fbpx


ظلال بيغاسوس” تتعقّب صحافيين مغاربة وعائلاتهم: “هل ما زالوا يراقبوننا؟”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
CPJ

“بخلاف الاحتياطات المعتادة التي أتخذها لحماية هاتفي، أقوم بتحديثه بانتظام ولا أحتفظ أبداً بأي صور شخصية أو رسائل أو رسائل بريد إلكتروني مهمة عليه”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فريق عمل لجنة حماية الصحافيين CPJ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

عندما كشفت تحقيقات مشروع Pegasus في تموز/ يوليو الماضي، أن الصحافي المغربي المسجون سليمان الريسوني، تعرّض للاختراق والمراقبة بوساطة برنامج تجسس، إسرائيلي الصنع من طراز Pegasus، لم يسع الصحافي إلا أن يضحك.

“كنت متأكداً جداً!”، قال الريسوني من سجنه، كما روت زوجته خلود مختاري.

الريسوني هو واحد من سبعة صحافيين محليين، وردت أسماؤهم في مشروع بيغاسوس – وهو تحالف استقصائي لمؤسسات إعلامية من حول العالم- كهدف محتمل أو مؤكد لبرنامج التجسس Pegasus. التحقيقات كشفت صحة ما كان يشتبه فيه المجتمع الصحافي المغربي منذ فترة طويلة: أن جهاز المخابرات الضخم للدولة كان يراقب تحركات بعض الصحافيين.

كان صحافيون مغاربة من بين أول الذين اشتكوا من حول العالم، من استخدام برامج التجسس ضد صحافيين، مشيرين إلى المراقبة الرقمية في وقت مبكر من عام 2015. 

في عامي 2019 و2020، أعلنت منظمة العفو الدولية نتائج تحليلات مختبرها الرقمي والتي أكدت استخدام Pegasus على هاتف صحافيين مغربيين على الأقل هما عمر الراضي والمعطي منجب. 

أكدت الإجراءات اللاحقة التي اتخذتها الدولة ضد بعض الصحافيين الخاضعين للمراقبة التهديد المستمر لوسائل الإعلام المغربية المستقلة- وعززت استنتاج لجنة حماية الصحافيين، بأن هجمات برامج التجسس غالباً ما تكون مقدمة لانتهاكات أخرى لحرية الصحافة.

كنت متأكداً جداً!“، قال الريسوني من سجنه، كما روت زوجته خلود مختاري.

حتى الآن، الريسوني والراضي مسجونان في المغرب بسبب ما وصفته عائلتيهما وزملاء مقربون، بتهم ملفقة تتعلق بارتكابات جنسية. توفيق بوعشرين، وهو صحافي آخر ذكر مشروع بيغاسوس أنه استُهدف ببرنامج التجسس، سُجن بتهم مماثلة.

لم يتمكن مشروع Pegasus من تحليل هواتف كل من تم تحديدهم كأهداف للمراقبة لتأكيد الاختراق، ونفت الحكومة المغربية مرارا استخدام برمجيات Pegasus. 

مع ذلك، فقد تم نشر الكثير من الصور الخاصة للصحافيين الثلاثة، وكذلك مقاطع فيديو ونصوص ومكالمات هاتفية ومعلومات خاصة بالعائلات المحيطة، في الصحف والمواقع الإعلامية الموالية للحكومة مثل Chouf TV وBarlamane.com وTelexpresse ثم لاحقاً تم استخدامها كدليل ضد الصحافيين في المحكمة.

بوعشرين، رئيس التحرير السابق لصحيفة “أخبار اليوم” المحلية المستقلة، اعتُقل في شباط/ فبراير 2018، ويمضي عقوبة بالسجن لمدة 15 عاماً بتهم عدة، تتعلق بالاعتداء الجنسي والاتجار بالبشر. وقالت زوجته، أسماء موسوي، للجنة حماية الصحافيين في مكالمة هاتفية في أيار/ مايو 2022 إنها تعتقد أنها خضعت للمراقبة أيضاً.

في نيسان/ أبريل 2019، قالت موسوي إنها اتصلت بشركة خاصة مقرها واشنطن العاصمة لمساعدتها في عرض إعلانات في الصحف الأميركية حول قضية بو عشرين، على أمل أن تساعد الدعاية الجهود المبذولة لتحرير زوجها. في اليوم التالي، نشر موقع “برلمان” قصة زعم فيه كاتب الموضوع أن موسوي دفعت عشرات الآلاف من اليوروهات للشركة، مستخدمة أموالاً كسبتها من خلال أنشطة الاتجار بالبشر كما زعمت المادة المنشور. 

سبق أن وصفت “هيومن رايتس ووتش” موقع “برلمان” بأنه “مرتبط بشكل وثيق بالأجهزة الأمنية”.

بعد اشتباهها في أنها تخضع للمراقبة، لجأت خلود مختاري وهي زوجة سليمان الرسوني إلى أحد محامي زوجها المسجون، الذي اقترح عليهما “مزحة” تساعدهما على اكتشاف ما إذا كانت السلطات تتجسس عليها بالفعل. 

