، عند مناقشة القوانين، من يعلم. لكن النائب كان منهمكاً بالتركيز على النائبة أكثر من المكان وأهميته، وهذا الفيديو مؤشر بالغ الدلالة على الاستخفاف الكبير بخصوصية النساء في العراق. 

ترى الصحافية رجاء سلمان، أن تصرف النائب وتصويره النائبة في مكان “سياسي بحت”، يتيح الفرص للمتحرشين ويبرر أفعالهم، يعد الأمر بمثابة ضوء أخضر لاستمرار مثل هذه الحالات: “إذا كان النائب يستطيع تصوير زميلته دون علمها ودون طلب إذنها وبدون مناسبة، ولم يحاسب من مكان تشريع القوانين، فكيف نحاسب الآخرين الذين يتحرشون ويعتدون على النساء في كل مكان حيث لا كاميرات أو قوانين؟”. تسأل سلمان، ثم تقول: “كان تصرفه مريباً، لأنها كانت مشغولة وغير منتبهة له، فلم يتحدث معها أثناء التصوير، ولم يسألها، التحرش ليس شرطاً أن يكون فقط من خلال محاولة اللمس أو التفوه بعبارات، يمكن أن يكون بانتهاك خصوصية آخرين والتربص بحركاتهم وتصويرها”.

“بحثت عنه في كل مكان، لم أجد أنه قد فعل شيئاً طوال مسيرته السياسية مع كتلة دولة القانون التابعة لنوري المالكي، بل على العكس، كل ما عرفناه، أن له سوابق في عالم التصوير المريب داخل قبة البرلمان”.

استخفاف بحقوق العراقيات

نحن نعلم حجم الخطر كنساء. نعم، نحن معرضات لخطر انتهاك الخصوصية في كل شبر داخل العراق، من شماله حتى جنوبه، في الشوارع، والحافلات، وأماكن العمل والمنازل، ولكن لم نتخيل أن البرلمان يمكن أن يتحول إلى ساحة تحرش علنية وواضحة دون أن يرف لأحد جفن، أين تذهب النساء؟ أين نخبئ وجوهنا هرباً من هذا البؤس؟ 

“إننا نهرب، لا نعيش”، تؤكد المحامية رانيا البصام: “نهرب من الشارع ونريد الخلاص بأي طريقة أو الوصول الى مقر العمل بكبسة زر تخلصنا من نظرات وعبارات المارين، وما ان نصل الى العمل حتى نتمنى أن ينتهي الوقت بسرعة لنهرب من كلمات المديرين وانتقاصهم المستمر من قيمتنا ونظرتهم الدونية، وتحرش بعضهم. ثم نهرب إلى منازلنا، فنتعرض في بعض الحالات إلى التحرش والأذى والعنف المنزلي، إنها دائرة من الهروب المستمر ولا خلاص. 

3 حالات تحرش معروفة في شهر

تُبيّن البصّام، أن النائب باقر الساعدي، لا يختلف بتصرفه، عن تصرف متحرشين في مدينة البصرة، الذين قاموا بالتحرش بفتاتين خلال احتفالية دينية هناك. ولا تختلف هاتان الحادثتان كذلك عن متحرش الكرادة، الذي جعل من باص نقل عام، مكباً لتحرّشه بفتاة في الحافلة: “جميع هذه الأحداث والمواقف حصلت في غضون شهر واحد، وهذا ما استطعنا كشفه، فما الذي بقي مخبوءاً ولم تنطق به النساء؟ كانت هذه المشاهد من نائب، ومنتسب في الشرطة، ومدنيين، تختلف الوجوه والاماكن والاسماء، والضحية واحدة، لا حول لها او قوة”.

ليس للنائب باقر الساعدي أي مقترحات في البرلمان العراقي، طوال فترة عمله التي تتجاوز دورتين برلمانيتين، باستثناء مقترح واحد وهو: إجبار سكان العشوائيات وبيوت الصفيح على دفع الإيجار للدولة، باعتبارها ملكاً للدولة، من دون أن يفكر النائب بوضع حلول للحد من نسبة الفقر، والتي تسببت بوجود العشوائيات السكنية، ولم يقترح قوانين تخص البطالة والعمل، وطبعاً لن ننتظر منه مقترحات قوانين تجرمّ التحرش أو العنف الأسري أو تحمي الأطفال. 

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!