fbpx

“رئيسي” يواجه هتافات بالطرد من جامعة الزهراء:
طالبات وطلاب إيرانيون يتحدون الولي الفقيه

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ثمّة حقيقة لا يمكن تفاديها وهي أنّ الطلبة، في إيران، حلقة مؤثرة ورئيسية في ذاكرة الثورة الإيرانية حتى صعود الخميني للحكم. ذلك بداية من احتجاج طلاب الحوزة الدينية في ستينات القرن الماضي أثناء ما عرف بـ”الثورة البيضاء”، انتهت بسجن الخميني قبل خروجه إلى تركيا ومنها إلى النجف ثم باريس. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مثّلت هتافات الطالبات الإيرانيات في حرم جامعة الزهراء في طهران ضد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، خلال زيارته جامعتهن، بالتزامن مع بدء العام الدراسي الجديد، لحظة تصعيد قصوى أو بالأحرى قطيعة مع سردية النظام الذي يسعى للحفاظ على ولائية الطلبة له.

النظام الإيراني يواجه معضلة حقيقية على مستوى تصاعد وتيرة الاحتجاجات بين الطلاب في مراحل دراسية مختلفة. 

هذه القاعدة، المهمة والمؤثرة، التي باغتت “الولي الفقيه” بشعارات ضد “آيات الله”، فأحرقت صورهما، ثم تخلصت من كافة الرموز الدينية والسياسية المؤدلجة التي تطوق حرياتهم، ومنها الحجاب، لها تأثيرات واسعة النطاق. 

يحفر الحراك الطلابي أسفل طبقات النظام وتكويناتها الغليظة التي تحاول التعمية عن الحقائق والمعطيات الجديدة، ومنها تآكل شرعيته وفقدان حواضنه التقليدية بين الأجيال الجديدة التي تتجاوز نسبتها في إيران 49 في المئة.

طالبات الجامعة التي تأسست عام 1964، لتستقبل المرأة الإيرانية، للمرة الأولى، في مدرجاتها الدراسية، اصطفت مع الاحتجاجات المنتشرة في المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها. 

وكان صدام الشرطة مع طلبة جامعة شريف للتكنولوجيا بطهران، الأسبوع الماضي (الأسبوع الثالث للاحتجاجات) من أبرز الحوادث التي عكست تفاقم التوترات مع القوات الأمنية، انتهت بتعليق الدراسة، ومتابعة الدروس افتراضياً. بينما تجول وزير العلوم لتهدئة الطلاب داخل الجامعة.

ولذلك، يصطف النظام بداية من المرشد الإيراني، علي خامنئي، وحتى المسؤولين بالحكومة، على سردية واحدة بخصوص “العدو” الذي يقوم بتعبئة الاحتجاجات. خامنئي عاود تكرار اتهاماته للمحتجين في اجتماعه الأخير مع أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام، بأنّها “ليست عفوية” ووصفها بـ”أعمال شغب يحرض عليها العدو”. 

ولمّح وزير التعليم الإيراني، يوسف نوري، إلى وجود موقوفين من بين طلبة المدارس. ونقلت صحيفة “شرق” الإيرانية قوله إنّه “ليس لدينا تلاميذ في السجن وفي بعض الحالات إذا كانوا محتجزين يكون ذلك للإصلاح”.

وأردف: “هم في مركز علم النفس والخبراء يقومون بعملية الاصلاح ليعود هؤلاء التلاميذ إلى البيئة المدرسية بعد إصلاحهم”.

ويكاد لا يختلف رأي قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، عن رأي المرشد الإيراني، تحديداً. وقال سلامي إنّ “أعداء إيران” يستهدفون الشباب في أعمال معادية للجمهورية الإسلامية. 

طالبات الجامعة التي تأسست عام 1964، لتستقبل المرأة الإيرانية، للمرة الأولى، في مدرجاتها الدراسية، اصطفت مع الاحتجاجات المنتشرة في المؤسسات التعليمية بمختلف مراحلها. 