“اتصل بي المحامي واقترح أن نتحدث مع ضحايا توفيق المزعومين للمصالحة، وهو ما لم نكن نعتزم فعله حقاً. في اليوم التالي، نشرت صحف شعبية مقالاً تقول فيه إن عائلتنا تخطط لرشوة كل ضحية بمليوني درهم [20، 150 دولاراً] حتى يسقطوا القضية. أصبحت متأكدة جداً من مسألة مراقبة، بعد ذلك”، قالت موسوي للجنة حماية الصحافيين.

الصحافي المغربي والمدافع عن حرية الصحافة المعطي منجب، والشريك المؤسس للجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية (AMJI)، مرّ بتجربة مماثلة. اعتقل منجب في كانون الأول/ ديسمبر 2020 وحكم عليه بالسجن لمدة عام في الشهر التالي بعد إدانته بتعريض أمن الدولة للخطر والاحتيال وغسل الأموال. قال منجب للجنة حماية الصحافيين في مكالمة هاتفية إن التهمة الأخيرة تنبع من عمل AMJI في مساعدة الصحافيين الاستقصائيين على التقدم للحصول على منح.

“خلال أحد اجتماعاتنا في AMJI عام 2015، ذكرتُ أننا بحاجة إلى البحث عن منح لدعم المزيد من الصحافيين. في اليوم التالي، نشرت إحدى الصحف الشعبية خبراً زعمت فيه أن المعطي منجب يمنح 5000 يورو (5260 دولاراً وقتها) لكل صحافي ينتقد المدير العام للأمن القومي. قال منجب “هذا دليل على أنهم كانوا يستمعون إلى اجتماعنا”.

لقد أجبرت هذه الاكتشافات الصحفيين وأفراد عائلاتهم على اتخاذ احتياطات ضد المراقبة – وهي مهمة ليست سهلة نظرا لصعوبة الكشف عن عدوى برامج التجسس دون مساعدة الطب الشرعي. قالت مختاري، زوجة الريسوني، للجنة حماية الصحافيين: “طلب مني الريسوني أن أحاول أن أكون بأمان، لذلك أبذل قصارى جهدي”.

أضافت: “بخلاف الاحتياطات المعتادة التي أتخذها لحماية هاتفي، أقوم بتحديثه بانتظام ولا أحتفظ أبداً بأي صور شخصية أو رسائل أو رسائل بريد إلكتروني مهمة عليه”. “أشتري أيضاً هاتفاً جديداً كل ثلاثة أشهر وأتلف الهاتف القديم، ما يكبد عائلتي أعباء مادية. لكن بصراحة لا يمكنني الهروب. أكثر الأشخاص ذكاءً في عالم التكنولوجيا الذين أعرفهم هو صديقنا عمر الراضي. لقد اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد القرصنة، وما زالوا قادرين على اختراق أجهزته”.

المنجب أكد للجنة حماية الصحافيين إنه يعرض أجهزته الهاتفية على خبراء التكنولوجيا يومياً تقريباً للتحقق من وجود bugs وتنظيفها، مضيفًا أنه لا يرد أبدًا على المكالمات الهاتفية، ويستخدم فقط تطبيق المراسلة المشفر Signal، ويتحدث دائما برسائل مشفرة.

أبو بكر جامعي، الصحفي المغربي البارز والحائز على جائزة لجنة حماية الصحفيين الدولية لحرية الصحافة لعام 2003، تم استهدافه بالمراقبة ضمن برمجية Pegasus في عامي 2018 و2019- وتم تأكيده كهدف عام 2019- برغم أنه يعيش في فرنسا منذ عام 2007، وفقاً لـ”مشروع بيغاسوس”. قال جامعي للجنة حماية الصحافيين في مكالمة هاتفية إنه يعتقد أن الحكومة المغربية هي المسؤولة عن هجمات برامج التجسس، وأن المراقبة قد ضمنت بشكل فعال نهاية الصحافة المستقلة في البلاد.

“منذ سنوات، لم تكن هناك أي جمعيات إعلامية أو صحافية مستقلة”، يقول جامعي، “ما تبقى الآن هو عدد قليل من الأفراد الذين لديهم أصوات قوية ويختارون التعبير عنها باستخدام بعض المواقع الإخبارية، ولكن بشكل أساسي منصات وسائل التواصل الاجتماعي”.

وجهت لجنة حماية الصحافيين رسالة بريد إلكتروني إلى وزارة الداخلية المغربية في أيلول/ سبتمبر للتعليق، لكنها لم تتلق أي رد.

ومع ذلك، فإن جامعي الذي لم يعط صدقية لنفي الحكومة السابق لاستخدام Pegasus – رأى نتيجة إيجابية واحدة من عمليات الكشف عن برامج التجسس. وقال “لقد كشف علناً ​​عن يأس المغرب ومدى استعداده لإسكات الصحافيين”. “الآن العالم بأسره يعرف أن الدولة المغربية تستخدم نظام بيغاسوس للتجسس على الصحافيين”.

لقراءة تقرير لجنة حماية الصحفيين، اضغط هنا.