غير أنّه حاول تطوير خطابه عبر توجيه رسالة مزدوجة (للشباب والأعداء) مفادها أنّ النظام سوف يعمل على “إصلاح” أو بالأحرى تأديب أبنائه. 

ووجه قاد الحرس الثوري خطابه للشباب فحذرهم من “أن يكونوا ورقة بيد الأعداء أو أداة بيد الدول الأخرى”. وتابع: “نقول للأعداء سنزحف إليكم بهؤلاء الشباب الذين غررتم بهم”.

واللافت أنّ احتجاجات طلبة المدارس والجامعات في غالبية مدن إيران وأقاليمها، تشكل خرقاً في ما يخص خضوع قطاع مهم للنظام السائد أو التماهي مع خطابه السياسي والأيدولوجي. 

هذه الكتلة أو الفئة التي لطالما لعبت دوراً مؤثراً منذ عام 1979، تعاكس رغبة النظام، الآن، الذي يحاول التشويش على المستجدات التي تنكشف وقائعها يوماً تلو الآخر. وفي ما يبدو أنّ النظام يقف على أطرافه وسط تلك التظاهرات. فيما يحاول التملص من المآلات التي جعلته خصماً لهؤلاء.

وتواصل الفتيات في المدارس الثانوية، كما في الجامعات، في طهران وكرج وشهريار وشيراز وغيرها من المدن والأقاليم الإيرانية، مقاومة سلطة الملالي وتنويع أنماط تمردهن الذي يصدم الذهنية التقليدية.

وما بين خطاب رئيسي بجامعة الزهراء وقبلها كلمة المرشد الإيراني، علي خامنئي، أثناء حفل تخرج طلاب الأكاديمية العسكرية في طهران، تبرز خطابات السلطة التي تضغط لجهة اعتبار الاحتجاجات عبارة عن “مؤامرة” تقودها “أميركا” و”النظام الإسرائيلي”. فيما يخفي الخطاب البراغماتي للنظام، الذي يسعى لتعبئة حواضنه، وكذا المشاعر القومية والدينية المؤدلجة، طبيعة الأزمة الناجمة عن هذا المتغير المهم والمتمثل في حشود الطلبة المعارضين، وافتراقهم عن مسارات النخبة الحاكمة.

رددت الطالبات هتافات بطرد رئيسي من جامعتهن، ومنها: “اغرب عن وجهنا”. لكن الرئيس الإيراني قال إنّ الطلاب سيواجهون “أحلام العدو”. وتابع: ” ظنّ العدو أنّه يستطيع متابعة وتحقيق رغباته داخل الجامعة، غير مدرك أنّ طلابنا وأساتذتنا متيقظون ولن يسمحوا للعدو بتحقيق الأحلام الزائفة”.

وبحسب بيان نشرته المنصة الإلكترونية للرئاسة الإيرانية، قرر رئيسي أنّ الطلاب “سيهزمون العدو في مجال العلم والمعرفة”. 

وثمّن الرئيس الإيراني “دور المرأة الإيرانية في التقدم العلمي وتألقها على الساحة العالمية بما يخلق قوة في البلاد”، لافتاً إلى أنّ “60 في المئة من الطلاب الإيرانيين هم من النساء”.

ويكاد لا يختلف الأمر كثيراً عما حصل مع خامنئي قبل أسبوع. إذ ذكر المرشد الإيراني أنّ “أعمال الشغب والاضطرابات، تم التخطيط لها من قبل الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي ومأجوريهم، وبعض الإيرانيين الخائنين في الخارج ساعدوهم”.

وحاول المرشد الإيراني الذي طاولته هتافات منها “الموت للديكتاتور” التعبير عن حزنه لما اعتبره “وفاة” وليس قتلاً عمداً (لمهسا أميني) بواسطة أفراد عناصر دورية شرطة الأخلاق. بينما واصل هجومه على التظاهرات التي زعم وجود تجاوزات فيها ضد التقاليد الدينية.

وقال خامنئي: “حادثة وفاة الفتاة الشابة مهسا أميني كانت مريرة وأحرقت قلبي، لكن رد الفعل من دون أي تحقيق لم يكن طبيعياً. فالرد لا يكون بأن يزعزع بعضهم الأمن في الشوارع، ويحرق المصاحف ويخلع حجاب السيدات المحجبات، ويضرم النيران في المساجد والمصارف وسيارات الناس”.

 إذاً، الاحتجاجات الطلابية تسببت في “حرج واسع” بين دوائر النظام، والذي حاول أن يعطي انطباعاً شعبوياً عن الحراك بأنّ وراءه مجموعة “مشاغبين”، كما يوضح الناشط الأحوازي، خالد الموسوي، موضحاً لـ”درج” أنّ الاحتجاجات الطلابية المتنامية تضع حداً لهذه الادعاءات وتنسف صدقيتها. 

فأجبرت الاحتجاجات الهائلة في جامعة شريف، التي تعتبر من أهم وأعرق الجامعات بإيران، الرئيس الإيراني على الذهاب إلى جامعة الزهراء وإلقاء خطابه فيها، يقول الموسوي. 

ويوضح، أنّ اختيار جامعة الزهراء أتى لكونها تعد من “الجامعات المحافظة والأصولية التي يتم التحكم بها، بشكل مباشر، بواسطة المرشد الإيراني. لكنها شهدت أيضاً احتجاجات واسعة من الطالبات الإيرانيات”. 

كما أنّ انخراط الطلاب في الاحتجاجات بجانب الفئات الأخرى، يؤكد “مدنية” الحراك الثوري، وفق الناشط الأحوازي، والذي يهدف إلى تقديم بدائل عن نظام الملالي من خلال دولة تؤمن بالتعددية والمواطنية.

ثمّة حقيقة لا يمكن تفاديها وهي أنّ الطلبة، في إيران، حلقة مؤثرة ورئيسية في ذاكرة الثورة الإيرانية حتى صعود الخميني للحكم. ذلك بداية من احتجاج طلاب الحوزة الدينية في ستينات القرن الماضي أثناء ما عرف بـ”الثورة البيضاء”، انتهت بسجن الخميني (خلالها حصل الخميني على ترقية لرتبة آية الله بضغط من رجال دين الحوزة) قبل خروجه إلى تركيا ومنها إلى النجف ثم باريس. 

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 1978، صعد طلبة جامعة طهران من احتجاجاتهم التي أسفرت عن عزل الشاه لحكومته المدنية، ثم تولي حكومة عسكرية. فاقمت الحكومة الأخيرة من حدة الأوضاع، ليس، فقط، لكونها واصلت القمع في حدوده القصوى والعنيفة، وإنّما كان التنازل التكتيكي بعرض الشاه منصب رئاسة الحكومة للمعارضة، بينما رفض الخميني، يؤشر إلى وهن النظام ووصوله إلى أخطر مراحله، بحسب توصيف المؤرخ الفرنسي، ألكسيس دو توكفيل.

النهاية المحتومة كانت هزيمة الشاه وعودة الخميني. غير أنّ الطلبة الذين شكلوا حلقة رئيسية في مقاومة السلطة وتدشين الجمهورية الإسلامية اصطدموا بانحسار الوعود المتعلقة بتوسيع مجال الحريات، والانقلاب على الحلفاء، وتصفية رموز المعارضة اليسارية والليبرالية، وانفراد الملالي بالحكم. 

ومثلما كان سقوط الشاه له عوامل سياسية وشروط واقعية ممثلة في اتجاهاته الاقتصادية، المتسببة في إضعاف قدرة وإمكانيات طبقة التجار المرتبطين بالنخبة الدينية، واتساع قاعدة رأس المال الأجنبي، فإنّ النظام الذي نجح في بناء قواعده الاجتماعية والسياسية من خلال هذه التناقضات، وجذب الفئات المهمشة وتعبئة “المستضعفين” ضد الملكية والتبعية للغرب، يواجه تحديات مماثلة.

فالطلبة الذين احتشدوا في انتفاضة هائلة بجامعة طهران، تسعينات القرن الماضي، لمساندة الرئيس (الإصلاحي) محمد خاتمي، استمرت لستة أيام في ثمانية مدن إيرانية، وبلغ قوامها 25 ألف متظاهر، كانوا في صدام مع الجناح المتشدد للسلطة. 

بيد أنّ الوضع الراهن يختلف تماماً عن سوابقه. فالمكونات الاجتماعية، ومنهم الطلبة، التي تعاني، منذ نهاية الثمانينات، من ميل النظام الحاد إلى تفكيك العقد الاجتماعي، تحتج على النخبة بجناحيها الإصلاحي والمتشدد. وذلك على أثر تنامي نفوذ الحرس الثوري في قطاعات اقتصادية مهمة، وكذا مشاريع الخصخصة والاحتكارات الحكومية. فضلاً عن تخفيض الدعم وتضاعف أسعار السلع الأساسية. بما نجم عنه تآكل شرعية الحكم لدى قطاعات واسعة. 

وبخلاف فترة الخميني، التي أعقبت الثورة بينما عمد إلى هيمنة رأسمالية الدولة، وتأميم القطاعات الحكومية المختلفة، وتحقيق آليات التراكم الرأسمالي، لتهدئة القطاعات الثورية ومنع استهدافهم من التيارات المعارضة واليسارية، فرض الحرس الثوري (له حصة 51 في المئة، مثلاً، في شركة الاتصالات الإيرانية منذ عام 2009) الذي تشير تقديرات الخارجية الألمانية إلى استحواذه على قرابة 80 في المئة من الاقتصاد الإيراني سيطرته على قطاعات اقتصادية جمّة.

وفي المحصلة، فإنّ التظاهرات الحالية لا تعدو كونها لحظة غضب سياسي مؤقت، إنّما هي احتجاج على النظام برمته دونما تمييز بين أيا من جناحيه. احتجاج على سياسات اقتصادية وانحيازات طبقية، ممتدة لنحو ثلاثة عقود، فقدت فيها الكثير من الفئات الاجتماعية امتيازاتها، على خلفية البرامج الاقتصادية التي رفعت الحماية الاجتماعية عن المواطنين. مع الأخذ في الاعتبار زيادة معدل التضخم الرسمي ليصل إلى أكثر من 40 في المئة وتزايد معدلات البطالة، ووصول معدلات الفقر إلى أكثر من 60 في المئة. 

ومع الإحباطات المجتمعية المتتالية، وإخفاقات الحكومة، يتصاعد الخطاب الوعظي والأيديولوجي المتشدد والراديكالي للنظام. بينما تتولى قوات الباسيج بناء جدار سميك حول الأوليغاركية الحاكمة.

سامر المحمود- صحفي سوري | 23.04.2024

“مافيات” الفصائل المسلّحة شمال سوريا… تهريب مخدرات وإتجار بالبشر واغتيال الشهود

بالتزامن مع تجارة المخدرات، تنشط تجارة البشر عبر خطوط التهريب، إذ أكد شهود لـ"درج" رفضوا الكشف عن أسمائهم لأسباب أمنية، أن نقاط التهريب ممتدة من عفرين إلى جرابلس بإشراف فصائل الجيش الوطني، وتبلغ تكلفة الشخص الواحد نحو 800 دولار أميركي، والأشخاص في غالبيتهم خارجون من مناطق سيطرة النظام، متوجهون إلى تركيا ثم أوروبا.